"إخوان تونس" مغالبة لا مشاركة.. عين على البرلمان وأخرى على الرئاسة

كتب: محمد حسن عامر

"إخوان تونس" مغالبة لا مشاركة.. عين على البرلمان وأخرى على الرئاسة

"إخوان تونس" مغالبة لا مشاركة.. عين على البرلمان وأخرى على الرئاسة

كان قرار مفاجئ بدرجة كبيرة عندما أعلنت حركة "النهضة"، التابعة لتنظيم الإخوان الدولي، ترشيح زعيمها راشد الغنوسي للانتخابات التشريعية المقبلة، وسط توقعات برغبة الحركة في الحصول على منصب رئاسة البرلمان، في وقت لم تحسم موقفها من تقديم مرشح للرئاسة، إلا أنها على الأقل سيكون هناك مرشح ما يحظى بدعمها كما حدث في انتخابات 2014.

الأسباب كثيرة ومتعددة لدى "النهضة" لتدفع بـ"الغنوشي"، بحسب مراقبين، والذي أودع يوم الإثنين الماضي ملف ترشحه للانتخابات البرلمانية المقررة في 6 أكتوبر المقبل، معتبرا أن الهدف من ترشحه أن يكون ذلك حافزا لتوافد الناخبين على التصويت، وعاملا مساهما في الحد من ظاهرة العزوف عن المشاركة في الانتخابات، وفقا له.

وتم تقديم موعد الانتخابات الرئاسية عقب وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي، وتولى بدلا منه بشكل مؤقت رئيس البرلمان محمد الناصر، لتجرى الانتخابات في 15 سبتمبر المقبل بدلا من 17 نوفمبر.

الناطق باسم "نداء تونس": ترشح "الغنوشي" تكتيك إخواني "مفضوح" بعد أن تأكد صعوبة فوزه بالرئاسة إذا تقدم لها

هو تكتيك إخواني بعد أن أدركت حركة النهضة أن الغنوشي لن يكون له نصيبا في انتخابات الرئاسة".. هكذا علق منجي الحرباوي الناطق باسم حزب حركة نداء تونس على مسألة ترشح زعيم إخوان تونس راشد الغنوشي إلى الانتخابات التشريعية المقبلة، قائلا، في اتصال هاتفي لـ"الوطن": "حركة النهضة الإخوانية اليوم تعاود رص صفوفها وترتيب أوراقها من جديد في تكتيك مفضوح من خلال المغامرة بإدخال رئيس الحركة إلى البرلمان بعد أن تأكدت من أنه لا يمكن لها أن تشارك في الانتخابات الرئاسية باسم الغنوشي".

ولفت "الحرباوي"، إلى أن قرار "النهضة" بترشيح "الغنوشي" يأتي كذلك بعد أن تأكد لها كذلك أن "الغنوشي لا بد أن يتخلى عن رئاسة الحركة، لأن نظام النهضة الداخلي يفرض عليه عدم إعادة الترشح لرئاسة الحركة، وبالتالي فالأخيرى ربما ترى المكان الأمثل والأكثر حماية له أن يكون داخل البرلمان، أملا في الحصول على رئاسة البرلمان إذا تحصلوا على العدد الكافي داخل مجلس النواب الشعب".

إلا أن الناطق باسم "نداء تونس" استبعد مسألة وصول "الغنوشي" إلى رئاسة البرلمان التونسي، معتبرا أن ترشيح زعيم النهضة الحالي يدخل ضمن "مناورات كبيرة" تقوم بها الحركات الإسلامية، في إطار اللعب على الإيديولوجيات والمصالح، على حد قوله.

الدفع بـ"الغنوشي" للانتخابات في دائرة "تونس 1" له كثير من المخاطر بالنسبة لـ"النهضة" فربما تكون الخسارة وستكون ضربة موجعة للحركة، وعلق "الحرباوي" على فرص فوز "الغنوشي" قائلا إنه "لا توجد نتائج محسومة بفوز الغنوشي قبل إجراء الانتخابات، واستطلاعات الرأي والدراسات الخاصة الداخلية في حركة النهضة تعطي بعض المؤشرات التي تشير إلى أنه يمكن الفوز ويمكن الخسارة". لكن "الحرباوي" يقول إن ترشحه على دائرة تونس 1 العاصمة قد يكون سبقه تهيئة الأرضية المناسبة بأن يكون داخل البرلمان، حيث أن النظام في تونس مبني على النسبية وليس الأغلبية، ووضع "الغنوشي" على رأس قائمة نسبية يتيح له إمكانية الفوز برئيس القائمة.

منجي الحرباوي: الأصوات تصنع لـ"الغنوشي" ولن يتم انتخابه رئيسا للبرلمان

وعن مسألة عدم ترشح "الغنوشي" للرئاسة التونسية، قال "الحرباوي": "حركة النهضة تعرف أنه لن يفوز بالرئاسة، لأنه مرفوض من الشعب التونسي، فهو رمز للإخوان في تونس، وهذا معطى مرفوض من طرف التونسيين وخاصة شخصية راشد الغنوشي، ربما شخص آخر أقل حدة وأكثر حظا كان يمكن أن يفوز بالرئاسة، لكن هو رمز من رموز الإخوان ويعرف جيدا أنه لا يمكن أن يحقق نتيجة في الرئاسة، حيث يشارك في التصويت كامل الجمهورية عكس البرلمانية تكون دائرة محدودة". واعتبر القيادي بـ"نداء تونس" أن "الأصوات تصنع للغنوشي"، ووفقا له قد يتكون قد تم تسجيل أعداد كبيرة من الإخوان في فترة فتح باب التسجيل. وعن مرشح "نداء تونس"، قال "الحرباوي": "نحن لدينا آليات داخل الحركة، ورشحنا المنسق الجهوري للحركة في دائرة تونس واحد وهو شخص عادي وطبيب وليس من الشخصيات المعروفة، ونحن متأكدين أنه سيفوز بأغلبية كبرى تتفوق على الغنوشي".

قاض متقاعد: "النهضة" ربما تريد "الغنوشي" لرئاسة البرلمان و"مورو" رئيسا للجمهورية

الموقف من الانتخابات الرئاسية لن يكون غائبا عن حركة النهضة ويرتبط كذلك بمسألة اختيار "الغنوشي" للبرلمان، بحسب القاضي التونسي المتقاعد أحمد صواب، الذي قال، في اتصال هاتفي لـ"الوطن"، إن "أول أسباب ترشح الغنوشي للبرلمان تجنب المكوث دون أي منصب في حال عدم التجديد له لرئاسة الحركة، وهو يريد السلطة والخروج من السلطة لن يكون مقبولا لديه، أو أن يكون بلا أي سلطة".

ويزيد "صواب" حول أسباب ترشح "الغنوشي"، قائلا: "السبب الثاني أن الحركة وضعت استراتيجية للاستقادة من النظام السياسي القائم في تونس وهو النظام البرلماني، وبالتالي السلطة الحقيقية هي السلطة التشريعية، وبالتالي من الحنكة السياسية بالنسبة للحركة التركيز على البرلمان.

ولفت "صواب" إلى مسألة في غالية الأهمية، إذ قال إن "رئاسة راشد الغنوشي للبرلمان فرضية معقولة، وهنا المسألة قد تكون لعبة بن الكبار وهي تقديم الغنوشي للبرلمان، والقيادي بالحركة ونائب رئيس البرلمان عبدالفتاح مورو للرئاسة، فتقديم الرئاسة جعلها متوترة، لأنها لو لم ترشح واحدا للرئاسة ستكون مغيبة في الإعلام والحملة الانتخابية الرئاسية".

وحول إمكانية دفع "النهضة" بالقيادي "مورو"، قال القاضي المتقاعد إن "هذا هو حديث الشارع التونسي، ومورو الوحيد الذي لديه قبول نسبيا من قبل المجتمع التونسي مقارنة بزعيم الحركة نفسه، هو نسبيا شخص لبق يجيد التواصل"، مشيرا إلى فرضية لجوء الحركة لدعم شخصية مثلما حدث عام 2014 عندما دعمت الحركة المنصف المرزوقي الذي خسر السباق في جولة الإعادة أمام الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي.

وأكد "صواب" أن السيناريو الأخير يمكن أن يحدث، مشيرا إلى إمكانية دعم "النهضة" للمرشح الرئاسي المحتمل قيس يعيد أستاذ القانون الدستوري، واصفا هذا المرشح بأنه "المرزوقي الثاني".

 

قيادي بـ"النهضة" لـ"الوطن": المرجح أن نقدم مرشح للرئاسة من داخل الحركة والأولوية لنائب رئيس البرلمان الحالي

بروز شخصية نائب رئيس البرلمان الحالي عبدالفتاح مورو يبدو أنه أمر بات مرجحا، إذ قال القيادي بحركة "النهضة" زبير الشهودي إنه سينعقد غدا اجتماع لمجلس شورى الحركة للنقاش حول الموقف من الترشح للرئاسة، مضياف، في اتصال هاتفي لـ"الوطن"، إن المرجح أن تتقدم الحركة بمرشح للرئاسة من داخل "النهضة"، وكذلك هناك شخصيات عدة مرشحين لهذا المنصب، لكن من المرجح كذلك أن يكون عبدالفتاح مورو هو مرشحنا. وقال "الشهودي": "ليست هناك أمور محسومة بعد، وهذا هو المرجح، الأكيد أنه سيكون لنا مرشح للرئاسة حتى لو كان هناك احتمال بدعم مرشح ما من خارج الحركة".

مدير "المؤسسة العربية للدراسات": هيمنة "النهضة" على الرئاسة والبرلمان ستكون نقمة عليها كما كان للإخوان في مصر

مسألة إمكانية سيطرة "النهضة" على رئاسة البرلمان وربما الرئاسة ربما تعيد إلى الأذهان سيناريو الإخوان في مصر عندما رفعوا شعار مشاركة لا مغالبة في مرحلة ما، لكن سرعان ما انقلبوا على شعارهم، وسيطروا على البرلمان وفازوا بالرئاسة، وهو أمر سيكون نقمة على إخوان تونس، بحسب الدكتور سمير راغب مدير "المؤسسة العربية للدراسات"، والذي قال، في اتصال هاتفي لـ"الوطن"، إنه بصفة عامة الإخوان في تونس الأكثر قربا للحالة المصرية، مقارنة بإخوان الأردن وإخوان المغرب، فكرة المغالبة لديهم قائمة، وبالتالي سيقدمون مرشحا للرئاسة أو سيدعمون أحد المرشحين الموالين لهم.

وعلل "راغب" موقف "إخوان تونس" بأن احتمالية تكرار رئيس مثل الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي مرة أخرى في تونس تعني ضياع فرصة التنظيم في جني ثمار الحراك السياسي في تونس وليس حراك الإخوان، مضيفا: "قائد مدني بطريقة السبسي يعني ذلك أربعة سنوات أخرى لمحاربة فكرة اختطاف الدولة من قبل الإخوان، وتضاؤل حظوظ النهضة في مسألة التمكين للجماعة".

وقال "راغب": "التمكين بالنسبة للإخوان يتم اليوم أو بعد سنة أو بعد سنوات، تأخيره لا يعني نهاية الحلم، وفي حالة التخبط الموجود في القوى المدنية التونسية وعدم إجماع على مرشح رئاسي، فمن المؤكد نجاح مرشحهم أو المرشح المدعوم من قبلهم، إضافة إلى قدرتهم على الاستقطاب بين الليبراليين والقوى المدنية وبعض الانتهازيين، أو بعض المتحالفين.

ويرى أن ترشح إخوان تونس للرئاسة والبرلمان ستكون نقمة عليهم، قائلا: "في كل مكان ستكون المغالبة نقمة، كما كان الحال نقمة على حزب العدالة والتنمية الحكام في تركيا". وأضاف الخبير الأمني: "الإخوان لم يتمرسوا على الحكم، ومعظم الإخوان لا ينخرطون في الجهات السيادية ويكونون جاهلين بأمور الدولة وأمور إدارة الدولة وأمن الدولة، وعدم وجود حرية فكر لدى الإخوان فرأيهم يأتي من المرشد".


مواضيع متعلقة