"جونسون" والإخوان.. توقعات حول مستقبل الجماعة في عهد القطب اليميني

كتب: محمد حسن عامر

"جونسون" والإخوان.. توقعات حول مستقبل الجماعة في عهد القطب اليميني

"جونسون" والإخوان.. توقعات حول مستقبل الجماعة في عهد القطب اليميني

مع انتخاب بوريس جونسون رئيسا للوزراء في بريطانيا استدعى كثيرون التشابه الكبير بين وزير خارجية بريطانيا السابق والريس الأمريكي دونالد ترامب، خصوصا مواقفهما المتشددة حيال كثير من القضايا، فضلا عن أفكارهم اليمنية والشعبوية.

هذا التشابه في المواقف يستدعي كذلك التفكير والتساؤل حول مسألة العلاقة بين الحكومة البريطانية والتنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية، إذا وضع في الاعتبار الشبه بين "جونسون" والرئيس الأمريكي، والأخير لديه كثير من المواقف الصلبة حيال الجماعة وعلاقتها بالتنظيمات الإرهابية قبل حتى تقلده رئاسة الولايات المتحدة.

الواقع، بحسب متباعين ومحللين للأوضاع في أوروبا وبريطانيا، يقول إن ثمة  مهام ثقيلة أمام بوريس جونسون كالخروج من الاتحاد الأوروبي، وأزمة ناقلات النفط مع إيران، وبالتالي السؤال أين ملف الإخوان في حقيبة رئيس الوزراء البريطاني الجديد؟

 

أحمد عطا الباحث في الإرهاب الدولي: المخابرات البريطانية لا يمكن أن تتخلى عن الإخوان فهي الذراع الطولى لهم لإرباك أنظمة الشرق الأوسط

 في هذا السياق قال أحمد عطا الباحث في الإرهاب الدولي بمنتدى الشرق الأوسط في لندن، إن "جونسون يمثل مرحلة لاستمرار الأزمات بالنسبة لبريطانيا وحزب المحافظين وفي مقدمتها البريكست والخروج من الاتحاد الأوروبي، فهو سوف لا ينشغل ببعض الأمور والملفات التي تهم منطقة الشرق الأوسط ومنها وجود التنظيم الدولي لجماعة الإخوان في لندن ومكتب التنظيم".

وأضاف "عطا": "إذا كنا نتحدث عن أهم الملفات التي تعني الوافد الجديد لرئاسة الحزب والحكومة، سيكون في المقدمة منها دعوة بريطانيا قبل توليه بوجود حماية أمنية من الاتحاد الأوروبي لحماية الممرات المائية في مضيق هرمز، خصوصا مع وجود اختلاف في وجهات النظر مع ألمانيا ومع فرنسا".

لفت الباحث في الإرهاب الدولي أيضا إلى الاحتجاز والاحتدجاز المتبادل بشأن ناقلات النفط، هذا الموقف وضع بريطانيا بين المطرقة والسندان، ما بين مصالحها في هذه المنطقة وفي مضيق هرمز الذي يمر عبره خمس النفط الإيراني التجاري في العالم، والتجرؤ الإيراني الذي يحدث لأول مرة تجاه بريطانيا وهي دولة لها مكانتها فيما يعرف بالسلاح البحري والممرات المائية، أمر يضع بريطانيا في موقف استهداف وموقف تساؤل حول العالم.

وأشار الباحث السياسي إلى أن الملف الثاني بالنسبة لرئيس الوزراء البريطاني الجديد، هو وضع آليات أمام البرلمان في مسألة الخروج من الاتحاد الأوروبي، متوقعا أن ينجح "جونسون"، لأنه يستطيع التواصل مع المؤسسات كافة داخل وخارج البرلمان.

بالعودة إلى ملف التنظيم الدولي لجماعة الإخوان، استدعى "عطا" العلاقة التاريخية بين التنظيم وبريطانيا، إذ أن التنظيم موجود منذ عام 1960 في بريطانيا وله دور تاريخي مع المخابرات البريطانية، وفقا له، مشيرا إلى أن الذي زرع التنظيم وأدخله أوروبا بمساعدة المخابرات البريطانية هو الإخواني سعيد رمضان الذي أسس أول مكتب للإخوان في لوزان بسويسرا وهو زوج وفاء حسن البنا نجلة مؤسس الجماعة ثم في "لندن".

"المخابرات البريطانية أرادت أن تجعل من التنظيم الدولي ذراع طولى لها"، هكذا وصف الباحث بمنتدجى الشرق الأوسط في لندن العلاقة بين الإخوان و"لندن"، وقال إنه منذ تأسيس التنظيم، وبريطانيا تنظر إليه هكذا، لإحداث إرباك في المشهد السياسي للأنظمة الحاكمة في الشرق الأوسط.

ودلل "عطا" على رؤيته قائلا إن "التنظيم الدولي لجماعة الإخوان من خلال القيادي إبراهيم منير قدم معلومات لا يمكن وصفها للتحالف الذي قام بغزو العراق عام 2003"، مشيرا إلى أن إبراهيم منير الملياردير الإخواني مدرس لغة عربية عراقي الأصل، وهذا أبرز ما قدمه التنظيم الدولي مساعدة قوات التحالف الأمريكي - البريطاني لاقتحام العراق ونهب ثرواته.

وتابع الباحث السياسي: "ولهذا هناك أكثر من 19 مؤسسة أو جمعية دعوية متشددة تقوم بجمع الأموال والمعلومات من منطقة الشرق الأوسط، ومرخص لها داخل لندن بعلم من شرطة اسكوتلنديارد".

وقال "عطا": "التنظيم الدولي هو أحد مكاتب المخابرات البريطانية في الشرق الأوسط، فبريطانيا لا تعتمد على عملاء بل على مكتب التنظيم الدولي لجماعة  الإخوان".

وشدد "عطا" على أنه لا يمكن أن تتخلى بريطانيا عن التنظيم الدولي، وأشار إلى أنه في إطار ما يعرف بالجبهات الموحدة بين الإخوان وتنظيمي "داعش" و"القاعدة"، اتهم إبراهيم  منير في 2015 بتقديم دعم مالي لـ"داعش" في مصر بلع 500 مليون دولار وهو المبلغ الذي نقل عبر بنوك إسبانيا، وسأل منير وقد أكد هذه المعلومة واعتذر عنها، أرادت بريطانيا وضع التنظيم الدولي في إطار ثقافة ما يعرف بـ"العملاء التنظيمية"، وفقا له.

يذكر أنه قبل نحو عامين، أطلق مسئولون ونشطاء في حزب المحافظين، حملة داخلية لإقناع حكومة رئيسة الوزراء، تيريزا ماي وقتها، بفرض حظر قانوني على أنشطة "الإخوان" داخل المملكة المتحدة، وهي حملة انطلقت من مدينة "مانشيستر" التي طالتها هجمات إرهابية.

مدير الأوروبي لدراسات الإرهاب: "جونسون" ربما يأخذ إجراءات تقييدية ضد الإخوان لكنه منشغل بأزمة "بريكست"

 من جهته، قال جاسم محمد مدير المركز الأوروبي لدراسات الإرهاب، ومقره ألمانيا، إن "وجود جماعة الإخوان في بريطانيا يعود لعقود وعلاقة الإخوان ببريطانيا تاريخية تسبق علاقته مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتعود لأربعينيات القرن الماضي".

وأضاف "محمد"، في اتصال هاتفي لـ"الوطن": "المخابرات البريطانية تعتمد على جماعة الإخوان وتحتفظ بهم كورقة ضغط على المنطقة وفي مقدمة دول المنطقة مصر، وبالتالي وجود جماعة الإخوان في بريطانيا أصبح له تأثيرا حتى على السياسة البريطانية، وجونسون لا يستطيع أخذ قرار بحظر الجماعة دون العودة للبرلمان وأجد أن الحكومة البريطانية مننذ سنتين لديها جدل في وضع الجماعة على قائمة الإرهاب لكن بريطانيا لم تحسم أمرها لأسباب عدة".

وأوضح مدير "الأوروبي لدراسات الإرهاب" أن "السبب الأول أن بريطانيا تخشى أن تتحول الإخوان إلى جماعة سرية تنفذ عمليات إرهابية ضد المصالح البريطانية من الداخل، وبريطانيا لا تفصل بين مؤسسات الإخوان المالية والدعم اللوجيستي الذي تقدمه الجماعة في غسيل الأمور لدعم الجماعات المتطرفة".

وقال "محمد": "وبالتالي جونسون لديه تحديات كثيرة منها موضوع بريكست والعلاقاة مع الولايات المتحدة وهذه هي الأمور التي تثقل كاهله، وإذا كان هناك تغيير ربما يكون نسبي لكن لا أجد في المستقبل القريب ما يشير إلى إمكانية وضع الجماعة على لوائح الإرهاب".

ولفت الباحث السياسي إلى أنه يمكن أن يتخذ برويس جونسون بعض الإجراءات باعتباره نموذج لـ"ترامب" في أوروبا، قائلا: "لا أستبعد أن يحذو حذو التعامل من قبل ترامب مع الإخوان، فالرئيس الأمريكي له تأثير على سياسات جونسون، وهناك تأثير وتقارب في الأفكار بين الزعيمين والتي تميل إلى اليمين أكثر من كونها محافظة، وبالتالي يمكن أن يستنسخ جونسون تجربة ترامب في موضوع معالجة الإخوان".

وكان مسؤول حملة "حظر نشاط الإخوان في بريطانيا" دان لارج صرح بأن الحملة تهدف إلى منع الإخوان من مزاولة أنشطتهم في بريطانيا، نظرا لاعتماد الجماعة على العنف في تحقيق أهدافها، بشكل يتعارض مع قيم المجتمع البريطاني. ويبدو أن الأوضاع الحالية التي تمر بها بريطانيا ستؤخر هذا الملف كثيرا.

 


مواضيع متعلقة