ناصر ومانديلا.. نقطة تحول في مسيرة تحرر أفريقيا: مصر القبلة الأولى

ناصر ومانديلا.. نقطة تحول في مسيرة تحرر أفريقيا: مصر القبلة الأولى
- نيلسون مانديلا
- جنوب إفريقيا
- المناضل نيلسون مانديلا
- مانديلا
- نيلسون
- نيلسون مانديلا
- جنوب إفريقيا
- المناضل نيلسون مانديلا
- مانديلا
- نيلسون
"لم ينس مصر في لحظاته العصيبة، فحازت مصر ورئيسها على جانب من سيرته التي كتبها في فترة وجوده بالسجن واستكملها بعد خروجه، وقال فيها عن مصر إنها تملكت خياله باعتبارها مهدا للحضارة الأفريقية"، بتلك الكلمات احتفلت الهيئة العامة للاستعلامات بمرور 100 عام على ميلاد المناضل الأفريقي نيلسون مانديلا.
وتربط مانديلا بمصر علاقة قوية، فكانت القاهرة متمثلة في القيادتها السياسية وعلى رأسها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر من أوائل الداعمين له، وخلال التقرير التالي تستعرض "الوطن" أبرز المعلومات عن علاقة المناضل الأسمر بمصر، بحسب الهيئة العامة للاستعلامات.
ناصر احتضن حركته
تربط مصر بجميع دول القارة السمراء علاقات متينة وقوية، التي بدورها أثمرت الكثير من التعاون في كافة المجالات، إلا أن جنوب إفريقيا على وجه التحديد لها مكانتها الخاصة، فشهدة العلاقات المصرية الجنوب أفريقية الكثير من النجاحات على كل الأصعدة، وأبرزها الدور المحوري للرئيس الراحل جمال عبدالناصر في دعم كفاح حركات التحرر الوطني لنيل استقلالها وكان عام 1960 بمثابة عام التحرُر الأفريقي حيث حصلت 17 دولة أفريقية على استقلالها في ذلك العام، وهو العام نفسه الذي قطعت فيه مصر علاقاتها الرسمية مع اتحاد جنوب أفريقيا في 30 مايو 1960، استجابة لمطالب ممثلي حركة التحرير في جنوب أفريقيا التي كان يقودها مانديلا بقطع العلاقات مع النظام العنصري، ودعم إقامة دولة جنوب أفريقيا الديمقراطية التي يحكمها مواطنوها من الأغلبية أصحاب البشرة السمراء.
مصر.. بيت أفريقيا
الجميع كان يعرف بعمق العلاقة بين مصر ومانديلا، فلم يقتصر دعم ناصر إلى الزعيم الجنوب إفريقي، بل استضافته مصر في عام 1961، والذي جاء إلى القاهرة وجرى استضافته في المبنى رقم 5 في شارع أحمد حشمت بمنطقة الزمالك في القاهرة، وهو مقر الجمعية الأفريقية التي أطلق عليها الدبلوماسيون والطلبة الأفارقة في مصر اسم "بيت أفريقيا"، وضمت هذه الجمعية في نهاية الخمسينيات مكاتب 29 حركة تحرر أفريقية من دول شرق وغرب وجنوب القارة والتي قدمت لها مصر كل أنواع الدعم المادي والإعلامي والسياسي في المحافل الدولية، وانطلقت منها أصوات الحرية، وكان من بينها المكتب الذي افتتحه المناضل مانديلا لحزبه المؤتمر الوطني في مصر، وهو المكتب الذي سعى من خلاله لقيادة النضال في جنوب أفريقيا لإنهاء نظام التمييز العنصري.
وجاء الزعيم الراحل مانديلا إلى مصر في عام 1961 بعد رحلة شاقة، إذ جاء إليها سيرا على الأقدام من جنوب أفريقيا، مُتبعا خطى المناضلين الذين سبقوه، حيث كان ثوريا ومُدرجا اسمه على قوائم المطلوبين في المطارات والمعابر، فسار على قدميه إلى جنوب السودان في رحلة استغرقت قرابة الشهرين، ومنها استقل طائرة إلى مصر، حيث استقبله السفير محمد عبد الغفار، السفير فوق العادة لدى منظمة حركة التحرير الأفريقي، وكانت الزيارة سرية بالتنسيق مع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.
لم ينسى مصر
وأمضى الزعيم الراحل نيلسون مانديلا، في مصر ما يقرب من عام كامل في المبنى نفسه بمنطقة الزمالك، ومُنذ ذلك الوقت؛ عُرف عن المناضل الأفريقي الرئيس الراحل نيلسون مانديلا حبه الشديد لمصر، ولمكانه المفضل في الجمعية الأفريقية في القاهرة، والتي كان لها الفضل في تحرير أكثر من دولة أفريقية من الاستعمار والتمييز العنصري.
عاد المُناضل مانديلا إلى جنوب أفريقيا، وفي أغسطس عام 1962، اعتقل بتهمة قيامه بنشاط عسكري لقلب نظام الحكم والقضاء على حكومة التمييز العنصري، والسعي لإحداث فوضى في البلاد عن طريق دعم تنظيمات مسلحة، وصدر في عام 1964 حكما بسجن مانديلا مدى الحياة، وبالفعل قضى ما يقرب من 27 عاما في السجن وبعد الإفراج عنه ونيله حريته بالكامل، حرص على أن تكون مصر هي وجهته الأولى بعد خروجه من السجن.
فخلال وجود مانديلا في محبسه، لم ينس مصر في لحظاته العصيبة، فحازت مصر ورئيسها على جانب من سيرة مانديلا التي كتبها في فترة وجوده بالسجن واستكملها بعد خروجه، وقال فيها عن مصر إنها تملكت خياله باعتبارها مهدا للحضارة الأفريقية، وكنزا لجمال الفن والتصميم، وأنه دائما ما تطلع لزيارة الأهرامات وأبو الهول وعبور نهر النيل الذي وصفه بأنه أعظم أنهار أفريقيا.
وأشار إلى أنَّ البرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أطلقه جمال عبدالناصر الذي حدد الملكية الخاصة للأراضي الزراعية، وأمم بعض قطاعات الاقتصاد، وكانت له الريادة في بدء برنامج سريع للتصنيع وجعل التعليم ديمقراطيا، وبنى جيشا حديثا، وكانت تلك الإصلاحات والطموحات تحديدا ما يهدف إلى تحقيقه حزب المؤتمر في جنوب أفريقيا، والأهم من ذلك هو أن مصر كانت هي الدولة الأفريقية الوحيدة التي لديها جيش وأسطول بحري وجوي يمكن أن توازي القوات التي يملكها النظام العنصري في جنوب أفريقيا في ذلك الوقت.
وعقب التحرر من النظام العنصري الذي طالما نادى به الزعيم الجنوب أفريقي مانديلا، بدء التواصل الحكومي بين مصر وجنوب أفريقيا بشكل محدود في يونيو 1988 عندما استضافت القاهرة اجتماع اللجنة المشتركة بين جنوب أفريقيا وأنجولا وكوبا والولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، حيث جرى الاتصال الأول بين أحمد عصمت عبد المجيد وزير الخارجية المصرية، وبيك بوثا Pik Botha وزير خارجية اتحاد جنوب أفريقيا، في ذلك الوقت.
العودة
وبعد الإفراج عن مانديلا في فبراير 1990، قرر أن تكون مصر أول بلد يزورها، لتزدحم الشوارع بكل مؤيديه من المصريين والأفارقة من كل الفئات العمرية، واستقبلته مصر كرمز للنضال والكفاح من أجل الحرية، كما زار مانديلا القاهرة للمرة الثالثة والأخيرة في 20 أكتوبر عام 1997، وكانت هذه المرة بصفته رئيسًا منتخبًا لدولة جنوب أفريقيا.
وبحسب موقع "بي بي سي" عربي، فإن مانديلا لم ينكر دعم الرئيس جمال عبدالناصر، وعليه منح تأشيرة دخول للمصريين إلى جنوب أفريقيا دون أي إجراءات وأي مقابل.