من العزل للتوقيع بالأحرف الأولى.. رحلة السودان إلى أول اتفاق سياسي

كتب: دينا عبدالخالق

من العزل للتوقيع بالأحرف الأولى.. رحلة السودان إلى أول اتفاق سياسي

من العزل للتوقيع بالأحرف الأولى.. رحلة السودان إلى أول اتفاق سياسي

على مدار أكثر من 3 أشهر، تعصف بالسودان احتجاجات قوية، أطاحت بالرئيس عمر البشير، لتخوض عقبها البلاد رحلة طويلة بين الخلافات والتوافقات، بدعم ومساعدات دولية وأفريقية، إلى أن تمكنت اليوم من تحقيق المطلب الرئيسي للمحتجين، بتوقيع الاتفاق السياسي.

ووقع قادة الاحتجاج في السودان، والمجلس العسكري الحاكم، بالأحرف الأولى على وثيقة الاتفاق السياسي، صباح اليوم، لتحديد أطر مؤسسات الحكم، ما سيمهد لحل الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد.

وجرى التوقيع، بحضور الوسيطين الإثيوبي والأفريقي، لضمان قضايا المرحلة الانتقالية، لكنه لا يتضمن الإعلان الدستوري، حيث أعلنت قوى الحرية والتغيير إن التوقيع على الوثيقة الثانية من الاتفاق السياسي المتعلقة بالشق الدستوري ستتم الجمعة المقبلة.

ويتضمن الإعلان السياسي الموقع اليوم، 22 بندا تستعرضها 6 فصول، تنص على "المبادئ المرشدة"، و"الترتيبات الانتقالية" و"المجلس التشريعي"، و"لجنة التحقيق"، و"مهام المرحلة الانتقالية"، و"المساندة الإقليمية والدولية"، وفقا لموقع "سكاي نيوز".

وفي 11 أبريل الماضي، أعلن وزير الدفاع السوداني حينها، عوض بن عوف، يوم الخميس، عزل الرئيس عمر البشير، قائلا إن مجلسا عسكريا انتقاليا سيتولى إدارة الدولة خلال فترة انتقالية مدتها عامان، على أن تجرى انتخابات بعد ذلك، بعد مظاهرات حاشدة على مدى أشهر، للمطالبة بتنحي النظام والتغيير السياسي في البلاد التي تعاني من أزمة اقتصادية شديدة.

وعقب ذلك بأقل من أسبوع، أعلنت قوى الثورة والتغيير تصورها لآليات ترتيب الحكم في اجتماع مع المجلس العسكري الانتقالي، تضمنت هياكل السلطة المدنية الانتقالية ومهامها ولوائحها لإدارة الفترة الانتقالية، تضمنت تشكيل مجلس رئاسي يضطلع بالمهام السيادية في الدولة، ومجلس وزراء صغير من الكفاءات الوطنية المشهود لها بالخبرة المهنية والنزاهة والاستقامة، يقوم بالمهام التنفيذية وتنفيذ البرنامج الإسعافي للفترة الانتقالية، ومجلس تشريعي مدني انتقالي يقوم بالمهام التشريعية الانتقالية، تُمثل فيه النساء بنسبة لا تقل عن 40%، ويضم في تكوينه كل قوى الثورة من الشباب والنساء ويراعى فيه التعدد الاثني والديني والثقافي السوداني"، وفقا لبيانها.

واستمرت الاحتجاجات في البلاد لعدة أيام، في ظل تغييرات عسكرية متعددة بالبلاد، وبالتزامن مع ذلك، في 23 من الشهر نفسه، عقد القادة الأفارقة القمة التشاورية للشركاء الإقليميين للسودان، التي اتفقوا فيها على ضرورة إتاحة مزيد من الوقت للمجلس العسكري الحاكم في السودان لتطبيق إصلاحات ديمقراطية بمساعدة الاتحاد الأفريقي، حيث أعطت القمة الأفريقية المصغرة المجلس العسكري في السودان 3 أشهر لإقامة نظام ديمقراطي.

وبعد يومين من ذلك، قررت قوى الحرية والتغيير، بعد اجتماع مع المجلس العسكري الانتقالي، تأجيل إعلان أسماء المجلس المدني الانتقالي التي كان مقرر الإفصاح عنها، معلنين اتفاقهم على أغلب المطالب وتشكيل لجنة مشتركة لنقاش النقاط الخلافية، بالإضافة إلى الاتفاق على ترتيبات الانتقال والمرحلة الانتقالية، والعمل سويا للعبور بالبلاد إلى بر الأمان.

في 28 أبريل، توصل الطرفان في الاجتماع الثاني إلى اتفاق مبدئي على تشكيل مجلس مشترك يضم عسكريين ومدنيين، إلا أنه لم يتم الاتفاق على توزيع الحصص بعد، ثم عقدوا لاحقا اجتماعا ثالثا، ليتوقف بعض الوقت بسبب خلافات بين الطرفين.

ومع مطلع مايو، أعلنت قوى الحرية والتغيير قبول لجنة وساطة مكونة من شخصيات قومية، وذلك بعد رفضها المبدأ في وقت سابق، وأنها ستقوم بتسليم أطروحة السلطة الانتقالية للمرحلة القادمة، وهو ما رحب بها المجلس العسكري الانتقالي، لتجري عقب ذلك عدة مفاوضات بين الطرفين، ليعلنوا اتفاقهم على تثبيت النقاط التي تم التوصل إليها سابقا والبناء عليها، منها تشكيل لجنة لمتابعة التحقيق في الأحداث التي تعرض لها المعتصمون، وما يختص بنسب التمثيل في المجلس السيادي ورئاسته.

وفي هذه الأثناء برزت جهود وساطة من عدة جهات، منها أثيوبيا وأفريقيا وأمريكا، حيث أبقى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، مبعوث الاتحاد الأفريقي إلى السودان، محمد الحسن لبات، ومستشاره الخاص، برير محمود، لمواصلة الوساطة لحل الأزمة في السودان، في منتصف يونيو الماضي، لتتمكن تلك الجهود من تحقيق انفرجة في الاتفاقات بين الطرفين، لتعلن قبل أيام في بداية الشهر الجاري أن الأزمة على وشك الانفراج.

وفي 5 يوليو، خرج مئات السودانيين للاحتفال في الشوارع بتوقيع المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير اتفاق تشكيل مجلس السيادة وحكومة مدنية في المرحلة الانتقالية وذلك على أن تكون رئاسة المجلس السيادي بالتناوب ولمدة 3 سنوات على الأقل، والتحقيق بشكل شفاف في أحداث العنف الأخيرة، بعد يومين من المفاوضات المباشرة.


مواضيع متعلقة