متحف نجيب محفوظ.. صاحب "نوبل" يستعيد زمنه

متحف نجيب محفوظ.. صاحب "نوبل" يستعيد زمنه
- متحف نجيب محفوظ
- صاحب نوبل
- تكية محمد أبوالدهب
- هدى نجيب محفوظ
- نجيب محفوظ
- افتتاح متحف أديب نوبل
- افتتاح متحف نجيب محفوظ
- متحف نجيب محفوظ
- صاحب نوبل
- تكية محمد أبوالدهب
- هدى نجيب محفوظ
- نجيب محفوظ
- افتتاح متحف أديب نوبل
- افتتاح متحف نجيب محفوظ
فى قلب قاهرته التى عشقها وتغزل فى حاراتها، وبعد 13 عاماً من الانتظار، عادت روح نجيب محفوظ إلى مسقط رأسه عبر متحف ومركز ثقافى يحمل اسمه، داخل تكية محمد أبوالدهب، التى تقع على بعد خطوات من الجامع الأزهر ومنطقة الغورى.
"خلية عمل" لوضع تراث الأديب الخالد أمام الأجيال الجديدة
البداية كانت بقرار وزارى من وزير الثقافة الأسبق، فاروق حسنى، عام 2006، لإنشاء مركز للإبداع ومتحف للأديب العالمى نجيب محفوظ، داخل تكية محمد أبوالدهب، ومنذ ذلك الحين واجه المشروع العديد من المعوقات، ثم بدأ التجهيز للمشروع بعد الاستقرار على عناصره والتصميمات ودراسات الجدوى واختيار الشركة المنفذة له وتسلم الوثائق والمقتنيات الخاصة بالأديب العالمى من أسرته وأصدقائه، وفى 2015 تم التنفيذ الفعلى وتسلم الموقع، وبعد سنوات طويلة من الانتظار حانت اللحظة ليرى المتحف النور.
المتحف يضم ثلاثة طوابق، تم تخصيص «الأرضى والأول» لإنشاء مركز إبداع ومتحف للأديب العالمى نجيب محفوظ، الذى يضم أحدث قاعات العرض المتحفى، بينما تم تخصيص الطابق الثالث لمنطقة الآثار الإسلامية والقبطية.
بعد 13 عاماً من رحيله.. "تكية أبوالدهب" تستقبل زوار الأديب الراحل
عايشت «الوطن» اللحظات الأخيرة لوضع اللمسات النهائية لمتحف نجيب محفوظ، مهندسون وفنيون فى سباق مع الزمن للوصول إلى الحدث الأكبر وهو افتتاح متحف أديب نوبل، الذى ما إن تدلف إليه عبر السلم الخشبى حتى يستقبلك أديب نوبل بهيئته المعتادة، حلته الصيفية، ونظارته الشهيرة، وبجواره لافتة تقودك إلى بهو كبير مستطيل الشكل، تتوسطه أعمدة خشبية زيتية اللون استندت عليها الممرات الخشبية بالطابقين الأول والثانى للتكية التى تقودك بدورها إلى الغرف المنتشرة على الجانبين حيث السبيل الأثرى والمكتبة السمعية البصرية ومكتبة تحوى مؤلفات أديب نوبل، وفى الطابق الثانى تستقبلك مجموعة قاعات على أبوابها لافتات تحمل أسماء مستوحاة من أدب نجيب محفوظ.
قلادة النيل وشهادة نوبل ومقتنيات شخصية بجانبها ملف وظيفى يحمل لقب "المرحوم"
داخل قاعة الشهادات والأوسمة تجد قلادة النيل ذهبية الهيئة فضية المعدن والتى كانت محل ضجة إعلامية بعدما كشفت ابنة نجيب محفوظ أن القلادة لم تكن كمثيلاتها التى حصل عليها توفيق الحكيم من الذهب الخالص ولكنها من الفضة، بالإضافة إلى جائزة الدولة التقديرية والدكتوراه الفخرية من الجامعة الأمريكية بجوار جائزة كفافيس، وعلى بعد خطوات تجد مقتنياته الشخصية بقاعات أصداء السيرة الذاتية وأحلام الرحيل، حيث تقع عيناك على ساعة لم تتوقف عقاربها عن الدوران، وعلبة سجائر «كِنت» توقف صاحبها عن تدخينها، بعد محاولة اغتيال كادت تودى بحياته، وبدلة شهرتها من شهرة صاحبها، وقبعة وحذاء، وملف وظيفى يحمل اسم نجيب محفوظ وإلى جوارها لقب مرحوم، وعدة حلاقة كاملة وفرشاة شعر، وسماعة أذن كانت وسيلة تواصله مع العالم، وعدسة مكبرة كانت عينه بعدما خفت نورها، وبطاقات شخصية وجواز سفر تحوى صور شاب لا تكاد تتعرف عليه سوى من اسمه الثلاثى نجيب محفوظ عبدالعزيز إبراهيم، مقتنيات عدة يجمعها أخيراً متحفه الذى طال انتظاره لما يزيد على 13 عاماً.
"فائق": تنفيذ جدارية من الفسيفساء تجمع أبرز عوالم أديب نوبل فى زمن قياسى
رانيا فائق، رئيس قسم الديكور والتجهيزات بصندوق التنمية الثقافية، عاصرت المتحف منذ أن كان مجرد فكرة وشهدت على جميع العقبات والكبوات التى مر بها منذ رفض الآثار إخلاء المبنى ومحاولات الثقافة البحث عن بديل حتى اكتشاف صهريج بنفس موقع المصعد مما عطل تركيب المصعد وخلافات الحى لنقل سوق التبليطة المواجه لمدخل المتحف، قالت «فائق»: «لم يكن خروج المتحف للنور بالأمر السهل حيث كان أمامنا تحدى تجهيز متحف بمواصفات عالمية مع الحفاظ على أثرية المبنى والروح المصرية التى عشقها نجيب محفوظ لننقل الزائل إلى عالم مختلف يجمع الحرافيش بالفتوات بالمناضلين بالبسطاء أبطال حارة نجيب محفوظ، ولكى نحقق ذلك انتهينا من تغيير شبكة الكهرباء المتهالكة بالكامل واستبدلناها بشبكة حديثة تتحمل فعاليات المركز والمتحف وتشغيل شبكة التكييفات وأدخلنا بها جميع أنظمة الحماية من إطفاء الحرائق وكاميرات المراقبة هى الأحدث، وتم الاتفاق على إقامة جدارية نجيب محفوظ من الفسيفساء التى تجمع أبرز عوالم أديب نوبل وكان تنفيذها فى زمن قياسى».
من جانبه قال فتحى عبدالوهاب، رئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية: إنه خلال وضع التصميمات الخاصة بالمشروع تم مراعاة أن يكون المشروع متكاملاً وبه جانب خدمى للرواد مثل إنشاء «كافتيريا» مكشوفة، استوحى اسمها أيضاً من نجيب محفوظ فكان مقهى الحرافيش وأجمل ما فيه إطلالته على مئذنة وقبة المسجد الأزهر وتكية أبوالدهب، كما راعينا أن يكون هناك تنوع يناسب جميع احتياجات الجمهور فهناك من يحب القراءة والاطلاع على مؤلفات الأديب الراحل، وهناك من يفضل الاستماع والمشاهدة أكثر من القراءة فسيجد أفلام نجيب محفوظ ليشاهدها، كما أن ما يميز المتحف عن غيره من المتاحف والمراكز الإبداعية أنه توجد به مكتبة بحثية متخصصة فى الفنون والآداب، بالإضافة إلى ورش الكتابات الإبداعية والسيناريو والقاعات متعددة الأغراض.
وتابع «يجب ألا ننسى هنا جهود آخر الحرافيش المخرج الراحل توفيق صالح الذى كان عوناً لنا فى رحلتنا وكان أول من بدأ الحلم وأول من عقد اجتماعاً يجمعنا بأسرة الأديب الراحل لطرح الفكرة ومعه كانت البداية».
أما المهندس كريم الشابورى، المسئول عن سيناريو العرض المتحفى، فيقول: «متحف نجيب محفوظ ليس مجرد مقتنيات أو جوائز لأديب راحل بل هو رمز مصرى عالمى لذا فإن العرض المتحفى، يجب أن يشرح للزائر كل ما يخص نجيب محفوظ وينقله لعالمه، يعيش معه ويتعرف على فلسفته وحياته كل ذلك فى ديناميكية، لذا حرصنا على الدمج بين أكثر من وسيط للعرض ما بين مادة فليمية وصور ونصوص مكتوبة وهو ما يجعل الزائر يندمج فى العرض وهو ما استغرق أغلب الوقت حيث قمنا بدراسات عدة وجمع معلومات وربط الأحداث والبحث عن المادة التاريخية».
وعن قاعات العرض يقول «الشابورى»: «لدينا نوعان من العروض المتحفية بالمتحف، قاعة الأوسمة والشهادات، والتى تجعل الزائر يسبح فى عالم نجيب محفوظ منذ بداية نشأته وحتى وفاته بداية من الحارة حيث كان أديب نوبل يتحدث عن حياته حول الحارة وكانت فلسفته أن الحارة هى الإطار الجامع للحياة لذا نرى فى القاعة فيلماً من إخراج سميحة الغنيمى عن الحارة المصرية، والميزة فى الفيلم أن نجيب محفوظ هو الذى يسرد منذ مولده وتكوينه، والحارة وتأثيرها على شخصيته وحياته الأدبية».
ويتابع «الشابورى»: «ولأن جزءاً كبيراً من أدب نجيب محفوظ تحول لأفلام ودراما، كانت القاعة التالية هى قاعة السينما التى تحوى عروضاً للأفلام ومقتطفات منها عبر شاشة ثم قاعة التجليات التى تحوى مكتبة وشاشة تستعرض بعض الأحاديث واللقاءات التليفزيونية التى تستعرض مع بعض الأحاديث رؤاه الفلسفية وفكره، ثم قاعة نوبل التى تستعرض الجائزة بشكل عام فى تسلسل زمنى ونعرف بها من هو ألفريد نوبل، وكل من حصلوا عليها حتى 2019 وسيتم ربطها من خلال كود بالموقع العالمى بحيث يستطيع الزائر أن يقوم بمسح الكود للدخول بموقع جائزة نوبل للتعرف أكثر عليها، كما تحوى القاعة حيثيات حصول نجيب محفوظ عليها وشهادة نوبل ونص كلمته التى ألقاها محمد سلماوى بالنيابة عنه، تليها قاعة أحلام الرحيل التى تستعرض المراحل المتقدمة من حياته بعد تعرضه لمحاولة الاغتيال والظروف الصحية التى تلتها من إصابته بإعاقة فى يده جعلته لا يستطيع الكتابة بشكل جيد، لذا كان يدرب يديه على الكتابة فى بعض الدفاتر الورقية، كما تحوى بعض الأدوات التى كانت تساعده فى تلك المرحلة من عدسات مكبرة وسماعة للأذن إلى جانب ملفه الوظيفى بعد نهاية خدمته وفى النهاية قاعة الرثاء وبه تمثال نصفى لنجيب محفوظ».
ويقول الدكتور جمال مصطفى رئيس قطاع الآثار الإسلامية إن المتحف هو ثمرة التعاون المستمر بين وزارتى الثقافة والآثار حيث تم توقيع بروتوكول تعاون للمتحف بين الوزارتين وبناء عليه تم تخصيص مقر دائم بالدور الأرضى للمشرف الأثرى على المبنى، ولإنهاء مشكلة دخول وخروج الموظفين الموجودين بالطابق الأخير غير المخصص للمتحف وافقت اللجنة الدائمة للآثار على عمل سلم خارجى لدخول وخروج موظفى المنطقة الأثرية كما تم الاتفاق على أن يكون المصعد معلقاً من أعلى حفاظاً على الأثر.
ويضيف: «نأمل أن يكون المتحف بمثابة إضافة للمنطقة الغنية بالآثار التى تبدأ بمجموعة الغورى وتمر بتكية أبوالدهب والمسجد الأزهر وتنتهى بمجموعة الهراوى ونأمل أن يكون المتحف نقطة جذب جديدة للمنطقة الأثرية».
ودعا الروائى يوسف القعيد، تلاميذ نجيب محفوظ، وكل من زامل الرجل وتعامل معه عن قرب، ويمتلك إحدى المقتنيات، أن يدعم بها المتحف، مؤكداً أن البعض يملك مقتنيات هامة منها إهداءات على صفحات كاملة بخط يده ومؤرخة، كما يملك كثير من أدباء الإسكندرية عشرات الكتب المهداة منه وكثير من محبيه العرب والمصريين لديهم خطابات منه، حيث إنه كان حريصاً على أن يخصص يوماً فى الأسبوع للرد على كل من يرسل له خطابات، وفى رأيى يجب أن تكون هناك آلية للحصول على مقتنياته بل يجب أن نسعى إليها ونحصل عليها، فمقتنيات نجيب محفوظ لن يكون لها نهاية، مشيراً إلى أن «محفوظ» بحر لا ينتهى، ففى منزله بالإسكندرية، مكتبة غنية ومسودات لكتبه، والمكتبة الموجودة فى المتحف حالياً لا تمثل قطرة فى مقتنياته.
ويتابع: «شهدت تلك المنطقة المقام بها المتحف عشرات اللقاءات بيننا، حيث كان معتاداً أن يجمعنا على مقهى الفيشاوى يوم الاثنين من كل أسبوع، وأذكر فى إحدى المرات تحركنا من الفيشاوى إلى الغورية وبين القصرين فى لقاء استرسل فى الحديث فيه وللأسف لم يدون أو تسجله العدسات اكتشفنا أن ما رواه نجيب محفوظ لا يتجاوز قطرة من فيض ما كان يملك لذا فإن محفوظ يستحق منا التقدير فهو صاحب نوبل اليتيمة التى حصلنا عليها فى الأدب وكنت أتمنى أن يكون الافتتاح فى ذكرى ميلاده أو حصوله على نوبل».