كيف تصعد إيران ضد الغرب بعد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي؟

كتب: دينا عبدالخالق

كيف تصعد إيران ضد الغرب بعد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي؟

كيف تصعد إيران ضد الغرب بعد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي؟

منذ فرض العقوبات الأمريكية على إيران، قبل أكثر من عام، عقب انسحاب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب، من الاتفاق النووي بمايو 2018، بدأت إيران ترفع مواقفها المعادية بشكل ملفت تجاه مختلف دول العالم، كان آخرها، اليوم، حيث اعترضت طهران إحدى الناقلات البريطانية في مضيق هرمز.

اعتراض الناقلة البريطانية.. آخر محاولات إيران لتعكير صفو المياه الإقليمية

وأكدت الحكومة البريطانية اعتراض الناقلة "هيريتدج" التابعة لها من قبل 3 قوارب للحرس الثوري الإيراني، محاولة احتجازها في مضيق هرمز، لكنها فشلت، معربة عن قلقها من التصرف الذي أقدمت عليه السلطات الإيرانية، وحثتها على تهدئة الوضع، وفقا لوكالة "أسوشيتد برس".

كانت وكالة "رويترز" نقلت عن مسؤول أميركي قوله، إن خمسة زوارق يُعتقد بأنها تابعة للحرس الثوري الإيراني اقتربت من ناقلة نفط بريطانية، حيث طالبوها بالتوقف في المياه الإيرانية بالقرب من موقعها، لكنها انسحبت بعد تحذير سفينة حربية بريطانية لها عبر اللاسلكي.

بينما نفي الحرس الثوري تورطه في محاولة احتجاز الناقلة البريطانية، معتبرا أن الأمر "مزاعم أمريكية".

لترد سريعا الحكومة البريطانية، بأن احتجاز ناقلة النفط الإيرانية "غريس 1" في جبل طارق له علاقة بالعقوبات على سوريا وليس إيران، المحتجزة من مشاة البحرية الملكية، منذ الخميس الماضي، لاتهامها بخرقها لعقوبات الاتحاد الأوروبي بنقلها النفط إلى سوريا.

وهو ما علق عليه، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، محمد باقري، بقوله إن "احتجاز ناقلة النفط الإيرانية استنادا إلى حجج ملفقة.. لن يبقى دون رد، وعند الضرورة سترد طهران بالشكل المناسب"، وفقا لوكالة "تسنيم" الإيرانية.

في شهر.. إيران تخترق القانون الدولي بالهجوم على السفن في المياه الإقليمية

لم تكن تلك هي المرة الأولى التي تقدم فيها إيران على ذلك الأمر، وانتهاك حرية الملاحة في المياه الإقليمية، حيث أنه ثالث هجوم أو محاولة هجوم يستهدف ناقلات النفط العالمية في منطقة الخليج العربي وخليج عُمان، وفقا لواشنطن التي اتهمت نظام الملالي بالضلوع في هذه الهجمات، حيث أنه في 13 يونيو الماضي، وفي واقعة هي الأولى من نوعها، استهدفت ناقلتا نفط في خليج عمان باستخدام طوربيد، أكدت أمريكا ضلوع طهران فيها ووثقت ذلك بمقطع فيديو، يظهر أن القنابل المستخدمة تم تثبيتها من إيران.

التنصل من بنود الاتفاق النووي وزيادة تخصيب اليورانيوم.. تصعيد إيران بعد العقوبات الأمريكية

وبالتزامن مع التأثير على حرية الملاحة، سعت إيران أيضا لتكوين جبهات حرب وحائط دفاع آخر لها في وجه دول العالم التي تسعى لتعديل سلوكها، على رأسها أمريكا، فكان من أدواتها التخلي عن بعض بنود الاتفاق النووي المبرم عام 2015 الذي سعت عدة أعوام لإتمامه، فضلا عن إعلانها أن مخزون اليورانيوم المخصب سيتجاوز نسبة 3.67% التي يسمح بها الاتفاق النووي، كإحدى وسائل الرد على الانسحاب الأمريكي.

وقبل ساعات، كشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران تجاوزت نسبة تخصب اليورانيوم بدرجة نقاء 4.5%، لتنتهك بذلك أيضا الاتفاق النووي، الذي نص على أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب هو 213.5 كيلوجرام، أي أنه يفوق الحد المسموح به في الاتفاق وهو 202.8 كيلوجرام، كما يزيد ذلك عن الحد الذي تحققت منه الوكالة في الأول من يوليو، وكان 205 كيلوجرام، وفقا لموقع "سكاي نيوز".

بينما ردت الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق، برفض ذلك، مطالبة طهران بالعودة لمضمون الاتفاق النووي وتجنب خرقه، وسط تصاعد التوتر العالمي بهذا الشأن.

وجاء ذلك بالتزامن مع محاولات باريس للتهدئة، وزيارة المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لطهران، الذي التقى الرئيس الإيراني حسن روحاني وأجرى معه محادثات في إطار المساعي لإنقاذ الاتفاق النووي وتخفيف التوتر بين طهران وواشنطن.

خبير بالشؤون الإيرانية: طهران تعاني من حالة تخبط.. وتهدف لتكون منفردة بالمفاوضات

تعتبر تلك التحركات والمساعي لبناء جبهات حرب إيرانية، إحدى وسائل نظام الملالي إلى أن تصل طهران لمرحلة من العزلة الدولية حتى تستطيع أن تجلس على طاولة تفاوض منفردة، دون أي تأثير من جهات أخرى، وهو نابع من حالة تخبط شديدة لدى النظام، وفقا للدكتور هشام البقلي، خبير الشؤون الإيرانية والعربية.

وأضاف أنه رغم نفي إيران ضلوعها باعتراض الناقلة البريطانية إلا أنه أمرا حقيقيا، حيث جاء تأكيدا لتصريحات قائد الحرس الثوري الإيراني ورئيس هيئة الأركان، الذين قالوا خلال الساعات الماضية، إن ناقلات بريطانيا ستكون مستهدفة ردا على احتجاز السفينة الإيرانية في جبل طارق، وبالفعل لم يمر عليها كثيرا، لتعترض الطريق.

ووصف البقلي لـ"الوطن"، ذلك بأنه رسالة جادة من إيران، محاولة الظهور بأنها قادرة على المهاجمة والتضييق، مؤكدا أنها مساعي شكلية فقط، حيث إنه يعتبر تصرف غير واع أو مسئول، خسرت به طهران بريطانيا تماما من أي دعم محتمل.

ورجح أن تشهد الفترة المقبلة مزيدا من التصعيد الإيراني على عدة جهات، لا سيما بشأن مخاطر الملاحة بالشرق الأوسط والخليج العربي، وهو ما يكرس، في رأيه، من الفكرة الأمريكية المطروحة التي تحدث عنها مسؤولين بواشنطن، بأهمية تكوين تحالف دولي لحماية الملاحة في منطق الخليج العربي، وليس ضد إيران بشكل خاص.


مواضيع متعلقة