صور.. العطش يهدد ببوار 20 ألف فدان بـ8 قرى في الشرقية

كتب: نظيمه البحرواي

صور.. العطش يهدد ببوار 20 ألف فدان بـ8 قرى في الشرقية

صور.. العطش يهدد ببوار 20 ألف فدان بـ8 قرى في الشرقية

وسط قطعة أرض زراعية تشققت تربتها بعدما أخذ منها العطش مأخذه، جلس الحاج "إبراهيم صادق عيسى"، 62 عاما، يرتدي جلبابا بني اللون وعمامة ربما تحميه قليلا من لهيب الشمس الحارقة، يتلفت يمنة ويسرة، يشخص ببصره ناحية الأرض الزراعية تارة، وناحية السماء تارة أخرى، وكأنه يشكو تلف زرعه وأرضه المهددة بالبوار إلى الله.

"الأرض هي ملاذنا ومصدر رزقنا الوحيد لا نعرف بديلا له، إلا أننا نجد أنفسنا مهددين ببوار الأرض وتشرد أسرنا" كلمات بدأ بها الحاج "إبراهيم" حديثه معنا، متابعا: "بعد أن انتهينا من حصد محصول البنجر وبيعه قمنا بتجهيز الأرض وحرثها في شهر أبريل الماضي، وأصبحت الأرض مهيأة للزراعة وأحضرت نحو 300 كيلو أرز شعير تقاوي، وقبل 40 يوما بدرت الأرز في الأرض تميهدا للري إلا إنني فوجئت باختفاء مياه الري منذ ذلك الوقت وحتى الآن ".

وأضاف: "الأرض تشققت وخسرت ثمن التقاوي نحو 3 آلاف جنيه، وفي حال وصول المياه سأضطر لشراء التقاوي مرة أخرى، لكن أتمنى أن يقف الأمر عند هذا الحد ولا تتفاقم خسائرنا إلى حد عدم قدرتنا على زراعة محصول هذا الموسم، لأن ذلك خراب بيوت".

وأضاف المسن الذي غطت التجاعيد الممزوجه بالحزن ملامح وجهه: "على مدار سنوات طويلة لم يكن هناك جور على مياه الري، التي عادة ما كانت تصل إلى جميع الأراض إلا أنه تسود هذا العام حالة من الفوضى فنجد الترعة المغذية للأراضي ممتلئة بمياه الري، وتمد الأراضي الواقعة على جانبيها الممتدة لمسافات طويلة، بينما تختفي المياه في نهاية الترعة وكأن مصير المزارعين الواقعة أراضيهم في النهايات هي الخسارة والتلف".

الرجل الستيني لديه 3 أولاد يساعدونه في أعمال الزراعة، التي أصبحت عملهم الأساسي أيضا، مستطردا: "ننتظر نهاية الموسم لتحقيق هامش ربح يمكن من خلاله توفير احتياجاتنا المنزلية، أو المساهمة في زواج أحد الأبناء وخلافه، أما الآن ننتظر الديون ونخشى التعرض للسجن".

وأكد أنه وأفراد أسرته يمتلكون 5 أفدنة، يدفعون ضرائب 400 جنيه عن الفدان الواحد كل عام، و150 جنيها للأملاك الأميرية، وحال عدم الدفع يتم الحجز على الأرض وتحرير محاضر لهم، ولا يكون أمامهم إلا خيار الدفع أو الحبس.

التقط "عماد عبدربه"، أحد أهالي قرية عطالله، طرف الحديث: "خير مصر بيتحرق، الزرع أتلف، الأرض تشققت، الخسائر تلاحق المزارعين وسط صمت من المسؤولين".

وأضاف: "تقدمنا بعدد من الشكاوى لمسؤولي الري بمديرية الري بالشرقية وإدارة الري بالحسينية، وأرسلنا شكاوى إلى وزارة الري وأعضاء البرلمان دون جدوى".

وأشار إلى أن معدل ضخ مياه الري ناحية أراضيهم بدأت تضعف تدريجيا منذ بداية شهر مايو، وتفاقمت المشكلة تدريجيا حتى انقطعت مياه الري نهائيا، لافتا أنهم كانوا يعانون من ضعف مياه الري العام الماضي إلى أن المشكلة لم تكن بهذه الخطورة التي عليها الآن.

وأردف: "الأهالي حاولوا توفير مياه الري من خلال عمل مواسير لسحب المياه الارتوازية، إلا أن ذلك الحل كان غير مجدي بسبب ارتفاع نسبة الملوحة، التي تلحق أضرار بالتربية الزراعية وتتسبب في بوارها أيضا".

وأشار إلى أن الأراضي الواقعة في نهاية ترعة "السماعنة"، لا تصل لها مياه الري تبلغ مساحتها نحو 20 ألف فدان، وتقع في نطاق مركزي منشأة أبو عمرو وصان الحجر في قرى: "عطالله 1، عطالله 2، الفولي 1، الفولي 2، كوبري سليم، 6 أكتوبر، العذبة البيضاء، والاتحاد الخمسة"، وجميعها يقدر سكانها بنحو 300 ألف نسمة، يعتمدون بشكل أساسي على الزراعة.

وأوضح: "نطالب المسؤولين بالنظر بعين الرأفة إلى المزارعين والعمل على حل مشكلتهم، إنقاذا لهم وأسرهم كما طالب بعمل تدبيش للترعة، نظرا لانهيار الجرف المحيط بها والذي يشكل خطورة على الأهالي".

وقال منير الظواهري، أحد أهالي قرية الظواهرية، التابعة لمركز الحسينية، إن مياه الري لم تصل إلى الأراضي الواقعة على نهاية ترعة الفولي منذ بداية الكيلو 4 و5، وذلك خلال الـ50 يوما الماضية حتى الآن، مشيرا إلى أن الأرض تشققت واتلفت المحاصيل، لافتا لضرورة إسراع المسؤولين لحل المشكلة باستخدام نظام المناوبة بين المناطق المتوفر بها المياه، والأخرى المحرومة من المياه بنظام الـ6 ساعات.

وقال محمود السعدي، رئيس مصلحة الري بالمحافظة، لـ"الوطن"، إنه سيتم بحث مشكلة الأهالي، وإرسال لجنة من مسؤولي الري بالشرقية إلى المزارعين لمعاينة الأراضي، والعمل على إنهاء مشكلتهم.  


مواضيع متعلقة