حكاية محمد أفندي العباسي.. "رفعت العلم وطولت رؤوسنا بين الأمم"

كتب: عبدالرحمن قناوي

حكاية محمد أفندي العباسي.. "رفعت العلم وطولت رؤوسنا بين الأمم"

حكاية محمد أفندي العباسي.. "رفعت العلم وطولت رؤوسنا بين الأمم"

"محمد أفندي رفعنا العلم، وطولت روسنا ما بين الأمم" أغنية ترددت في الشوارع بين المصريين عقب حرب أكتوبر المجيدة، ظنها الكثيرون مجرد حكاية شعبية بطلها شخصية وهمية للتعبير عن عظمة الجنود المصريين في الحرب المجيدة التي استردت أراضي سيناء بعد احتلال إسرائيلي دام ست سنوات.

"كنا أطفالا صغارا بعد حرب أكتوبر المجيدة نردد حكايات وحواديت أسطورية، مثل عبدالعاطي صائد الدبابات وإبراهيم الرفاعي ومحمد أفندي رافع العلم، ولا نعرف من هؤلاء وما دورهم بالتحديد في الحرب العظيمة" بتلك الكلمات بدأ الكاتب الصحفي أحمد رفعت حديثه لـ"الوطن" عن محمد محمد عبدالسلام العباسي، أول جندي مصري يرفع علم مصر على سيناء بعد العبور العظيم.

محمد أفندي العباسي، ولد بقرية القرين الباسلة بمحافظة الشرقية، وتربى فيها ليشرب وينهل من حب الوطن والفداء والتضحية من أجل ترابه من المحافظة التي قاومت الاستعمار الإنجليزي سنوات طويلة، والتحق بكتاب القرية وحفظ القرآن الكريم، ثم حصل على الشهادتين الابتدائية والإعدادية من مدارس القرين، والتحق بالتجنيد أثناء حرب أكتوبر.

يواصل رفعت حديثه لـ"الوطن" قائلًا: "الأجواء بعد حرب أكتوبر وحتى اتفاقية السلام عام 1979 كان يتردد خلالها تلك الحواديت وكأنها أساطير شعبية لأبطال جاءوا من قلب التاريخ للحاضر، ففي المدارس بين الطلاب وجلسات السمر بين الكبار والشباب، وعلى ورق الصحف، وبين مشاهد المسلسلات والسهرات الدرامية، كانت حكايات البطولة حاضرةً دومًا".

أحمد رفعت: قصة محمد أفندي كانت مثل الأساطير الشعبية ولا بد من نقل بطولات أكتوبر للأجيال الجديدة

يحكي العباسي في أحد لقاءاته التليفزيونية عن لحظة رفعه علم مصر على سيناء عقب العبور قائلًا: "كنت جندي مشاة ترقيت حتى رتبة رقيب وكنت أول واحد يتسلق الدشمة الحصينة، خلال الألغام والأسلاك الشائكة قبل فتح ثغرة من الأساس وألقيت نفسي وسط الجنود الإسرائيليين"، فالعمل الذي سبق رفع العلم كان شاقًا وصعبًا، على حسب وصفه.

"بعد ما سيطرنا على النقطة الحصينة كنا فرحانين، وبنسأل بعض إزاي إحنا عايشين وإحنا بنقول إننا أول الضحايا" بتلك الكلمات وصف العباسي اللحظات الأولى عقب العبور، والتي لم يصدق فيها الجنود أنهم عبروا وأصبحوا على أرض سيناء، مواصلًا: "جاي قائد الكتيبة ناجي الجندي، مكانش بيننا ألقاب وكدة، مبروك يا محمد مبروك يا حسين مبروك يا علي يا عباسي، خد العلم وارفعه".

لحظات العبور ورفع العلم والبطولة التي قام بها، لم تُمحَ من ذاكرة "العباسي" أو يشوش ذاكرته مرور الزمن وتعاقب السنوات، فكل ما قام به بعد أن تسلم العلم من قائده يحكي عنه في لقائه التليفزيوني: "فعلًا أخدت العلم بفرحة جامدة ومسكته وطلعت على الساري نزلت العلم الإسرائيلي وقطعته ودوسته برجلي وبدأت أرفع العلم المصري".

بعد انتهاء الحرب توارى أصحاب القصص البطولية مثل عبدالعاطي صائد الدبابات ومحمد أفندي العباسي وفرقة أولاد الأرض، التي ألهبت حماس الجنود عن الأنظار وعادوا لبلادهم وقراهم، حسب الكاتب الصحفي، لتتوارى حكاياتهم بعدها تدريجيًا حتى اختفت تقريبًا ولم يعد يذكرهم الكثيرون.

"حكايات محمد أفندي وعبدالعاطي وفرقة أولاد الأرض يجب أن تعرفها الأجيال الجديدة بكل الطرق المرئية والمسموعة والمكتوبة، حتى نربي أجيالًا على قصص البطولة والفداء والنصر" كلماتٌ أكد بها رفعت ضرورة إعادة توارث قصص الأبطال، وضرورة اهتمام الدولة بنقلها للأطفال عن طريق السينما والروايات وأفلام الكرتون ومسرح العرائس "كل قصة من قصص الأبطال تصلح أن تكون فيلمًا مثل فيلم الممر".


مواضيع متعلقة