بعد توفير القسطرة لغير القادرين.."الوطن" داخل قسم القلب بطب الإسكندرية

كتب: نرمين عصام الدين

بعد توفير القسطرة لغير القادرين.."الوطن" داخل قسم القلب بطب الإسكندرية

بعد توفير القسطرة لغير القادرين.."الوطن" داخل قسم القلب بطب الإسكندرية

خطوات متسارعة نحو إسعاف كبار السن الذين لم تهدأ أنفاسهم، عبارات توجيهية لاتباع أساليب الإنقاذ الصحيحة، رائحة المحاليل تهز أرجاء المكان، غرف الأطباء والتمريض مليئة بمواد معقمة، يحاول جميعهم التخفيف من الشعور بالآلام المبرحة التي تسمعها آهات من أفواه المرضى، يوجه الطبيب إليهم الكلمات الطيبة محاولاً تهدئتهم، في حين يجد المريض يطرق كف على كف.. تلك الوهلة الأولى عند دخولك أروقة كلية الطب جامعة الإسكندرية، وبالتحديد قسم القلب والأوعية الدموية الذي يقع بالطابق الأول علوي، بمبنى الكلية؛ لخدمة غير القادرين، الأمر الذي أدى إلى إطلاق حملة تبرعات واسعة لإنقاذ مرضى جلطات القلب في الساعات الأولى ورفع نحو 60 ألف جنيه عن كل مريض.

"الوطن" عايشت مرضى قسم القلب والأوعية الدموية بكلية الطب جامعة الإسكندرية بعد أربعة أيام من انطلاق حملة تبرعات واسعة، الهادفة إلى جمع أموال الزكاة والصدقات من ناحية، وإشراك المجتمع المدني في إنقاذ حياة غير القادرين من ناحية أخرى لتوفير قيمة القسطرة العلاجية للمرضى.

يتكئ على عكازه، ويخطو رويدًا رويدًا نحو فراشه بعنبر الرجال، ليستريح محمد علي، 66 عامًا، بعد دوامة من الأرق بقى عليها نحو أربعة أيام بعد 48 ساعة قضاها في غرفة العناية المركزة، تلك المدة التي عايشها في مستشفى الأميري الجامعي بالإسكندرية وهو يصارع الموت، ويحكي أنه شعر بضيق في التنفس وألم في منطقة الصدر وشعور بالغثيان وإرهاق شديد.

ويضيف "علي" لـ"الوطن"، أنه اكتشف إصابته بجلطة حادة في القلب، نتيجة تعكر مزاجه إثر دخوله في عراك مع ابنه الوحيد، وعلى الفور اتجه به نجله إلى مبنى المستشفى ليجري رسم قلب ويتلقى الرعاية الطارئة، ويقول: "ابني جبني هنا لقيت تعبت جدا وكنت على وشك الإغماء، ولكن ربنا ستر، وهنا معاملة الأطباء كويسة ومريحة، والكلام اللين مهم معانا لأنه بيسندنا ويحتوينا"، فيما يعبر عن امتنانه لبعض الأطباء لدورهم في إنقاذ حياته.

ويتابع، وهو يجهش بالبكاء: "أنا هنا اتكتب ليا عمر جديد، نشكر ربنا على النعمة، وربنا يشفي جميع مرضانا"، موضحًا أنه تم تركيب قسطرة علاجية في خلال 50 دقيقة.

يشاركه السيد مهدي، 58 عامًا، الشعور نفسه حيث ألم في الصدر، الأمر الذي قادته قدماه لعمل رسم قلب واحتجازه بقسم الطوارئ بمستشفى الأميري الجامعي، حتى وفي خلال 60 دقيقة، احتجز في غرفة القسطرة العلاجية لتركيب دعامة في الشريان التاجي الخلفي، القاضية على الآلام المبرحة.

ويحكي "مهدي"، أنه في خلال ساعة من شعوره بالألم، أجرى الأطباء فتح الشريان المشدود، وتحسنت حالته بخروجه من غرفة العناية المركزة لاستكمال إجراءات العلاج الدوائي، إذ يؤكد: "أنه حصل على الخدمة العلاجية الطارئة التي أنقذت حياته كمريض قلب".

وفي عنبر السيدات، ترقد السيدة أحمد، 60 عامًا، تحت تركيب المحاليل، تسمع ابنتها "علياء" التي ترافقها صوت أنينها، وتحكي الابنة أن والدتها شعرت ببرودة في ساقيها وذراعيها، وفقدان الوعي لعدة مرات على فترات متقطعة، فكانت تصارع الزمن حين احتجزت في مستشفى الأميري الجامعي لـ10 أيام بقسم القلب بعد اكتشاف إصابتها بجلطة حادة في القلب.

وتقول "علياء"، وهي تتنفس الصعداء، إن والدتها تحسنت حالتها بعد احتجازها بغرفة العناية المركزة لثلاثة أيام وتركيب المحاليل اللازمة، مؤكدة أن الأطباء استطاعوا إسعاف والدتها في اللحظات الأخيرة، وتقديم سبل الرعاية الطبية الطارئة وتركيب قسطرة علاجية مجانية الثمن بمجرد الدخول من الاستقبال حتى مرحلة التشخيص وتلقي العلاج.

رئيس قسم القلب: الحملة امتداد لمشروع "دعامة الحياة" لإنقاذ حياة مريض جلطة القلب في الساعات الأولى.. ونرفع نحو 60 ألف جنيه عن كل حالة

الدكتور صلاح الطحان، رئيس قسم القلب والأوعية الدموية بكلية الطب، قال إن القسم أطلق حملة تبرعات واسعة لإنقاذ مرضى القلب تحت عنوان "الساعات الذهبية"، منذ أربعة أيام، لوضع أموال الزكاة والصدقات في أماكنها، جمع خلالها نحو 60 ألف جنيه.

وأضاف "الطحان"، في تصريحات خاصة لـ"الوطن"، أن تلك الحملة امتدادًا لمشروع "دعامة الحياة" الذي تدعمه وزارة الصحة بالتعاون مع الجمعية الأوروبية لأمراض القلب، موضحًا أن ذلك المشروع قائم على فكرة توفير سبل الرعاية الطبية الطارئة لمريض جلطة القلب، في حين أن الحملة تهدف إلى توفير القسطرة العلاجية للمريض الذي يعاني من احتشاء في عضلة القلب، أو مريض الجلطة الحادة، أو انسداد كامل في الشريان التاجي؛ لإنقاذه في الساعات الأولى وعمل قسطرة وتركيب دعامة ابتدائية بالمجان دون غيرها من تصنيفات أمراض القلب التي تسمح بالوقت.

وتابع أن الحملة سميت بـ"الساعات الذهبية"؛ لأن أول 24 ساعة في عمر مريض الذبحة الصدرية وجلطة الشرايين التاجية هي الساعات الذهبية، ومن المفترض استقباله خلال تلك الساعات، مشيرًا إلى أنها تعمل تحت مظلة جمعية "خدمة مرضى القلب" المكونة من أعضاء هيئة التدريس بالقسم، وهدفها رفع ثمن القسطرة العلاجية التي يبلغ سعرها نحو 60 ألف جنيه في المستشفيات الخاصة، في حين أن جامعة الإسكندرية تقدمها مجانًا للمرضى بعد توفير 15 ألف جنيه لكل حالة من أموال التبرعات، مؤكدًا أن المريض لا يتكلف جنيه واحد، ويحصل مريض القلب على الرعاية الطبية كاملة بمجرد استلام بطاقة الهوية وهو نظام جديد لأول مرة تطبقه الجامعة.

وأوضح رئيس قسم القلب، أنه بمجرد دخول المريض من الاستقبال لعمل رسم القلب واحتجازه بالطوارئ ثم غرفة العناية المركزة لـ24 ساعة وتزيد حسب الحالة، حتى تسمح حالته بتحويله إلى العنبر بعد تركيب دعامة ابتدائية قبل مرور 60 دقيقة من رسم القلب لاستعادة التروية في الأوعية الدموية وإنقاذ حياته وعمل قسطرة، فيلقي المريض كل أشكال الاهتمام.

وقال إن الحملة هدفها إنقاذ حياة المرضى الذين لا تستدعي حالتهم البقاء، مضيفًا أن الهدف الآخر للحملة يتمثل في التوقف عن اللجوء إلى حلول بديلة عند عدم توافر الدعامة، وهو تناول العلاج الدوائي المذيب للجلطة والتي تتباين نسبة استجابة المريض لها، ومن ثم يمثل خطورة على حياته.

مدرس مساعد: سهم التبرع لا يقل عن 200 جنيه من كل فرد.. والمريض يحصل على الرعاية الطبية الطارئة بمجرد تقديم البطاقة الشخصية فقط

أما الدكتور مصطفى علواني، مدرس مساعد أمراض القلب والأوعية الدموية بكلية الطب، قال إن القسم يشمل 2 عنبر للرجال والسيدات، والعام الماضي سجل نحو حجز 563 حالة في عنبر السيدات و900 حالة في عنبر الرجال، كما يشمل غرفتين للعناية المركزة، الأولى مكونة من 6 أسرة والثانية من 8 أسرة، كما أن هناك غرفة عناية ما بعد القسطرة.

وتابع "علواني"، أنه يوجد غرف خاصة للموجات فوق الصوتية، وقسطرة القلب، بجانب عدد 5 من جهاز إيكو، حيث أن القسم يستقبل حالات الطوارئ على مدار اليوم، فيما تعمل العيادات الخارجية يوميا عدا الجمعة، والتي تستقبل نحو 7 آلاف مريض سنويا، مؤكدًا أنه يجرى عمل نحو 30 قسطرة، أسبوعيا، على نفقة الدولة، في إطار رفع العبء عن كاهل المرضى، موضحا أن القسم لا يستقبل تبرعات أقل من 200 جنيه للفرد.

المحافظ الإقليمي لـ"دعامة الحياة": مستشفيات جامعة الإسكندرية تعمل بالمشروع بجانب مستشفى جمال عبدالناصر وشرق المدينة

أما الدكتور محمد صبحي، أستاذ ورئيس قسم القلب السابق بطب الإسكندرية والمحافظ الإقليمي لمشروع "دعامة الحياة" في أفريقيا، أكد أن المشروع تم تدشينه في الإسكندرية منذ 5 سنوات، وتم استقبال أكثر من 300 حالة، حيث أنه تقدمه جميع مستشفيات جامعة الإسكندرية بجانب مستشفى جمال عبدالناصر وشرق المدينة، فيما يهدف أيضًا إلى جمع التبرعات لتغطية المستلزمات، مشيرا إلى أنه تم اسقبال نحو 15 مريضًا بمتوسط جمع تبرعات نحو 150 ألف جنيه، العام الماضي.

وأشار "ًصبحي"، إلى أن ارتفعت نسب المستفيدين من المشروع من تفوقت عن 8% حيث وصلت إلى 70%، مؤكدًا أن حجم التبرعات هي العامل الأول في إنقاذ حياة المرضى التي من خلالها يتوفر المستلزمات الطبية.


مواضيع متعلقة