اتهمت بالمبالغة.. كيف تعاملت "الصحة العالمية" مع إنفلونزا الخنازير قبل 10 سنوات؟

اتهمت بالمبالغة.. كيف تعاملت "الصحة العالمية" مع إنفلونزا الخنازير قبل 10 سنوات؟
- انفلونزا الخنازير
- منظمة الصحة العالمية
- الصحة العالمية وانفلونزا الخنازير
- H1N1
- انفلونزا الخنازير
- منظمة الصحة العالمية
- الصحة العالمية وانفلونزا الخنازير
- H1N1
11 يونيو تاريخ فاصل مع فيروس انفلونزا الخنازير (H1N1)، فمثل هذا اليوم قبل 10 سنوات أُعلن عن الفيروس كوباء عالمي من قِبل منظمة الصحة العالمية، وفي الشهر نفسه لكن العام التالي خرجت التقارير المشككة في خطورته كما أعلنتها الصحة العالمية متهمينها بالمبالغة في إثارة حالة من الهلع.
بدأت قصة الفيروس (H1N1) في لفت الانتباه؛ حينما أعلنت منظمة الصحة العالمية في 11 يونيو 2009 مرض انفلونزا الخنازير وباءً عالميًا، ورفعت منظمة الصحة العالمية مستوى الإنذار في مواجهة المرض إلى الدرجة السادسة القصوى معلنة بذلك عن أول جائحة في القرن الـ21.
وانفلونزا الخنازير هي مرض تنفسي حاد وشديد الإعداء يصيب الخنازير ويسبّبه واحد أو أكثر من فيروسات إنفلونزا الخنازير من النمط A، ويتسم هذا المرض، عادة، بمعدلات مراضة عالية ومعدلات إماتة منخفضة (1%-4%).
وينتشر الفيروس المسبّب للمرض بين الخنازير عن طريق الرذاذ والمخالطة المباشرة وغير المباشرة والخنازير الحاملة للمرض العديمة الأعراض. ويُسجّل وقوع فاشيات من هذا المرض بين الخنازير على مدار السنة، مع ارتفاع نسبة حدوثها في موسمي الخريف والشتاء في المناطق المعتدلة المناخ.
وتميل كثير من البلدان إلى تطعيم أسراب الخنازير ضد هذا المرض بشكل روتيني، حسب تعريف الصحة العالمية، ورغم أن فيروسات إنفلونزا الخنازير تمثّل، عادة، أنواعًا فيروسية مميزة لا تصيب إلا الخنازير، فإنها تتمكن، أحيانًا، من اختراق الحواجز القائمة بين الأنواع وإصابة البشر.
وقبل 10 سنوات وتحديدا في 11 يونيو 2009، قالت مديرة المنظمة مارجريت شان "أن الفيروس لا يمكن وقفه"، وكان ذلك خلال مؤتمر صحفي عُقد في مقر المنظمة، معلنة قراراهم برفع مستوى الإنذار الوبائي من المرحلة الخامسة إلى المرحلة السادسة، وكانت في أبريل من العام نفسه أبقت على مستوى الإنذار عند الدرجة الخامسة التي تعني وباء "وشيكا"، وكان ذلك مع إصابة نحو 28 ألف شخص بالمرض في العالم.
ودعت حينها منظمة الصحة العالمية وزراء صحة البلدان الثمانية الأكثر تأثرًا بالمرض إلى ندوة عبر الدائرة التلفزيونية للتأكد من وجود إثباتات لا جدال فيها على وجود عدوى محلية، ورأى الخبراء أنَّ هذه الاثباتات موجودة أصلًا منذ فترة غير أن منظمة الصحة العالمية وتحت ضغط الدول الاعضاء، قررت التريث لإتاحة أعداد أفضل لأعضائها الـ193 ولتفادي حالة فزع غير مبررة كما تقول، حسب ما نشرته وكالة "فرانس برس" الإخبارية حينها.
وفي العام التالي وتحديدًا في شهر أبريل 2010، خرجت تصريحات تناقلتها وسائل لإعلام العالمية مثل موقع "بي بي سي" و"رويترز"، اُتهم فيها خبراء المنظمة بالمبالغة في رد الفعل بعد ظهور فيروس انفلونزا الخنازير؛ ما أثار حالة من الهلع في أنحاء العالم، وقال هؤلاء الخبراء إن الفيروس يعتبر من فيروسات الإنفلونزا المتوسطة القوة ولكن الحكومات سارعت بسبب حالة الهلع التي سببتها المنظمة إلى تخزين كميات كبيرة من الأمصال التي لم تستخدم بعد ذلك.
وقال منتقدون أيضًا إنَّ المنظمة أخطأت في الإعلان عن انفلونزا الخنازير كوباء، كما أخطأت في دفع البلدان إلى إنفاق الملايين من الدولارات في لقاحات غير مفيدة على حد تعبيرهم، حيث اعتبر الفيروس أول حالة وباء عالمي للانفلونزا منذ نحو 40 عاما، وأشارت تقديرات إلى أنَّه أسفر عن مقتل 17 ألفًا و700 شخص في 200 دولة.
وأشارت وسائل الإعلام كذلك إلى اعتراف منظمة الصحة العالمية بأوجه قصور في تعاملها مع الوباء المعروف باسم انفلونزا الخنازير، بما في ذلك عدم تبادل الشكوك حول الفيروس الجديد في الوقت الذي كان يجتاح العالم، ليقول كيجي فوكودا أكبر خبراء الانفلونزا بمنظمة الصحة العالمية حينها، إنَ نظام الوكالة التابعة للأمم المتحدة المكون من 6 مراحل لإعلان الوباء أظهر التباسًا فيما يتعلق بفيروس انفلونزا الخنازير؛ التي ثبت في نهاية المطاف أنها ليست بنفس الدرجة القاتلة مثل انفلونزا الطيور، ليضيف المنتقدون أن المنظمة أثارت الذعر من فيروس انفلونزا الخنازير، والذي تحول إلى فيروس متوسط الأثر، وجعلت الحكومات تخزن لقاحات ذهبت هدرا، ليتساءل البعض عن علاقات المنظمة بصناعة الدواء بعد أن حققت شركات مثل جلاكسو سميثكلاين وسانوفي أفنتيس أرباحا كبيرة من انتاج لقاح مضاد لفيروس (اتش1ان1).
وفي يونيو 2010، أخرجت منظمة الصحة العالمية تقريرًا مفصلًا ردت فيه على الانتقادات التي وجهت إليها بشأن التعامل مع أنفلونزا الخنازير بطريقة مبالغة، لتوضح أنه في 4 يونيو من الشهر نفسه نشرت المجلة الطبية البريطانية (BMJ)، والجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا (PACE) في وقت واحد تقريرين تناولا بالنقد تعامل منظمة الصحة العالمية مع الجائحة (H1N1). وأعلنت اختلاف المنظمة جديًا مع القضايا والهواجس المطروحة، ورغبت في تصحيح الأمور فيما يتعلق بعدة نقاط.
وحول كون الجائحة حقيقية، قالت المنظمة إن فاشيات العدوى بالفيروس H1N1 الجديد، والتي تأكد حدوثها في كل بلد وكل إقليم في العالم تقريبًا، تختلف عن الأنفلونزا الموسمية في عدة نواحٍ واضحة. وهذا الاختلاف يجعل المعايير التي تحدد حدوث جائحة الأنفلونزا تنطبق عليها، لتؤكد أنه تبين من تحليل عينات المختبرات أن الفيروس الجديد لم يسبق له الدوران في البشر من قبل، وذلك بعد معرفة أول إصابة به في أبريل 2009، وأنه مع انتشار الفيروس ظهرت له أنماط وبائية لم تظهر أثناء أوبئة الأنفلونزا الموسمية، وغيرها من الأسباب التي تبين من خلالها أنه فيروس مختلف.
وعن مبالغة المنظمة في خطر الفيروس، قالت إنَّه عندما أعلنت المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية، عن بدء الجائحة في 11 يونيو 2009 أعربت عن رأي مفاده أن الجائحة ستكون متوسطة الشدة، كما أشارت إلى أنَّ عدد الوفيات التي حدثت في العالم نتيجة لها يُعتبر صغيرًا نسبيًا، وقالت بوضوح: "إننا لا نتوقع أن نشهد طفرة مفاجئة وهائلة في عدد الإصابات الوخيمة أو القاتلة".
وفي كل تقييم للجائحة كانت المنظمة تذكِّر الجمهور باستمرار بأن الغالبية الكاسحة من المرضى ظهرت عليها أعراض معتدلة وتعافت بسرعة وعلى نحو تام حتى بدون علاج طبي.
وأشارت المنظمة مبكرًا أيضًا إلى أن فيروسات الانفلونزا غير مستقرة ويمكن أن تحدث لها طفرات سريعة وهامة الأمر الذي يصعب معه التنبؤ باستمرارية التأثير المعتدل، وهذا الغموض، وهو الذي أقنع المنظمة والكثير من السلطات الصحية الوطنية بالمبالغة في الحرص، قد تعزز بفعل سلوك الجوائح السابقة التي تفاوتت وخامتها أثناء الموجتين الأولى والثانية من انتشارها على الصعيد الدولي، وكذلك نافية عن نفسها انحيازها للمصالح التجارية في ذلك الأمر.