تركيا وإيران ضد الأمريكان.. العقوبات تدفع الجارتين للتحالف ضد «ترامب»

كتب: بهاء الدين عياد

تركيا وإيران ضد الأمريكان.. العقوبات تدفع الجارتين للتحالف ضد «ترامب»

تركيا وإيران ضد الأمريكان.. العقوبات تدفع الجارتين للتحالف ضد «ترامب»

مع تصاعد الخلافات التركية الأمريكية اتجهت سياسة أنقرة نحو تقويض الاستراتيجية الأمريكية فى المنطقة التى تستهدف عزل إيران والحد من تدخلاتها فى شئون الدول العربية، وتحديداً دول الخليج التى اتهمت إيران مؤخراً بالوقوف خلف عملية استهداف السفن التجارية وناقلات النفط فى ميناء الفجيرة الإماراتى، حسبما كشفت ملفات التحقيقات فى القضية التى تسلمها مجلس الأمن من الدول المشاركة بالتحقيق الذى تقوده الإمارات.

وبفرض العقوبات الأمريكية بصورة متزامنة على كل من إيران وتركيا، فإن القوتين الإقليميتين المفروض عليهما عزلة إقليمية ودولية متزايدة، قد اتجهتا للتحالف لمواجهة سياسة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بما قد ينعكس على سياستهما إزاء العديد من الأزمات الإقليمية وعلى رأسها الأوضاع فى سوريا والعراق والخليج ومجمل المشرق العربى.

وتجاوزت أنقرة خلال الشهور الماضية مستوى المناوشات والتوترات الدبلوماسية العابرة لتدخل فى مرحلة متقدمة من تهديد المصالح الأمريكية ومعارضتها لسياستها بما وضع التحالف التقليدى بين أنقرة وواشنطن محل تساؤل كبير، خاصة فى ضوء التساؤل حول مستقبل العضوية التركية بحلف الناتو أمام إصرار أنقرة على امتلاك منظومة أسلحة تهدد الحلف؟ وفى أول المؤشرات على معارضة تركيا للسياسة الأمريكية تجاه إيران، كان إعلانها عدم الالتزام بالعقوبات الأمريكية على قطاع النفط الإيرانى، وقد حذرت الولايات المتحدة من فرض عقوبات على الدول والكيانات والأشخاص الذين يخرقون حظر استيراد النفط الإيرانى، لتستكمل الولايات المتحدة اتخاذ خطوات أكثر تشدداً تجاه النظام التركى بإعلانها إيقاف الاستثناء المؤقت لتركيا ودول أخرى من العقوبات المفروضة على قطاع النفط الإيرانى، حيث يعتمد الاقتصاد التركى على النفط الإيرانى، فيما يوفر الباب الخلفى التركى للصادرات والواردات الإيرانية مكسباً كبيراً لأنقرة من خلال مساعدة الشركات والقطاعات الاقتصادية التركية على الالتفاف حول العقوبات الأمريكية لعقود، وجنى منافع كبيرة من وراء ذلك، فى تحدٍ للإدارة الأمريكية، حيث تشير التقديرات إلى أن «إيران قد حصلت على نحو 20 مليار دولار أمريكى من تورط تركيا فى أكبر مخطط للتهرب من العقوبات فى التاريخ الحديث، بما يعطى فكرة عن مدى فاعلية تركيا فى مساعدة إيران على تجنب العقوبات الأمريكية».

سفير تركى سابق: إيران تستخدم مخاوف "أنقرة" فى سوريا.. و"ناشيونال إنترست": استراتيجية "واشنطن" لتقييد "طهران" أصبحت فى مأزق

وأكدت العديد من تقديرات الموقف أن إعلان هذا التحالف الوشيك ضد العقوبات سيمثل تهديداً للمصالح الأمريكية وربما يدفع العلاقات مع أنقرة إلى حالة من العداء غير المسبوق، وذكرت مقالة كتبها دبلوماسى تركى لمجلة «ناشيونال إنترست» الأمريكية، أن التطورات الأخيرة فى العلاقات الأمريكية التركية المتوترة تقوض استراتيجية واشنطن لعزل إيران من خلال فرض العقوبات عليها، وتوقع الدبلوماسى التركى السابق، الذى يشغل حالياً منصباً أكاديمياً، أن تتجه بلاده وإيران للتحالف ضد الولايات المتحدة، لتكون هذه هى المرة الأولى التى تكسر فيها واشنطن التقليد المتبع «بعدم مواجهة تركيا وإيران فى نفس الوقت».

وتفرض العديد من التطورات على واشنطن فرض عقوبات جديدة، بعد أن أمهلت الولايات المتحدة أنقرة حتى نهاية شهر يوليو المقبل للتراجع عن صفقة الصواريخ الروسية «إس 400» قبل فرض عقوبات جديدة عليها، وذلك بعد أن كانت الولايات المتحدة قد أنهت اتفاق المعاملة التفضيلية للصادرات التركية إلى السوق الأمريكية.

واعتبر تحليل المجلة الأمريكية أن التحالف بين الولايات المتحدة وتركيا أصبح عالقاً فى دوامة التراجع والانهيار المستمرين خلال السنوات الأخيرة، خاصة مع تحول تركيا الاستبدادى المتزايد الذى فصلها عن الولايات المتحدة، وقال السفير التركى السابق محمد بهادر جول، الباحث الزائر بجامعة كولونيا، إنه فى الوقت الذى تدعم فيه دول المنطقة وحلفاء واشنطن الاستراتيجية الأمريكية تجاه إيران، فإن تركيا هى الدولة الوحيدة التى تقف بوجه السياسة الأمريكية ضد إيران، وذكر التحليل أن الحروب فى الدول المحيطة بتركيا، التى تدخّل فيها نظام الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، قد غيّرت سياستها تجاه إيران من خصمين إقليميين تقليديين إلى حليفين محتملين، واعتبرت المقالة أنه بغض النظر عن استبداد النظام التركى المتزايد، فإن لدى أنقرة مخاوف استراتيجية لا حصر لها حول الوضع فى إيران، فقد استنفدت الحرب فى سوريا موارد تركيا وأضعفت حدودها، أى إن احتمال عدم الاستقرار فى إيران هو أسوأ كابوس فى تركيا، حيث تستضيف تركيا بالفعل 3.6 مليون لاجئ سورى، وإن لم تستطع الولايات المتحدة تهدئة علاقاتها مع تركيا وتحفيز التعاون التركى من خلال القضاء على الآثار السلبية لعقوبات إيران على الاقتصاد التركى، فعندئذ يمكن لأنقرة العمل مع طهران لتقويض عزلة الأخيرة. إن التقارب بين تركيا وإيران من شأنه أن يخلق مساحة لالتقاط الأنفاس للاقتصاد الإيرانى، ويزيد من العبء الأمنى الأمريكى فى المنطقة، ويشل القوة الناعمة للولايات المتحدة وحلفائها.

ولفتت المقالة إلى زيادة الزيارات الثنائية رفيعة المستوى بين تركيا وإيران فى الأسابيع الأخيرة، ومحاولة البلدين إيجاد أرضية مشتركة تساعد فيها تركيا إيران فى التغلب على تداعيات العقوبات الأمريكية. وبالتالى، تستخدم إيران نفوذها فى سوريا لتخفيف مخاوف تركيا. كما أشارت إلى تشابه دعم إيران للمجموعات الشيعية المتطرفة فى العديد من البلدان مع دعم تركيا للإخوان وتوفيرها ملاذاً آمناً لها بعد حظرها فى مصر والعديد من الدول العربية، حيث ينبئ اتجاه إدارة الرئيس الأمريكى ترامب لتصنيف الجماعة كتنظيم إرهابى بتوتر جديد مع أنقرة.


مواضيع متعلقة