«السيسى» أمام القمة الإسلامية: بدون الوحدة لن نواجه عدم الاستقرار

كتب: محمد أبوعمرة وعادل الدرجلى

«السيسى» أمام القمة الإسلامية: بدون الوحدة لن نواجه عدم الاستقرار

«السيسى» أمام القمة الإسلامية: بدون الوحدة لن نواجه عدم الاستقرار

قال الرئيس عبدالفتاح السيسى: «إن مصر لن تدخر جهداً لدعم وتعزيز عمل منظمة التعاون الإسلامى باعتبارها المظلة الرئيسية للعمل الإسلامى المشترك فى مختلف المجالات، وستحرص مصر على الاستمرار فى المشاركة بفاعلية فى مختلف المبادرات، التى تطلقها المنظمة، وفى فعالياتها المتنوعة، إيماناً بأن مقتضيات المسئولية وحجم التحديات التى يواجهها عالمنا اﻹسلامى تتطلب وحدة الكلمة والصف».

أكد الرئيس خلال كلمته فى اجتماع الدورة 14 لمؤتمر القمة الإسلامى الذى عُقد فى مكه المكرمة، أمس، أنه بدون الوحدة كيف سيتسنى لنا أن نواجه موجة غير مسبوقة من عدم الاستقرار والتوتّر السياسى واﻷمنى تجتاح عالمنا اﻹسلامى، وتهدّد بتقويض دوله ومؤسساته من جذورها، وتحويله من فضاء رحب للتعاون والتكاتف لتحقيق مصالح الشعوب اﻹسلامية إلى ساحة استقطاب وتنابذ، ومصدر للإساءة إلى صورة ديننا ومجتمعاتنا.

وتابع: «أنه مما لا شك فيه أن ظاهرة الإرهاب، بمختلف أشكالها، وما يواكبها من تطرّف دينى وانتشار لخطاب الكراهية والتمييز، تأتى على رأس التحديات التى تواجه العالم اﻹسلامى، بل واﻹنسانية جمعاء»، لافتاً إلى أن مصر بادرت منذ سنوات طويلة بإطلاق الدعوة لتكثيف الجهود المشتركة للقضاء على الظاهرة بشكل كامل، ورفض محاولات ربطها بدين أو ثقافة أو عرق معين، إلا أن الأمر يتطلب تكاتف جميع الدول الإسلامية لتفعيل الأطر الدولية والإقليمية للقضاء على الإرهاب ومكافحة الفكر المتطرف وسائر جوانب الظاهرة الإرهابية، مشيراً إلى أنه فى منظمة التعاون الإسلامى، فإن علينا مهمة مزدوجة، فبالإضافة إلى مهام مكافحة الإرهاب وما يتصل به من خطاب متطرف يتاجر بالدين ويشوه صورته وتعاليمه السمحاء، فإن هناك جهداً موازياً مطلوباً لمكافحة ظاهرة الإسلاموفوبيا، والتمييز ضد المسلمين ونشر خطاب الكراهية ضدهم، مؤكداً أنه لم يعد مقبولاً السكوت على خطاب التمييز والكراهية ضد العرب والمسلمين، ومحاولة إلصاق تهمة الإرهاب والتطرف بديننا الحنيف الذى هو منها برىء.

ظاهرة الإرهاب وانتشار الكراهية والتمييز ومكافحة الإسلاموفوبيا على رأس التحديات التى تواجهنا

وأشار إلى أن إقامة العدل والحفاظ على الأمن والسلم تأتى على رأس مقاصد ديننا الحنيف، كما أنها فى القلب من أولويات منظمتنا. ولا يستقيم أى حديث عن العدل والأمن والسلم، فى ظل استمرار القضية الفلسطينية بغير حل عادل وشامل يحقق الطموحات المشروعة للشعب الفلسطينى الشقيق، وعلى رأسها حقه فى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وأنه آن الأوان لمعالجة جذرية لأصل هذه المأساة المستمرة لأكثر من سبعة عقود، من خلال العودة الفورية لمائدة المفاوضات، لإنهاء الاحتلال، وحصول الشعب الفلسطينى على حقوقه الشرعية وغير القابلة للتصرّف. هذا هو الطريق الوحيد للسلام العادل والشامل فى المنطقة والعالم، كما أنه السبيل لقطع الطريق على مزايدات الإرهابيين المتاجرين بمعاناة الأشقاء الفلسطينيين.

وأضاف: «إنه أينما نظرنا فى عالمنا الإسلامى نجد أزمات معقّدة وتحديات تستلزم وقفة جادة ونية خالصة للتوصل إلى حلول وطنية وسلمية لمشكلات عالمنا العربى والإسلامى، وأنه من ليبيا، التى ما زالت تعانى من حالة انسداد سياسى وتفشى الإرهاب ونشاط الميليشيات والمرتزقة والتدخلات الأجنبية، إلى سوريا التى تعانى على مدار أكثر من ثمانية أعوام من الاقتتال الأهلى والانتهاكات الإقليمية لحدودها والتدخلات الأجنبية فى شئونها، ومن اليمن الذى ما زال يعانى من جماعة الحوثى ومحاولتها الاستقواء بالدعم اﻷجنبى، لفرض إرادتها على سائر أبناء اليمن، وهجماتها الإرهابية المدانة على الأراضى السعودية، إلى السودان والجزائر اللتين تمران بمرحلة دقيقة يحاول فيها أبناء هذين الشعبين الشقيقين إدارة مرحلة انتقالية فى ظروف صعبة، لتحقيق تطلعات مشروعة فى الحرية، وصياغة مستقبل هذين البلدين».

وأكد أنه فى كل هذه البلدان الشقيقة، هناك تحديات جسام، وهناك حاجة إلى دعم سياسى وتعاون من كل الدول الأعضاء فى منظمة التعاون الإسلامى لدعم هؤلاء الأشقاء ومساندة خياراتهم وتطلعات شعوبهم الوطنية المشروعة، ومواجهة أى تدخلات خارجية فى شئونهم، واستعادة مكانتهم وإسهامهم فى العمل المشترك بين الدول العربية والإسلامية، مشيراً إلى الوضع المقلق لأبناء جماعة الروهينجا المسلمة، مطالباً المجتمع الدولى بتحمل مسئوليته لتجنيبهم مخاطر السقوط فى حلقة مفرغة من التطرف والإرهاب والعنف.

وتابع أن الاحتفال باليوبيل الذهبى لتأسيس المنظمة يحفّزنا جميعاً للقيام بعملية تقييم شامل لتجربتها الرائدة فى العمل اﻹسلامى المشترك وسُبل تطويرها. وأن نقطة البداية ينبغى أن تتمثل فى التقييم الموضوعى للآليات القائمة فى المنظمة، بهدف تطويرها وتحسين كفاءة استخدام موارد المنظمة، وأنه فى إطار حرص مصر على التفاعل مع آليات المنظمة، ومواكبة التحديات الجديدة فى عصرنا، وتأكيداً للأولوية التى نوليها للقضايا الاجتماعية والثقافية، خاصة تمكين وتعزيز دور المرأة، فقد حرصت مصر على استضافة مقر منظمة تنمية المرأة بالقاهرة.

وفى سياق آخر، التقى الرئيس، على هامش القمة، بعدد من زعماء العالم، وقال السفير بسام راضى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية: «إن الرئيس عبدالفتاح السيسى التقى الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية وخادم الحرمين الشريفين». وأوضح المتحدث الرسمى أن الرئيس أكد خلال اللقاء أن زيارته الحالية للسعودية تأتى اتساقاً مع مسيرة العلاقات الوثيقة التى تربط البلدين، وما يجمعهما من مصير ومستقبل واحد. كما هنّأ الرئيس العاهل السعودى على نجاح قمة منظمة التعاون الإسلامى بمكة المكرمة فى تعزيز التعاون البناء لما فيه صالح وخير شعوب الأمة الإسلامية، مؤكداً الأهمية التى توليها مصر لمنظمة التعاون الإسلامى، باعتبارها المنبر الأساسى للعمل الإسلامى المشترك.

وفى ما يتعلق بقضايا المنطقة؛ تناولت المباحثات تبادل وجهات النطر نحو أبرز الملفات المطروحة على الساحة الإقليمية، حيث عكست المناقشات تفاهماً متبادلاً إزاء سبل التعامل مع تلك الملفات، وتم الاتفاق على الاستمرار فى بذل الجهود المشتركة لتعزيز التعاون بين الدول العربية والإسلامية لمواجهة التحديات والتهديدات المتزايدة للأمن الإقليمى، حيث أكد الرئيس فى هذا السياق أن أمن منطقة الخليج يمثل بالنسبة لمصر إحدى الركائز الأساسية للأمن القومى العربى، ويرتبط بالأمن القومى المصرى.

كما التقى «الرئيس» مع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولى عهد المملكة، وتناولت المباحثات سبل تعزيز مختلف جوانب العلاقات الثنائية بين البلدين، لا سيما على الصعيدين الاقتصادى والاستثمارى، فى ضوء ما يتوافر لدى الجانبين من فرص استثمارية واعدة.

وقال السفير بسام راضى: إن «المباحثات تطرقت إلى الملفات المطروحة على الساحة الإقليمية، وفى منطقة الخليج، وكذلك الملفات الأخرى كسوريا واليمن وليبيا، حيث كان هناك توافق بأهمية استمرار التشاور المكثف بيان البلدين، لا سيما فى ظل هذا التوقيت الدقيق الذى يشهد الكثير من التطورات على المستوى الإقليمى، وذلك لدعم وحدة الصف العربى والإسلامى المشترك فى مواجهة مختلف التحديات التى تتعرّض لها المنطقة فى الوقت الراهن». وأكد «بن سلمان» حرص السعودية على دعم أطر التعاون الثنائى على مختلف الأصعدة، مشيداً بالجهود المصرية التى أسهمت فى إنجاح القمة العربية الطارئة وقمة منظمة التعاون الإسلامى على مدار اليومين الماضيين بمكة المكرمة، التى من شأنها أن تسهم فى تعظيم أواصر التشاور المتبادل بين القادة والزعماء العرب والمسلمين فى ما يخص التهديدات المشتركة.

وصرّح السفير بسام راضى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس سعد الحريرى، رئيس الوزراء اللبنانى، لفت إلى أن «السيسى» أكد له الاعتزاز بعمق العلاقات الوطيدة بين مصر ولبنان على المستويين الرسمى والشعبى، معرباً عن تمنيات مصر له ولحكومته بالنجاح، بما يلبى تطلعات الشعب اللبنانى فى تحقيق المزيد من التقدم والأمن والاستقرار.

وثمن رئيس الوزراء اللبنانى العلاقات الأخوية والتضامنية التى تربط الدولتين الشقيقتين، معرباً عن تقدير بلاده لمصر كركيزة أساسية فى دعم وحفظ الاستقرار بالمنطقة العربية ككل، كما أشاد بالتجربة المصرية الملهمة التى تعزز أولويات النجاح التنموى، والتى تعد نموذجاً يُحتذى به فى دول المنطقة.


مواضيع متعلقة