يحيى شاهين يكتب: قصة حياتى

يحيى شاهين يكتب: قصة حياتى
- يحيى شاهين
- فرقة التمثيل
- التمثيل
- رمضان
- رمضان 2019
- مسرحية مروءة ووفاء
- يحيى شاهين
- فرقة التمثيل
- التمثيل
- رمضان
- رمضان 2019
- مسرحية مروءة ووفاء
لقد لعبت الصدفة فى حياتى عدة أدوار وأدخلت عليها عنصر المفاجأة وجعلت منها قصة شائقة الفصول مثيرة الحلقات
دون كاتب الصحة فى مركز إمبابة المعلومات التالية عنى:
الاسم: يحيى يحيى حسن شاهين
الميلاد 28 يوليو سنة 1917
محل الميلاد: ميت عقبة مركز إمبابة
ولا أستطيع أن أضيف شيئاً إلى هذه المعلومات خلال المدة من تاريخ الميلاد حتى سن الخامسة، حين بدأت حياة التلمذة فلم تكن هذه الحياة إلا حياة طفل صغير نشأ فى أسرة متوسطة الحال معقولة الرزق، لا تفكر فى الغد كثيراً إلا بقدر ما تؤمل فى أولادها الصغار الذين سيصبحون رجالاً فى المستقبل، وهى أى الأسرة ساهرة على إعدادهم لهذا المستقبل بقدر ما يسمح به دخلها وإمكانياتها.
مؤهلات!
وفى مدرسة عابدين الابتدائية وجدت فرقة تمثيل تنتظرنى وكان لا يلتحق بها إلا الطلبة الذين أُوتوا الجرأة على الإلقاء بصوت مرتفع فى حصة المطالعة.
كان أستاذنا فى فرقة التمثيل أستاذنا المرحوم بشارة واكيم، وقد قدمنا من العام الأول من اشتراكى فى فرقة التمثيل مسرحية «مروءة ووفاء» وبطلها «النعمان بن المنذر» المشهور فى التاريخ العربى، وفى مسابقة المدارس فازت روايتنا من حيث الأداء بالجائزة الأولى وأخذت بصفتى أبرع الممثلين هدية هى «رباعيات عمر الخيام».
تشجيع!
وتعلقت بالفن منذ ذلك الوقت، وكان تشجيع الأستاذ بشارة واكيم لى يزيدنى ثقة بنفسى وأملاً فى أن أصبح فناناً، ثم التحقت بالمدرسة الثانوية وسارعت إلى فريق التمثيل لأتابع نشاطى الفنى، وفى السنة الثانية الثانوية توفى أبى وكانت أسرتنا كما سبق أن قلت محدودة الرزق والإمكانيات ولم يترك أبى شيئاً كثيراً، لهذا اضطررت أن أترك المدرسة الثانوية بمصاريفها الباهظة وألتحق بالمدرسة الصناعية المجانية، ولم يكن فى المدارس الصناعية فى ذلك الوقت فرق للتمثيل ولهذا أشبعت هوايتى بمشاهدة حفلات المدارس الثانوية وحفلات الفرق الفنية بقدر ما تسمح به مصروفاتى.
موعد مع أدمون تويما
وذهبت إلى الأستاذ عبدالله أباظة لآخذ منه خطاباً لألتحق بوظيفة فى مصانع المحلة الكبرى، ولم أكن راغباً فى هذا التعيين ولكنه كان بناء على إلحاح أسرتى التى لم يرضها أن أتخرج فى المدرسة ولا أكتسب، قابلت عند الأستاذ عبدالله أباظة الفنان القديم أدمون تويما وكان فى ذلك الوقت مديراً لمسرح الفرقة المصرية، ولاحظ أدمون من حديثى مع الأستاذ عبدالله أباظة أننى راغب عن الوظيفة، وأننى فى ضيق لأننى سأغادر القاهرة، وتشاء الصدفة أن نخرج سوياً أنا وأدمون ويتجاذب معى أدمون أطراف الحديث فيعرف أننى أحب الفن، فيضرب لى موعداً لأقابله فى المساء ويسمع المزيد منى عن حبى للفن وهو يتأمل قامتى وإلقائى للعبارات فى إعجاب، فيقدمنى إلى الأستاذ خليل مطران.
أول دور
والتحقت بالفرقة القومية ولم أسافر إلى المحلة الكبرى، وكان هذا أول أدوار الصدفة فى حياتى، ولكنى عينت بلا أجر وتركت الأسرة التى لم ترض عن تصرفى وأخذت نصيبى من الميراث وأنفقته عن آخره.
وكان العمل يجرى فى فيلم «دنانير» فى ذلك الوقت، وكان أدمون حريصاً على أن يفتح لى أبواب العمل أينما استطاع ولهذا قدمنى إلى مخرج الفيلم لأقوم بدور صغير فيه، وتقاضيت جنيهين عن كل يوم من أيام العمل.
كان الدور صغيراً وكان الأجر تافهاً ولكن سعادتى بالدور وبالأجر كانت لا توصف، لأننى أعتبرها فاتحة للمستقبل الذى أنشده وأضعه فى مصاف الأحلام.
كان معى فى الفرقة عشرون هاوياً، ولم نرض عن وضعنا كهواة فتقدمنا بمظلمة نطلب فيها اعتبارنا من المحترفين، وقالت إدارة الفرقة إنها توافق على شرط أن يعقد لنا امتحان.
ونجح فى الامتحان خمسة، هم أنا وحسن إسماعيل ومحمود إسماعيل وشفيق نور الدين وسلامة إلياس، وتحدد لكل منا أجر قدره ثلاثة جنيهات، فى وقت كان مرتب أنور وجدى فيه سبعة جنيهات، وكان أنور مثلنا الأعلى وحاولنا أن نقترب من رقم المثل الأعلى فقدمنا تظلمات أخرى وقفز الأجر من ثلاثة جنيهات إلى خمسة.. وحدثت بعض الخلافات بينى وبين بعض الزملاء فى الفرقة فآثرت أن أتركها والتحقت بفرقة السيدة فاطمة رشدى، وكانت فاطمة تحب القيام برحلات فنية إلى الأقطار الشقيقة، ثم عدنا إلى القاهرة.
إلى فرقة رمسيس
وفى القاهرة قررت السيدة فاطمة رشدى أن تحل الفرقة.. وفى هذه الأثناء كان الأستاذ أدمون تويما قد بدأ العمل مع الأستاذ يوسف وهبى، وسمع الأستاذ أدمون بحل فرقة فاطمة رشدى فقدمنى إلى الأستاذ يوسف وهبى لأشتغل فى فرقة رمسيس.. وكانت فرقة رمسيس تعمل على مسرح برينتانيا، ولكن لم تكن فى أوجها، وكانت كل المسارح فى ذلك الوقت تعانى أزمة ولهذا لم يطل بقائى فى الفرقة، وعندما كونت السيدة فاطمة رشدى فرقة جديدة عام 1937 عدت إليها وبدأنا نشاطنا المسرحى بمسرحية «تحت الضباب» وفى ليلة العرض رآنى الأستاذ خليل مطران فهنأنى ولوح لى بعقد للعمل فى الفرقة القومية، وكان بى حنين لها فوافقت على أن أبدأ العمل بعد مدة معينة كافية لأن ننتهى من مسرحية الافتتاح، وعدت إلى الفرقة القومية بثمانية جنيهات..
سلامة
وظللت أعمل فى المسرح فقط حتى عام 1943، وفى ذلك الوقت بدأ إخراج فيلم «سلامة» ودار البحث عن بطل يقوم بدور «عبدالرحمن القس» أمام أم كلثوم، وكانت أم كلثوم قد رأتنى وأنا أمثل على خشبة المسرح فطلبت إلى المخرج أن يختارنى، ووجدتها فرصة كبرى فتفانيت فى أداء دورى حتى أن توجو مزراحى وقع معى عقداً لبطولة أخرى فى فيلم «المظاهر».
وأذكر أننى ذهبت لأشاهد حفلة العرض الأول لفيلم «سلامة»، وكانت الشركة المنتجة للفيلم قد دعت عدداً كبيراً من كبار الشخصيات ليجلسوا فى المقصورة الأولى مع أم كلثوم، ولم يعدوا مقعداً لأجلس بجوارها بصفتى البطل فاحتججت على هذه المعاملة وهددت بمغادرة دار السينما فتخلى لى الأستاذ حسنى نجيب عن مقعده، وبهذه الطريقة شاهدت حفلة العرض الأولى للفيلم الذى فتح أمامى ميدان العمل فى السينما، وتوالت علىّ أدوار البطولة بعد فيلم «المظاهر» ولكن نجاحى فى السينما لم يغرنى بترك المسرح فقد كانت الفرقة القومية تنتقل من نجاح إلى نجاح.
وبدأت السينما تستولى على جمهور المسرح، ولم يستطع المسرح أن يقف طويلاً أمام المنافس الخطير، ولم يبذل القائمون عليه جهوداً صادقة ليحتفظوا للمسرح بجهوده ومكانته، ومن هنا بدأ أبطال المسرح ينصرفون عنه كما انصرف الجمهور عنه من قبل، وحرصت على أن أظل موالياً للمسرح أستاذى الأكبر حتى اضطررت إلى التفرغ للعمل فى السينما.
الكواكب 1954