أجهزة الكمبيوتر المستعملة خطر بيئى يتخلص منه الأوروبيون ويشتريه المصريون

كتب: هبة صبيح

أجهزة الكمبيوتر المستعملة خطر بيئى يتخلص منه الأوروبيون ويشتريه المصريون

أجهزة الكمبيوتر المستعملة خطر بيئى يتخلص منه الأوروبيون ويشتريه المصريون

«النفايات الإلكترونية»، مسمى يُطلق على الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المستعملة، التى غزت مؤخراً الأسواق المصرية، وبالتحديد مدينة بورسعيد، لرُخص ثمنها وجودتها العالية، وغالباً ما يجرى استيرادها من الدول الأجنبية، رغم احتوائها على مواد سامة، مثل الرصاص والزئبق والزرنيخ، تتسرّب إلى الموارد الطبيعية، مثل الأنهار والتربة والهواء، ورغم خطرها الكبير على البيئة وصحة الإنسان، فإن استيرادها يجرى عبر الموانئ الرسمية بشكل قانونى، ويُقبل المواطنون على شرائها لرُخص سعرها، مقارنة بالأجهزة الجديدة، وجودتها العالية.

لا تقتصر النفايات الإلكترونية على الهواتف النقالة وأجهزة الكمبيوتر وأجزائها فحسب، وإنما تضم الأجهزة اللوحية والبطاريات والأجهزة الكهربائية والمنزلية المختلفة مثل التليفزيونات، وأجهزة المطبخ والميكروويف، وأجهزة الطباعة وماكينات التصوير والكاميرات.

المستوردون يتلاعبون بتواريخ الإنتاج للتحايل على القانون وإدخالها برسم وارد عبر الموانئ الرسمية

حسين عبدالرحمن، موزع أجهزة كمبيوتر فى بورسعيد، قال إن «الأجهزة الإلكترونية المستعملة، خاصة الكمبيوتر ومستلزماته يُقبل عليها الزبون، مقارنة بالجديد، لرخص سعرها، حيث تصل إلى نصف أو أقل من النصف لثمن الجديد، وجودتها عالية تعمّر مع المستهلك وإمكانياتها أعلى من الجديد».

وأكد أن أجهزة إلكترونية مثل «اللاب توب»، الجديدة المستوردة، تدخل الأسواق المصرية بشهادة ضمان 11 شهراً فقط، ويمكن أن تظل لدى البائع مدة أطول من مدة الضمان دون بيعها ويتحمّل هو الخسارة، وأقصى عمر لها 3 أو أربع سنوات بسعر عالٍ، بينما اللاب توب المستعمل لا يتعدى ثمنه نصف سعر الجديد، 3000 جنيه مثلا، ودون ضمان ويعيش على الأقل 4 سنوات فأكثر، وجودته وإمكانياته عالية، نظراً لكونها أجهزة مصنوعة للسوق الأوروبية. وأشار «حسين» إلى أن شاشات الكمبيوتر تراجع استهلاكها فى الأسواق بعد انتشار الهواتف المحمولة واللاب توب، ولم تعد مطلوبة إلا فى المؤسسات والشركات، إلى جانب كاميرات المراقبة التى يستخدمها المواطنون كشاشات تلفاز، وتتراوح أسعارها من 600 إلى 1500 جنيه.

محمد عثمان، تاجر أجهزة كمبيوتر مستعملة بحى الشرق، أوضح أنه يشترى البضاعة من مستوردين فى القاهرة والإسكندرية والمنصورة، حيث يتمكنون من إدخال الأجهزة المستعملة للبلاد بنظام رسم الوارد من الاتحاد الأوروبى، وليس المنطقة الحرة، أى أنه لا تستورد ببورسعيد، كما أن المنافذ الجمركية تمنع خروج الحاويات إلا برسوم جمركية تزيد ثمنها، فلا يقبل عليها المستورد، بالإضافة إلى أن عدد السكان فى المحافظة قليل، لا يتحمّل حجم الحاويات المستوردة، كما أن استيرادها ليس من أوروبا مباشرة، بل يجرى نقلها إلى دبى، ومنها تستورد إلى مصر، وكلها يشترط ألا يمر عليها 5 سنوات، طبقاً للقانون.

«لا توجد أجهزة موبايل مستعملة، لأن سعر الجديد قريب من المستعمل وفى متناول الجميع، فضلاً عن أن أجهزة الموبايل المستعملة تدخل عن طريق التهريب داخل قطع غيار السيارات، فيجرى دسّها فى أبواب السيارات، ولا يكشف عنها ويوزّعها المستورد على معارفه، وليس فى السوق»، قالها «عثمان»، مشيراً إلى أن جمارك بورسعيد أعلنت منذ فترة عن مزاد لبيع أجهزة لاب توب وكمبيوتر ومستلزماتها بنظام «لوطات» جرى مصادرتها فى الجمارك منذ 15 سنة، ومع ذلك اشتراها علناً بعض المستوردين، ووزّعوها فى بورسعيد وخارجها.

وقال سيد حواس، تاجر أجهزة إلكترونية مستعمَلة، إن تلك الأجهزة تسجل مبيعات عالية فى السوق المصرية، خاصة أجهزة الكمبيوتر واللاب توب والشاشات الإلكترونية، لرُخص ثمنها، مقارنة بالأجهزة الجديدة التى تشكل 5 أضعاف سعر المستعمل، ويتزايد سعرها بشكل جنونى، وأغلب بائعى الأجهزة الإلكترونية يلجأون للمستعمل.

تاجر: "رخيصة السعر وجودتها عالية وعمرها طويل وعليها إقبال كبير من قِبَل المواطنين"

وأضاف أن الأجهزة القديمة والمستعملة تحقق مبيعات أكثر من الجديد: «أبيع 9 أجهزة مستعمَلة فى مقابل جهاز واحد جديد، ولم يصادفنى حتى الآن عطل فى هذه الأجهزة، فنادراً ما تأتى الأجهزة المستعملة عطلانة، حيث إن استعمال الأجانب للأجهزة ليس مثل المصريين، وأغلبها وارد شركات ومؤسسات حكومية، تقوم بتغيير أجهزتها كل فترة، رغم أنها تعمل بكفاءة، لكنها ثقافة موجودة فى الخارج، فضلاً عن أن الدولة تخفّض الضرائب فى حالة تجديد الأجهزة، وتكون صديقة للبيئة، وبعض الأجهزة تأتى جديدة لم تستعمل فى بلادها، وتم بيعها لانتهاء مدة العمل بها» وأوضح أن جهاز «ورك ستيشن» الذى يستخدمه متخصصون فى كلية الهندسة ويضم برامج معينة للمشروعات الهندسية لا يقل سعره عن 60 ألف جنيه، بينما شراؤه مستعملاً بمبلغ 12 ألف جنيه فقط، والعيب الوحيد فى تلك الأجهزة أن ما يتعطل منه لا يتم تصليحه، لعدم وجود قطع غيار، وإن وُجدت تكون غالية الثمن.

«محمد كمال» قرر شراء جهاز «لاب توب»، مستعمل وارد الخارج، رغم أنه اعتاد على شراء الأجهزة الجديدة التى لا تحتاج إلى صيانة: «سبق أن اشتريت أجهزة إلكترونية جديدة، واكتشفت عيوباً واضحة بها رغم ارتفاع سعرها، وحينها اقترح علىّ صديق أن أجرّب المستعمل، واشتريت شاشة كمبيوتر فى البداية، ووفرت 70% من سعرها، لو اشتريتها جديدة، وهى تعمل حتى الآن، وليس بها أعطال».

جمال عبدالكريم، تاجر أجهزة منزلية مستعملة، أوضح أن الزبائن تُقبل على السلع المستعملة، خاصة وراد ألمانيا وأمريكا واليابان، التى لا يمكن استيرادها جديدة فى السوق المصرية، لأن أسعارها ستكون أعلى من إمكانيات المصريين فالمستوردون يطالبون المصانع فى الصين بخامات وإمكانيات رديئة لبيع السلع بسعر عالٍ فى السوق المصرية، مشيراً إلى أن استيراد الأجهزة المنزلية المستعملة، مثل أغلب السلع المستعملة برسم الوارد لرخص ثمنها وسهولة توزيعها على الجمهورية دون جمارك، وأغلب الأجهزة يشتريها من القاهرة، باستثناء الثلاجات والديب فريزر من المنصورة، كما أن أغلب السلع مر عليها أكثر من 5 سنوات، لكن بعض المستوردين يلعبون فى تاريخ الصلاحية لتدخل البلاد حديثة المنشأ، لافتاً إلى أن سوق الأجهزة المستعملة ينشط فى رمضان، خاصة المكانس الكهربائية، وسعرها يتراوح بين 700 إلى 1200 جنيه، ومفرمة اللحمة والخلاطات والسيشوار من 40 إلى 200 جنيه.

ورفض «سامى غريب»، بائع أجهزة إلكترونية، مسمى «نفايات إلكترونية»، مشيراً إلى أن هذه الأجهزة يجرى استيرادها من دول أوروبية وأمريكية، ولها زبون فى بورسعيد، خاصة المكواة والخلاطات ومجفف الشعر، فيما طالب محمد عوض، حاصل على مؤهل عالٍ، بالحد من استيراد نفايات الأجهزة الإلكترونية لضررها الكبير على البيئة.

من جانب آخر، صرح مصدر مسئول بجمارك بورسعيد بأن الميناء يحظر دخول حاويات النفايات الإلكترونية المخالفة لشرط العمر، وأوضح أنه يرفض الحاويات التى مر على تصنيعها 5 سنوات، طبقاً لقانون مصلحة الجمارك المصرية، وتعتبر نفايات خطرة. وقال إن الحاسبات الآلية هى أكثر النفايات التى تدخل ميناء بورسعيد، وأضاف أن الإدارة المركزية لجمارك بورسعيد، برئاسة يسرى رجب، بالتنسيق مع الإدارة العامة لمكافحة التهرب الجمركى بالمنطقة الشرقية (التزام - عمليات)، وإدارة البحث الجنائى، تمكنت من ضبط محاولة تهريب كمية من شاشات الكمبيوتر المستعملة بعد تزوير تاريخ الصنع، قادمة من أمريكا إلى ميناء غرب بورسعيد ومحظور استيرادها، وذلك بعد مذكرة معلومات مشتركة مقدّمة من الإدارة العامة لمكافحة التهرب الجمركى، باعتزام شركة خاصة إدخال أصناف مخالفة ضمن مشمول البيان الجمركى رقم 5948 لسنة 2019 بمجمع 85 المطور الخارجى بالمستودع العام عدد 1 حاوية 40 قدماً، واردة من أمريكا لصنف أجزاء كمبيوتر.

وتم تشكيل لجنة للكشف، وبمعاينة الحاوية تبين وجود عدد 1213 شاشة كمبيوتر مستعملة مخالفة لشرط سنة الصنع، وعليها ملصق ورقى سهل النزع، ومكتوب سنة صنع مزورة وغير حقيقية، بهدف تضليل رجال الجمارك وإدخال الشحنة المخالفة، وبنزع الملصق تبين وجود سنة الصنع الأصلية والحقيقية، فتمت مصادرتها.

مجدى البنا، عميد كلية العلوم بجامعة بورسعيد، أشار إلى أن النفايات الإلكترونية ناتجة عن سرعة التطور التكنولوجى الذى يعيشه العالم الآن، فكل يوم يوجد جديد فى التكنولوجيا والأجهزة الإلكترونية، والدول الكبرى التى تواكب التطور.


مواضيع متعلقة