«متحف الزجاج».. التائه فى قرية «الحرانية»: لا يعرفه أحد من أهلها

كتب: نهال سليمان

«متحف الزجاج».. التائه فى قرية «الحرانية»: لا يعرفه أحد من أهلها

«متحف الزجاج».. التائه فى قرية «الحرانية»: لا يعرفه أحد من أهلها

يحمل الطريق إلى قرية «الحرانية»، الواقعة بالقرب من أهرامات الجيزة، لافتات إرشادية تدلك على متحفى «نبيل درويش» و«آدم حنين» الخاصين، فى حين يفتقر إلى أى لافتة ترشدك إلى متحف «فن الزجاج والنحت والعجائن المصرية»، الذى أسسه زكريا الخنانى وزوجته عايدة عبدالكريم، وهو المتحف الحكومى الوحيد التابع لوزارة الثقافة.

تجوّلنا فى القرية بحثاً عمن يدلنا على المتحف، خاصة أن صفحته على موقع «قطاع الفنون التشكيلية»، على شبكة الإنترنت، لا تعرض أى معلومات، غير أنها تحيلك إلى موقع إلكترونى آخر باللغة الإنجليزية، عن المتحف، ويبدو أنه الموقع، الذى أنشأه «الخنانى» وزوجته عام 2004، الغريب أننا لم نجد من يدلنا على المتحف، فالغالبية العظمى هنا لا تعرف له طريقاً. وقال بدوى شيحة، مدرس حاسب آلى بمدرسة القرية: «مش عارف متحف الزجاج ده فين، بس ممكن يكون المبنى الغريب اللى فى آخر البلد على الطريق.. يمكن علشان إحنا عايشين هنا وسط المتاحف دى مش حاسين بقيمتها ومش مهتمين».

وقالت شيماء فؤاد، معلمة بمدرسة القرية: «أنا مقصرة فى التعرّف على متاحف الحرانية، ولم أزرها من قبل، لكن المدرسة طول الـ10 سنوات الماضية لم تنظم إلا رحلة أو اثنتين لتلك المتاحف»، ولم تأتِ إجابات أغلب من سألناهم مخالفة، الغالبية العظمى هنا لا تعرف شيئاً عن متحف «الزجاج»، الواقع على شاطئ ترعة المريوطية، فى الجهة المقابلة لفندق «كاتاراكت»، داخل فيلا زكريا الخنانى، الذى تغطى مدخله لافتة إعلانية كبيرة لشركة «الريف العربى»، فتخفى اللافتة الصغيرة المنحوت عليها اسمه واسم مؤسسه، وهو ما يفسر لماذا لا يعرف أبناء القرية مكانه، رغم أنهم يمرون يومياً عليه.

"عزيزة": كل الناس بتفتكرنا مقر الشركة المجاورة.. والزيارات تراجعت منذ وفاة مؤسسته

«الجميع يعتقد أن هنا مقر الشركة، التى أعلنت عن نفسها بلافتة ضخمة معلقة على عمود الإنارة أمام المبنى»، حسب عزيزة رياض، أمينة المتحف، مؤكدة «ناس كتير بتيجى تفتكرنا الريف العربى»، سألناها لماذا لا تعلقون لافتة كبيرة باسم المتحف، فأجابت «إجراء أمنى والسبب الثانى، إن لسه فيه إجراءات نقل ملكية».

فى جولة غزيرة بالمعلومات، تقف «عزيزة» أمام كل قطعة تحكى طريقة صناعتها وما ترمز إليه وقد تزيد على ذلك بتعريفك بوقت صناعتها، حيث إن «عزيزة» عملت بالمتحف أثناء إقامة الدكتورة عايدة بالمنزل الملحق بقاعتى عرض لأبرز أعمال رواد النحت على الزجاج وتشكيله: «جيت المتحف علشان أتعلم من الفنانة، لأنى خريجة فنون جميلة، وباحب شغلها وإبداعاتها هى والدكتور زكريا.. ده غير إن فيه ورش عمل كانت بتقدمها عايدة، ولحد دلوقتى حريصين نقدمها فى مقر الورش الملحق بالمعرض، وبيشرح فيها تلميذ الدكتورة اللى تقريباً الوحيد اللى بيعرف يتعامل مع الزجاج بطريقتهم اللى اكتشفها زكريا.. الدكتورة عايدة كانت خايفة أن طريقة زوجها تندثر، وبعد وفاته اشتغلت بيها بجانب نحتها على الخزف والعجائن لحد ما ماتت من 3 سنين وعملت مكان خاص باستضافة الأجانب والهواة والطلبة من الأقاليم أثناء الورش».

وتابعت أمينة المتحف أنه كان يستقبل زواراً كثيرين فى حياة عايدة عبدالكريم من سياح وطلبة وأساتذة فنون، رغبة فى الاستفادة من علمها والتعرّف عليها، و«عزيزة» نفسها أحبت العمل فى المتحف لنفس السبب، إلا أنه فى الفترة الأخيرة وبعد تأثر السياحة قل عدد الزوار بشكل كبير، ليستبدلوا ذلك بحرصهم على استقدام المدارس ودور رعاية الأيتام وذوى الاحتياجات فى رحلة لمدة يوم تتخللها ورش فنية متنوعة، بغرض التعريف بالفن وإيجاد قاعدة شعبية له ولتحقيق رؤية وهدف الفنانين الراحلين فى استمرار طريقتهم باستخدام تكنيكات وخامات معيّنة مكّنت من إبداع تحف فنية متعدّدة الأشكال والأحجام، باستخدام الزجاج المنصهر «وهى قطع زجاج عادية زى ألواح الشبابيك.. ولأنهم كانوا رواد فى فنهم، فيه متاحف أجنبية بتعرض أعمالهم زى فرنسا ودول عربية»، على حد وصف عزيزة رياض، التى لم تخلُ تعبيرات وجهها وكلماتها طوال الجولة من الانبهار والتقدير لكل قطعة نمر بالقرب منها، فالزجاج فى حد ذاته كما وصفه «الخنانى»: «مادة جذابة وساحرة، لها سحر وعمق وشفافية، صعبة المراس، شديدة الحساسية، لا يُقبل عليها إلا من شغف بها وتحمل الصعاب فى سبيل تشكيلها».


مواضيع متعلقة