محامى الرئيس التونسى الأسبق: زين العابدين بن على سيعود بضمانات فى اللحظة السياسية المناسبة.. ولن يلعب دوراً جديداً

كتب: محمد حسن عامر

محامى الرئيس التونسى الأسبق: زين العابدين بن على سيعود بضمانات فى اللحظة السياسية المناسبة.. ولن يلعب دوراً جديداً

محامى الرئيس التونسى الأسبق: زين العابدين بن على سيعود بضمانات فى اللحظة السياسية المناسبة.. ولن يلعب دوراً جديداً

يخطئ من يظن أن حقبة الرئيس التونسى الأسبق زين العابدين بن على ولت وانتهت بالكامل بعد ثورة 14 يناير 2011 ضمن ما سمى بـ«الربيع العربى»، فلا يزال الرجل جزءاً من المشهد رغم وجوده خارج البلاد، وقبل أيام قليلة خرج برسالة يؤكد فيها أنه سيعود إلى تونس، نشرها عبر محاميه منير بن صالحة.

«الوطن» حاورت «بن صالحة» عبر الهاتف، فأكد أن الرئيس التونسى الأسبق سيعود وفق ضمانات تكون الدولة التونسية شريكاً فيها، وحين تأتى اللحظة السياسية المناسبة، وبحسب «بن صالحة» فإن أغلبية الشعب التونسى يحن لعهد «بن على»، نتيجة تردى الأوضاع الأمنية والاقتصادية، بل يرحبون بعودته معززاً مكرماً، على حد قوله.

المحامى انتقد ما وصفه بـ«التشفى والانتقام»، داعياً إلى مصالحة وطنية، مؤكداً أن كل الأحكام التى صدرت بحق «بن على» غيابية يمكن الطعن عليها وإسقاطها.. إلى نص الحوار.

رسالة «زين العابدين» جاءت لتؤكد رفضه استغلال اسمه.. وأنه بصحة جيدة ويتابع الأحداث

لماذا أتت رسالة «بن على» التى نشرتها؟ وما سر توقيتها؟

- على كل حال الرئيس بن على قرر الخروج عن صمته للمرة الثانية، لأنه فى مناسبة أولى فى عام 2016 كان قد وجه رسالة إلى الشعب التونسى عن طريقى أنا بصفتى محاميه، ثم توقف عن التصريح، وهذه المرة أعاد مخاطبة الشعب التونسى عندما تداول بعض السياسيين حديثاً مفاده أنه قد عجز عن الحركة وأنه يحتضر وفى غيبوبة وأنه وضع وصاياه الأخيرة بأن يدفن فى أرض الحجاز، وأنه قال إن تونس ليست وطناً يستحق أن يبقى فيه العظام، كل هذا الحديث جاء على لسان سياسيين تونسيين، ما أدى إلى استياء الرئيس واستياء عائلته، فأراد إرسال رسالة طمأنة للشعب التونسى أنه بخير وأن الله يمن عليه بموفور الصحة والسلامة وأنه لا يعانى من أى مرض.

 

سياسيون نعتوا الرئيس الأسبق فى 2011 بـ"المخلوع والمجرم".. والآن هم أنفسهم يصفونه بـ"رمز الوطنية" ويدعمون عودته إلى البلاد

ما أهم ما تضمنته الرسالة برأيك؟

- طلب من السياسيين أن يكفوا عن استغلال اسمه، فقد تلاحظ بعد أحداث ثورة 14 يناير 2011 أن هناك سياسيين استغلوا اسم الرئيس الأسبق «بن على» استخداماً سلبياً بوصفه بـ«المخلوع» و«المجرم» و«بائع المخدرات»، فى إشارة وكأنه هو «الشر المطلق» فى محاولة منهم لاستمالة الآراء آنذاك، وكسب الأصوات والرأى العام، لكن بعد 8 سنوات الشارع التونسى تغير.

إذن كيف برأيك تغير الشارع التونسى كما تقول؟

- أغلب التونسيين يحنون إلى عهد «بن على»، بسبب تردى الوضع الاقتصادى فى البلاد، وتردى الوضع الأمنى، ونفس هؤلاء السياسيين أعادوا استغلال «بن على» استغلالاً سياسياً، فقالوا إنه رجل عظيم وإنه جنرال وإنه يستحق العودة إلى بلده، وإنه رمز الوطنية، وإنه لا يوجد شىء يمنعه من العودة إلى بلده، فلاحظ الرئيس أن الأشخاص الذين كانوا يسبونه هم أنفسهم الآن يمدحونه، وهذا لا يعدو إلا أن يكون مناورة سياسية ومحاولة للاستغلال والتوظيف السياسى.

ولهذا خرج «بن على» بهذه الرسالة كما قلت؟

- نعم خرج برسالته لكى يؤكد أنه لا يطلب من أحد أن يستغل اسمه سياسياً ولا يقبل ذلك، وأن يؤكد أنه بصحة جيدة، وأن الوحيد الذى يتكلم باسمه هو أنا محاميه، وهذه الرسالة أكد فيها أنه يتابع ما يحدث فى تونس، وأكد أن الأمل لا يزال موجوداً فى تونس للتغلب على الصعاب، وما يحسب فى هذه الرسالة أن «بن على» لم يستهدف جهة معينة ولم يوجه اتهاماً لشخص معين باسمه، بل كان محكوماً بمبادئ الوطنية والحياد، فجاء بهذه الرسالة الجامعة لكل التونسيين.

لكن «بن على» قال إنه سيعود إلى تونس وهو أمر مختلف فى الرسالة، ما دلالة ذلك وتأكيد أنه سيعود إلى بلده؟

- «بن على» فى هذه الرسالة لم يفسر طريقة العودة وآليات العودة ولا توقيت العودة إلى تونس، وبأى ضمانات سوف يعود ووفق أى طريقة سيعود وما وجهته، كل هذا لم يحدده الرئيس الأسبق فى الرسالة، هو قال إنه سيعود بحول الله.

 

قضينا 8 سنوات من التشفى والانتقام ولم نصل إلى شىء.. والمصالحة الوطنية باتت ضرورة

 

أنت محاميه ورجل قانون، ما تصورك بشأن مسألة عودة «بن على» مرة أخرى إلى تونس؟

- بخبرتى المتواضعة كمحام، فإن هذه العودة لا يمكن أن تكون مفاجئة أو مباغتة، وإنما لا بد أن تكون عودة وفق ضمانات، وتشارك فيها الدولة التونسية، وتهيئ لها الضمانات، وتكون الدولة التونسية هى الضامن لهذه العودة، بما لدى الدولة التونسية من سيادة وصلاحيات تجعلها قادرة على أن تساهم وتسهل لهذه العودة بعيداً عن التشفى والانتقام ولطى صفحة الماضى، لأن المصالحة الوطنية باتت أمراً لا بد منه، جربنا على مدار 8 سنوات التشفى والانتقام، ولم نصل إلى شىء، ويبدو أن المصالحة الوطنية باتت أمراً ضرورياً لطى صفحة الماضى وعدم تعميق الجراح ولملمة الجراح وأيضاً لم الصفوف بين الفرقاء السياسيين، إذا بقينا فى المحاسبة، فالمحاسبة لا تنتهى، والمصالحة تحدث فى لحظة سياسية محددة، المصالحة لحظة سياسية والمحاسبة مسار، وبالتالى نختار اللحظة ونطوى صفحة الماضى ونتقدم إلى الأمام، خير من الدخول إلى أمور لا يعلمها إلا الله، 8 سنوات أهدرنا فيها العديد من الأموال، وأهدرنا فيها الطاقات العديدة ولم نصل فيها إلى شىء، تونس وصلت إلى مرحلة من التأزم الاقتصادى، وهناك اليوم تحديات أهم بكثير من محاسبة النظام السابق أو من سبقه، نظام البايات أو نظام بورقيبة، اليوم صار أهم من الأمس.

لكن الرئيس الأسبق لا يزال تلاحقه كثير من القضايا القانونية والأحكام، أليس كذلك؟

- هى كلها أحكام غيابية، اتخذت فى غيابه وهو فى المملكة العربية السعودية، والحكم الغيابى فى نظر فقهاء القانون لا يعتبر حكماً، لأن المتهم لم يحضر ولم يدافع عن نفسه، هذا من الجهة الأولى، ومن الجهة الثانية، فإن الأحكام الغيابية دائماً قابلة للنقض وبحضور الشخص تنتهى هذه الأحكام بمجرد الطعن عليها، تمحى آثارها وكأنها لم تصدر يوماً.

هل هذا يعنى أن هذه الأحكام ليست عائقاً أمام عودته؟

- هذه الأحكام ليست عائقاً أمام عودته قانونياً من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن هذه الأحكام كلها أحكام سياسية حضرت فى لحظة سياسية معينة تحت وطأة الشارع آنذاك وتحت وطأة الزخم الثورى، وتحت صراخ الثوار آنذلك، المحاكم أصدرت هذه الأحكام ترضية للشارع، فى فترة كانت الدولة مهددة فيها بحرب أهلية، وبالتالى كان من الواجب إسقاط هذا الشارع الغاضب بأحكام من الممكن أن يكون لها تفسيرات سياسية وتبريرات سياسية.

وبالتالى كيف يمكن أن تكون عودة «بن على» فى ضوء ما قلته؟

- كما قلت لك إن «بن على» عندما يعود يجب أن يعود كمواطن عادى يطعن على هذه الأحكام، ولا بد أن تكون عودة بضمانات الدولة التونسية، وتتدخل فيها الدولة التونسية، فى 14 يناير 2011 عندما حصلت الثورة كان عندنا عديد من المعارضين خارج تونس على غرار نشطاء حركة النهضة وبعض النشطاء السياسيين، وكان كل هؤلاء محكومين بأحكام غيابية بالسجن والسجن المؤبد، لكنهم عادوا بعد 14 يناير دون محو هذه الأحكام ودخلوا إلى تونس ولم يتم إيقافهم أو تتم حتى مساءلتهم، وصدر عفو تشريعى عام فى حقهم وأن هذه الأحكام انتهت، لأنه كانت هناك لحظة سياسية ملائمة لعودة هؤلاء.

وهل آنت اللحظة السياسية لعودة «بن على»؟

- هذا هو السؤال المحورى اليوم، هل اللحظة السياسية ملائمة أم لا؟ لو اللحظة السياسية ملائمة لعودة «بن على» سوف تمحى هذه الأحكام وتتبخر، وإذا كانت اللحظة السياسية غير ملائمة فلا يزال النسق والزخم الثورى متطوراً، ولا يزال خطاب الحقد موجوداً، فى هذه الحالة أقول لك إن اللحظة السياسية غير مناسبة، وإن عودة «بن على» ليست فى طريقها. «بن على» لن يعود إلا إذا تغيرت اللحظة السياسية وخرجنا من منطق الحقد والتشفى، ودخلنا فى منطق الحكمة والتروى وطى صفحة الماضى، لا بد من انتظار تغير اللحظة السياسية، مثلما غيرت 14 يناير 2011 اللحظة السياسية، فإن اللحظة السياسية يمكن أن تتغير فى 2019 ويمكن أن تتغير فى 2020.

منير بن صالحة لـ"الوطن": أغلب التونسيين يحنون إلى عهده.. والأحكام ضده مسيسة وغيابية.. وصدرت «ترضية للشارع»

ماذا عن الشارع التونسى نفسه فى هذا السياق بعيداً عن السياسيين؟

- ما نلاحظه فى الشعب التونسى أن جانباً كبيراً جداً يتحدث عن عهد «بن على» ويحن إليه، ويقولون إنه لو عاد «بن على» فسيكون معززاً مكرماً، هذا ما يقوله المواطن البسيط، لكن تعلمون جيداً أن الأغلبية الصامتة أقل سطوة ونفوذاً وقوة من الأقلية الناشطة، وبالتالى ننتظر موقف الأقلية الناشطة التى تحرك المشهد السياسى، الأغلبية الصامتة من رجال ونساء وعجائز كلهم لا يرون مانعاً فى عودة «بن على»، لكن المشكلة فى الأقلية الناشطة، المشكلة فى الأقلية الممسكة بتلابيب السياسة فى تونس من معارضة وجمعيات، هل هى مع رجوعه أم لا، هذا هو المحدد لعودة الرئيس الأسبق مرة أخرى إلى بلاده.

لكن إذا أتت اللحظة السياسية المنشودة وتمكن الرئيس «بن على» من العودة، ماذا عن مستقبله السياسى؟

- لا أظن أنه سينخرط فى العمل السياسى، «بن على» كان يقول لى دوماً إنه لا يريد أن يلعب دوراً سياسياً فى تونس مستقبلاً، وفى الرسالة الأخيرة قال إنه قد لعب دوره فى السياسة وتقلد المسئوليات.


مواضيع متعلقة