بالفيديو| «الوطن » على محور «روض الفرج»: المشروع اختصر وقت التنقل بين المدن

كتب: أحمد عصر

بالفيديو| «الوطن » على محور «روض الفرج»: المشروع اختصر وقت التنقل بين المدن

بالفيديو| «الوطن » على محور «روض الفرج»: المشروع اختصر وقت التنقل بين المدن

لافتة زرقاء، وضعت أخيراً، على طريق كورنيش النيل فى الجهة المقابلة من أبراج أغاخان بميدان الخلفاوى فى شبرا، مكتوب عليها بخط واضح وبسهم يشير إلى اليسار: «الطريق الدائرى، طريق الإسكندرية الصحراوى، محور الضبعة»، لتدل المارة على هذا المدخل الذى تم افتتاحه أمس الأول لمحور روض الفرج، الذى يعد واحداً من أهم مشروعات الطرق التى عملت عليها مصر خلال الأعوام القليلة الماضية، انتقلت «الوطن» إلى هناك بعد افتتاحه، ترصد ردود فعل المواطنين وتأخذ جولة على المحور فى محاولة للوقوف على أهميته من حيث تنقل المواطنين عليه بصورة أسرع مما كانت عليه من قبل.

المسافة من "تحيا مصر" إلى "الإسكندرية الصحراوى" 15 دقيقة فقط

على بعد أمتار من هذه اللافتة كان كوبرى «تحيا مصر»، ذلك الكوبرى المعلق فوق مياه نهر النيل، يقطعها إلى الناحية الأخرى منه، والذى حقق رقماً قياسياً من حيث كونه أصبح الكوبرى المعلق الأعرض فى العالم، بحسب ما تم إعلانه من قبَل الهيئات الحكومية المختصة والشركة المنفذة للمشروع. بداية الكوبرى كانت مفترقاً لعدة مخارج للمحور، تأخذ المواطنين إلى أماكن متفرقة فى أنحاء العاصمة، فهناك مخرج للمتجهين إلى كورنيش النيل ووسط المدينة وكوبرى 15 مايو، وثانٍ إلى شارع شبرا وميدان الخلفاوى، وثالث إلى القاهرة الجديدة ومدينة نصر وميدان العباسية، ورغم وجود لافتات توضح هذه الاتجاهات إلا أن عدداً قليلاً من السيارات التى كانت تمر من فوق الكوبرى انهال أصحابها بالأسئلة على العمال الذين ما زالوا موجودين بالمشروع يضعون بعض اللمسات الأخيرة له.

من بين هؤلاء العمال كان الأربعينى سيد الوناش، هكذا عرّف نفسه، قبل أن يترك مكانه الذى كان يقف فيه إلى جوار لافتة الافتتاح يلتقط بعض الصور، وعلى وجهه ابتسامة كانت توحى بالفخر مما فعله ومن معه من عمال رفعوا هذا الكوبرى بأياديهم على مدار أعوام مضت، حتى انتهى العمل فيه بصورة نهائية ولم يبق فيه سوى «اللمسات الأخيرة» على حد تعبيره.

سيل من الأسئلة وجهها مواطنون، اتخذوا محور روض الفرج طريقاً لهم بعد افتتاحه، إلى «سيد» كانت معظمها حول الاتجاهات التى يريدون الذهاب إليها، ويعبر عن ذلك قائلاً: «الناس اللى بتعدى عليا لسه الموضوع مش واضح بالنسبة ليهم، فدايماً يكون فيه أسئلة عن الطرق اللى همّا عايزين يروحوها، رغم إن اليفط موجودة»، لم يكن السؤال وحده هو ما يلفت انتباه «سيد» للمواطنين المارين من أمامه، وإنما كان شيئاً آخر: «الناس وهى بتسألنى بكون حاسس إنهم مبسوطين، لأنه هيريحهم كتير أوى».

أحد عمال المشروع: "الناس اللى بتعدى على المحور لسه مش عارفة مزاياه.. ودايماً يسألوا عن الطرق اللى عايزين يروحوها"

لم يكن «سيد» وحده من العمال الذى ترك ما فى يديه وجاء إلى مقدمة الكوبرى لالتقاط بعض الصور التذكارية لهذا المشروع الذى سيودعه قريباً، فكان أيضاً محمد عمر، صاحب الـ32 عاماً، قضى فى هذا المشروع عاماً كاملاً قبل افتتاحه يعمل سائقاً لأحد الأوناش، تحدث عن صعوبة العمل فى هذا المشروع «المختلف» بالنسبة له، وحبه للعمل به فى الوقت نفسه، وشعوره بما حققه من «إنجاز» عندما بدأ الاستخدام الفعلى للكوبرى على أرض الواقع، فضلاً عن «خبرة كبيرة» اكتسبها على مدار هذا العام، ولم يكن يعلم عنها شيئاً، على حد قوله: «أول مرة كنا نشتغل فى موضوع الكابلات ده، والواحد اتعلم كتير».

حالة من المرح بدت واضحة بين «سيد» و«عمر» تخللتها ضحكات أثناء التقاطهما لبعض الصور بعد أن أنهيا حديثهما معنا، وما هى إلا دقائق قليلة، حتى بدأت حالة من البهجة تعم الكوبرى رغم حرارة شمس نهار رمضان، فلم يعد العمال وحدهم من يلتقطون الصور التذكارية، وإنما تحول المشهد إلى صورة عامة، أخذ يكررها كل مرتادى الكوبرى معاً، وكأنهم يشجعون بعضهم البعض، فأحدهم يقف على بعد عشرات الأمتار يتدلى من سيارته بصحبة زوجته وظهرهما لمياه النيل آخذين بعض الصور لهذا المنظر الجديد، وفى ناحية أخرى مجموعة من الشباب علت ضحكاتهم بعد أن تركوا سيارتهم فى أحد أركان الكوبرى وأخذوا يصورون بعضهم البعض، وغيرهم الكثير.

فى منتصف الكوبرى من بدايته، كان يقف الثلاثينى محمد مسعود وحيداً، قبل أن يرفع هاتفه المحمول بيده إلى أعلى، لالتقاط «سيلفى» مع الكوبرى من خلفه، وعلى وجهه ابتسامة لم تفارقه على مدار الدقائق التى قضاها فى مكانه، ونظرات دهشة وإعجاب كان يتلفت بها عن يمينه ويساره متأملاً هذا المشروع الذى أعجبه كثيراً، على حد قوله: «رغم إنى مش هستخدم المحور ده كتير بس هو هيوفر وقت كتير لناس غيرى».

"مسعود": "بتنقل من فيصل إلى شبرا يومياً بالموتوسيكل علشان الشغل.. والمحور هيوفر لى وقت كتير".. وسيد "الوناش": "أول مرة أشتغل فى الكابلات كان خلال عملى فى المشروع.. واتعلمت منه كتير"

يسكن «مسعود» فى منطقة فيصل بمحافظة الجيزة، ويعمل فى مختبر تحاليل طبية فى شبرا، ويقطع هذه المسافة غالبية أيام الأسبوع بدراجته النارية، التى نزل عنها قبل حديثه معنا لالتقاط مجموعة من الصور اعتبرها «ذكرى مهمة» لا يجب عليه أن يفوتها، خاصة أنه، بحكم عمله، كان يمر على الكوبرى طوال فترة إنشائه: «سعيد جداً باللى تم ده وحاسس إنى جزء منه، لأنى كنت دايماً باخد صور للكوبرى من قبل ما يكتمل عشان بعدّى من هنا كتير».

حالة البهجة على كوبرى «تحيا مصر» المعلق ازدادت شيئاً فشيئاً، لا سيما بعد أن جاء بعض سكان المناطق المجاورة إليه لرؤية هذا المشروع، الذى كان يكبر أمام أعينهم يوماً بعد آخر، وهو فى صورته الأخيرة بعدما أصبح جاهزاً للاستخدام رسمياً: «ماكناش مصدقين، إحنا بنحلم بالكوبرى ده من زمان، ولما عرفنا إنهم افتتحوه طلعنا مخصوص نبص عليه» يقولها محمد مهدى، صاحب الـ35 عاماً، من سكان منطقة الخلفاوى، بعد أن انتهى لتوه من التقاط صورة «سيلفى» مع بعض أقاربه.

"مهدى": "كنت بحتاج 30 دقيقة عشان أروح وسط البلد من الخلفاوى.. دلوقتى بعدّى الزحمة فى دقيقتين وأوصل أول زايد فى 10 دقايق"

اختصار الوقت هو أهم ما يميز محور روض الفرج بالنسبة لـ«مهدى»، فقبل إنشاء المحور كان يحتاج منه الانتقال إلى منطقة وسط البلد ما يصل إلى 30 دقيقة، خاصة فى أوقات الذروة، وهو الأمر الذى لم يعد موجوداً الآن، على حد قوله، بعدما قام برحلة من بيته إلى وسط البلد مستخدماً محور روض الفرج طريقاً له: «هيسهل عليا إنى أوصل لوسط البلد جداً، هطلع عليه وهنزل الناحية التانية من الكورنيش، وهبعد بقى عن زحمة شبرا اللى عشان أخرج منها بس للكورنيش باخد نص ساعة دلوقتى خدتها بالكوبرى ده بدقيقتين».

شقيق «مهدى» أيضاً يسكن فى مدينة السادس من أكتوبر، وهى واحدة من أهم المدن التى يخدمها محور روض الفرج، ما اعتبره مهدى «بشرى» لشقيقه، الذى لن يحتاج إلى كثير من الوقت كما كان من قبل من أجل زيارتهم، الأمر الذى جعله يأخذ سيارته هو وشقيقه ويقرران معاً تجربة المحور من أجل قياس المدة التى سيحتاجانها من أجل الوصول إلى مدينة السادس من أكتوبر.

«الوطن» أيضاً قررت السير على محور روض الفرج، فى رحلة إلى طريق «القاهرة - الإسكندرية» الصحراوى، الذى يعد واحداً من أهم الطرق التى يخدمها المحور، للوقوف على الوقت الذى يمكن استغراقه فى ذلك، كانت البداية من كوبرى «تحيا مصر» المعلق بمنطقة المظلات، وبعد نحو كيلومتر منه، كانت بوابات الكارتة، تدفع فيها السيارة الملاكى 20 جنيهاًً من أجل العبور، لتدخل من خلالها إلى طريق مكون من 6 حارات ذهاباً ومثلها إياباً، بين عدد قليل من السيارات التى كان أصحابها فى الغالب يجربون الطريق أيضاً، بدا ذلك واضحاً من نظرات الدهشة للطريق من حولهم، وإشاراتهم لبعضهم البعض بين الحين والآخر لكل جديد يظهر أمامهم. السرعة المقررة للطريق تصل إلى 120 كيلومتراً فى الساعة، حسب اللافتات المحددة للسرعة التى عُلّقت على مسافات متباعدة منه، وفى متوسط سرعة 90 كيلومتراً فى الساعة احتجنا فقط إلى 10 دقائق من أجل الوصول إلى بوابات الكارتة الثانية فى مسافة بلغت نحو 20 كيلومتراً، التى يعبر من خلالها من يريد الذهاب إلى طريق الإسكندرية الصحراوى بعد دفع 10 جنيهات أخرى رسوم دخول الطريق، واحتجنا إلى السير لمسافة بلغت نحو 10 كيلومترات فى وقت لم يتخطَ 5 دقائق حتى وصل بنا الطريق إلى الكيلو 39 من طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوى.

فى الوقت نفسه، تواصلنا مع محمد مهدى، الذى كان قد قرر تجربة الطريق فى اتجاه مدينة 6 أكتوبر، والذى أخبرنا أن المسافة من كوبرى «تحيا مصر» حتى بدايات طريق مدينة الشيخ زايد لم تستغرق منهم أكثر من 15 دقيقة، قرروا بعدها العودة مرة أخرى إلى حيث بدأوا ولكن عبر الطريق الدائرى لمعرفة أماكن الربط بينه وبين محور روض الفرج: «خدت دوران الخلف وقلت أجرب نزلة الدائرى ولقينا نزلة أحمد عرابى قريبة جداً»، كان ذلك كله بالنسبة لـ«مهدى» مفرحاً بصورة كبيرة، ولكن شيئاً واحداً رآه «أزمة» قد تواجهه بعد ذلك، متمثلاً فى ارتفاع سعر الكارتة، ليعبر عن ذلك قائلاً: «المشكلة الوحيدة فى إن الكارتة غالية علينا 20 جنيه رايح وزيهم جاى كتير».

المحور فى سطور

يعد المحور واحداً من أضخم مشروعات الطرق التى تقوم بها مصر فى السنوات الأخيرة.

استغرق إنشاؤه نحو 4 أعوام حتى افتتاحه من قبل الرئيس عبدالفتاح السيسى أمس الأول.

تم إنشاء الكوبرى بأيادٍ مصرية خالصة، وعمل فيه نحو 4 آلاف مهندس وعامل وفنى.

احتاج المحور فى إنشائه إلى مليون متر مكعب من الخرسانة ونحو 290 ألف طن من الحديد.

بلغت تكلفة مشروع محور روض الفرج 5 مليارات جنيه، بينما تقدر المرحلة الثانية منه بحوالى 4 مليارات جنيه.

كوبرى تحيا مصر الملجم، بطول 540 متراً، وعرض 67.3 متر، استحق أن يدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأعرض كوبرى ملجم فى العالم.

يحتوى الكوبرى على ممشى للأفراد على جانبيه، بعرض 4 أمتار، 3 أمتار منها ممشى خرسانى ومتر واحد ممشى زجاجى.


مواضيع متعلقة