اللهم إني صائم.. ميدان العتبة: بضاعة «مش لاقية زباين» ومكبرات الصوت تتحايل على المشترى: «ادخل المحل واتفرج واختار براحتك»
الباعة يحتمون من أشعة الشمس بالمظلات
حركة مستمرة من المارة لا تنقطع داخل الميدان، كانت أهدأ كثيراً عما كانت عليه قبل بداية شهر رمضان الكريم، تزداد تلك الحركة ساعة تلو الأخرى، تبدأ فى الثانية عشرة ظهراً وتصل إلى ذروتها فى الرابعة عصراً بعدما تكون حدة أشعة الشمس قد انكسرت، إلى أن تبدأ مرة أخرى فى الهدوء كلما اقتربنا من ساعة الإفطار، أسباب مختلفة جعلت الوضع أكثر هدوءاً داخل ميدان العتبة بوسط القاهرة الشهير بالتكدس والازدحام، أهمها ارتفاع درجات الحرارة مع ساعات الصيام، بالإضافة إلى امتحانات نهاية العام لغالبية الطلبة فى المراحل التعليمية المختلفة.
«ده آخر سعر؟ ماينفعش يعنى تقلل أكتر من كده؟» قالها رجل أربعينى لأحد البائعين طالباً منه تخفيض سعر أحد الأحذية التى يُريد شراءها لأحد طفليه اللذين اصطحبهما معه لشراء ملابس العيد، مستغلاً تلك الفترة قبل ازدحام الأسواق بالزبائن، يُقلب الرجل الأربعينى قطع الملابس على فرشة أخرى من أجل اقتناص الأفضل والأقل سعراً لأبنائه الصغار.
الكثير من أصحاب فرشات بيع الملابس وغيرها، فضلوا الانتظار لما بعد غروب الشمس، حيث ظلت الكثير من الفرشات الموجودة على الأرصفة وداخل الشوارع الجانبية بالميدان مغلقة، وتمت تغطيتها بأكثر من غطاء من القماش والمشمع مع ربطها بشكل جيد بالحبال، بقيت على هذا الوضع لحين مجىء أصحابها عقب الإفطار وانتهاء ساعات الصيام وهو الوقت المنتظر لإقبال الزبائن على شراء ما يحتاجونه، ولم يكن ذلك الوضع موجوداً قبل الشهر الكريم، حيث كان الجميع يقفون منذ الصباح أو الظهيرة وحتى المساء ويكاد المواطنون يمرون بين الباعة وبضاعتهم بصعوبة، ولكن لشهر رمضان وضع آخر.
«تشكيلة كبيرة.. حريمى ورجالى وأولادى.. مخزون كبير.. جميع المقاسات.. ادخل جوه المحل اتفرج واختار براحتك.. ببلاش ببلاش»، هكذا كان أحد مكبرات الصوت من ضمن العشرات من المكبرات تتداخل أصواتها التى لا تنقطع داخل أروقة ميدان العتبة معاً، والتى يستخدمها الباعة فى جذب انتباه المارة والزبائن إلى بضاعتهم ومنتجاتهم، بعضهم وضع رسائل مسجلة تتكرر من نفسها تلقائياً، وآخرون فضلوا استخدام المكبرات بشكل مباشر مع الزبائن، حيث يقف أحد الشباب على مدخل المحل التجارى ويبدأ فى مناداة المارة كوسيلة أخرى لجذبهم، فيما اختار باعة آخرون أن يعرضوا منتجاتهم بأصواتهم دون استخدام المكبرات مع التصفيق ورفع نبرة الصوت لجذب الانتباه، وعلى الجانب الآخر قام بعض أصحاب المحلات بتشغيل الراديو على إذاعة القرآن الكريم.
فيما احتمى الباعة الجائلون من أشعة الشمس الحارة بالوقوف تحت الشماسى، وارتدى بعضهم أغطية للرأس، وكان الورق وسيلة من وسائل حمايتهم، حيث صنعوا منه غطاء وضعوه فوق رؤوسهم. الوجود الأمنى كان حاضراً داخل ميدان العتبة، حيث انتشر أفراد الشرطة من ضباط ومُجندين بمختلف الشوارع بالميدان يتابعون حركة البيع والشراء.
«حد عاوز صيانة.. يصلح موبايل.. عاوز صيانة يا أستاذ»، جمل تتكرر كثيراً كلما مررت من شارع عبدالعزيز الأشهر فى بيع جميع أنواع الأجهزة الكهربائية والهواتف المحمولة، وكان الوضع داخله أكثر هدوءاً من حيث إقبال المواطنين على شراء تلك النوعية من المنتجات فى نهار الشهر الكريم.
زحام فى مكتب البريد الرئيسى.. والباعة يحتمون من الحر بـ"الشماسى وأغطية الرأس الورقية"
وشهد مكتب بريد القاهرة الرئيسى القائم بميدان العتبة ازدحاماً شديداً، حيث اصطف المواطنون فى طوابير أمام شبابيك الحوالات والحساب الجارى، ولم تسلم الطوابير من المُشادات الكلامية سواء بين المواطنين وبعضهم البعض أو مع موظفى الشبابيك، فيما كان الوضع على النقيض تماماً بسور الأزبكية، وهو المكان الأشهر والأقدم فى بيع الكتب المستعملة بأسعار مُخفضة، حيث ظهر خالياً من الزبائن واكتفى فقط بالمواطنين المارين من خلاله والمغادرين لمحطة مترو الأنفاق.