أبو الغيط: المنطقة العربية تحتاج 50 مليون وظيفة بحلول منتصف القرن

كتب: الوطن

أبو الغيط: المنطقة العربية تحتاج 50 مليون وظيفة بحلول منتصف القرن

أبو الغيط: المنطقة العربية تحتاج 50 مليون وظيفة بحلول منتصف القرن

شارك السفير أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، اليوم، في أعمال منتدى الاقتصاد العربي الـ27، الذي يستضيفه لبنان اليوم، بحضور عربي واسع.

وتوجّه أبو الغيط في مستهل كلمته بالمنتدى، بالشكر والتقدير إلى كل من ساهم في الإعداد للدورة الـ27 لمنتدى الاقتصاد العربي، ليخرج بتلك الصورة المشرفة، ونثمن عاليا روح التعاون والتنسيق المستمر بين جميع الجهات، وقناعتنا بأنّ العمل المشترك هو السبيل الوحيد لإنجاح هذه المنتديات وتحقيق أهدافها بالصورة المرجوة منها، خاصة وأنّ محاور هذه الدورة الـ27 لمنتدى الاقتصاد العربي، تتطرق إلى موضوعات مهمة تتعلق بخطط الإعمار والتحول الاقتصادي في بلدان المنطقة العربية، وفرص الاستثمار والأعمال.

وزاد أمين عام جامعة الدول العربية: "ليس سهلا أنّ ننظر إلى الصورة الكلية للاقتصاد والتنمية في المنطقة العربية، فهذه الصورة متداخلة ومُركبة، وتتضمن من المخاطر ونقاط الضعف بقدر ما تنطوي على الإمكانات وعوامل النجاح والازدهار".

وتابع أبو الغيط: "ثمة محاولات تجري في عددٍ من دول المنطقة، لتحويل الإمكانيات العربية وهي كبيرة وواعدة، إلى معادلة نجاح، والأهم أنّنا نلمس جميعا تصاعد الإدراك لدى الحكومات والشعوب، بأنّ التنمية والنجاح الاقتصادي هما قضية بلادنا وأمتنا في هذا العصر، فمن دون تنمية تأخذ هذه المنطقة إلى أفق جديد من النمو والازدهار، وستظل المجتمعات العربية بعيدة عن الاستقرار الحقيقي، وسيبقى أمننا –بالمعنى الشامل لمفهوم الأمن- مُهددا، والتنمية هي خط الدفاع الحقيقي للحفاظ على تماسك المجتمعات واستقرارها".

وأضاف أمين الجامعة العربية: "ثمة إدراك –ثانيا- بأنّ هذه التنمية ليست وصفة فوقية تُفرض على الناس، وإنّما هي في الأساس تنمية بالناس وللناس، تنمية للإنسان وبالإنسان، وغايتها المنشودة هي الإنسان".

واستطرد أبو الغيط: "هناك اقتناعٌ –ثالثا- بأنّ الشباب هم قلبُ هذه التنمية العربية، هم الإمكانية الحقيقية لهذه المنطقة، إنّ بقيّت معطلة تعطلت مسيرتها، وإنّ تم تحريكها وتحفيزها وإطلاقها، انطلقت المنطقة إلى فضاء الإنجاز والتفوق، العالم العربي شابٌ في معظمه، هذه حقيقة ديموغرافية، لكنّها لا تجد بالضرورة ترجمة لها في الواقع الاقتصادي والتنموي".

وقال أمين الجامعة العربية: "لا زال الشباب العربي طاقة كامنة تنتظر من يوظفها، وأقول إنّ التنمية الحقيقية تُقاس بمدى اتساع الخيارات أمام الناس، وخاصة الشباب بينهم، وكلما اتسعت هذه الخيارات كلما استفاد المجتمع والاقتصاد من أفضل الطاقات والمواهب والعقول، فالمواهب موزعة في العالم بالتساوي، لكنّ الفرص ليست كذلك بالضرورة، لهذا، فإن كفاءة أي منظومة اجتماعية أو اقتصادية، ونجاعة أي سياسة حكومية تُقاس بقدرة هذه المنظومة أو تلك السياسة على توفير القدر الأكبر من الفُرص أمام العدد الأكبر من الشباب المُستحق والمؤهل لها".

وأكد أبو الغيط: "لا يكفي خلق الوظائف، والمنطقة في حاجة إلى نحو 50 مليون وظيفة بحلول منتصف هذا القرن، وإنّما ينبغي خلق الوظائف الملائمة لتعليم الشباب وخبراتهم، ولا يخفى أنّ نسب البطالة ترتفع بشدة في أوساط شباب المتعلمين، وهي ظاهرة لا يمكن أنّ نقف إزاءها مكتوفي الأيدي، ذلك أنّ أبعادها تتجاوز كفاءة الاقتصاد إلى ضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلدان العربية".

واستكمل الأمين العام لجامعة الدول العربية: "الثابت أنّ الاقتصاد الجديد في عصر ما يُعرف بالثورة الصناعية الرابعة، يرتكز في الأساس على الإبداع والابتكار كمولد للقيمة المضافة، وزهرة الابتكار تبلغ أوج تألقها وتفتحها في عشرينيات العمر كما نعلم، وما أكثر هذه الزهور العشرينية في مجتمعاتنا العربية، إنّ أعداد الشباب بالنسبة إلى عدد السكان في أغلب البلدان العربية ربما تفوق مثيلتها في أي مكان آخر على ظهر الأرض، المدن العربية مدنٌ شابة، وبإمكانها أنّ تكون مدنا مبتكرة".

وزاد أبو الغيط: "المجتمعات العربية قادرة على اللحاق بهذه الثورة، إنّ هي أحسنت تجهيز شبابها تعليما وتدريبا، وإنّ هي أتاحت الفرصة أمامهم ووضعت ثقتها فيهم، اقتصاد المستقبل يرتكز على تعليم عصري متصل بالسوق وحاجاته، ويُحفز طاقات الابتكار لدى الناس ويُفجر ينابيع الإبداع عندهم، ويحتاج هذا إلى إصلاحات مؤسسية جوهرية في نظم الاقتصاد العربية من أجل إطلاق المنافسة، وتوفير التمويل للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وجذب الاستثمار في المجالات الإنتاجية التي تُساعد على نقل التكنولوجيا والخبرات، وليس فقط تحقيق الأرباح السريعة، إنّ غايتنا المنشودة هي منتج عربي يحمل قيمة مضافة معتبرة، وقابل للتصدير والمنافسة عالميا، لدينا تجارب لدول كثيرة استطاعت مواجهة هذه التحدي في مدى جيل واحد، ويقيني أنّ دولنا العربية لا تقل في شيء، إنّ لم تزد بإمكاناتها ومقدراتها وطاقات شبابها الواعد".

وتابع أمين الجامعة العربية: "أرصد كذلك إدراكا متزايدا بأهمية تطوير آليات العمل التنموي المشترك على صعيد العالم العربي، ما انعكس في مجموعة القرارات الصادرة عن كل من أعمال القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الرابعة، التي عقدت هنا في العاصمة اللبنانية بيروت في يناير الماضي، وكذا القمة العربية في دورتها العادية الثلاثين بالجمهورية التونسية والمنعقدة بتونس في مارس الماضي، وهما القمتان اللتان صدرت عنهما حزمة من القرارات الاقتصادية والاجتماعية المحورية المرتبطة برفاه المواطن العربي وحياته اليومية".

وقال أبو الغيط: "في هذا الإطار، لا تفوتني الإشارة إلى أنّ استئناف عقد القمم التنموية ضمن منظومة العمل العربي المشترك – بعد ست سنوات من الانقطاع – يأتي تعبيرا قويا لحقيقة أصبحت واضحة، مفادها أنّ الحكومات العربية تدرك أنّ التحديات التي تواجه العالم العربي ذات طبيعة مركبة ومتداخلة، ولا يمكن مواجهتها سوى بصياغة سياسات تمزج بين الأدوات الاقتصادية والبرامج الاجتماعية، جنبا إلى جنب مع أي إجراءات أمنية أو سياسية أو غيرها".

واستطرد أمين الجامعة العربية: "أعتبر أنّ المبادرات والاستراتيجيات التي أقرتها قمة بيروت تمثل رقما مهما في معادلة النجاح الاقتصادي العربي، فعلى سبيل المثال وجهت قمة بيروت بوضع رؤية عربية مشتركة في مجال الاقتصاد الرقمي، إيمانا بأهمية التطور التكنولوجي والمعلوماتي وما أحدثه من تغييرات كبرى في مشهد الاقتصاد العالمي، فضلا عن اعتماد قمة بيروت التنموية للميثاق الاسترشادي لتطوير قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، وذلك إيمانا بالدور الحيوي الذي تلعبه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصادات المتقدمة والنامية على حد سواء، وأتمنى لأعمال هذا المنتدى كل النجاح، وأتطلع إلى التعرف على ملاحظاتكم وتوصياتكم".


مواضيع متعلقة