دفعة التحدى.. طب عين شمس الأولى (1-2)

- تعتبر كلية طب عين شمس من أقوى الكليات فى الشرق الأوسط، وبدأت طب عين شمس سنة 1946 وكان اسمها كلية طب الدمرداش ثم أصبحت تابعة لجامعة إبراهيم باشا التى تحولت إلى جامعة عين شمس بعد ثورة يوليو، التى غيرت كل الأسماء التى تنتمى للملكية، وكأنها تريد حذف جزء هام من تاريخ مصر، لا يعلم أكثرنا شيئاً عن الدفعة الأولى فى طب عين شمس، التى كان من أعضائها الوزير ونقيب الأطباء العبقرى والثائر والمهاجر، والسجين لدى إسرائيل واللواء الحاصل على أكاديميات عسكرية طبية رفيعة، تشكيله رائعة قد لا تتكرر.

- هذه الدفعة هى التى بنت مجد طب عين شمس المستقبلى، وقد بدأت دراستها بثورة شعبية وأنهتها أيضاً بثورة شعبية، لأن عام 1946 كان عاماً متميزاً فى تاريخ مصر، حيث اشتعلت مصر بالمظاهرات رداً على الإنجليز الذين رفضوا استقلال مصر والجلاء عنها واعتبروها جزءاً من الإمبراطورية البريطانية، فشاركت الدفعة فى المظاهرات، كانت أعينهم على الدرس وقلوبهم مع الوطن، وقبل أن يتخرجوا شهدوا ثورة 23 يوليو 1952.

- خرج من هذه الدفعة أول وأشهر جراح قلب فى مصر وهو نقيب الأطباء الأشهر د. حمدى السيد، الذى رفع شعار «الطب ليس مهنة ولكنه رسالة» ومنها د. محمد جابو السودانى الذى أصبح وزيراً فى بلده.

- ومنها تسعة لواءات أطباء بالجيش المصرى كانوا من أوائل من أسسوا الطب فى الجيش، حصل أحدهم وهو اللواء فاروق إبراهيم على زمالة أكاديمية ناصر العسكرية، ووضع خطة التأمين الطبى لحرب أكتوبر، والذى شهدت بتفوقه الأكاديميات الطبية والعسكرية.

- ومنهم د. محسن الدمرداش، أستاذ الغدد الصماء الذى تبرعت والدته «قوت القلوب هانم الدمرداشية» بالأرض والمال لإنشاء الكلية، أما مستشفى الدمرداش فقد أنشأه جده الدمرداش باشا، وقد تبرع د. محسن بالكثير لكتائب تحرير القنال وعاش حياته كلها فى فرنسا.

- ومنهم د. أحمد أبوالنجا، استشارى التخدير، واللواء د. أحمد بيومى السباعى، الذى شارك فى كل معارك مصر وحصل على أركان الحرب من روسيا فى التخطيط الطبى ود. إصلاح الفلكى، أستاذ الباثولوجى، ود. السيد الهوارى، أستاذ جراحة الصدر، ود. أمير ضياء، أستاذ النساء والتوليد الشهير بأمريكا، ود. توفيق سوسة، استشارى الصحة العامة، ود. توفيق فهيم جرجس، أستاذ الأنف والأذن بأمريكا.

- ومنهم د. حيدر عباس، أستاذ الفارماكولوجى ومؤسس طب المنوفية وطب قناة السويس وواضع السياسات الدوائية المصرية الأول ومكتشف عقار البروكسيمول ودواء آخر لعلاج الثلاسيما وأحد مؤسسى جامعة 6 أكتوبر.

- ومنهم د. عبدالخالق ترزاكى، استشارى جراحة القلب، الذى أرسلت ملكة بريطانيا تلغراف تعزية فى وفاته، والذى كان يعد من أمهر جراحى القلب فى زمنه، وفيلسوفاً فى الوقت نفسه، والذى كان يعطى المحتاجين بغير حساب ويكرر «المال مال الله»، وقد زهد فى آخر حياته فى متاع الدنيا بالكلية، وكان يعطى الفقراء والطلبة المحتاجين بغير حساب وكانوا يسمونه «ترزاكى الأمين».

- ومنهم د. عبدالسميع قنديل، الذى كان يطلق عليه «راعى الأيتام والفقراء»، ود. عبدالمنعم أبوسنة، أستاذ الأشعة الذى عمل فى إحدى قرى أبها بالسعودية ففرح قاضى البلدية بقدومه، وقال: إنه سيزوجه ابنته وسيصدر أمراً ملكياً ببقائه بالسعودية مدى الحياة، وله قصص طريفة هناك.

- ود. على خير، الذى أسس معظم أقسام الطب الشرعى فى السعودية، ود. على عبدالفتاح المخزنجى، أستاذ الجلدية وعميد طب عين شمس ووزير الصحة الأسبق، زوج أ. د. سهير شعير. وهو الذى طور الكلية وأزال عشوائيات غرب المحمدى بأعجوبة بعد أن أقنع المسئولين بتحويلها إلى حديقة رائعة عام 1984 وأنشأ مستشفى عين شمس التخصصى ومستشفى النساء ومركز السموم.

- هذه الدفعة هى التى حملت لواء الطب فى مصر مع ما تلاها وما سبقها من دفعات فى طب قصر العينى، فهم سادة الطب فى كل التخصصات، ومنها ما لم يوجد قبل ذلك فى مصر، مثل الطب النفسى وجراحة القلب وغيرهما، سلام على أهل العطاء فى كل زمان.. وللحديث بقية.