قبور اليونانيين «جنة على الأرض».. تماثيل ملائكية ومساحات خضراء

قبور اليونانيين «جنة على الأرض».. تماثيل ملائكية ومساحات خضراء
- مقابر الأجانب
- مقابر الكومنولث
- مقابر اليونانيين
- مقابر الأتراك
- مقابر اليهود
- مقابر
- مقابر الأجانب
- مقابر الكومنولث
- مقابر اليونانيين
- مقابر الأتراك
- مقابر اليهود
- مقابر
مع أول خطوة داخل مقابر اليونانيين، الواقعة بمنطقة الشاطبى، فى محافظة الإسكندرية، ستسكنك حالة من المحبة والسلام، وربما الافتنان بروعة البنيان وجمال النحت، فأول ما يقابلك تماثيل ملائكة ترفرف بأجنحتها وكأنها تُبشر الزائرين بأن الأجساد، التى رقدت تحت التراب، تهنأ الآن بالخلود، وإلى جانبها تمثال امرأة غاية فى الجمال، وبالقرب منها تمثال آخر لرجل يحتضن امرأة وتبدو عليه علامات التعاطف معها وكأنه يواسيها ويؤازرها. تحمل هذه المقابر تاريخ أكثر من 400 سنة، حيث سكن اليونانيون الإسكندرية، واختلطوا بأهلها وصاروا جزءاً منهم، وتشهد على عظمة أبناء هذه الجالية وفنها وإبداعها، وأيضاً حرصهم على ترك إحساس بالراحة فى نفوس كل من يقترب منهم، سواء كانوا أحياءً أو أمواتاً، وتجلى ذلك فى الموعظة التى كتبت على الواجهة لتستقبل الزوار، والتى تقول «هذا الذى ترهب الألباب سطوته ويصدع الذكر منه قلب جلمود.. من لم تفده من الأحياء موعظة يصغى أوعظ من الأموات والدود.. كونوا دائماً مستعدين لئلا يفاجئكم ذلك اليوم وأنتم غافلون».
أنشئت مقابر اليونانيين على قطعة أرض كبيرة، بمنحة من محمد على باشا، وشيدت على أعلى مستوى، بتبرعات أبناء الجالية خاصة الأغنياء، وتزينت بالتماثيل الرخامية، والنقوش البديعة، لتترك انطباعاً عن محبتهم للأرض التى استقبلتهم بعدما هجروا بلادهم.
«أنا وواحد زميلى مسئولين عن المقابر دى من زمان نحرسها وننضفها ونهتم بيها، وبقينا عارفين كتير عن تاريخهم وبنتعامل مع اليونانيين على طول عشان بييجوا زيارات لأهاليهم اللى ماتوا»، هكذا قال صبحى محمد، المعروف بـ«عم صبحى»، حارس المقابر.
صبحى "الحارس": اليونانيون يشبهون المصريين فى طقوس الزيارة.. "وبيحبونا علشان بنحافظ على آثارهم فى مصر"
تنقسم المقابر إلى جزأين؛ الأول يضم أبناء كبار العائلات اليونانية، ومنه جورج أفيروف، الذى نُقلت رفاته إلى أثينا، وكان يُعرف بأنه محب للخير، يوزع أمواله على الفقراء فى مصر واليونان، وبها أيضاً الشاعر اليونانى الشهير، كونستانتينوس بيترو كفافيس، وعلى مقبرته وضع تمثال خاص به يخلد ذكراه، وإلى جانبه يوجد قبر جورج أنطونيادس، وكان واحداً من أشهر أغنياء اليونانيين بمصر، ووهب منزله وحديقته إلى محافظة الإسكندرية.
وفى هذا الجزء يوجد قبر فائق الجمال والروعة، يضم ابنة أحد تجار الخشب حينها، وصمم من الرخام المميز، على شكل فتاة لها وجه ملائكى وأجنحة طويلة، وتضع إصبعها أمام فمها، وكأنها تطلب من زائرى قبرها الصمت لتستمتع بما هى فيه من راحة وطيب عيش.
«المكان هنا شبه القصر أو المتحف، يفتن ما به من جمال، وهذا يجبرنا طول الوقت على الاهتمام به، والحفاظ على طرازه»، وفقاً لـ«عم صبحى»، الذى قال إن الطلاب اليونانيين لا يزالون يأتون لزيارة هذه القبور، ثم الصلاة لموتاهم داخل الكنيسة التى بُنيت داخل المقابر ليصلى فيها الزوار. تحيط بهذه الأضرحة مساحات خضراء كبيرة، تتزين بالزهور والورود المزروعة بعناية ولها ألوان وروائح مختلفة، تترك عطرها ينتشر فى الجو تلقائياً. أما الجزء الثانى من هذه المقابر فهو يضم رفات 100 جندى تقريباً كانوا من بين ضحايا الحرب العالمية الثانية.
وتشبه طقوس زيارة اليونانيين لقبور موتاهم طقوس المصريين إلى حد كبير، حيث يهتمون بتنظيف هذه المقابر بأنفسهم ووضع الورود عليها، و«الاختلاف الوحيد أنهم يضعون صورة المتوفى على المقبرة، وفى اعتقادهم إن ده تقدير له، وعشان اللى يزور يبقى عارف هو بيزور مين وتفضل صورته محفورة فى ذهن الزوار».
ويقول «عم صبحى» إن «بعضاً من أبناء الجالية يأتون على فترات كبيرة للزيارة، ويضعون المياه على القبور، ثم يوقدون الشموع داخل الكنيسة ويدعون للمتوفى، ويرددون بعض الترانيم الخاصة بهم، ويشعلون البخور لتعطير المكان». ويضيف «صبحى» أن الشعب اليونانى كان من أكثر الشعوب تعاوناً وقرباً للشعب المصرى، حيث اختلطوا بنا واندمجوا معنا وشاركونا فى بعض العادات والتقاليد «اليونان بيحبونا أوى عشان بنحافظ على آثارهم ومقابرهم وده بيمثل لهم مكانة كبيرة جداً عشان كده السائح اليونانى لما بييجى مصر لازم يزور المقابر ويشكرنا على الاهتمام بيها».
اقرأ أيضًا:
مقابر الأجانب فى مصر.. «موتة 5 نجوم»
«الكومنولث».. هبة المصريين لتخليد ذكرى ضحايا الحرب العالمية
«مدافن الأتراك».. «اقرا الفاتحة واستمتع بفخامة الطراز»
«مقابر اليهود».. تلال من القمامة تخفى شواهد الموتى.. و«العفونة» تذيب الحجر