صندوق النقد: انخفاض أسعار العقارات إنذار خطر على أداء الاقتصاد العالمى

كتب: رسالة واشنطن: دينا عبدالفتاح

صندوق النقد: انخفاض أسعار العقارات إنذار خطر على أداء الاقتصاد العالمى

صندوق النقد: انخفاض أسعار العقارات إنذار خطر على أداء الاقتصاد العالمى

انطلقت فى العاصمة الأمريكية واشنطن، ثانى أيام اجتماعات الربيع لصندوق النقد ومجموعة البنك الدوليين لعام 2019، أمس الأربعاء، وافتتحت فعاليات اليوم الثانى بلقاء صحفى لمناقشة الاستقرار المالى العالمى، شارك فيه كل من توبياس آدريان، المستشار المالى لصندوق النقد الدولى، ومدير إدارة أسواق النقد ورأس المال بصندوق النقد الدولى، وفابيو ناتالوتشى، نائب مدير إدارة أسواق النقد ورأس المال بصندوق النقد الدولى، وأويا سيلاسون، رئيسة قسم بإدارة البحوث، بصندوق النقد الدولى، وجنيفر بيكمان، مسئول شئون صحفية أول، بصندوق النقد الدولى.

وأعلنت كريستين لاجارد، مدير عام صندوق النقد الدولى مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، ما حققته مصر من تقدم جيد فى ظل برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى يدعمه الصندوق بقيمة 12 مليار دولار أمريكى من خلال «تسهيل الصندوق المُمدد»، وقد تم إحراز تقدم جيد فى تنفيذ البرنامج، ومن المقرر إجراء المراجعة الأخيرة فى غضون الأشهر المقبلة، بينما يواصل الاقتصاد المصرى النمو بقوة، انخفضت معدلات البطالة إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2011، وبلغت احتياطيات النقد الأجنبى مستويات مريحة، وتم وضع الدين العام على مسار هبوطى بدعم من جهود الضبط المالى الداعمة للنمو.

كريستين لاجارد: تمكين القطاع الخاص يوفر المزيد من فرص العمل والتنمية.. وإزالة العقبات التى تواجهه ضرورة حتمية

أشارت «لاجارد» إلى أنه تم الاتفاق على أهمية المضى قدماً ببرنامج الإصلاحات الهيكلية الذى وضعته السلطات فى مصر، والذى يهدف إلى دعم النمو الاحتوائى، ومعالجة القيود المعيقة لانطلاق القطاع الخاص، وستسهم هذه الإصلاحات فى تحقيق النمو بقيادة القطاع الخاص كونه أكثر استمرارية واحتواءً لجميع الفئات، ما سيساعد مصر على خلق وظائف للشباب مع ضمان توافر الموارد الكافية للحماية الاجتماعية، وقد أكدت مجدداً التزام الصندوق بدعم مصر وشعبها فى هذه الجهود.

وخلال المؤتمر الصحفى لمناقشة الاستقرار المالى العالمى لصندوق النقد الدولى، أشار مسئول الصندوق إلى أن الانخفاضات الكبيرة فى أسعار العقارات فى دول العالم ومصر، والتى يمكن أن تؤثر سلباً على أداء الاقتصاد الكلى والاستقرار المالى، مثلما حدث أثناء الأزمة المالية العالمية عام 2008، وغيرها من الأحداث التاريخية، وتنشأ الروابط بين أوضاع الاقتصاد الكلى والأوضاع المالية من الأدوار العديدة التى تقوم بها المساكن بالنسبة للأسر والشركات الصغيرة والوسطاء الماليين، وذلك باعتبارها سلعة استهلاكية، واستثماراً طويل الأجل، ومخزناً للثروة، وضماناً للإقراض، إلى جانب أدوارها الأخرى، وفى هذا السياق، أدت سرعة ارتفاع أسعار العقارات فى كثير من البلدان خلال السنوات الأخيرة إلى إثارة بعض القلق من إمكانية انخفاضها، وما يتتبعه ذلك من عواقب محتملة.

وأدت الزيادة السريعة التى شهدتها أسعار المساكن مؤخراً فى كثير من البلدان إلى إثارة المخاوف من إمكانية حدوث تصحيح فى الأسعار نتيجة ارتفاع نسبة المخاطر المرتبطة بذلك، ويحدد ذلك ثلاثة عوامل أساسية تتمثل فى الأوضاع الاقتصادية، والائتمان إلى الناتج المحلى الإجمالى، ونسبة تقييم أى سعر إلى القيمة.

وقال صندوق النقد الدولى، أمس الأربعاء، إن المخاطر التى يتعرض لها النظام المالى العالمى نمت على مدى الأشهر الستة الماضية، وقد تزيد مع خروج بريطانيا الفوضوى من الاتحاد الأوروبى أو تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وإن التوسع الاقتصادى العالمى يتباطأ، وإن التراجع المفاجئ قد يكون له تأثير بعيد المدى، كما حذر الصندوق من التراجع عن القواعد الاحترازية التى يمكن أن تساعد فى إيقاف النظام المالى فى حالة حدوث انكماش.

"الاستثمار فى البشر" على رأس القضايا المطروحة خلال اجتماعات الربيع

وأشار صندوق النقد إلى وجود خطر من أن تتدهور معنويات المستثمرين الإيجابية بشكل مفاجئ، ما يؤدى إلى تشديد حاد للظروف المالية، ما سيكون له تأثير كبير على الاقتصاديات ذات الأسس الضعيفة، والمزيد من مواطن الضعف المالية، ومساحة أقل للسياسة للاستجابة للصدمات.

وحثّ صندوق النقد الدولى صنّاع السياسة على إيصال أى تغييرات بوضوح إلى مواقف السياسة النقدية الخاصة بهم لتقليل تقلبات السوق إلى أدنى حد، وأشار إلى أن معنويات المستثمرين قد تحسّنت منذ أن أوقف مجلس الاحتياطى الفيدرالى دورة رفع سعر الفائدة، وحذر من أن حدوث تحول قوى فى سياسة الاحتياطى الفيدرالى قد يؤدى إلى عمليات بيع فى الأصول ذات المخاطر العالية.

كما نوه بالمخاوف التى أثارها المسئولون الأمريكيون بشأن ارتفاع مستويات ديون الشركات، مشيراً إلى أن مخاطر قطاع الشركات تبدو مرتفعة فى حوالى 70%، من البلدان ذات الأهمية النظامية، وقد يؤدى التشديد السريع للظروف المالية إلى تراجع اقتصادى حاد، حيث تدهورت الجدارة الائتمانية فى سوق ديون الشركات، وتضاعف حجم السندات ذات التصنيف الاستثمارى الأقل تصنيفاً أربعة أضعاف منذ الأزمة المالية فى عام 2008.

وقال صندوق النقد الدولى: «يبدو أن دورة ائتمان الشركات فى الولايات المتحدة وصلت إلى أعلى مستوياتها فى التاريخ الحديث»، مضيفاً أن نمو الأرباح العالمية «قد بلغ ذروته على الأرجح»، ولاحظ أن التداول فى الأسواق البريطانية والأوروبية ظل منظماً، حيث تكافح السلطات للتفاوض على صفقة خروج بريطانية منظمة، ومع ذلك، فقد حذر من أن الجمود الذى طال يهدد بـ«زعزعة الأسواق المالية، والإضرار بثقة المستثمرين، والتأثير سلباً على الاستثمار فى الأعمال».

وأضاف: على مستوى العالم فإن القطاعات المعتمدة على التجارة ارتفعت وسط توقعات بنتيجة إيجابية للمحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ولكن إذا تعثرت هذه المحادثات، فإن المنظمة تتوقع عمليات بيع متجددة، للحماية من الثغرات المالية، وقال إنه يجب على صانعى السياسة نشر الأدوات الوقائية بشكل استباقى، مثل المخزن المؤقت لرأس المال المضاد للدورة الاقتصادية، واختبار الإجهاد المصرفى على وجه الخصوص، كما يجب على الجهات التنظيمية تطوير أدوات لمعالجة ارتفاع ديون الشركات من الوسطاء غير المصرفيين.

واستمرت فعاليات اليوم الثانى، وضمت مجموعة جلسات ناقشت تأثير سياسات الاقتصاد الكلى الاحترازية على الإنفاق العائلى والائتمان والدروس المستفادة، وملف تنويع الصادرات، وقضية مكافحة التدفقات المالية غير المشروعة، فضلاً عن جلسة بعنوان: «استقرار القطاع المالى: أدوات لتدعيم الإصلاحات فى أسواق البلدان النامية والصاعدة»، فضلاً عن عقد جلسة بعنوان «استغلال النظام.. كشف الدوافع الحقيقية وراء الاستثمار الأجنبى المباشر»، كما تتناول الفعاليات قضية الغذاء بعنوان: «هل بإمكان الغذاء أن يصبح دواء كوكبنا؟»، والذى ناقش فيه ممارسات إنتاج واستهلاك الغذاء الحالية التى تجعل الناس والكوكب مريضين.

كما تناولت فعاليات الاجتماعات قضية الرقمنة والأتمتة فى ظل التطورات التكنولوجية، حيث طرحت الجلسة النقاشية تساؤلات حول تسبّب الروبوتات فى اضطراب نموذج التنمية فى شرق آسيا والتغير التكنولوجى ومستقبل الوظائف بالمنطقة، فضلاً عن التطرق إلى كبح الفساد من خلال تحسين الحوكمة الاقتصادية بمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.

وتأتى قضية الاستثمار فى البشر على رأس الموضوعات التى تناولتها فعاليات اجتماعات الربيع، حيث أوضحت البيانات الحديثة أن رأس المال البشرى يشكل أكبر مكون منفرد للثروة العالمية، وذلك فى ظل إخفاق العالم فى الاستثمار فى البشر على نطاق واسع وفعال كما ينبغى، وشارك فى فعاليات هذه القضية شخصيات سياسية واقتصادية بارزة منهم، كريستالينا جورجييفا، القائمة بأعمال رئيس مجموعة البنك الدولى، وثلاثة وزراء مالية هم: جرانت روبرتسون، وزير مالية نيوزيلندا، وبينينو لوبيز، وزير مالية باراجواى، وأسد عمر، وزير المالية فى باكستان.


مواضيع متعلقة