انتخابات الكنيست.. ما يفسده «بنيامين» يصلحه «ترامب»

كتب: محمد الليثى

انتخابات الكنيست.. ما يفسده «بنيامين» يصلحه «ترامب»

انتخابات الكنيست.. ما يفسده «بنيامين» يصلحه «ترامب»

يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو مجموعة من الفضائح والملاحقات القضائية التى نالت من سمعته، ووضعت مستقبله السياسى فى محنة كبيرة، أبرزها قضايا الرشوة وخيانة الأمانة، وإعلان المستشار القانونى للحكومة الإسرائيلية، أفيحاى مندلبليت، تقديم رئيس الوزراء للمحاكمة، بتهمة تلقى الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، وهو ما كان له تأثير فى رأى الشارع الإسرائيلى، انعكس على استطلاعات الرأى التى أشارت إلى تراجع الحزب الحاكم «الليكود» عن صدارة المشهد، فيما يستعد المجتمع الإسرائيلى لإجراء انتخابات الكنيست. ومن خلال قراءة الوضع على الأرض، هناك عدة عراقيل تم وضعها فى طريق «بيبى»، أو هو من وَضَعَها بنفسه، فتسبّبت فى انخفاض شعبيته، وسعى «نتنياهو» خلال الفترة الماضية لحشد الأصوات لصالحه، مستخدماً عدة أساليب، منها الاعتماد على تصريحات عدائية «يمينية» لكسب تعاطف الجمهور اليمينى، وهم الفئة الأكثر عنفاً ووحشية تجاه الفلسطينيين أصحاب الأرض، وكان آخر تصريحات «نتنياهو» من هذا النوع بخصوص تمرير الأموال القطرية إلى حركة «حماس» فى قطاع غزة، مؤكداً أنها أموال تعزّز الانقسام الفلسطينى بين حركتى «فتح» و«حماس»، فى رسالة واضحة إلى مؤيدى اليمين الإسرائيلى، مفادها «إنى أعمل على ما ترغبون فيه»، إلا أن كل ما أفسده «نتنياهو» أصلحه «ترامب» من خلال دعمه اللامحدود لرئيس الوزراء الإسرائيلى، خصوصاً بعد قراراته الخاصة بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس وإعلان سيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية المحتلة.

وقال «نتنياهو»، فى أحد اجتماعات حزب «الليكود» الحاكم فى إسرائيل: «أى شخص ضد الدولة الفلسطينية يجب أن يكون مع تحويل الأموال إلى غزة، لأن إبقاء الانقسام بين السلطة الفلسطينية فى الضفة الغربية وحماس فى غزة يساعد فى منع إقامة الدولة الفلسطينية»، كما قال فى تصريح سابق: «إن آلية مراقبة الأموال القطرية أفضل من تلك الخاصة بأموال السلطة الفلسطينية»، وفى تصريح مماثل ضمن فيديو بثه حزب الليكود، فى إطار الحملة الانتخابية، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلى أن هناك 22 دولة للعرب فى المنطقة، وليس هناك أى حاجة إلى دولة أخرى».

رئيس الوزراء الإسرائيلى استعان بـ"صديق" لإعادة ترميم صورته بعد فضائح الفساد.. وواشنطن منحته "قُبلة الحياة".. و"السبع": تحرك فى 3 اتجاهات وحاول إيهام الإسرائيليين بأن الدول العربية تسعى للتطبيع معه

واستغل «نتنياهو» قانون القومية اليهودى فى الدعاية الانتخابية، وهو قانون يعزّز كل من هو يهودى، حيث خرج مؤخراً بتصريح غازَل فيه المتشددين اليهود بالقول: «قانون القومية، يعنى لمن تتبع الدولة من ناحية قومية، إسرائيل دولة تتبع الشعب اليهودى، تضم العَلَم باللونين الأزرق والأبيض، والنشيد الوطنى (هتكفا)، وما شابه من رموز»، وهى رسالة مهمة من وجهة نظره إلى الشارع لحشد الأصوات لحزبه خلال الانتخابات المرتقبة.

وعلق المحلل السياسى اللبنانى، نضال سعيد السبع، على أساليب «نتنياهو» قبل الانتخابات، قائلاً: «بعد ظهور قضايا الفساد الخاصة برئيس الحكومة الإسرائيلى، الحالى، من قِبَل المدّعى العام الإسرائيلى، أفيحاى مندلبليت، التى نُشر تقرير بشأنها، اتجه نتنياهو لاتخاذ 3 خطوات، استعداداً للانتخابات الإسرائيلية، التى تجرى اليوم».

وأضاف «السبع»، فى اتصال هاتفى مع «الوطن»، أن الخطوة الأولى كانت محاولة الترويج بين المجتمع الإسرائيلى، بأن العالم العربى يطبّع معهم، مشيراً إلى أنه أثار الحديث حول زيارة مرتقبة له إلى السودان، وتوجّه بعد ذلك فى زيارة إلى سلطة عُمان، وأرسل الوفود الرياضية إلى بعض الدول العربية، واستمر فى الحديث عن نية بعض الدول فى فتح خطوط معه من أجل التطبيع مع إسرائيل، وكان من بينها دول أفريقية، مستطرداً: «بالطبع هذا استفاد منه نتنياهو فى الداخل الإسرائيلى».

وعن الخطوة الثانية، قال «السبع» إنها كانت اتجاهاً أمنياً وعسكرياً، حيث اتجه إلى شمال فلسطين المحتلة على حدود لبنان، وكشف عن وجود أنفاق تحت الأرض، فى محاولة للظهور أمام الإسرائيليين بأنه يُحبط العمليات الأمنية لـ«حزب الله» اللبنانى، ويوفر الحماية والأمن لإسرائيل من خلال كشف هذه الأنفاق.

الخطوة الثالثة التى اتخذها رئيس الحكومة الإسرائيلى، وفقاً لكلام المحلل السياسى اللبنانى، كانت تكثيف الغارات الجوية على سوريا، حيث تم استهداف سوريا بالطيران الإسرائيلى عدة مرات فى الفترة الأخيرة بحجة الهجوم على أهداف إيرانية، كما أنه حاول تنفيذ عمليات أمنية فى قطاع غزة، إلا أنها منيت بالفشل، لافتاً إلى الوحدة الإسرائيلية التى حاولت منذ نحو شهرين تنفيذ عملية فى غزة سقط منها قتلى، وفشلت العملية، وعلى الفور ذهب نتنياهو بعدها إلى شمال فلسطين، وأثار قضية الأنفاق.

أسلوب «الخطر الخارجى».. هو الخط الذى يسير عليه «نتنياهو» لدغدغة مشاعر الإسرائيليين قبيل الانتخابات، ولم يكن وحده الذى سار على هذا الدرب، بل جرت العادة قُبيل أى حراك سياسى داخلى أن يتم اختلاق عدو فى المنطقة تنشب معه مناوشات، أو تندلع حرب، مثل الحروب الثلاث التى شنّها طيران الاحتلال الإسرائيلى على قطاع غزة، أو المناوشات التى يختلقها جيش الاحتلال مع «حزب الله» اللبنانى، لإعطاء الداخل الإسرائيلى شعوراً بالخطر الذى يهدّد الإسرائيليين، إلا أن جيش الاحتلال تحت قيادته كرئيس وزراء وحاكم يمنع ذلك الخطر من التسلل إليهم، وعندئذ يقبلون على صناديق الاقتراع لتأييده.

ومع اقتراب الانتخابات، شنّ جيش الاحتلال بصورة شبه يومية غارات على قطاع غزة، استهدف من خلالها مواقع حركة «حماس»، ومارس اعتداءات وحشية على الصيادين فى البحر، واستهدف شباب غزة على الحدود مع القطاع، بحجة التسلل، الأمر الذى يصب فى مصلحة رئيس الوزراء الإسرائيلى الذى يعانى من مشاكل وفضائح بالجملة تهدّد مستقبله السياسى وتضعه على المحك.

«الاستعانة بالأمريكان».. كان أسلوباً آخر لجأ إليه رئيس الحكومة الإسرائيلى، لكسب الشعبية من جديد، وحصد عدد أكبر من المقاعد، فالإجراء الأمريكى الأخير بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتل كان علامة كبيرة على مساندة من الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» لـ«نتنياهو» قُبيل الدخول فى المعركة الانتخابية.

وقال الدكتور رامى شعث، المنسق العام للحملة الشعبية المصرية لمقاطعة إسرائيل، إن الدعم الذى لقيه «نتنياهو» كان من مصدرين وحيدين ورئيسيين، موضحاً أن المصدر الأول كان الولايات المتحدة الأمريكية منذ البداية، حيث أعطت هدايا مُتعددة لإسرائيل، وبدأت بإعلان القدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلى وإلغاء الدعم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، فضلاً عن محاصرة منظمة التحرير الفلسطينية من ناحية، ومحاصرة حركة «حماس» من ناحية أخرى، وأخيراً إهداء الجولان، معلقاً: «بالطبع كل هذه الخطوات غير شرعية وغير قانونية وغير حقيقية، لكن هذا يعطى نتنياهو دعماً كبيراً داخل إسرائيل».

وتابع «شعث»، فى اتصال هاتفى مع «الوطن»، أن المصدر الثانى كان الدول العربية، حيث التقى عدد من القادة العرب مع «نتنياهو»، فضلاً عن مشاركة بعض الفرق الرياضية الإسرائيلية فى بعض الدول العربية. وأضاف: «أخذ نتنياهو دعماً أمريكياً وعربياً ضخماً جداً أظهره أمام المجتمع الإسرائيلى قادراً على تحقيق إنجازات، رغم أنه فشل فى تحقيق إنجازات على الأرض فى مواجهة غزة، فى ظل استمرار مسيرات العودة واستمرار النضال، كما فشل فى مواجهة المقاومة الشعبية بالضفة، وفى اختراق الأجواء السورية، واستمرار ضرباته بعد امتلاك سوريا منظومة الدفاع الجديدة، التى حجّمت قدرته على الحركة داخل الأراضى السورية».

وتابع المحلل الفلسطينى: «فشل نتنياهو أيضاً أمام التهديد اللبنانى وتنظيم حزب الله، الذى ما زال صامداً وقائماً ويهدّد إسرائيل بقواته المختلفة، وبالتالى فشل رئيس الوزراء على الأرض فى تحقيق أى إنجازات، من وجهة نظر الإسرائيليين لكن الإنجاز السياسى من قِبل الولايات المتحدة والدول العربية، نجح فى إعادة ترميم صورته مرة أخرى داخل المجتمع الإسرائيلى، ومنحه قبلة الحياة».


مواضيع متعلقة