قُل: مقابر وخرابات ولا تقل: «وحدات بيطرية»

كتب: تحقيق - محمد سعيد الشماع

قُل: مقابر وخرابات ولا تقل: «وحدات بيطرية»

قُل: مقابر وخرابات ولا تقل: «وحدات بيطرية»

ترتفع درجة حرارته ويمتنع عن تناول الطعام، يشعر وقتها صاحبه بأن هناك شيئاً غريباً يحدث لذلك الصغير، يقوم على الفور بالاتصال بطبيب الوحدة بقريته، وبالفعل يأتى الطبيب إلى المنزل ويُرجح عقب الكشف عليه بأنه تناول قطعة معدنية وسط طعامه، وأنه لن يستطيع التدخل لعلاجه نظراً لقلة الإمكانيات داخل الوحدة، فى الوقت الذى يحتاج فيه المريض إلى تحديد مكان تلك القطعة مع تدخل جراحى فورى، تمر الأيام عقب زيارة الطبيب فى قلق لصاحبه خوفاً من فقدانه، وفى اليوم الثالث يتحرك ذلك الشىء المعدنى تجاه القلب الأقرب لجدار المعدة، ليلفظ العجل الصغير أنفاسه الأخيرة.

ممدوح عوض، 45 عاماً، مزارع من قرية «الصوامعة شرق» بمركز أخميم بسوهاج، عاش دراما موت العجل الصغير الذى كان يملكه، ولم يستطع إنقاذه، نظراً لقلة الإمكانيات داخل الوحدة البيطرية، لا يكاد يمر أسبوعان حتى ينتبه ممدوح لمرض عجل آخر، يُلاحظ حينها أنه توقف عن تناول الطعام لمدة يوم كامل: «كلمت الدكتور بتاع الوحدة فى ساعتها لأنى خفت إنه يضيع منى زى اللى قبله»، يصل الطبيب إلى العجل المريض ويرجح بأن هناك التواء فى الأمعاء بعد الكشف عليه ومتابعة حالته، وأنه يحتاج إلى جراحة دقيقة من أجل تعديل مسار الأمعاء وهو ما لا يتوافر لدى طبيب الوحدة البيطرية، تمضى 4 أيام ويموت العجل الآخر، ليعيش «ممدوح» فترة عصيبة بفقدان اثنين من العجول الصغيرة خلال أقل من شهر، خسر فيهما نحو 22 ألف جنيه كان قد دفعها إلى أحد التُجار بالمنصورة لشرائهما قبل الواقعتين بأسابيع قليلة، واصفاً ما مر به بكلمات قليلة: «لو كانت الوحدة البيطرية مجهزة وفيها إمكانيات كنا لحقنا وعالجنا العجلين، بس للأسف هى مجرد خرابة مفيهاش أى علاج أو مُعدات»، يصمت «ممدوح» قليلاً ثم يقول: «الحيوان هو روح صاحبه، وكل ما يملكه فى حياته، وأغلى عنده من عياله، لأنه هو اللى بيأكلهم».

"الوطن" طافت من الغربية للفيوم ومن الإسماعيلية لسوهاج ورصدت سوء حالة المبانى ونقص الأدوية والمعدات

فى هذا التحقيق تكشف «الوطن» عن تردى الأوضاع داخل الوحدات البيطرية بمختلف محافظات مصر، سواء فى البنية التحتية للمبانى أو نقص المعدات والإمكانيات، بالإضافة إلى ندرة الأدوية والحقن بها، نتيجة غياب اهتمام وزارة الزراعة متمثلة فى «الهيئة العامة للخدمات البيطرية» بالوحدات على مدار سنوات طويلة ماضية، ما أدى إلى تدهورها ونفوق الكثير من الثروة الحيوانية، وتحمل أصحابها خسائر كبيرة، لعدم قدرة الوحدات على تقديم خدمة علاجية للماشية.

"ممدوح": الحيوان روح صاحبه وأغلى عنده من عياله لأنه هو اللى بيأكّلهم.. والوحدة خرابة مفيهاش أى أدوية

فى الصوامعة شرق بسوهاج «قرارات إزالة ومعدات جراحة محطمة»

داخل قرية «الصوامعة شرق» التابعة لمركز أخميم بمحافظة سوهاج، كانت الوحدة البيطرية التى تأذى بسببها «ممدوح عوض» بفقدان اثنين من المواشى نتيجة خلوها من العديد من المُعدات الطبية خاصة أدوات الجراحة، حيث تتكون الوحدة من طابقين يُحيط بها من الخارج سور غير مُكتمل نظراً لتساقط أجزاء كبيرة منه على مدار سنوات طويلة يتضح من خلالها أنه لم يشهد أى أعمال ترميم منذ فترات طويلة، كما ظهرت على المبنى من الخارج والداخل الكثير من التشققات وبعض الأجزاء المتآكلة قامت بتشويه شكل المبنى، فيما لم يتبق من لافتة الوحدة سوى بعض الحروف القليلة المتناثرة عليها لا تستطيع أن تجمع كلمة واحدة فيها نظراً لتهالكها بشكل كامل.

الطابق الثانى من مبنى الوحدة مُغلق ومهجور منذ سنوات طويلة، يتجلى ذلك من خلال الأعشاش التى أقامتها الطيور بمختلف الغرف، مع تراكم أكوام من الأتربة والغبار على الأرضيات والحوائط ودرجات السلم المُؤدية إليه، وهو ما أكده الدكتور «حسام أحمد»، 32 عاماً، طبيب بيطرى بالوحدة الذى يعمل بتلك المهنة منذ 7 سنوات: «الدور ده مهجور ما دخلناهوش أساساً، ومن ساعة ما جينا وهو مقفول، لأن أساساً السقف فوق مرن والتسليح اللى فيه ضعيف فمحدش ينفع يقعد فوق أصلاً»، يتطرق «حسام» للحديث عن البنية التحتية للوحدة البيطرية، فيصفها بأنها متهالكة للغاية سواء فى المبنى نفسه أو الشبابيك والأبواب أو الصرف الصحى، كما أنه يقوم برفقة زميله بالوحدة بإصلاح ما فسد بالمجهود الذاتى، التفت الطبيب البيطرى إلى جانبه وأشار إلى الحائط بأصابعه: «كلها شروخ وتشققات، وعلى الوضع اللى فيه الوحدة ده أى حد يقدر بسهولة يسرق أى حاجة منها»، ويتساءل كيف تصل وحدة بيطرية تخدم 14 نجعاً إلى هذا الوضع دون أى عمليات ترميم أو تطوير.

العديد من قرارات الإزالة صدرت لتلك الوحدة البيطرية خلال السنوات الماضية، وفقاً لـ«حسام»، حيث أكد أن زميله داخل الوحدة قام بالتوقيع على أحدها، وآخر قام هو بالتوقيع بنفسه عليه لإخلاء الوحدة لأنها آيلة للسقوط وسيتم تجديدها وهو ما لم يحدث، كما يتذكر أن حملة مُعاينة جاءت خلال فترة قريبة من المديرية وأبلغوهم بإخلائها: «طيب احنا هنمشى نروح فين وهما معملوش ولا جددوا أى حاجة، وهو مجرد كلام نمشى بيه الحال ومفيهوش أى خطوة ملموسة».

طبيب وحدة "سوهاج": صدر لها أكثر من قرار إزالة ولم يُنفذ.. وبيمر علينا حيوانات كتيرة مش بنقدر نشخص حالتها

يترك «حسام» الكرسى الخشبى الذى يجلس عليه ويتجه نحو إحدى الغرف بالطابق الأرضى، ويشير إلى ما تبقى من أجهزة قديمة ومتهالكة، موضحاً أن جهاز الميكروسكوب فى الوحدة مُعطل منذ سنوات، رغم أنه يستخدم فى فحص عينات الدم وتحاليل البول والبراز، كما أن مُعدات الجراحة عفا عليها الزمن ومُحطمة ولا تصلح للاستخدام، وجهاز كشف المعادن لا يعمل منذ فترة طويلة، وهو الذى يُساعد فى كشف الأجسام المعدنية التى من الممكن أن يتناولها الحيوان أثناء طعامه، كما أنه طالب من قبل بجهاز سونار فى الوحدة ليُساعده فى تشخيص الكثير من الحالات فى الحيوانات بمختلف أنواعها: «بيمر علينا حيوانات كتيرة مش بنقدر نشخص حالتها، واحنا أصلاً بنشخص ونعالج الأعراض الخارجية بالخبرة الذاتية اللى قدرنا نكونها خلال فترة الدراسة والعمل بالمهنة»، واصفاً بأنهم يُعالجون المواشى بطرق تشبه البدائية نتيجة نقص الإمكانيات.

تذكرة كشف الحيوان الكبير داخل الوحدة 8 جُنيهات، مع رقم قومى وبطاقة تسجيل بـ7 جنيهات، بالإضافة إلى تكافل اجتماعى للتأمين الصحى 5 جنيهات، ومع الدمغة والضريبة يصل إجمالى تكلفة الكشف على الحيوان إلى 22 جنيهاً، قبل الحصول على أى علاج، حسب «طبيب الوحدة»، مضيفاً بنبرة ساخرة: «ممكن فى الآخر يتكلف 80 جنيه أقل حاجة عشان يعالج الحيوان، وهو أصلاً المفروض بييجى الوحدة عشان أقل فى تكلفة العلاج»، وأوضح أنه نتيجة ضعف الإمكانيات داخل الوحدة مع تكلفة نقل الحيوانات إليها امتنع أصحاب المواشى عن التردد عليها: «بقت بتيجى الوحدة بس الحيوانات الصغيرة اللى ملهاش لازمة اللى قربت تموت».

"عبدالناصر": لو كانت مُجهزة ماكنتش هجيب دكاترة من بره.. ومحدش بيحس بخسارة موت الحيوان غير صاحبه

فى الزاوية بأسيوط: الوحدة 8 أشهر بدون أدوية

ظهور حبوب على الجلد، وامتناع عن تناول الطعام، مع ارتفاع فى درجة الحرارة، أعراض مختلفة ظهرت على عجل «عبدالناصر محمد»، 28 عاماً، مزارع من قرية الزاوية التابعة لمركز أسيوط، ودفعته ليتواصل مع أحد الأطباء من خارج الوحدة البيطرية للكشف على العجل المريض، أبلغه حينها الطبيب أن العجل مُصاب بحمى، وعليه أن يتبع نظاماً علاجياً محدداً، وبالفعل قام «عبدالناصر» باتباع النظام، ولكن لم يحدث أى تطور فى الحالة المرضية للعجل خلال 10 أيام، لجأ وقتها عبدالناصر إلى الاتصال بآخر ولكن دون جدوى أيضاً، لينفق العجل أثناء نوم «عبدالناصر» ويستيقظ ليجده ملقى على الأرض داخل «الزريبة» بعد مرور 3 أسابيع من بداية ظهور الأعراض، وفقاً لـ«عبدالناصر»، موضحاً أن لدى عمه أيضاً جاموسة نفقت بعد ولادتها بأيام قليلة، قائلاً بنبرة حزينة: «هنعمل إيه دى حاجة مش بإيدينا وده قضاء ربنا، ده البهيمة هى مصدر دخلنا بنجيبها ونكبرها وممكن نبيعها، وناكل ونشرب ونصرف على الزرع من المكسب اللى بنطلعه منها، وناخد منها السمن واللبن».

لا يتردد «عبدالناصر» على الوحدة البيطرية بالزاوية نتيجة قلة الإمكانيات وندرة الأدوية بها، ويقيناً بأن الوحدة لا تقدم أى خدمات علاجية، قائلاً بنبرة غاضبة: «مفيش أى إمكانيات فى الوحدة، ومبنلاقيش علاج للمواشى فيها خالص، ولو كانت مُجهزة وفيها إمكانيات مكنتش جبت دكتور من بره وكنت هاخد دكتور الوحدة»، يصمت «الشاب العشرينى» وينزل من على حماره مستنداً بذراعه عليه، متابعاً: «الواحد ثروته هى البهيمتين ولا التلاتة اللى معاه وبيسعى عليهم طول النهار، وبيأكلهم ويشربهم»، مشيراً إلى أن نفوق أى منها يكون بمثابة خسارة كبيرة ولا أحد يشعر بتلك الخسارة سوى المُربى.

طبيب وحدة "أسيوط": بقالى 8 شهور معنديش أى نوع دواء فى الصيدلية والمبنى أنشئ عام 1994 ولم يتعرض من وقتها لأى أعمال صيانة أو ترميم

«اجرى وحصن قبل الفاس ما تقع فى الراس» لافتة ضمن الكثير من اللافتات المُعلقة على جدران الوحدة البيطرية بالزاوية من الداخل، بعضها إعلان عن بعض الأدوية، وبعضها توعية للفلاحين عن الأمراض التى تصيب الحيوانات والطيور وكيفية اكتشافها، تتكون الوحدة من طابقين، الأرضى مُخصص لمكتب الطبيب واستقبال أصحاب المواشى، مع غرفة للصيدلية وظهر خلالها دولاب الأدوية خاوياً تماماً، بالإضافة إلى حمام بلدى فى حالة سيئة يتضح فيه غياب أعمال الصيانة، أما الطابق الآخر فمُخصص بالكامل استراحة للأطباء لا يُستخدم نظراً لأن الأطباء كافة من نفس القرية، طبقاً لطبيب الوحدة.

الوحدة البيطرية بالزاوية لا يُوجد لها سور يُحيط بها من الخارج، ما جعل بعض أهالى المنازل المجاورة يستغلونها فى ترك مواشيهم بها، وهو ما علق عليه «محمود حسن»، 39 عاماً، الطبيب البيطرى بالوحدة، والمسئول عن الصيدلية مع مساعدة زميليه الطبيبين توفيق ومصطفى فى العمل داخل الوحدة، موضحاً أن من أهم السلبيات عدم وجود سور للوحدة، الذى يقوم بدور الحماية والخصوصية داخل المصالح الحكومية حتى تستطيع العمل بكامل طاقتها، متابعاً بنبرة ساخرة: «الزناقة كمان ملهاش مظلة، وفى الصيف بتعمل مشكلة كبيرة لأنها معدن وبتسخن جامد وبتؤذى الحيوانات من شدة حرارتها، ده غير إنها مبنية واسعة جداً وفيه حيوانات بتعرف تهرب منها».

عامل فى "الفيوم": السقف كله خشب.. وبنضطر ندخل الجامع عشان مفيش حمام ولما الدكتور بيجيب اللقاحات من الإدارة بيحط عليها تلج لحفظها علشان مفيش تلاجة

أنشئ مبنى الوحدة عام 1994 ولم يتعرض من وقتها لأى أعمال صيانة أو ترميم، إلا عن طريق الجهود الذاتية للأطباء، وفقاً لـ«حسن»، متابعاً: «فيه حاجات بنقدر نعملها زى تغيير حنفية، لكن مش هنقدر نتدخل فى أساسيات السباكة أو تغيير الحوض»، مشيراً إلى أنهم يقومون بأنفسهم بتصليح الكراسى، بالإضافة إلى شراء خراطيم المياه من أجل تنظيف الوحدة، كما قاموا بشراء مروحة سقف «ماكناش نقدر نستنى لما يجيلنا واحدة غيرها»، تضم الوحدة البيطرية بالزاوية 3 أطباء و4 إداريين، ولا يوجد بها أى عمال منذ 8 سنوات، نظراً لبلوغ كافة العمال سن المعاش، ليقوم الأطباء بدور العمال فى تنظيف الوحدة، حسب «حسن»، قائلاً: «بنضطر كأطباء وإداريين إننا ننضف ونكنس ونغسل كل يوم سواء الأرضيات أو المكاتب أو الحمام، لأن ده مكاننا ولازم ننضفه».

الزاوية من أكبر القرى على مستوى مركز أسيوط، ويصل عدد سكانها إلى 80 ألف نسمة، وبها حجم كبير من الثروة الحيوانية، وفقاً لحديث «طبيب الوحدة»، مؤكداً أن تطوير الوحدة سيُعطى ثقة أكبر لأصحاب الحيوانات، وبالتالى سيساعد فى تنمية الثروة الحيوانية وتقليل الأمراض وحالات النفوق، موضحاً أنه يحتاج داخل الوحدة إلى جهاز سونار حتى يستطيع أن يقدم خدمة فى مجال التناسليات، ويستطيع التأكد 100% هل الحمل صحيح أم هناك صديد فى الرحم أم التهاب، قائلاً: «بدل ما أدخل إيدى وأعتمد على الجس اليدوى بس، وبكده هعرف أشخص وأكتب العلاج صح، وأوفر وقت وجهد كبير، بدل ما أفضل أحط افتراضات وأستنى أيام عشان أتأكد»، وأشار إلى أنه فى حاجة إلى أدوات جراحة ومسدس تلقيح صناعى جديد.

"الشحات": الجاموسة جالها ارتفاع فى درجة الحرارة وفقدان الشهية والدكتور معرفش يعالجها.. ومواشى كتيرة نفقت بسبب ندرة الأدوية داخل الوحدة البيطرية

«بقالى 8 شهور كاملين معنديش أى نوع دواء فى الصيدلية، وأصلاً هى بتبقى موجودة لمدة شهرين طول السنة كلها»، قالها «حسن» وهو يشير إلى الصيدلية الفارغة، موضحاً أن الأدوية خلال السنوات الأخيرة أصبحت غير متوافرة نتيجة أن مديرية الطب البيطرى مرتبطة بمبلغ محدد لشراء الأدوية وعن طريق مناقصة، وذلك المبلغ ثابت منذ سنوات طويلة فى حين أن أسعار الأدوية ترتفع بشكل مستمر، وبالتالى أصبح نفس المبلغ يشترى كميات أقل كثيراً من الأدوية.

نقابة الأطباء البيطريين

الدكتور خالد العامرى، نقيب عام الأطباء البيطريين ورئيس الاتحاد العام للأطباء البيطريين، وعميد كلية الطب البيطرى بجامعة القاهرة، قال إن الوحدات البيطرية يُشرف عليها فنياً الهيئة العامة للخدمات البيطرية، وإدارياً تقع تحت إشراف المحليات أو المحافظة، مؤكداً أن ملف الطب البيطرى مُهمل منذ سنوات طويلة وليس وليد اليوم، وذلك نتيجة ثقافة المجتمع فى التعامل مع الطب البيطرى، لأنه لا أحد يُدرك أهمية الطبيب البيطرى، ودوره فى علاج الحيوان ووقاية الإنسان.

وعن مستوى الخدمة البيطرية التى يُقدمها الأطباء داخل الوحدات، يوضح «العامرى» أن هناك فرقاً بين طبيب يُقدم خدمة وهو مُجهز بشكل كبير، وبين آخر لا يمتلك سوى إمكانيات ضعيفة، متابعاً: «الطبيب البيطرى شغال فى ظروف قاسية وصعبة جداً وإيده مش طايلة، ومقدرش ألوم البيطرى فى ظل الظروف دى»، مؤكداً أن الأمراض والميكروبات تتطور، والتدخلات الجراحية أصبحت أكثر تعقيداً وتحتاج إلى تقنيات أعلى وأجهزة متطورة، والحيوان قيمته المالية أصبحت أيضاً كبيرة للغاية.

"عبدالعزيز": الوحدة مقفولة بقالها سنة ومحدش فكر فيها.. وأنا لو عيان وبهيمتى تعبانة بصبر على نفسى وأعالج بهيمتى

يتحدث «العامرى» عن دور النقابة تجاه ما يحدث للوحدات البيطرية، موضحاً أنها ليست جهة تنفيذية، وليس من حقها اتخاذ أى قرارات، ولكنها قادرة على الاتصال السياسى ورفع المذكرات وتقديم مشروعات قوانين من خلال أعضاء مجلس النواب، مع تسليط الضوء على الإيجابيات والسلبيات، مؤكداً أن النقابة تحت ضغط لأنها ليست قادرة على إيجاد حلول لأبنائها، قائلاً بنبرة غاضبة: «الجهات التنفيذية واقفة تتفرج»، مشيراً إلى أن هناك بعض الوحدات البيطرية أُغلقت نتيجة بلوغ الطبيب سن المعاش، وهناك وحدات أخرى آيلة للسقوط وصدر لها قرار إزالة منذ سنوات ولم يُنفذ حتى الآن ولم يتم حتى تنكيسها أو ترميمها، مضيفاً: «فيه وحدات العامل فيها طلع على المعاش، وبقى الدكتور هو اللى بيكنس وينضف وبقت عهدته المقشة والجاروف».

يتذكر «نقيب البيطريين» أنه قام بتصوير بعض الوحدات البيطرية المتهالكة، وعرض تلك الصور على الدكتور عزالدين أبوستيت، وزير الزراعة، موضحاً أنه تفاجأ بمستوى انهيار البنية التحتية، ووعد بأنه سيهتم بذلك الملف، مضيفاً: «الحقيقة ماشفتش الشكل الملموس أوى إن الملف يتحرك»، مشيراً إلى أنه يطرح الكثير من الحلول لتطوير تلك الوحدات، لكن المسئول غير مدرك أهمية الطب البيطرى ويتعامل مع تلك القضية باستخفاف، قائلاً: «اتكلمت وتعبت كتير، ومفيش حاجة بتحصل، وإحنا مقضينها كده يا اجتماعات ولقاءات يا إما نقعد متخاصمين أو زعلانين من بعض، وفقدت الأمل خلاص فى الموضوع ده»، ويُطالب «العامرى» بسرعة وضع الملف أمام وزارة التخطيط، لأنه يرى أنها إذا استوعبته ستطوره، إنما إذا ظل بين «الزراعة» والنقابة والهيئة والمحافظات يستحيل تطويره، موضحاً أن إصلاحه فى منتهى السهولة ولكن هناك احتقاناً دائماً ما يحدث وتباعداً فى الأفكار بين رؤية النقابة ووزارة الزراعة، ينتج تنافراً بين الطرفين.

فى الحادقة بالفيوم: اللقاحات يوماً بيوم بسبب عدم وجود ثلاجة

غرفة صغيرة غير مجهزة تتبع الجمعية التعاونية الزراعية خُصصت كوحدة بيطرية لتخدم أهالى قرية الحادقة، مركز الفيوم، الأرضية عبارة عن تربة زراعية صلبة غير مستوية دون تمهيد أو بلاط يحتاج العامل داخلها إلى جريد النخل لتنظيفها كبديل عن «المقشة» التى لن تستطيع القيام بمهمة التنظيف مع تلك النوعية من الأرضية، مما أدى إلى وضع بعض الأحجار الصغيرة أسفل بعض قوائم المكتب لضبط اتزانه، أما جدران الوحدة من الداخل فتآكلت من الأسفل بفعل ارتفاع نسبة الملح فى الأرض، وانتشرت التشققات أعلاها، أما سقف الوحدة فكان عبارة عن ألواح وعروق خشبية تحميهم من أشعة الشمس صيفاً ويتحول إلى معاناة فى فصل الشتاء مع سقوط الأمطار، أما دولاب صيدلية الأدوية فتآكل هو الآخر كُلياً بفعل الصدأ.

"نقيب البيطريين": عرضت حلولاً كتيرة والجهات التنفيذية واقفة تتفرج.. واحنا مقضّينها يا اجتماعات ولقاءات يا إما زعلانين من بعض

جالساً على كرسى أمام باب الوحدة مرتدياً «بالطو» فوق الجلباب، متعكزاً على عصا خشبية، رابطاً شالاً حول عنقه ورأسه، يحميه من برودة الطقس، ينتظر عبدالله عزالدين، 58 عاماً، مجىء الدكتور أشرف، طبيب الوحدة، الذى ذهب للكشف على إحدى الحالات فى قرية مجاورة، انتقل «عبدالله» إلى تلك الوحدة منذ عامين لعدم وجود عمال بها، وكان قد تم تعيينه كعامل بالوحدة ضمن نسبة الـ5% من ذوى الاحتياجات الخاصة، أوضح أن غالبية أصحاب المواشى فى القرية لا يأتون إلى الوحدة ويكتفون بالاتصال بالطبيب تليفونياً للذهاب إليهم، وعن الشكل المزرى الذى تظهر عليه الوحدة، وتابع: «هنعمل إيه فى الوضع ده، أهو اللى لاقيناه عايشين فيه، ومُجبرين عليه ونفسنا إن الوحدة تكون أنضف من كده، بس مفيش فى إيدينا حاجة»، مؤكداً أنهم يعملون من أجل خدمة الفلاح الذى ليس له ذنب فى ذلك الوضع. تفتقر وحدة الحادقة البيطرية لأبسط الخدمات الأساسية المفترض وجودها فى كافة الأماكن وليس الوحدات فقط، أهمها «دورة المياه».. «محتاجين حمام فى الوحدة، لأننا بنضطر ندخل الحمام بتاع الجامع»، قالها «عبدالله» بنبرة حزينة لما يُعانيه داخل الوحدة، مؤكداً أن الوحدة أيضاً لا توجد بها ثلاجة من أجل حفظ اللقاحات، قائلاً: «لما الدكتور بيجيب اللقاحات من الإدارة بيحط عليها تلج داخل حافظات البرودة، وبيفضل التلج عليها لحد ما نخلص توزيعها»، مشيراً إلى أنه فى فصل الصيف يطلب دائماً من جيران الوحدة زجاجات مياه باردة: «بيبقى نفسنا فى كباية ميّه ساقعة، بس مفيش تلاجة»، يصمت «عبدالله» برهة، ثم يستكمل حديثه بصوته الجهورى موضحاً أنه فى فصل الشتاء تسقط الأمطار إلى داخل الوحدة من الفراغات الموجودة بين الألواح الخشبية فى السقف: «مش معقولة هنهرب منها لبره الوحدة، أهو بنقعد فى الحتة اللى مش بتنزل منها الميّه»، وعن تنظيف الأرضية بجريد النخل عقّب «عامل الوحدة» بأنه لو استخدم «المقشة» فى تنظيفها سيحتاج كل يوم واحدة جديدة.

على الجانب الآخر من الطريق، وعلى بعد أمتار قليلة من الوحدة البيطرية يقف حمد رمضان، 28 عاماً، أمام منزله، مرتدياً جلبابه الأبيض، يُحاول إطعام إحدى مواشيه والتى امتنعت عن الطعام منذ يومين، يسترجع بالذاكرة حينها فترة صعبة مر بها منذ 10 أشهر خائفاً من تكررها، أصاب خلالها مرض التفحم أحد العجول لديه، عندما لاحظ تورماً كبيراً فى قدميه، وذهب حينها للطبيب البيطرى بالوحدة ليطمئن على مصدر رزقه، كشف عليه الطبيب وأعطى له عدة حقن لعلاجه، وبعد مرور 3 أيام استيقظ «حمد» صباحاً ليجد العجل الذى وصل سعره حينها إلى 25 ألفاً ملقى على الأرض مُفارقاً الحياة.

يمضى 20 يوماً على وفاة العجل، يُصاب حينها عجل آخر حديث الولادة بارتفاع شديد فى درجة الحرارة، يكرر «حمد» وقتها الذهاب إلى الوحدة البيطرية المقابلة لمنزله، يكشف عليه طبيب الوحدة ويكتب له على العلاج، حتى يتفاجأ «الشاب العشرينى» بنفوقه هو الآخر عقب تناول ذلك الصغير العلاج لمدة تقارب الأسبوعين، يقول بنبرة حزينة: «المشكلة إن الفترة دى كان منتشر أكتر من مرض، ومفيش أى إمكانيات فى الوحدة يقدر من خلالها الدكتور يشخص المرض صح، فممكن يكون أعطى دواء لمرض تانى أو علاجين تفاعلوا مع بعض، نتيجتهم فى الآخر الاتنين ماتوا وماقدرش يعالجهم»، موضحاً أنه أصبح يمر أكثر من مرة على مدار اليوم خوفاً من تكرار ما حدث مرة أخرى: «العجول دى راس مالى، وضياع أى حد فيهم خسارة كبيرة لأى فلاح».

مدير إدارة الرعاية والعلاج بهيئة الخدمات البيطرية: ما تخصصه وزارة التخطيط ضئيل للغاية ولا يفى بعملية التطوير

غياب الإمكانيات، ونقص الأدوية، وقلة التحصينات على مدار العام، ثلاثة أسباب عددها «حمد» هى التى أدت إلى نفوق أكثر من 200 ماشية خلال العام الأخير بعضها يتراوح سعره ما بين 20 لـ30 ألف جنيه، وفقاً لحديثه، مشيراً إلى أنهم يدفعون مبالغ كبيرة فى علاج المواشى، بالإضافة إلى ارتفاع ثمن طعامها: «الوحدة مش بتقدم أى خدمة علاجية، ومحتاجة تحصينات وأدوية بشكل أكبر، ويبقى كمان فيها إرشادات للفلاحين أصحاب الحيوانات»، ويرى «حمد» أنه يجب أن تفتح الوحدة أبوابها لفترتين وليس فترة واحدة تحسباً لمرض المواشى بعد الساعة الثانية ظهراً، كما يتمنى فتح صيدلية حكومية إلى جوارها لتوفير الأدوية.

فى «أبيج» بالغربية: الميكروسكوب مجرد شكل ولا يوجد سونار

يعتاد فى كل حملة تحصينات تُعلن عنها الوحدة البيطرية بقرية أبيج، التابعة لمركز كفر الزيات بمحافظة الغربية، أن يذهب إلى الوحدة مصطحباً مواشيه من أبقار وجاموس لكى تحصل على تلك الجرعات ويحمى ما يملكه من مواشٍى من الأمراض الشائعة، ولكن منذ نحو شهرين وعقب حملة للتحصينات تفاجأ الشحات إبراهيم، 42 عاماً، بظهور أعراض الحمى القلاعية من ارتفاع فى درجة الحرارة وفقدان الشهية لدى «الجاموسة»، تواصل حينها «الشحات» مع طبيب الوحدة للكشف عليها ومحاولة علاجها، ولكنه، وفقاً لـ«الشحات»، لم يفلح فى علاجها مبرراً ذلك بنقص العلاج وقلة الإمكانيات داخل الوحدة، ونفقت الجاموسة بعد أيام قليلة، قائلاً بنبرة حزينة: «كانت صدمة كبيرة بالنسبة لى، لأن الحيوانات هى مصدر رزقى الرئيسى وإن سقطت منى بتبقى كده خسارة كبيرة عليا، ومش فى إيدى حاجة غير إنى أسيبها على ربنا».

يسكن «الشحات» على بعد أمتار قليلة من وحدة أبيج البيطرية، ويعلم جيداً الحال الذى وصلت إليه فى تقديم الخدمات العلاجية، يقف وسط مواشيه مستنداً بظهره إلى إحدى الأشجار، موضحاً أن الكثير من المواشى نفقت فى تلك القرية وما جاورها نتيجة فقر الإمكانيات وندرة الأدوية داخل الوحدة: «بنلاقى الحيوانات الميتة على أطراف الطريق»، مشيراً إلى أنه يضطر للذهاب إلى كفر الزيات أو بسيون من أجل الحصول على الدواء لعلاج مواشيه، يصمت الرجل الأربعينى ويشير إلى أن هناك نوعاً من العمال غير المتخصصين يُسوق نفسه للفلاحين على أنه طبيب بيطرى ويتنقل بين المنازل بدارجة بخارية أو حمار.

وبالانتقال إلى وحدة أبيج البيطرية وهى عبارة عن شقة دور أرضى داخل مبنى تابع للجمعية الزراعية مكتوب على الجدار الخارجى لها «الوحدة البيطرية» باللون الأحمر بخط اليد من أجل تعريف أبناء القرية والقرى المجاورة بها، تتكون الشقة من غرفتين وصالة، غرفة بها المكتب المعدنى لـ«عمرو صالح»، طبيب الوحدة، وأمامه دولاب خشبى يستخدمه كصيدلية للأدوية القليلة المتاحة بالوحدة، وتظهر الكثير من الشروخ فى الحائط خلفه، وغرفة أخرى خاوية، أما الحمام فظهر فى حالة يُرثى لها.

يعمل «عمرو» فى تلك المهنة منذ نحو 20 عاماً، من ضمنها 5 سنوات تحديداً فى تلك الوحدة، يجلس على مكتبه يتابع دفتر الحضور اليومى، وينتظر اتصال أصحاب المواشى به للتحرك إلى منازلهم، موضحاً أن هناك نقصاً كبيراً فى عدد الأطباء البيطريين، نظراً لأن غالبية الوحدات بها طبيب واحد فقط، وأن تلك الوحدة تخدم 3 قرى، كما أنه يحتاج إلى توافر سونار داخل الوحدة: «لسه لحد دلوقتى بنشخص الحمل بإيدينا»، وأشار إلى تعطل الثلاجة منذ أكثر من عام داخل الوحدة: «لما بيكون فيه تحصينات باضطر أجيبها يوم بيوم عشان طبعاً التلاجة مش شغالة»، بالإضافة إلى ذلك يشكو «عمرو» حال الميكروسكوب الوحيد فى الوحدة: «مش شغال وهو مجرد شكل بس».

يُعانى «عمرو» من غياب الحماية للدكتور البيطرى من «الباراميديكال» وهم مزاولو المهنة وليسوا أطباء، وغالبية هؤلاء من موظفى الوحدات البيطرية دون أى رقيب عليهم: «بيشتغلوها بالعافية»، موضحاً أن ذلك يؤثر على إيراد الوحدات البيطرية، وعلى الوزارة أن تتدخل لحل تلك الأزمة لأنهم يُدمرون الثروة الحيوانية، وأشار «الطبيب البيطرى» إلى أن أنواع الحيوانات التى تتردد على الوحدة هى الجاموس والبقر، وأن أشهر الأمراض المنتشرة فى تلك الفترة الحمى القلاعية والجلد العقدى، وتطرق «عمرو» للحديث عن النقابة ودورها واصفاً إياها بأنه ليس لها دور وأنها تحاول ما فى استطاعتها ولكن دون استجابة من الجهات المعنية.

الهيئة العامة للخدمات البيطرية ترد

الدكتور حسين الرفاعى، مدير عام الإدارة العامة للرعاية والعلاج بالهيئة العامة للخدمات البيطرية، يقول إن الوحدات البيطرية تنقسم إلى نوعين؛ «أساسية» وهى أن المبنى والأرض ملك الهيئة، ووحدات أخرى «ذاتية» ويتم إنشاؤها وفق احتياجات أهالى القرى وتُخصص على أرض لا تتبع الهيئة.

تعتمد الهيئة البيطرية فى رفع كفاءة الوحدات على ما يتم تخصيصه من خلال وزارة التخطيط، ويتم توزيع المبلغ طبقاً لأولوية الوحدة من حيث التعداد الحيوانى والقرى التى تخدمها، بحسب «الرفاعى»، مضيفاً: «للأسف المبالغ الضئيلة لا توفى بعملية التطوير ورفع كفاءة الوحدات»، موضحاً أنه فى العام المالى 2017 - 2018 تم تخصيص مبلغ 5 ملايين جنيه رفع بها كفاءة 26 وحدة، وفى العام 2018 - 2019 تم تخصيص 10 ملايين جنيه، والعمل جارٍ خلال تلك الفترة على 23 وحدة، متابعاً: «العدد ده مش قليل لأن إجمالى الوحدات اللى عايزة تطوير ورفع كفاءة 340 وحدة بس منها وحدات صدر ليها قرار إزالة وعايزة تتشال».

وعن نقص الإمكانيات والأجهزة داخل الوحدات البيطرية، أوضح «الرفاعى» أن الحد الأدنى من الإمكانيات موجود بالفعل فى كافة الوحدات كالميكروسكوب ومواتير رش الحيوانات، ومسدس التجريع ومعدات الجراحة، كما أكد على وجود معمل فى مختلف الوحدات لفحص عينات البراز والدم للحيوانات، أما عن استخدام الأطباء البيطريين الجس للكشف عن الحمل رد «الرفاعى» قائلاً: «اتعلمنا فى الكلية إن كشف الحمل بيتم عن طريق الجس وكلنا بنشتغل كده، والأجهزة الجديدة أكيد بتساعد كتير وليها مميزات ولكن سعر الجهاز 125 ألف جنيه»، مؤكداً أن جهاز كشف المعادن موجود فى غالبية الوحدات إلا إذا كان تعطل أو تكهن، وأنه يتم شراء الأجهزة من خلال صندوق العلاج الاقتصادى.

ورداً على وجود أزمة فى عدد العمال بالوحدات البيطرية، أكد «الرفاعى» أن الهيئة مسئولة عن الطب البيطرى وصحة الحيوان، أما العمال أو الأطباء فهم من اختصاص المحليات والمحافظة، قائلاً: «أنا لو فى عيادتى الخاصة هعمل كل حاجة هشتغل طبيب وعامل وإدارى، وعشان ظروف البلد لازم نشتغل ومانوقفش شغل ومانتحججش بإن مفيش إمكانيات أو عمال»، يصمت «مدير الإدارة العامة للرعاية والعلاج» ثم يستكمل حديثه قائلاً: «إحنا اتعلمنا إننا مانقولش نقص إمكانيات، ولكن نقول التصرف من خلال المتاح».

وخلال سؤاله عن الوحدات البيطرية المُغلقة، أجاب «الرفاعى» قائلاً: «مفيش وحدة بيطرية مُغلقة، يعنى إيه وحدة مغلقة؟ مفيش حاجة اسمها كده»، موضحاً أنه فى حالة صدور قرار إزالة تُغلق الوحدة وحينها يتم التواصل مع الوحدة المحلية لتوفير مكان بديل مؤقت، أو تغطية المنطقة بوحدات متنقلة مُجهزة، مُشيراً إلى أنه يحتاج إلى أكثر من مليون جنيه من أجل بناء وحدة بيطرية جديدة، ولكنه على الرغم من ذلك أكد أنه خلال الخمس سنوات المقبلة لديهم خُطة لإنشاء 2000 وحدة بيطرية جديدة فى كل قرية أم، كما أنه خلال العامين المقبلين ستكون الهيئة قد انتهت من رفع كفاءة كافة الوحدات البيطرية المتهالكة على مستوى الجمهورية.

ورداً عما قاله نقيب البيطريين بخصوص غلق بعض الوحدات البيطرية نتيجة بلوغ الطبيب بها سن المعاش، قال «مدير الإدارة العامة للرعاية والعلاج»: «مفيش وحدة ممكن تتقفل عشان الدكتور طلع على المعاش، والطبيب اللى بيطلع على المعاش بيتم توفير طبيب مكانه»، مؤكداً أنه لدى الهيئة حصر بجميع الوحدات التى تحتاج إلى تطوير ورفع كفاءة أو إحلال وتجديد، وأن نقيب البيطريين قام بالاتصال به يشكره عما تم تنفيذه من تطوير عدد من الوحدات.

فى عزبة صبرى بالإسماعيلية «الوحدة مغلقة منذ عام»

نظراً لضيق الطريق أمام الوحدة البيطرية بعزبة صبرى، التابعة لمركز القصاصين الجديدة بمحافظة الاسماعلية، قامت إحدى سيارات النقل الثقيل بالاصطدام بها، مما تسبب فى حدوث شروخ بالمبنى، وإغلاق تلك الوحدة بشكل كامل منذ عام، خوفاً على حياة من بداخلها من أطباء وموظفين، بعدما كانت تقدم تلك الوحدة خدماتها البيطرية منذ سنوات طويلة، حيث تم نقل الأطباء إلى وحدة أخرى بعزبة أم عزام، التى تبعد نحو 4 كيلومترات، وذلك وفقاً لأهالى عزبة صبرى.

كان محمد عبدالعزيز، 65 عاماً، واحداً من ضمن كثيرين تضرروا من غلق تلك الوحدة البيطرية، متذكراً أنه منذ نحو 5 أشهر كان لديه بقرة عُشر وأثناء الولادة حدثت لها انتكاسة مرضية لا يعلم سببها، وعلى الفور اتصل بأحد الأطباء البيطريين ليكشف عليها وأعطى لها أكثر من علاج ولكنه لم يُلاحظ أى تحسن فى حالتها، طبيباً وراء آخر يمر عليها ولا أحد يعلم سبب رقدتها، حتى جاء آخر طبيب وأبلغه بأنها تُعانى من شلل نصفى ولا يستطيع علاجها، وحينها قرر بيعها بعدما صرف على علاجها أكثر من 7 آلاف جنيه.

يُطالب «عبدالعزيز» بسرعة ترميم وفتح تلك الوحدة مرة أخرى لوقف نفوق المواشى داخل عزبة صبرى لأنها تخدم عزباً كثيرة: «قالوا إنها نزلت فى الخطة وهيرمموها لكن محدش جه ولا عمل حاجة»، مؤكداً أن الطبيب يحصل على 150 جنيهاً مقابل الكشف على الماشية بالمنزل، والخيار الثانى فى ظل غلق الوحدة هو تأجير سيارة تحمل الحيوان المريض إلى أقرب وحدة أخرى: «كل واحد عنده عيال محتاجين شوية لبن وحتة جبنة، ومش معانا فلوس نشترى زى بقية الناس، الفلاح حالته بقت صعبة خالص، أنا لو عيان وبهيمتى تعبانة بصبر على نفسى وأعالج بهيمتى».

يتمسك «عبدالعزيز» بأمله فى أن تعاود الوحدة البيطرية فتح أبوابها مرة أخرى، على الأقل حتى لا يعيش فى قلق دائم على بهائمه التى تسعى بين يديه، يتذكر حالة «فحلة بكرية» كان يمتلكها، ونفقت أيضاً بعدما زارها اثنان من الأطباء البيطريين: «بالنسبة لنا كفلاحين البهيمة دى مانقدرش نعيش من غيرها، وكل اللى بيقول عليه الدكاترة بياخدوه، وبنجيب الدكاترة دى من أى حتة وكل ما الناس بتقول على دكتور بنجيبه، ولو كانت الوحدة شغالة ماكانش حصل كل ده».


مواضيع متعلقة