باحث «القومى للبحوث»: الدولة تحمست لإنتاج مواد دوائية من «قش الأرز» فى 2016.. لكن المشروع توقف فجأة

باحث «القومى للبحوث»: الدولة تحمست لإنتاج مواد دوائية من «قش الأرز» فى 2016.. لكن المشروع توقف فجأة
- إعادة تدوير
- استغلال المخلفات
- الاقتصاد المصرى
- البنك الدولى
- السماد العضوى
- العام الماضى
- القومى للبحوث
- الماجستير والدكتوراه
- المخلفات الزراعية
- أبحاث
- إعادة تدوير
- استغلال المخلفات
- الاقتصاد المصرى
- البنك الدولى
- السماد العضوى
- العام الماضى
- القومى للبحوث
- الماجستير والدكتوراه
- المخلفات الزراعية
- أبحاث
قال الدكتور تامر رجب، الباحث فى المركز القومى للبحوث، إن مصر لديها فرصة كبيرة لاستغلال المخلفات الزراعية وتحقيق أموال طائلة من ورائها، موضحاً أن البنك الدولى ذكر فى تقاريره أننا نخسر نحو 20 مليار جنيه سنوياً بسبب سوء تعاملنا مع المخلفات الزراعية. وأضاف، فى حواره لـ«الوطن»، أن المركز به بحوث كثيرة عن إنتاج أسمدة عضوية من المخلفات الزراعية، واستخدامها كعلف حيوانى لتوفير مصدر غذائى غنى بالبروتين للحيوانات، وأيضاً إنتاج مواد تدخل فى صناعة الأدوية لعلاج بعض الأمراض، ووقود حيوى صلب بديلاً للفحم.
وانتقد «رجب» تجاهل الدولة للمشاريع البحثية وبراءات الاختراع المسجلة فى مجال إعادة تدوير واستغلال المخلفات الزراعية، مشيراً إلى أنه لجأ إلى أحد رجال الأعمال الكبار لتنفيذ أحد الأبحاث، فقال له «اللى ميعملوش الخواجة أنا معملوش».. إلى نص الحوار.
حدثنا عن جهودك البحثية فى مجال تدوير المخلفات الزراعية؟
- أنا باحث فى المركز القومى، سجلت الماجستير والدكتوراه بجامعة «فيينا»، بالتعاون مع جامعة بنها، وركزت فى رسالتى على تعظيم الاستفادة من المخلفات الزراعية، وحكايتى مع هذا المجال بدأت عام 2008، خلال تحضيرى رسالة الماجستير، تحت إشراف بروفيسور شهير يُدعى «فالتر شميت»، ومجموعة أخرى من العلماء، حيث تحدثنا عن كيفية الاستفادة من المخلفات الزراعية فى مصر، وأنا أخبرتهم أن المخلفات فى مصر تُعتبر مشكلة كبيرة، وأسوأها يتمثل فى قش الأرز، الذى نحرق منه نحو 5 ملايين طن سنوياً، فى 15 يوماً فقط، ما يؤثر على صحة المواطنين ويتسبب فى سحابة سوداء تغطى سماء عدة مدن.
تامر رجب: مصر تخسر 20 مليار جنيه سنوياً لسوء استخدام المخلفات الزراعية
ما حجم الخسائر التى يسببها التخلص غير المثالى من المخلفات الزراعية؟
- البنك الدولى أخبرنا أننا نخسر 20 مليار جنيه لإهمالنا استغلال المخلفات الزراعية، وأن مصر يمكن أن تستغلها لصالحها، وهذه الخسائر تأتى فى صورة غير مباشرة، لأن حرق المخلفات يسبب انبعاثات حرارية والأدخنة تضر بالصحة، كما أنها تؤثر على السياحة، فالسياح لا يأتون من شهر أغسطس إلى سبتمبر، لأن هذا موسم حرق قش الأرز، ويمكن توفير هذه الأموال، بل وتحقيق مكاسب أكبر إذا تم استغلال المخلفات بشكل علمى.
وما هو الاستغلال الأمثل للمخلفات الزراعية الذى اقترحه علماء الخارج ممن عملت معهم؟
- قررنا أن الحل هو تحويلها إلى سماد عضوى، وهنا أشير إلى أن السماد الموجود والمنتشر فى مصر ليس سماداً عضوياً، فهى كلمة مغلوطة يضحك بها التجار على الفلاحين، اليوريا مادة عضوية، لكن الوزن الجزيئى لها قليل، وعندما توضع فى التربة وتروى بالمياه فإن معظمها يذوب والباقى يحدث له ترسيب فى التربة، ثم يصل إلى المياه تحت السطحية ليعود لنا فى مياه الشرب ونشربه ويسبب لنا السرطان. ونحن قررنا أن نخترع مادة تحقق التماسك للتربة، وبدلاً من أن يروى الفلاح كل 10 أيام يروى كل 15 يوماً، وهذا سيوفر المياه، وبالفعل اخترعنا «السماد العضوى» من المخلفات الزراعية، وأنشأنا فى فيينا مصنعاً وما زال يعمل، وهو يعمل على المخلفات الخشبية، ولكن نفس الأمر جربته على قش الأرز المتوفر فى مصر ونجح، وهذه كانت مرحلة الماجستير، وفى مرحلة الدكتوراه انتبهت إلى مخلفات أخرى غير قش الأرز مثل «سفير» القصب، الذى يتم حرقه وبأحجام كبيرة، لكن لا يشعر به أحد مثل حرق الأرز، لأن زراعات الأرز قريبة من العاصمة، عكس زراعات القصب البعيدة عنها فى الصعيد، كما أن الصعيد يواجه مشكلة أيضاً مع حطب الذرة.
اشرح لنا كيفية استخدام هذه المخلفات فى إنتاج مواد مفيدة؟
- أذكر لك براءة اختراع عن تصنيع المادة المكونة لأقراص الدواء، قرص الدواء يتمثل فى مادة مالئة ومادة نشطة، والمادة المالئة هى واحدة فى كل الأقراص مهما كانت استخداماتها للإنفلونزا أو لعلاج أى مرض، فهى جسم القرص، وهذه المادة نستوردها من الخارج، كنا نستوردها من فرنسا، ثم بعد ذلك الصين والهند، ويتراوح سعر الكيلو فيها من 100 إلى 1000 دولار، بحسب نقاوتها، ولكنا تمكنّا من خلال مادة السيليلوز المستخرجة من قش الأرز من إنتاج هذه المادة وهى «الميكروسليلوز البلورى» بسعر نحو ٤ دولارات فقط للكيلو، وليس بحجم «المايكرو» بل بالحجم «النانوى» -الأصغر والأدق- أيضاً، وبها يمكن أن نسرّع وصول المادة العلاجية للعضو المصاب فى الجسم وتقليل المدة اللازمة لتأثر العضو بالعلاج، وهذا من خلال تحسين الخواص الفيزيقية للمادة نفسها. ورحب المركز القومى بهذا الابتكار، وكان بصدد إنشاء مشروع لتصنيع الأقراص الدوائية فى عام 2016، واهتمت الدولة به، بل ورجال الأعمال أيضاً، لكن تدخل الدولة جعل رجال الأعمال يتراجعون، ورغم ذلك لم ننفذ المشروع حتى الآن.
نظرة رجال الأعمال للأبحاث لا تختلف عن "التاجر"
هل تعرف سبب توقف الدولة عن التنفيذ؟
- لا أعرف.
هل قدمت إسهامات أخرى؟
- نعم، تمكنت من تعديل التركيب الكيميائى لمادة «السيليلوز» لعلاج قرحة المعدة، وهذا بحث منشور العام الماضى وحصل على جائزة «خليفة» الدولية كأفضل بحث تطبيقى، والبحث ببساطة عبارة عن معاملة كيميائية، وكان مصدر مركب السيليلوز من قش الأرز وجريد النخل، وتمكنت من مقارنة المادة الدوائية بالمواد والأدوية الموجودة فى السوق لنقيس ونقيّم حجم ابتكارنا، وأجرينا التجربة على فأر، وأنا كنت من الناس الذين عملوا على هذا البحث ونُشر فى مجلة enviromental science and pollution research عام ٢٠١٨، وهو مبشر جداً، ومصر يمكن أن تستفيد وتصدر للخارج. وكذلك استخرجنا من نفس المركب مادة مضادة للجلطات، وكانت المادة الدوائية الخاصة بالتجلطات لها نتائج رائعة بمقارنتها مع الموجودة فى الأسواق الدوائية، ونُشر هذا البحث فى مجلة journal of enviromental science and technology عام ٢٠١٤، وإذا استكملنا البحث سيأتى يوم ونقول إننا أنتجنا دواء لعلاج الجلطات وقرح المعدة من المخلفات الزراعية، لكن توجد معوقات لإكمال البحث وابتكار الدواء، وهى معوقات روتينية تتمثل فى تمويل الأبحاث.
بكم يدعم المركز القومى المشروعات البحثية؟
- حجم الدعم 50 ألف جنيه فقط، أى ما يقل عن 3 آلاف دولار للمشروع.
هل ترى أن هذا كافٍ؟
- قليل جداً، لكن نحن نرضى بالقليل، ونتمنى أن يستمر.
ما دام إنتاجك غزيراً هكذا لماذا لم تقدمه لرجال الأعمال؟
- عرضت على بعض رجال الأعمال والتقيت بعضهم، وأذكر لقاء لى مع شخصية كبيرة جداً فى الاقتصاد المصرى، قال لى بالحرف الواحد: «اللى ميعملوش الخواجة أنا معملوش، وأنا أسهل عليا أشتريها من الخواجة وأبيعها هنا وأكسب فيها بسرعة»، للأسف هذه نظرة رجال الأعمال، وهى نظرة التاجر.