بعد استقالة بوتفليقة.. خبراء يتوقعون المستقبل السياسي للجزائر

كتب: دينا عبدالخالق

بعد استقالة بوتفليقة.. خبراء يتوقعون المستقبل السياسي للجزائر

بعد استقالة بوتفليقة.. خبراء يتوقعون المستقبل السياسي للجزائر

في خطوة مفاجئة، أعلن الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، تركه لمنصبه قبل 28 أبريل الحالي، الذي تنتهي فيه ولايته الرئاسية، معلنا عدم ترشحه لفترة أخرى، وفقا لبيان الرئاسة الجزائرية.

وبحسب بيان صادر عن الرئاسة الجزائرية، فإن بوتفليقة سيصدر "قرارات مهمة" قبل استقالته من منصبه، تهدف إلى "ضمان استمرارية سير مؤسسات الدولة خلال الفترة الانتقالية".

وعلى مدى حوالي شهرين، كانت الجزائر تشهد احتجاجات واسعة ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، بعدما ظل في سدة الحكم أكثر من 20 عاما، والتي سرعان ما تراجع عنها.

كما أرجأت الانتخابات الرئاسية، التي كانت مقررة في الشهر الحالي، من دون الإعلان عن موعد جديد لتنظيمها، وبموجب الدستور الجزائري، فإنه بمجرد استقالة الرئيس يتولى رئاسة الدولة بالنيابة رئيس مجلس الأمة لمدة 90 يوما تنظم خلالها الانتخابات الرئاسية، وهو ما أثار غضب المتظاهرين، ما دفع قائد الجيش للتدخل، واقترح الأسبوع الماضي أن ينظر المجلس الدستوري في مدى أهلية الرئيس للبقاء في منصبه، وفقا لموقع "سكاي نيوز".

وجاء بيان الرئاسة الجزائرية، غداة إعلانه تشكيل حكومة جديدة، وذلك مع استمرار الاحتجاجات الرافضة لبقائه في الحكم، حيث إن 21 وزيرا، من جملة 27 وزيرا، تم تغييرهم، بينما يبقى نور الدين بدوي رئيسا للوزراء.

جدير بالذكر أن الرئيس الجزائري الذي أوشكت ولايته الرابعة على الانتهاء، أصيب بسكتة دماغية قبل نحو 6 أعوام، ونادرا ما يظهر في فعاليات عامة منذ ذلك الحين.

وبذلك القرار الأخير، الذي جاء نتيجة ضغط شعبي كبير وانحياز القوات المسلحة للمحتجين، والدعوات المتكررة بتطبيق المادة رقم "102" من الدستور الجزائري التي تنص على إقالة رئيس الجمهورية لمانع طبي، وهو ما كان سببا رئيسيا في دفع بوتفليقة لاتخاذ ذلك القرار، كون أي نظام حكم يحتاج لظهير شعبي وأمني، وفقا للدكتور هشام البقلي، الخبير في الشؤون العربية.

وتقول المادة 102 من الدستور المعدل عام 2016: "إذا استحال على رئيس الجمهوريّة أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدّستوريّ وجوبا، وبعد أن يتثبّت من حقيقة هذا المانع بكلّ الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التّصريح بثبوت المانع"، وتشير المادة في بقية فقراتها إلى أن رئيس مجلس الأمة يتولى رئاسة الدولة بالنيابة لمدة لا تزيد عن 45 بعد إعلان البرلمان ثبوت المانع، أما في حالة استمرار مرض رئيس الدولة بعد ذلك، فذلك يعني استقالته ثم شغور منصبه الذي يتولاه رئيس مجلس الأمة من جديد لمدة لا تزيد عن 90 يوما، تنظم خلالها انتخابات رئاسية لانتخاب رئيس جديد، بحسب موقع "سي إن إن" الإخباري الأمريكي.

وأضاف البقلي، لـ"الوطن"، أن الأوضاع خلال الفترة الانتقالية المقبلة بالجزائر ستكون صعبة للغاية، نظرا لسيطرة الحزب الحاكم على مفاصل الدولة بشكل كبير، مؤكدا أن الشعب الجزائري لديه حالة من الوعي بضرورة محاسبة المتورطين في قضايا الفساد وأهمية وجود وجوه جديدة عن النظام الماضي، ما يعني أنه تعلم من الدروس السابقة من ثورات البلدان العربية.

"محاربة الفساد ستحتاج لوقت طويل حتى إتمام الأمر بشكل جيد"، في رأي الخبير بالشؤون العربية، مشيرا إلى أنه في خضم ذلك من الممكن أن تشهد البلاد محاولات من التيار الاسلامي ليكون له دور مثلما حدث بعدد من البلدان.

وفيما يخص الانتخابات الرئاسية، أوضح أنه لم يتم تحديدها حتى الآن، حيث لا يوجد توافق حول شخصيات محددة، ما من الممكن أن يولد صراعا قويا بين الأحزاب السياسية، ليظل المنصب شاغرا، واتخاذ الإجراء الدستوري اللازم بذلك الشأن، مرجحا تأجيلها لحين استقرار الأوضاع بالجزائر.

 ومن ناحيته، أكد السفير رخا حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن إعلان الرئيس الجزائري ليس استقالة وإنما هو تأكيدا لتركه منصبه فيا لموعد المحدد وعدم ترشحه لولاية جديدة، موضحا أنه وفقا للقراءات الداخلية بالبلاد، يوجد عدة سيناريوهات محتملة، أولها أن يوكل بوتفليقة لرئيس البرلمان السلطة، مشيرا إلى أنه من المرجح إجراء انتخابات برلمانية لعدم التوافق على رئيسه حاليا.

وأردف حسن أنه يوجد سيناريو آخر بأن يتم تشكيل لجنة ائتلافية من بعض قيادات المظاهرات وأحزاب المعارضة وممثلين للحكومة تشرف على الانتخابات لفترة انتقالية محددة بمدة تتراوح بين 3 أشهر وحتى عام، كون الشارع الجزائري رافضا أن يتولى أي من رجال بوتفليقة السلطة، مؤكدا أن ذلك هو السيناريو الأرجح، خاصة بعد تعلم الشعب من أخطاء الثورات بعدد من البلدان العربية، ومن ثم لن يترك الأمر سوى بتنفيذ مطالب الاحتجاجات.


مواضيع متعلقة