السيسي في القمة العربية: ألم يئن الأوان لوقف نزيف الدم العربي؟

السيسي في القمة العربية: ألم يئن الأوان لوقف نزيف الدم العربي؟
- أحمد أبو الغيط
- أمين عام
- إرادة سياسية
- الأجيال القادمة
- الأزمة اليمنية
- الأمم المتحدة
- الإرادة السياسية
- أحمد أبو الغيط
- أمين عام
- إرادة سياسية
- الأجيال القادمة
- الأزمة اليمنية
- الأمم المتحدة
- الإرادة السياسية
شارك الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم، في أعمال القمة العربية الـ30 المنعقدة في تونس، بحضور عدد من القادة والزعماء العرب، ويتضمن جدول أعمال القمة نحو 20 مشروعا وملفا، أبرزها الرد على الإعلان الأمريكي بشأن الجولان المحتل رغم غياب سوريا عن القمة، وكذا القضية الفلسطينية، والأوضاع في ليبيا واليمن، ودعم التنمية في السودان، والتدخلات الإيرانية في شؤون الدول العربية.
وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي في بداية كلمته: "أود في البداية أنّ أتقدم بخالص الشكر، للأخ الرئيس الباجي قايد السبسي، وحكومة وشعب الجمهورية التونسية الشقيقة، على الاستضافة الكريمة والتنظيم المتميز للقمة العربية في دورتها العادية الثلاثين، معربا عن صادق الأمل في نجاح هذه القمة، التي لا يخفى على أحد أنّها تأتي في منعطف خطير في تاريخ أمتنا العربية، ازدادت فيه التحديات وتعددت الأزمات، وتعقدت المهام المطلوبة لمواجهتها".
وتابع الرئيس: "بعض هذه التحديات متراكم، وهو جزء من إرث مرحلة التحرر الوطني، ومرحلة تأسيس جامعة الدول العربية في الأربعينيات من القرن الماضي، ويأتي على رأسها الصراع العربي الإسرائيلي، الذي أثق في أنّنا جميعا نتفق على أنّه لا مخرج نهائي منه إلا بحل سلمي شامل وعادل، يعيد الحقوق إلى أصحابها، بحيث يحصل الشعب الفلسطيني على حقه في الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وتعود الجولان المحتلة إلى سوريا، لتتحرر جميع الأراضي العربية المحتلة، ويتم طي هذه المرحلة المؤلمة، التي استنزفت الأمة وطاقاتها لسبعة عقود، وتبدأ مرحلة السلام الشامل والعادل وإعادة البناء".
وزاد السيسي: "غير أنّ الأمر لا يقتصر على تراكمات موروثة، واستحقاقات متبقية من مرحلة التحرر الوطني، وإنّما هناك أيضا التحديات التي شهدناها في العقد الأخير، وحزمة الأزمات التي تفجرت منذ 8 أعوام في أكثر من بلد عربي، من سوريا إلى ليبيا واليمن، وغيرها من الدول العربية، لتحمل أخطار التفكك والطائفية، والإرهاب الذي بات يهدد صلب وجود الدولة الوطنية ومؤسساتها في منطقتنا العربية، ويهدر مبادئ العروبة والعمل المشترك، لصالح تدخلات إقليمية في شؤون دولنا، وتوجهات طائفية ومذهبية تفرق بدلا من أن تجمع، وتهدم بدلا من أن تبني.
وأوضح الرئيس: "تلك التراكمات وهذه التحديات الجديدة، تضع على عاتقنا كقادة لدولنا وشعوبنا في هذه المرحلة الفارقة من تاريخ أمتنا، مسؤولية عظيمة، فما سنتخذه من قرارات لمواجهتها سيكون له أثر حاسم، ليس فقط على حاضرنا، وإنّما أيضا على مستقبل الأجيال المقبلة، التي ستحاسبنا كما سيحاسبنا التاريخ على القرارات التي سنتخذها، وعلى النهج الذي سنتبعه في توجيه دفة دولنا، إما إلى بر الأمان بمشيئة الله، أو نحو مصير لا تحمد عقباه لا قدر الله، إنّ لم نحسن الاختيار، ونتمسك بالعمل المشترك الرشيد، الذي يعلي المصالح العليا لأمتنا العربية على كل اعتبار آخر".
واستطرد السيسي: "استمرار الظلم التاريخي الواقع على الشعب الفلسطيني، سيبقى وصمة عار حقيقية على جبين المجتمع الدولي، طالما استمر ضرب عرض الحائط بقرارات الشرعية الدولية، وبقيت محاولات الالتفاف على مرجعيات السلام ومحدداتها".
وأضاف الرئيس: "اختار العرب السلام، وقدموا مبادرة شاملة تمد اليد بالسلام العادل، مقابل تحرير الأراضي العربية المحتلة كافة وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية. ولازالت اليد العربية ممدودة بالسلام العادل والشامل، القائم على التمسك الكامل بكافة الحقوق المشروعة، وبمقررات الشرعية الدولية، ورفض أية محاولة للالتفاف عليها".
وأوضح السيسي: "إنّنا اليوم أمام استحقاق آخر، لا يقل إلحاحا أو تأثيرا على مستقبل منطقتنا، بل والعالم كله، وهو المواجهة الشاملة لجميع أشكال الإرهاب، وما يتأسس عليه من فكر متطرف يبيح قتل الأبرياء، وينتهك كل التعاليم الدينية السمحة، والمبادئ الأخلاقية والأعراف الإنسانية كافة، كما أنّ مواجهة خطر الإرهاب الذي بات يهدد وجود الدولة الوطنية في المنطقة العربية، تقتضي التحرك بشكل سريع ودون مماطلة، لتطبيق جميع عناصر المقاربة الشاملة لمكافحة الإرهاب، التي تضمنتها قرارات جامعة الدول العربية ذات الصلة، وعلى رأسها قرار تطوير المنظومة العربية لمكافحة الإرهاب، الذي اعتمد في القمة العربية الأخيرة في الظهران".
وزاد الرئيس: "لن تكون هذه المواجهة الضرورية ناجحة، إلا إنّ شملت أيضا التحرك الحثيث لتجديد الخطاب الديني، بحيث يعكس الروح السمحة الحقيقية لديننا الحنيف، بعيدا عما يدعيه الجهلاء، وبمنأى عن أية أفكار تخالف جوهره، وتدعو للعنف أو الفرقة أو الطائفية، باسم الدين، وهو منها براء، ولا يزال الدم العربي يراق في عدد من الأوطان العربية، بأيد عربية حينا، وعلى يد إرهابيين أجانب وميليشيات عميلة لقوى إقليمية، تسعى للتدخل في الشؤون العربية لإعلاء مصالحها، أحيانا أخرى".
وتساءل السيسي: "ألم يئن الأوان لوقف هذا النزيف المستمر للدم العربي؟، ألم يحن الوقت لتسوية عربية لتلك الأزمات.. تحقن الدماء وتحفظ دولنا، وتوقف الإهدار المستمر لمقدرات شعوبنا وثرواتها؟"، مطالبا بالتحرك الفوري لبدء المفاوضات في إطار عملية جنيف، لتحقيق تسوية شاملة للأزمة في سوريا، تحفظ وحدتها وسلامتها الإقليمية، التي باتت اليوم مهددة أكثر من أي وقت مضى، منذ اندلاع هذه المحنة قبل 8 أعوام، وتحقق الطموحات المشروعة لشعبها، وتعيد بناء هذه الدولة العربية العريقة ومؤسساتها، وتقضي على الإرهاب البغيض.
وأكد الرئيس، أنّ الطريق واضح وعناصر التسوية الممكنة معروفة، والمكونات الأربع للمفاوضات كما حددتها الأمم المتحدة وقرار مجلس الأمن رقم 2254، معلومة للكافة، وأنّ المطلوب فقط هو إرادة السلام والتسوية لدى الفرقاء السوريين، وموقف عربي حاضن لهذه التسوية وداعم لها، وضاغط في اتجاه تحقيقها، ورافض بشكل قاطع لكل التدخلات من أي قوى إقليمية غير عربية، تحاول استغلال محنة الشعب السوري الشقيق، لبناء مواطئ نفوذ على أراضي هذه الدولة الشقيقة.
وطالب السيسي كذلك بتحرك شامل لتنفيذ عناصر مبادرة الأمم المتحدة للتسوية في ليبيا، التي اعتمدها مجلس الأمن منذ أكثر من 18 شهرا، وأضاف: "مرة أخرى أقول، إنّ عناصر التسوية قائمة ومعروفة للكافة، والمطلوب هو إرادة سياسية تتعالي على المصالح الضيقة، وتعلي مصلحة ليبيا واستقرارها فوق المزايدات السياسية والمطامع الشخصية، وأنّ يقف المجتمع الدولي وقفة حازمة في وجه قوى معروفة للجميع، تورطت ولا تزال في تهريب السلاح والمقاتلين إلى ليبيا، ودعم المنظمات الإرهابية دون أي رقابة أو محاسبة".
وتابع الرئيس: "في اليمن، نضم صوتنا إلى كل المطالبين بتطبيق اتفاق ستوكهولم، وتنفيذ الانسحاب الكامل والفوري من ميناء الحُدَيْدَة، كمقدمة لبدء المفاوضات الرامية لتسوية الأزمة اليمنية وفقا لمرجعياتها المعروفة: قرار مجلس الأمن 2216، والمبادرة الخليجية، ومقررات الحوار الوطني، ونطالب الجميع بالتخلي عن منطق الغلبة والاستقواء، والتوصل إلى كلمة سواء، تعلي مصلحة اليمن وشعبه الشقيق.
وزاد السيسي: "واثق أيها الأشقاء أنّكم ستتفقون معي، في أنّه أينما أمعنّا النظر في مختلف أزمات منطقتنا، نجد عناصر الحل في هذه الأزمات معروفة ومتاحة، الغائب فقط هو الإرادة السياسية، والرغبة الصادقة في نبذ الفرقة، وإعلاء المصلحة الوطنية والقومية العليا فوق كل اعتبار آخر. فلتكن قرارات قمتنا هذه "نوبة إفاقة"، وإعلانا عن انطلاق قطار التسويات، وطي هذه الصفحة الحزينة من تاريخ أمتنا".
وأتمّ الرئيس: "آن الأوان أنّ نلحق كعرب بركب التقدم الاقتصادي الذي تعيشه مناطق أخرى متعددة في العالم، وأنّ نستفيد من الفرص غير المسبوقة التي يتيحها النظام الاقتصادي العالمي، ونحول الإمكانات الكامنة لأمتنا إلى حقائق، تعيشها وتنعم بها الأجيال الحاضرة والمقبلة، فلتكن اجتماعاتنا اليوم خطوة على طريق التنمية العربية الشاملة، التي يحق لكل مواطن عربي أنّ يحلم بها، وأنّ نبذل أقصى جهد لتحقيق هذه الآمال والتطلعات، وفقنا الله جميعا إلى كل ما فيه خير أمتنا العربية".