"الوطن" تحاور أسقف إيبارشية سيدني: حادث مسجدي نيوزلندا "بشع" ويدق ناقوس خطر الإرهاب العالمي

"الوطن" تحاور أسقف إيبارشية سيدني: حادث مسجدي نيوزلندا "بشع" ويدق ناقوس خطر الإرهاب العالمي
- نيوزلندا
- حادث نيوزلندا
- الإرهاب العالمي
- الأنبا دانييل
- أستراليا
- إيبارشية سيدني وتوابعها للأقباط الأرثوذكس
- نيوزلندا
- حادث نيوزلندا
- الإرهاب العالمي
- الأنبا دانييل
- أستراليا
- إيبارشية سيدني وتوابعها للأقباط الأرثوذكس
قال الأنبا دانييل، أسقف إيبارشية سيدني وتوابعها للأقباط الأرثوذكس، إن حادث قتل المصلين في مسجدي نيوزلندا يوصف بـ"الجريمة البشعة" من الإنسان ضد أخيه الإنسان، فمرتكب هذا الحادث، فهو إنسان خطط لهذا الحادث جيدا ونفذه بقلب بارد، ولكن تخطيطه كان في الشر.
وأضاف الأنبا دانييل، في أول حوار صحفي له أختص به "الوطن" عقب حادث نيوزلندا، أن بعض الكنائس التابعة للإبراشية ستقيم صلوات من أجل ضحايا الحادث الإرهابي، اليوم، وسيصلي فيها كبار السن والمهاجرين الجدد، أما الأحد المقبل سيشهد صلوات في جميع الكنائس من أجل ضحايا الحادث، لأن الجمعة يعد يوم عمل في أستراليا.
وتحدث الأنبا دانييل عن تجديد الخطاب الإنساني، ووجه الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسي، لكل مبادراته المخلصة الوطنية والشجاعة، مشيرا إلى أن تجديد الخطاب الإنساني يجب أن يرتكز على أربعة محاور.
وإلى نص الحوار،،،
الأنبا دانييل لـ"الوطن": مرتكب الحادث شرير ونفذه بدم بارد
- كيف ترى نيافتك هذا الحادث الإرهابي؟
إنه حادث يوصف بـ"جريمة بشعة" من الإنسان ضد أخيه الإنسان، فالنسبة لمرتكب هذا الحادث، فهو إنسان خطط لهذا الحادث جيدا ونفذه بقلب بارد، ولكن تخطيطه كان في الشر، وكان شريرا، وها هو هذا الشخص في السجن، يواجه عقوبته الأرضية وبعدها عقوبته السماوية بالطبع، فكل إنسان منا يعطي حسابا عن أعماله في يوم الدينونة العظيم.
هذا الحاث البشع أدي إلى قتل أكثر من 50 شخصا من جنسيات متعددة كانت تصلي في الجامع إلى ربها، وانتهت حياتهم بهذا الفعل الشنيع، وهم يصلون في مكانهم المقدس، إننا نسأل الرحمة لهم، من قبل الله وياليتنا نأخذ درسا هاما لنا كلنا، وهو ما هي حياتنا إنها بخار يظهر قليلا ثم يضمحل في أي وقت وفي أي مكان وبطرق متعددة فيجب على الإنسان أن يكون دائما إنسانا صالحا مستعدا للقاء ربه في أي وقت، هذا الحادث سبب حزنا لخمسين منزلا، وأسر الضحايا وسبب حزنا لبيوت أكثر من أقرباء الضحايا وسبب حزنا ثالثا لبيوت أصدقاء الضحايا، وأتجاسر وأقول إن سبب حزنا رابعا لأسرة هذا الإرهابي الذين تلوثت سمعتهم بولادة ابن سلم نفسه للشر سوف لن يروه بعد اليوم، هذا الحادث سبب حزنا كثيرا لبيوت كثيرة لا تحصي في نيوزلاندا وفي أستراليا، وأنا اتساءل: "ما الذي جناه هذا القاتل من كل ما سببه من حزن؟" للأسف لم يجني شيئا غير أنه إنسان فقد إنسانيته وأصبح قاتلا لأخيه الإنسان، إن هذا الحادث بالنسبة لقادة الدول، وكل من هو في منصب، ولكل إنسان شريف ووطني، لهم ناقوس خطر يدق يرن بصوت عالي جدا ينبه إلى فظاعة الإرهاب في العالم، ويتطلب فعلا مشتركا من الكل لمحاولة تقليل ضرره ولا أقول منعه، لأن الإرهاب كائن منذ البدء، منذ أن قتل قابيل أخاه هابيل، دون سبب.
- ما هي الأسباب التي تؤدي إلى التطرف بهذا الشكل الفظيع؟
هذا السؤال محير للغاية، ولكن دعنا نقول إن هناك أسباب تكوينية تختص بهوية الإنسان، التي يتحكم فيها ثلاثة عوامل هامة جدا وهي الديانة والثقافة وطبيعة الإنسان، فربما هوية المتطرفين عموما بها خلل في هذه العوامل الثلاث، فمثلا الخلل الأيدولوجي، الذي يتبني فكرة مريضة تحرض على إنهاء حياة الآخر الذي لا يوافقني في مبدأي، ومثلا آخر، الخلل الديني الذي ينتمي إلى فهم الدين بطريقة خطأ تحرض على عدم قبول من هم لا يدينون بديني ومثالا ثالثا للخلل في طبيعة الإنسان، الذي ينتمي إلى طبيعة قاسية في الإنسان تبدأ بالعنف وتصل إلى القتل ربما لمجرد الثأر، ومثالا رابعا ربما يكون هناك خللا في الناحية النفسية من طبيعة الإنسان فيقوم بعمل إرهابي ظانا في نفسه أن يقوم بعمل جليل وهو عمل خطير وإرهابي.
وأتجاسر وأقول إن بعض وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت في زماننا غير محدودة بأركان الحادثة التاريخية الثلاث، وهي: الإنسان والزمان والمكان، أدت إلى التطرف فالإعلام السليم والمسؤول يقوم بعمل التوعية لشعبه لخطورة الإرهاب الذي يمكن أن يدمر نواة المجتمع المتمثل في الأسرة، وإن تدمر المجتمع تدمرت دولته لاحقا.
- ما دور المؤسسات الدينية في توعية الشباب بمخاطر فكر التطرف الذي لا علاقة له إطلاقا بالأديان السماوية؟
دور المؤسسات الدينية هام جدا ويتمثل في الدور التعليمي بمبادئ وقيم الأديان السمحة مثل التسامح وقبول الآخر وتشجيع الإنسان على التقوى والصلاح وتعليم الإنسان، وأن التطرف في كل شيء بغيض، وأن الإنسان يجب أن يعلم أن قتل أخيه الإنسان لهو شيء مكروه من بعدين هامين جدا، الأول كسر وصية الله الذي قال: "لا تقتل"، والبعد الثاني والأخطر هو أن القاتل يسرق حق الله ويقوم مكانه فالوحيد الذي له حق إنهاء حياة الإنسان هو خالقه، وأعتقد أن دور المؤسسات الدينية يجب أن يحتوي على نقطة هامة جدا، وهي التعاون بين المؤسسات الدينية التي تتبع دينا واحدا مثل تعاون الكنائس بعضها البعض من خلال مجالس الكنائس المحلية والإقليمية والفيدرالية والعالمية وتعاون المؤسسات الدينية التي تتبع دينا واحد مع المؤسسات الدينية التي تتبع دينا آخرا مثل تعاون المؤسسات الدينية المسيحية مع المؤسسات الدينية الإسلامية والمؤسسات الدينية اليهودية، وهذا ما قامت به بنجاح الكنيسة الكاثوليكية في سيدني، فلقد قام رئيس الأساقفة أنتوني فشر بدعوة كل رؤساء الكنائس والقيادات الإسلامية والقيادات اليهودية في سيدني بأستراليا إلى الذهاب لكنيسته في قلب مدينة سيدني، الأحد 17 مارس 2019، ودعا أيضا الحاكم العام لولاية نيوساوث ويلز ودعا أيضا رئيس وزراء أستراليا سكوت موريسون، ورئيس وزراء ولايتنا نيوساوث ويلز بأستراليا السيد إقلاديس برجكليان إلى صلاة مسكونية روحانية، كان لها أثرها الكبير في أستراليا والعالم، وكانت الدعوة لهذه الصلاة المسكونية بسبب حادث نيوزيلندا وهنا نري أن دور المؤسسات الدينية داعم بشكل كبير إلى الدور السياسي في مواجهة الإرهاب.
التطور التكنولوجي يؤثر على الشباب الغير متأصل في دينه
- إلى أي مدى أثر التطور التكنولوجي في بعد الشباب عن دينهم؟
في اعتقادي أن التطور التكنولوجي يؤثر علي الشباب الذي ليس هو متأصل في دينه، إنما لا يؤثر في الشباب المتأصل في دينيه منذ بداية تكوينه، ولكن دعنا نكون صريحين فحتى الشباب المتأصل في دينه منذ بداية تكوينه أصبح يتأثر بالتطور التكنولوجي في عالمنا الحاضر، وذلك من خلال أبعاد أربعة هي البعد الزمني فأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي الإيجابية والسلبية تأخذ كثير من وقت شبابنا، الأمر الذي يمكن أن يؤثر علي علاقة شبابنا بالله.
وأقول إن بعض الشباب غير المتأصل في دينه أصبح مدمنا لوسائل التواصل الاجتماعي وكذلك بعض الشباب المتأصل في طريقه إلى الإدمان لأنه يرى الشباب من زملائه يسلكون هذا الطريق، والبعد الثاني أن التطور التكنولوجي السلبي أثر في التكوين النفسي والفكري والروحي لبعض الشباب فهناك أفكارا لا تليق تنشر وبدون رقيب في وسائل التواصل الاجتماعي، ويمكن أن تلوث فكر شبابنا الطيب والطاهر والجميل، والبعد الثالث هو أن التطور التكنولوجي أثر في بعض شبابنا من ناحية الانتقادات لكل شيء حتي الثوابت والتقاليد والتاريخ العظيم والأمور التي ورثناها من الأجداد من خلال الآباء، فأصبح النقد يطول كل المؤسسات وكل إنسان مهما كانت المؤسسة ومهما كان الإنسان، والنقد ليس بعيب ولكن النقد يجب أن يكون هدفه بناءا وليس هداما، وأما البعد الرابع فالتطور التكنولوجي أثر علي بعض الشباب من ناحية حب التغيير غير المخطط له فالتخطيط علم كبير وله خطواته العشر الهامة جدا، والتي البند الثالث منها هو القيام بعمل التحاليل اللازمة من ناحية أصحاب المصلحة والمؤثرات الخارجية والمؤثرات الداخلية التي يمكن أن تؤثر في أي خطة قبل أي تغيير، فإن لم تدرس هذا النقاط العشر جيدا يمكن للتغيير أن يكون مكلفا ومدمرا.
أشكر الرئيس عبدالفتاح السيسي، لكل مبادراته المخلصة الوطنية والشجاعة لا سيما تجديد الخطاب الإنساني
- الرئيس عبدالفتاح السيسي طالب بتجديد الخطاب الإنساني، فكيف يتم تطبيقه؟
إننا نود أن نسجل صوت الشكر والتقدير لفخامة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، لكل مبادراته المخلصة الوطنية والشجاعة وفي تواضع نقول إن تجديد الخطاب الإنساني يجب أن يكون على أربعة مرتكزات، الأول منها أن يكون خطاب المسؤليين وخطاب القيادات الدينية مهتما بالناحية الإنسانية في المواطن فالإنسان كائن فريد فيجب على الإنسان أن يكون على قدر المسؤولية التي خلقها الله من أجله، والمرتكز الثاني هو أن يكون خطاب السياسيين والمسؤولين الدينيين مهتما بالناحية الثقافية للأديان، فكان مساحات مشتركة كثيرة بين الأديان السماوية، فلماذا لا نعقد ندوة تناقش هذا المساحات المشتركة بل وأتجرأ وأقول ندرسها ضمن مناهج الأديان في المدارس، والمرتكز الثالث هو أن يكون خطاب المسؤلين والقيادات الدينية مهتما بالناحية الروحية والأخروية للإنسان، فالإنسان مهما كان فهو كائن روحه يجب أن تكون ملتصقة بخالقه الأمر الذي يجعله إنسانا تقيا وصالحا، والأهم أن الإنسان يجب أن يعلم أن هناك عالما آخر بعد موته وهو العالم الآخر الذي يكون للأبرار والصالحين، أما المرتكز الأخير والرابع فهو أن يهتم المسؤوليين والقيادات الدينية بالناحية النفسية للإنسان فنفس الإنسان رقيقة ومرهفة فكلمة تشجيع من مسؤول أو قائد ديني تجعل صاحبها سعيدا وينتج أكثر، وكلمة جارحة من مسؤول أو قائد ديني تجعل صاحبها حزينا ولا يحب أن ينتمي لوطنه ولا ينتج.
- كيف تسببت عدم متابعة الوالدين للأبناء في زيادة نسبة التطرف؟
المتابعة مبدأ هام جدا في أي شيء، وخصوصا أن عدم متابعة الوالدين لأبنائهم والتي يمكن أن تؤدي في بعض الأحيان إلى تطرف أولادهم ليس فقط للإرهاب بل في الأمراض المجتمعية الأخرى، مثل إدمان المسكرات والمخدرات، و العنف، ومثل الإساءة لجسم الإنسان، و لدينا في أستراليا من يقومون بعمل تاتو بأشكال غريبة ومخيفة في أجسادهم، وإلى آخر أنواع التطرف فأن عدم متابعة الوالدين لأبنائهم، أتحدث بالنسبة لنا في أستراليا، الأول يتمثل في أن أستراليا بلد حباها الله بنعم عظيمة ولكن يجب علي الإنسان أن يعمل على الأقل أثنتا عشر ساعة في اليوم لكي يستطيع أن يعيش حياة كريمة، وهذا الأمر أدى إلى أن يضطر الوالدين للعمل طيلة هذا الوقت وهنا نتجت مشكلة عدم وجود الوقت الكافي الذي يقضيه الآباء مع الأبناء، وأعتقد هذا من الخطر الكامن، أما السبب الثاني فهو أن عدم متابعة الوالدين للأبناء يرجع إلى اختلاف الثقافات بين جيل الوالدين وجيل الأبناء ففي أستراليا في الأسرة الواحدة هناك جيل الوالدين الذي يتحدث العربية وجزء من الإنجليزية، وجيل الأبناء الذي يتحدث الإنجليزية باللهجة الأسترالية، واتجرأ وأقول أن بعض الآباء لا يفهم ما يقوله أبنائهم، لأن لهجتهم وثقافتهم أصبحت تميل إلى الأسترالية.
والسبب الثالث في مجتمعنا الأسترالي يرجع إلى الحرية التي يمنحها مجتمعنا للأبناء، فالإبن له الحق في ترك المنزل عند سن الثامنة عشر، وله حق أن يستدعي الشرطة لوالديه إذا قام والده بمجرد إساءته، ناهيك إن قام بضربه، أما السبب الرابع والأخير في عدم متابعة الوالدين للأبناء، يرجع إلى طبيعة مكان عمل الآباء والأبناء فيمكن أن يكون عملهما في بلدات تفصلها الساعات بالطائرات في قارة أستراليا، وهذا يعتمد علي فرص العمل في هذا البلد المترامي الأطراف.