خالد منتصر يطالب فى أحدث كتبه بتدريس الثقافة الجنسية فى المدارس.. ويفند أساطير «ليلة الدخلة»

خالد منتصر يطالب فى أحدث كتبه بتدريس الثقافة الجنسية فى المدارس.. ويفند أساطير «ليلة الدخلة»
- خالد منتصر
- الجنس تواصل لا تناسل
- ثقافة الجنس
- الثقافة الجنسية
- الجنس
- خالد منتصر
- الجنس تواصل لا تناسل
- ثقافة الجنس
- الثقافة الجنسية
- الجنس
بطريقة الدارس لكل التفاصيل، والمُدرك لمدى أهميتها وخطورتها، وبلغة راقية وساخرة، يقدم الدكتور خالد منتصر، من واقع قراءاته وتخصصه فى الأمراض التناسلية، وجبة دسمة عن جدوى العلاقة الجنسية، وتفاصيلها، ومشاكلها، وأثرها على الرجل والمرأة، كما يجيب عن عشرات الأسئلة التى تدور فى أذهان الجميع، وأبسطها: «هل الهدف من ممارسة الجنس الحفاظ على النوع البشرى مثل باقى الكائنات الحية؟»، بمعنى هل هو غريزة إنسانية أم عاطفة؟.. وهل العلاقة تقتصر على غرف النوم أم يحتاج الأمر إلى تدرب وتمرس وتهيئة خاصة لتحقيق أكبر قدر من الاستمتاع؟ وهل للأدوية والمخدرات دور إيجابى كما يتردد؟ وما تأثير الأمراض المختلفة سلباً أو إيجاباً على العلاقة الجنسية؟
أسئلة متباينة وغيرها من علامات الاستفهام، يتعرض لها الدكتور خالد منتصر، رئيس قسم الأمراض التناسلية والجلدية بهيئة قناة السويس، فى كتابه «الجنس تواصل لا تناسل.. فصول فى الحب والثقافة الجنسية»، الصادر عن در «بتانة» للنشر والتوزيع، فالفكرة المحورية للكتاب هى أن الجنس لغة تواصل اجتماعى وحوار إنسانى، يقوم بالأساس على التفاعل بين اثنين، لا كما يحدث فى المعتاد (الرجل الفاعل والمرأة المستقبِل دون فعل).
{long_qoute_1}
فى بداية الكتاب يؤكد خالد منتصر أن طب الجنس يختلف عن كل التخصصات العلمية كونه لا يقف عند حدود المعادلات الكيميائية المحايدة، وأيضاً لا يمكن علاج مشكلاته بحقنة أو قرص أو عقار طبى، والتداخل فيه بين الفسيولوجى والعاطفى يؤثر بلا شك على العلاقة بشكل أساسى.
ولتفكيك العلاقة الجنسية إلى عناصرها الأولية رجل وامرأة وثالثهما المشاعر، يمكن ترجمة العلاقة إلى سلوكيات فعلية أو أقوال أو حتى إيماءات تعتمد على لغة الجسد، فيعرض الكاتب الاختلافات الأساسية بين الجنسين والتى من شأنها التأثير على العلاقة العاطفية وبالتالى الجنسية، ثم يتناول العملية بالتحليل عبر صفحات الكتاب الـ250، المقسمة إلى فصول تحمل عناوين دالة، على رأسها «الجنس الحاضر الغائب.. تواصل لا تناسل»، ومنها باب يحمل دعوة ناضجة لتدريس الثقافة الجنسية للتلاميذ فى المدارس باعتبارها «منتهى الأدب»، مؤكداً أن تدريس الثقافة الجنسية لا يعنى تدريس اللقاء الجنسى، موضحاً مقصده بالمصطلح «تدريس ومعرفة تضاريس الجسد وتغيراته العاصفة من مرحلة الطفولة إلى الشباب مروراً بالمراهقة»، موضحاً وجهة نظره «حذف النصف الأسفل من الجسم قرار ثقافة عربية خائفة ومرعوبة تعانى شيزوفرينيا تجاه الجنس والجسد تتحدث ليل نهار عن الجنس، لكنها فى العلن تحتقره، وتتخيل أنها بقدر إدانتها له بقدر اقترابها أكثر من معانى الشرف والسمو».
فى الفصل الثانى، يطرح «منتصر» سؤالاً: هل الجنس هو الجماع؟ ويقسمه إلى نحو 10 مقالات، فيعرّف الإطار العام للقاء الجنسى بـ«رجل فى رحم امرأة، وامرأة فى حضن رجل يحس بها كاملة وتحس به كاملاً، بعكس التلاقح الذى تحس فيه بالجزء البارز الذى اقتحمها لكى يلقى إفرازاته اللزجة ويرحل وكأنه قضى حاجته»، ويبدأ الفصل بالحديث عن بداية العلاقة فى اللقاء الأول المعروف بـ«ليلة الدخلة»، وما يكتنفها من أحاديث بعضها يعتمد على التهويل والمبالغة، مفنداً هذه الأحاديث بشكل علمى مبسط، كما يتعرض لمشكلة المرأة التى يجبرها زوجها على ممارسة العلاقة الجسدية رغما عنهاً تحت اسم الشرع، ويسميه المؤلف «الاغتصاب الزوجى»، فيربطه بما ورد من تفاسير دينية فى كتب الفقه، ويدين «منتصر» هذه التفاسير مؤكداً أنها السبب الرئيسى وراء القهر الجنسى الذى تتعرض له بعض النساء داخل بيوتهن. {left_qoute_1}
ويرد على هذه الآراء، قائلاً: «لو حقرنا الجنس فنحن بالتالى نُحقر الحياة ومعها أنفسنا قبل الجميع، فموقف مجتمعنا من الجنس مَرَضى، ويمكن أن نطلق عليه sexophobia، ومن أعراضه الجهل الكامل بالجنس ومعناه كوظيفة عضوية ودوافع نفسية، هذا الجهل الذى يجعلنا غير قادرين على التعامل معه كما يجب، ما يؤدى إلى العرض الثانى «العجز عن مواجهة الجنس بكل صوره سواء العلمى أو الفنى أو الاجتماعى النفسى، وكرد فعل طبيعى للعجز، فنحن نحتقره»، ليبدأ العرض الثالث منطقياً للعرضين السابقين وهو «الكبت والحرمان الجنسى»، إذ إن إيماننا الدفين بحقارة الجنس وتدنيه يجعلنا عاجزين عن دمجه فى مشاعر الحب والحنان والتواصل، وهذا الانفصال يُفقد الممارسات الجنسية فيما بعد مضمونها العاطفى والنفسى، لذلك نمارس كثيراً ولا نحس إلا نادراً، ويصل إلى العرض الرابع الذى يفسر لنا انتشار حالات التحرش الجنسى بشكل مرعب، فيقول: «يتجسد لنا الجنس فى كل شىء نراه، وراء كل ضحكة وإيماءة»، ثم يحذر: «لن نصل لأى درجة من درجات التصالح مع النفس طالما أن الجنس ينمو بداخلنا كجنين غير شرعى».
ويتصدى المؤلف فى أحد الفصول لمشكلة الطلاق التى تتزايد يوماً بعد يوم، وتحت عنوان «سرطان الطلاق المصرى بدايته علاقات مسرطنة»، مستعيناً بنتائج إحصائية للأمم المتحدة، وتقول إن مصر تحتل المرتبة الأولى على مستوى العالم فى نسب الطلاق، بمعدل 20 حالة طلاق كل ساعة، ويرى المؤلف أنها تعود لأسباب عدة، على رأسها غياب الحوار بين الرجل والمرأة، وعدم معرفة كل طرف بالخريطة النفسية للطرف الآخر، لافتاً إلى أن الزواج حالة حوار مستمر، ولا يعنى بها حالة الكلام، فالحوار عند المؤلف له أشكال متنوعة من بينها الكلام، كذلك العلاقة الجنسية التى يعتبرها «ترمومتراً» لصحة العلاقة الزوجية فى بعض مناطق الكتاب، بل ويجزم أن المرض الجنسى هو مرض علاقة بالأساس وليس مرض فرد.
وينتقل بعدها إلى موضوع آخر يحمل سؤال: «هل الجنس فى الأدب قلة أدب؟»، ويتعرض لأبرز الأعمال التى تناولت الموضوع بشكل صريح لمؤلفين طرحوه كمحور أساسى، ومحرك قوى لأحداث نصوصهم، سواء من خلال أعمال عربية أو عالمية، ومن بيئات اجتماعية تتنوع بين العشوائيات والأحياء الراقية، فيقف عند رواية «التجليات» لجمال الغيطانى حيث «احتوت الرواية على مشاهد وفقرات جنسية فى منتهى الشاعرية والصدق بل والتصوف»، كما يعرض لنموذجين آخرين من الأعمال التى تناولت الموضوع ذاته وهما رواية «ذات» لصنع الله إبراهيم، ورواية «لبن العصفور» ليوسف القعيد، والتى تنطلق من المناطق العشوائية، لينتهى بأن المشكلة ليست فى المؤلف ولكن فى المتلقى والمناخ السائد بالمجتمع، والذى يختلف من فترة زمنية إلى أخرى، ومن بيئة إلى بيئة مغايرة.
ومن الأدب إلى المحطة الأكثر موضوعية، العلم، وربما قصد تأخير الرأى العلمى لأن الجنس أكبر من المعادلات الفسيولوجية، أو لأن العلم هو المرجعية المفترضة، فيعرض وجهة النظر العلمية فيما يجرى داخل غرف النوم، ويضع موضوع الجنس على طاولة التشريح وداخل قارورة المعامل، منطلقاً من موضوع الأدوية وعلى رأسها «الفياجرا»، فيروى المؤلف قصة استخدامها، والغرض الأصلى من تصنيعها قبل استخدامها فى علاج الضعف الجنسى، وقبل أن تصبح فى حد ذاتها اسماً مرادفاً لممارسة جنسية مُرضية على مستوى الأداء، لافتاً إلى أن القرص الأزرق وحده لا يحسن العلاقة، إذ تقدم الفياجرا وأخواتها للرجل إحساساً زائفاً بالأمان، لكنها لا تقدم إلا الجنس «المسلوق»، حيث يستمر تأثيرها للحظات قصيرة تنقضى سريعاً، ما لم تكن مدعومة ومشفوعة بأواصر الحب والحميمية بين الطرفين.
{long_qoute_2}
وفى فصل العلم ذاته، ينتقد المؤلف طريقة تعامل كثير من الأطباء مع علاج العجز الجنسى، وتعرض المريض لعملية نصب على أيدى سماسرة الطب، قائلاً: «أنكرت أهم المراجع العلمية المحترمة فى علم الأمراض الجنسية أى علاقة بين التهاب البروستاتا والعجز الجنسى»، كما استند إلى عدد من الدراسات داخل مصر وخارجها، فيعرض الكتاب ما وصلت إليه نتائج هذه الدراسات حول علاقة الحشيش بالجنس، ويشير إلى أنه «من أهم أسباب تعاطى الحشيش فى العالم وبمصر، الجنس أو الحصول على المزيد من متعة الجنس»، مع الإشارة للتأثير السلبى للحشيش على الخصوبة عند الرجال.
ومن الحشيش إلى العلاقة بين مرض السكر والعجز الجنسى، قائلاً: «ليس كل ضعف جنسى يصيب مريض السكر، فقد تكون هناك أسباب نفسية خاصة عند المريض الذى يعرف هذه العلاقة (بين السكر والضعف لجنسى) مسبقاً، والذى يعانى من التوتر بسبب مرضه.
ويخلص المؤلف إلى أنه «لا بد أن نقضى على ما يسمى قلق الأداء الجنسى الذى يجعل مريض السكر رقيباً على نفسه وموسوساً، ومرض السكر ليس نهاية العالم فى الأداء الجنسى»، حيث يمكن تجاوز مضاعفاته والاستمتاع بممارسة العلاقة الحميمة، ثم ينتقل المؤلف إلى مرض أكثر شراسة وهو السرطان، سواء أنواع السرطان التى تصيب النساء أو الأخرى الخاصة بالرجال، والتى يقول حسب الآراء العلمية إن مريض السرطان يمكنه الاستمتاع بممارسة العلاقة الحميمة، ويأتى فى آخر القائمة الحديث عن أثر وسائل منع الحمل المختلفة على الجنس، لينحاز فى النهاية إلى أن المرض الجنسى هو مرض علاقة لا مرض فرد، باعتبار أن اللقاء الحميم سلوك إنسانى وأداة تواصل بين الرجل والمرأة بالأساس.
فى السياق ذاته ولعلمه بميل البعض للحصول على مفكرة أو ملخص للمنهج، ولضمان النجاح، يدرج الكتاب فى أوله للمتعجلين الوصايا العشر لجنس التواصل كلغة متممة لا تكتمل علاقات الحب إلا بها، يرشد خلالها كل طرف لمفاتيح الطرف الآخر، وتأتى الوصية الأخيرة: «اكتشف الرفيق قبل الجنس نفسه»، و«الجنس خبرة إنسانية مستقلة ولغة حية متفردة لها مفرداتها وأبجديتها ونحوها وصرفها وبلاغتها الخاصة، وفى نفس الوقت وأنت تمارس/ تمارسين الجنس، فإنك تطرق/ تطرقين باب سلوك غامض، وهو الجنس مع هذه الإنسانة أو هذا الإنسان بالذات، إذن أنت أمام غموضين: غموض الرفيق المشارك، وغموض الموضوع وهو الجنس نفسه!».
وبالطريقة الإرشادية ذاتها وعلى غرار إشارات المرور بسلام، يشير المؤلف على القارئ بالإنصات إلى علامات وإشارات الجسم المتعلقة بصحة وسلامة الجهاز التناسلى، الأمراض التى قد تعترض وتؤثر بشكل ما على سلامة الإنسان وبالتالى علاقته بالشريك.