«أنطونيادس».. أن تسير بصحبة الملوك والأمراء وصناع التاريخ

«أنطونيادس».. أن تسير بصحبة الملوك والأمراء وصناع التاريخ
- إعادة فتح
- التراث الإنسانى
- الحدائق النباتية
- الحديقة النباتية
- الرئيس عبدالفتاح السيسى
- العام الدراسى
- العصر الحديث
- الفنان الفرنسى
- الفنون الجميلة
- أحداث
- إعادة فتح
- التراث الإنسانى
- الحدائق النباتية
- الحديقة النباتية
- الرئيس عبدالفتاح السيسى
- العام الدراسى
- العصر الحديث
- الفنان الفرنسى
- الفنون الجميلة
- أحداث
عانت حديقة أنطونيادس بالإسكندرية من الإهمال على مدار السنوات الماضية، على الرغم من قيمتها التاريخية التى تجعلها فى مكانة متفردة عن نظرائها فى مصر، فابتعد الرواد عنها رويداً حتى أصبحت أرضاً بوراً، نضبت زهورها، وانكسرت أغصان أشجارها، فهجرها الناس وهجرت هى جمالها المعتاد، قبل أن يعطى الرئيس عبدالفتاح السيسى أوامره لبدء خطة شاملة لتطوير الحديقة.
وقال مصدر مسئول بوزارة الزراعة، رفض ذكر اسمه، إن خطة تطوير حدائق الإسكندرية ستبدأ شهر مارس المقبل وتستهدف حدائق أنطونيادس والنزهة والورد، بمساحة 130 فداناً والتى تعتبر أكبر حدائق نباتية فى مصر، إلى جانب أهميتها الكبرى فى الجوانب العلمية والنباتية والتاريخية.
وأضاف المصدر، لـ«الوطن»، أن الحديقة أهملت منذ سنوات عديدة نتيجة إهمال القيادات التنفيذية لها إلى جانب الثورات التى أعطت الأولوية لملفات أخرى، إلا أن المسئولين حالياً انتبهوا لأهمية ما ستدره من دخل بمختلف الجوانب، خاصة إذا تم تأجير الباكيات وتذاكر الدخول وزراعة النباتات النادرة وعرضها وبيعها.
وأكد المسئول أن التطوير سيتم طبقاً لدراسات معهد بحوث البساتين المسئول عنها، وسيتم البدء فى العديد من الزراعات الجديدة مع مراعاة التربة وتهيئتها، وإقامة شبكة رى جديدة بعد إحلال القديمة التى عفى عليها الزمن نتيجة عوامل التعرية والمناخ. وأوضح أنه سيتم مد الحديقة باللوازم الأساسية كالمقاعد الخشبية وتطوير دورات المياه وتركيب صنابير موفرة وجديدة، مع تشكيل شبكة إنارة كاملة عامة للحديقة، إلى جانب الإضاءة الخاصة بالتماثيل والمقتنيات الفريدة بها حتى تتحول الحديقة لقطعة من الجنة فى مناظرها الطبيعية ومبانيها التراثية وتطويع التكنولوجيا لخدمة ذلك الأمر.
{long_qoute_1}
وأشار إلى أنه من الضرورى إعادة فتح باب التعيينات للموظفين والعمال بالحديقة للمحافظة عليها بعد التطوير، حيث إن الإهمال جاء نتيجة ندرة العمالة وغياب الأمن، حيث كان يتم التعاقد مع عمال أمن بقيمة شهرية تتراوح بين 400 و600 جنيه، وهو مبلغ ضئيل جداً فى ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، لافتاً إلى إنشاء باكيات وقاعات للمناسبات وكافيتريات وطرحها للتأجير كمشروع استثمارى كبير، مؤكداً على تطوير طريق المحمودية الذى تقع بجواره لخدمة ذلك المزار السياحى. وعن قيمتها التاريخية وما تشمله من مقتنيات، قال الدكتور هشام الطيب، المدير الأسبق لحدائق أنطونيادس، إن مساحة الحديقة فقط تبلغ قرابة 45 فداناً، وأنشئت الحديقة فى منتصف القرن التاسع عشر 1860 حول قصر أنطونيادس حيث كلف «سير جون أنطونيادس»، اليونانى الأصل، الفنان الفرنسى بول ريتشارد بإنشائها على غرار حديقة قصر «فرساى» والتى شيدت فى منتصف القرن السادس عشر بباريس.
وأوضح أنه عندما توفى جون أنطونيادس عام 1895 آلت ملكية الحديقة إلى ولده أنطونى الذى قام بإهدائها لبلدية الإسكندرية عام 1918 شريطة أن يخلد اسم والده، وخصصت الحديقة للسلطان فؤاد ثم فتحت للجمهور بعد قيام الثورة وكان يقام بها معارض زهور الربيع السنوية حتى عام 1967 حيث صارت موقعاً عسكرياً للقوات البحرية ثم أعيد فتحها عام 1974 للجمهور، وفى مارس 1986 صدر القرار الجمهورى رقم 112 بنقل تبعية الحدائق وما يتبعها من مشاتل وخلافه من محافظة الإسكندرية إلى وزارة الزراعة، «معهد بحوث البساتين»، والتى قامت بتطويرها تطويراً كبيراً. وأكد «الطيب» أن حديقة أنطونيادس تجمع 6 طرازات حدائقية عديدة تتمثل فى: «الطراز العربى الأندلسى، والهندسى المتناظر، والرومانى والأغريقى، والإيطالى، والفرنسى، والطبيعى».
{long_qoute_2}
وأشار إلى احتوائها على 17 تمثالاً من المرمر الخالص، ولهذا تعد من معالم الإسكندرية وتمثل مرجعاً مهماً للدارسين والباحثين فى فن تنسيق الحدائق وتخطيطها، كما تلهم حس الفنانين والرسامين من الهواة وطلاب كليات الفنون الجميلة الذين لا ينقطعون عن الحديقة طوال العام الدراسى والذين يستوحون منها أجمل لوحاتهم، كما أن معهد بحوث البساتين أقام مبنى بحثياً متخصصاً يضم ثلاثة أقسام بحثية هى: «قسم بحوث الحدائق النباتية، قسم بحوث الزينة، قسم بحوث الأشجار الخشبية»، وذلك لكى يقوم الباحثون المختصون بهذه الأقسام بالدراسات البحثية مستعينين بهذه الحديقة النباتية الفريدة وما تحتويه من مجاميع نباتية والعمل بالتالى على تطوير الحديقة.
الدكتور إسلام عاصم، مدير جمعية التراث بالإسكندرية، اقترح استغلال الحديقة والقصر لجعلها أول متحف سكندرى يضم لوحات الرحالة عن الإسكندرية، وقال لـ«الوطن» إنه وجد لوحات كثيرة من لوحات الرحالة غير مستغلة، فوجد أن أقيم مكان يستحق أن تحتوى جدرانه لوحات الرحالة عن الإسكندرية هو قصر أنطونيادس، حيث إنه تم اكتشاف خبيئة بها 42 لوحة عن الإسكندرية إلا أنها عادت للمخازن مرة أخرى لعدم وجود مكان لعرضها. وأضاف أن هناك الكثير من المخازن تحتوى على تراث الإسكندرية فى العصر الحديث لكنها لم تجد مكاناً يضمها بين أضلعه، فى الوقت التى تشتاق جدران قصر أنطونيادس لمقتنيات تملأ جوانبه، ويعطيها من قيمته. وأوضح أن الاختيار وقع على ذلك القصر نظراً لتاريخه الذى يدعوه أن يكون هو المكان المتحدث الرسمى للإسكندرية، حيث إن الرجل الثرى اليونانى أهداه لبلدية الإسكندرية، فى الوقت الذى قد يبخل رجال الأعمال بإهداء أى شىء لوطنهم. وأكد أن هذا القصر شهد أبرز الأحداث التاريخية والوطنية، حيث أبرزها توقيع اتفاقية الجلاء سنة 1936 بين النحاس باشا والإنجليز بقصر أنطونيادس وزراعة شجرة سميت بشجرة المعاهدة ما زالت موجودة حتى الآن، وعقد أول اجتماع للجنة غوث اللاجئين، وأول لجنة للأولمبياد، وقضاء شاه إيران عند زواجه بالأميرة فوزية شهر العسل بقصر أنطونيادس، كما أقام به العديد من الملوك أبرزهم ملك إيطاليا إمبرتو، وملك بلجيكا، وآخرون. وضرب المثال بمقتنيات الحديقة التى تمثلت فى حديقة المشاهير وتضم تماثيل لشخصيات تاريخية عالمية منها، فاسكو دى جاما، وماجلان، وكريستوفر كولومبس، ونيلسون وغيرهم ما يجعل الحديقة فى مصاف الحدائق التاريخية العالمية، إلى جانب المجموعات النباتية النادرة. واستغلت الفنانة التشكيلية ميريهان أمين، المعيدة بكلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية، موهبتها لرصد الإهمال الذى يحدث بالحديقة من خلال تدشينها معرضاً تحت عنوان «بين الروح والحجر» تظهر فيه صرخات الحديقة والقصر من الإهمال.
وقالت «ميريهان» إنها اهتمت بتقديم 22 لوحة بمختلف الأحجام والخامات الفنية لتجسد حبها لتلك الحديقة التى تمثل قيمة كبيرة للإسكندرية وأهلها، إضافة لارتباطها الوثيق بها منذ طفولتها حيث قضت جزءاً كبيراً منها هناك.
وأضافت أنها تشعر بالحزن الشديد للإهمال الذى حل بالمتنزهات العامة بالإسكندرية وبالأخص حديقة أنطونيادس ذات التاريخ العريق الذى يرجع للعصر البطلمى.
وقالت الدكتورة مارى دومينيك، مديرة مركز الدراسات السكندرية، إن لوحات المعرض ترصد الواقع الحالى المرتبط بالماضى ويأمل للمستقبل، فهو يتميز بكونه رؤية فنية فردية تجسد جمال حديقة أنطونيادس التى أهداها صاحبها قبل وفاته لبلدية الإسكندرية.
وأكدت على احتواء الحدائق لـ3 أماكن مميزة متمثلة فى المقبرة التى لم يرها أحد من قبل سوى عالم ألمانى، والقصر والحديقة والمنحوتات التى تحتويها، مشيرة إلى أن المعرض يهدف لحماية التراث الإنسانى المتجسد فى أنطونيادس، حيث كلما مر الزمان على التراث أصبح ملكاً للجميع ولا يقتصر على البلد المحتضن فقط.