بالفيديو| مساعد وزير الخارجية الأسبق: تطوير الاتحاد الأفريقى والبنية التحتية وحل النزاعات هدف مصر الرئيسى
بالفيديو| مساعد وزير الخارجية الأسبق: تطوير الاتحاد الأفريقى والبنية التحتية وحل النزاعات هدف مصر الرئيسى
- السفير محمد حجازي
- مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الأفريقية
- القارة السمراء
- الاتحاد الأفريقى
- السيسي
- السفير محمد حجازي
- مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الأفريقية
- القارة السمراء
- الاتحاد الأفريقى
- السيسي
قال السفير محمد حجازى، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الأفريقية، إن «دبلوماسية القمة» التى اتبعها الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ توليه الرئاسة أعادت لمصر دورها الريادى داخل القارة فى عهد «السيسى»، معتبراً أن «الإرهاب والتنمية» أكبر التحديات.
{long_qoute_1}
وقال «حجازى» فى حوار لـ«الوطن» أحلم بإطلاق قناة فضائية تسلط الضوء على القضايا الأفريقية تبث من القاهرة، ويجب على مصر تقديم مبادرات لزيادة الاستثمار العربى بأفريقيا خلال القمة العربية بتونس، مشيراً إلى أن أفريقيا بلغت درجة كبيرة من الوعى والرشد للتفرقة بين من يسعى لخدمتها ومن يحاول استغلال مواردها، وعليها أن تفاضل بين خياراتها الخارجية، وأضاف أن 30% من نشاط الرئيس السيسى الخارجى كان داخل القارة، وهذه الزيارات فتحت آفاقاً عديدة للتعاون، وهناك شركة مقاولات مصرية تبنى سداً فى تنزانيا باستثمارات 3.6 مليار دولار، مشدداً على أن تدشين صندوق المقايضة سيقلل من الاعتماد على الدولار ويخفف الضغوط عن الاقتصاد الأفريقى.. وإلى نص الحوار
ما تقييمك للجهود الدبلوماسية والسياسية على مدار السنوات الأربع الماضية لاستعادة دور مصر ومكانتها داخل القارة السمراء؟
- رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى 2019 تكليل لجهود غير مسبوقة خلال 4 سنوات، وتكليل لمسار الاهتمام بأفريقيا بفاعلية من خلال دبلوماسية القمة، التى فعلها الرئيس السيسى بمشاركته فى كافة الفعاليات الأفريقية، ما ساعد فى استعادة مصر دورها ومكانتها بصورة سريعة، ويجب ألا ننسى أن مصر كانت عضواً فى مجلس الأمن عن أفريقيا على مدار عامى 2016 إلى 2018، وكانت الجسر الذى عبرت من خلاله كافة الطموحات والأزمات الأفريقية إلى المجتمع الدولى، وكفلت الدبلوماسية المصرية للقارة السمراء من خلال هذا المقعد غير الدائم المساندة الدولية سواء اقتصادياً وتنموياً أو فى عمليات حفظ السلام وتسوية النزاعات.
هل «دبلوماسية القمة» التى فعّلها الرئيس السيسى، ساهمت فى استعادة مصر دورها سريعاً؟
- بالتأكيد مشاركة الرئيس فى كافة القمم والمناسبات الأفريقية الكبرى أعطت وزناً للوجود المصرى، بخلاف التمثيل الأقل الذى استمر لفترة طويلة فى عهد الرئيس الأسبق مبارك، فكان الحضور المصرى مرغوباً وقوياً، ودبلوماسية القمة التى فعّلها السيسى سرعت التقارب المنشود، ووضعت مصر إمكانياتها وخبراتها فى خدمة بعض دول القارة، كما وضعت مصر التحدين الأهم، وهما مكافحة الإرهاب والتنمية الاقتصادية داخل القارة موضع الاهتمام، والشهر الماضى كانت هناك القمة الثالثة للتجارة والصناعة «قمة الكوميسا»، التى شارك فيها العديد من الشركات والتجمعات الاقتصادية بأفريقيا، وقدمت مصر الصورة الأبهى لأفريقيا أمام العالم، باعتبارها نقطة جاذبة للاستثمار والسوق الاقتصادية الأهم خلال المرحلة المقبلة. {left_qoute_1}
الهيئة العامة للاستعلامات أعلنت أن 33% من زيارات الرئيس السيسى الخارجية من 2014 إلى 2018 تركزت فى أفريقيا، كيف تقرأ ذلك؟
- أفريقيا هى قارة الحكماء والمشايخ والملوك، وبالتالى العقلية الأفريقية تؤمن بدبلوماسية القمة التى فعّلها الرئيس كما أوضحنا، وغياب دبلوماسية القمة التى يمارسها الرئيس كان يؤثر سلباً على علاقات مصر الأفريقية خلال فترة حكم الرئيس الأسبق مبارك، وتخصيص الرئيس السيسى لأكثر من 30% من نشاطه الخارجى نحو أفريقيا إدراك واع لأهمية القارة ومستقبلها، وقد فتحت هذه الزيارات آفاقاً عدة، فإحدى شركات المقاولات المصرية الكبرى تبنى سداً فى تنزانيا باستثمارات تصل لنحو 3.6 مليار دولار، والاستثمارات المصرية الأفريقية فى زيادة، وهذا الاهتمام الرئاسى بأفريقيا أعاد لمصر مكانتها فى القارة، ودعا الأطراف الدولية فى قمة العشرين إلى دعوة مصر ممثلة عن أفريقيا فى الصين ثم فى ألمانيا وكذلك القمة الصينية الأفريقية وأخيراً منتدى أفريقيا - أوروبا فى النمسا.
الهجرة غير الشرعية أحد التحديات داخل القارة، ومصر قدمت نموذجاً جيداً فى مواجهتها، كيف ترى خطورة هذه الظاهرة والدور المصرى فى التصدى لها؟
- مصر تعتبر نموذجاً للدول الترانزيت أو الدول التى كان من الممكن أن تصبح ناقلة للإرهاب إلى أوروبا، ولم يخرج منها مركب هجرة غير شرعية واحد خلال العام الأخير، وكانت الرؤية التى تبنتها مصر بخصوص مواجهة الهجرة غير الشرعية هى الرؤية التى تبناها إعلان مراكش الشهر الماضى، وهو إعلان أممى، لمواجهة الهجرة غير الشرعية، حيث أكد الإعلان على رؤية مصر فى ضرورة العمل على تسوية النزاعات لمواجهة الهجرة غير الشرعية، ودعم قنوات الهجرة الشرعية، أى إتاحة الفرصة للشباب المؤهل للهجرة إلى أوروبا، والتمكين الاقتصادى للشعوب.
ما أهم الملفات التى تنتظر مصر خلال رئاستها للاتحاد الأفريقى 2019؟
- مصر تقوم بدورها قبل أن تتقلد رئاسة الاتحاد الأفريقى، وممثلة فى كل الجهود التى تحدثنا عنها، لكن مصر مطالبة خلال رئاستها للاتحاد الأفريقى بمتابعة أجندة إعادة التطوير المؤسسى للاتحاد، ووضع ميزانية تستند إلى أفريقيا وليس الخارج، وهذه عملية هامة جداً حتى يكتمل بناء صرح الاتحاد الأفريقى على أسس أفريقية سليمة وبرؤية أفريقية، ونأمل أن تكون الرئاسة المصرية مدخلاً لهذا التطوير، ومصر ستكون مطالبة بمتابعة عملية إطلاق منطقة تجارية اقتصادية حرة أفريقية، وهذه المنطقة قطعت مصر فيها شوطاً كبيراً، وفى يونيو 2018 استضافت مصر تجمع التكتلات، وهى «الكوميسا» و«الساديك» ممثلة للجنوب الأفريقى وشرق أفريقيا، وهذه التجمعات كونت الكتلة الأولى نحو اندماج 7 مناطق اقتصادية أفريقية، وعندما يكتمل اندماج هذه المناطق يتحقق حلم أفريقيا الواحدة، وهو الحلم الذى عبر عنه الآباء الأوائل لأفريقيا، جمال عبدالناصر، وغيره من زعماء وقادة حركات التحرير الأفريقى العظام.
{long_qoute_2}
أفريقيا لديها فرص واعدة فى المستقبل، لكنها تواجه تحديات الإرهاب والنزاعات السياسية ومشاكل البنية التحتية، فهل القارة قادرة على مواجهة هذه التحديات؟
- نعم، أفريقيا مؤهلة لمواجهة هذه التحديات والتغلب عليها، بمواردها وقدراتها وعلاقاتها البينية بين دول القارة، وعلى سبيل المثال هناك إحدى شركات المقاولات المصرية الكبرى تقوم ببناء سد فى تنزانيا، وهذا مثال حى للاعتماد المتبادل على الموارد التكنولوجية والهندسية والبشرية المتاحة داخل القارة، ومن خلال ذلك تستطيع القارة مواجهة تحدياتها والتغلب عليها، ليس فى البنية التحتية فقط، ولكن فى جميع المجالات اقتصادياً وسياسياً وأمنياً.
هل من الممكن وضع آلية لتعزيز وضمان استمرار العلاقات البينية بين دول القارة لتمكينها من مواجهة كافة التحديات؟
- أنادى دائماً بأمرين على قدر كبير من الأهمية من ضمن عدة مبادرات تتبناها مصر على الساحة الأفريقية، مثل صندوق مقايضة أفريقى، أى تبادل السلع مقومة بأسعارها الدولية من خلال صندوق مقايضة يقلل من الاعتماد على الدولار ومن الضغوط الواقعة على الاقتصاد الأفريقى، والتجارة البينية الأفريقية لا بد أن توضع على سلم أولويات الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقية، وهذا الصندوق الذى أدعو لتأسيسه سيكون مفتاحاً لتقويم السلع بأسعارها الدولية، مثلاً القطن المصرى بسعره، والسيارات من المغرب بأسعارها، والكاكاو والبن والشاى من رواندا أو كينيا بأسعارها، ويتم تبادل هذه السلع بين دول القارة، بدلاً من خروجها إلى الخارج، فالتجارة البينية الأفريقية ستفتح أسواقاً جديدة وفرصة تجارية جديدة داخل القارة، وسأضرب مثالاً بإحدى الشركات المصرية التى كانت تستورد النحاس من السوق الدولية فى بريطانيا، لكنها باتت الآن تستورده من زامبيا وهى بلد المنشأ، وبالتالى التجارة البينية الأفريقية أمر مهم جداً، وصندوق المقايضة الأفريقى مبنى على أسس بنكية دولية وعلى أسس تسعير متفق عليها.
تحدثت عن شركتين مصريتين اتجهتا إلى أفريقيا، واحدة فى الإنشاءات، والأخرى فى تجارة وصناعة النحاس، فهل يمكن أن تكون القارة سوقاً للمزيد من الشركات المصرية؟
- بالطبع، هذا سيخدم الاقتصاد المصرى، ويعزز الدور السياسى والدبلوماسى والتأثير المصرى الأفريقى، وهنا أقترح مبادرة أخرى مشابهة لما اتبعته روسيا والهند والصين وكوريا الجنوبية، وهى إنشاء بنك تمويلى للتصدير والاستيراد، ويقدم قروضاً ميسرة شريطة أن تنفذ هذه المشروعات شركات مصرية، لا أقصد صندوق ضمان استثمار، ولكن أقصد صندوق تمويل مباشر يعمل بأسس بنكية بأسعار فائدة مخفضة، مقابل أن تشارك فى الإنشاء شركات مصرية، وهذا النظام هو ما اتبعته دول كثيرة ووفر فرصاً استثمارية كبيرة لشركاتها واقتصادها وأيضاً عزز من دورها وتأثيرها.
الرئيس السيسى أكد أهمية تدريب الكوادر والقيادات الأفريقية، ما الدور الذى تستطيع أن تلعبه مصر فى هذا الاتجاه؟
- مصر لها دور رائد على هذا المستوى، والكثير من كوادر وقيادات دول أفريقية تعلموا أو تدربوا فى مصر، لكن يمكن تنظيم هذا الدور وتعزيزه من خلال مبادرة لتدريب الطلبة الأفارقة على الإلكترونيات، كما دعا الرئيس فى شرم الشيخ، أو من خلال إتاحة كورسات ودورات تدريبية ومناهج دراسية وشهادات فى مجالات عدة لطلبة أفارقة فى المعاهد والجامعات المختلفة، لو قدمت كل جامعة مصرية 15 منحة سنوية لطلبة من دول أفريقية سيكون هذا دوراً عظيماً داخل القارة، وسيلقى إشادة وترحيباً وتقديراً من شعوب القارة. {left_qoute_2}
بعيداً عن ملف التدريب، ما المجالات الأخرى التى تستطيع مصر أن تقوم بدور ريادى فيها لخدمة القارة؟
- تحدثنا عن التدريب والتأهيل، وتحدثنا عن مجال البنية التحتية والإنشاءات والمقاولات الذى يشهد فى مصر طفرة غير مسبوقة على مدار تاريخها، لكن مصر لديها تجربة إصلاح اقتصادى جادة وحقيقية ومحترمة ولاقت احتراماً على المستوى الدولى، خاضتها رغم صعوباتها بكل جرأة على مدار السنوات الثلاث الماضية، وقطعت فيها شوطاً كبيراً وهذه التجربة يمكن أن تصدرها مصر لأفريقيا، وهناك الكثير من الدول الأفريقية فى حاجة لإصلاح اقتصادى حقيقى وجذرى، وعلى المستوى الأمنى مصر خاضت معركة للقضاء على الإرهاب وتجفيف منابع الجماعات الإرهابية، وهذه واحدة من القضايا التى تشكل تحدياً للقارة الأفريقية ومصر تستطيع أن تقدم خبراتها على هذا المستوى لغيرها من دول القارة، ويضاف إلى كل ذلك الدور الريادى فى تقديم أفريقيا للعالم، وهو الدور الذى تقوم به مصر حالياً لأنها بوابة وواجهة للقارة أمام أوروبا والعالم.
هناك العديد من الأطراف الدولية تقوم بأدوار داخل القارة الأفريقية، منها الصين والولايات المتحدة وروسيا، فهل تذهب أفريقيا إلى طرف واحد، أم تشجع تنوع الأدوار؟
- أفريقيا فى حاجة إلى جميع شركائها الدوليين، والصين هى الشريك الأول لأفريقيا حالياً، وتقوم بدور اقتصادى كبير داخل القارة، ولديها علاقات تصل إلى 170 مليار دولار مع أفريقيا، لكن الولايات المتحدة لها مبادرة داخل أفريقيا، وإن كانت تنتقد الدور الصينى والروسى فى القارة، وعلينا كمصر خلال رئاسة الاتحاد الأفريقى أن نثبت معنى واحداً وهو الشراكة من كل الأصدقاء الدوليين، فكل من يتعامل مع أفريقيا من منطلق تعزيز قدراتها ومواردها صديق للقارة وصديق لمصر.
لكن كيف يمكن لأفريقيا أن تصد نفوذ وتدخلات بعض أعداء القارة؟
- على الأفارقة أن يعززوا التعاون فيما بينهم من أجل مصلحة القارة أولاً، ويتحسبوا لمثل هذه التدخلات والأدوار الشريرة من خلال آليات لحفظ السلم وفض المنازعات وضمان أمن واستقرار دول القارة، ودور الرئاسة المصرية مهم جداً لهذه المرحلة فى أفريقيا لتوقع الأزمات والعمل على حلها والتشاور المتبادل حول كل الأزمات فى أفريقيا، وتدعيم الصف الأفريقى فى مواجهة أى أطراف تقوم بأدوار غير مرغوب فيها، فأفريقيا الآن أصبحت أكثر وعياً، وتعزيز التواصل بين قادة أفريقيا سيسهم فى التغلب على هذه المخاطر أو المؤامرات التى يمكن أن تحدث، ومجلس السلم والأمن الأفريقى هو الجهة المنوطة بهذا الدور، إضافة إلى التواصل الدائم والمستمر بين قادة ورؤساء أفريقيا.
رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى ستتزامن مع القمة العربية الثلاثين المقررة فى تونس.. كيف يمكن لمصر أن تكون جسراً بين الدائرة العربية والدائرة الأفريقية؟
- ما تستطيع مصر أن تقدمه فى هذا الربط المهم بين الدائرتين العربية والأفريقية كبير جداً، فالتواصل العربى الأفريقى ضمان لمستقبل المنطقتين، ولا ننسى أن نصف عدد سكان القارة الأفريقية ونصف مساحة القارة تقريباً فى دول عربية، فدول الشمال الأفريقى تسهم بالنصف تقريباً فى ميزانية الاتحاد الأفريقى، والعروبة وأفريقيا مختلطان معاً، والرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقى ستكون تدعيماً لهذا الجسر الاستراتيجى الذى ستعبر معه الاستثمارات وتتعزز معه العلاقات السياسية والثقافية والتعليمية.
قمة تونس المقبلة فى مارس ستكون فرصة لتقدم مصر ببرنامج أو بيان أو قرار تلتزم به القمة العربية لتعزيز أطر العلاقة العربية الأفريقية وطرح مبادرات عربية للاستثمار فى أفريقيا، خاصة أننا نؤمن بأن أفريقيا هى مستقبل الاستثمار والتنمية المستدامة.
وما المكاسب التى يمكن أن تحصل عليها مصر لتكون الفائدة متبادلة؟
- أولاً على الجانب الأمنى، الإرهاب ظاهرة عابرة للحدود، ومصر مستفيد أول ورئيسى من استقرار الأوضاع الأمنية داخل القارة الأفريقية التى تعج بجماعات إرهابية، فتعزيز العلاقات المصرية الأمنية والعسكرية مع دول القارة يخدم الأمن القومى، وتعزيز العلاقات مع دول شرق القارة والقرن الأفريقى المطلة على البحر الأحمر يعتبر تأميناً للخط الملاحى الذى يقود إلى قناة السويس، وبالتالى العلاقات المصرية الأفريقية تأتى فى صميم خدمة الأمن القومى المصرى وأيضاً العربى والأفريقى.
أما على الجوانب التنموية والاستثمارية، فهذا التكالب العالمى على أفريقيا أبلغ إشارة إلى فرص التنمية والاستثمار داخل القارة، ومصر التقطت هذا الخيط وتعمل لدعم التحدى الثانى بعد التحدى العسكرى، وهو تحدى التنمية والاستثمار والانطلاق نحو المستقبل اقتصادياً، ويكفى أن شرم الشيخ استضافت 3 مؤتمرات متتالية دعماً للتجارة والاستثمار فى القارة، وهو الأمر الذى يعود بالاستفادة الكبيرة لمصر.
أنا على سبيل المثال شاركت كشاهد على توقيع عقد شركة سيمنس الألمانية لتقديم 14 ألف ميجاوات من خلال 4 محطات توليد طاقة كهربائية عملاقة، وهذه الشراكة المصرية الألمانية يمكن نقلها إلى أفريقيا، وتستطيع مصر تأسيس شركة كهرباء عابرة للحدود داخل القارة الأفريقية تربط بشكل رئيسى بين إثيوبيا والسودان ومصر، وتستطيع مصر إنشاء طرق وسدود وموانئ داخل أفريقيا تخدم هذه الدول وتعزز العلاقات التجارية المصرية الأفريقية.
البعض يصف أفريقيا بالقارة «منهوبة الثروات»، هل العالم ما زال ينظر إلى أفريقيا هذه النظرة، وكيف نغيرها؟
- أفريقيا بلغت درجة من الوعى والرشد للتفرقة بين من يسعى لخدمتها ومن يحاول استغلال موارد القارة، وهو أمر لم يعد ممكناً فى ظل النمو الاقتصادى والانفتاح العالمى ووجود شركاء دوليين عدة للقارة السمراء، فهذه النظرة كانت تنطبق على أفريقيا فى أوقات سابقة أثناء الاحتلال، لكن الآن أصبح لأفريقيا شركاء كثر مثل الصين والولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والهند، وهى شراكات متنوعة مع أطراف دولية عديدة ومؤثرة على الساحة العالمية، فإذا ما كان الطرف الشريك لأفريقيا حريصاً على مستقبلها وسلامة الإجراءات الاستثمارية والقانونية دون استغلال أو محاولاً فرض السيطرة فأهلاً وسهلاً به، وعلى أفريقيا أن تفاضل بين خياراتها بما لا يجعل مواردها عرضة للاستغلال والنهب كما كان فى الماضى.
نعود للمحطة الأهم، ما توقعاتك لمدى نجاح مصر فى قيادة الاتحاد الأفريقى 2019؟
- الرئاسة المصرية مؤهلة لنجاح كبير، لأن مصر تدرك التحديات التى تواجه القارة أمنياً وسياسياً واقتصادياً، وأبرز التهديدات التى تعانى منها القارة هى الإرهاب والهجرة غير الشرعية والنزاعات السياسية، إذن مصر تدرك تحديات وتهديدات القارة تماماً، واستطاعت أن توظف المناصب التى تقلدتها لخدمة القارة والدفاع عن مصالحها وتقديمها للعالم فى أبهى صورة، سواء على المستوى الدولى مثل مجلس الأمن الدولى، أو على المستوى الإقليمى مثل مجلس الأمن والسلم الأفريقى، كما استضافت مصر العديد من الفعاليات الأفريقية المهمة مثل منتدى أفريقيا 2018، ومعرض التجارة البينية الأفريقية 2018، ومؤتمر دول تجمع الساحل والصحراء الذى شارك فيه 27 وزير دفاع أفريقياً.
وعلى الصعيد التنموى والاقتصادى تتوالى المبادرات المصرية منها ما تم تحقيقه ومنها ما نسعى للوصول إليه، فمصر تنتمى فعلياً لآمال وأحلام القارة، وأتمنى أن يكون عام الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقى فرصة لربط العالمين العربى والأفريقى بعلاقات اقتصادية وتنموية وعسكرية واستعادة العلاقة الثقافية والحضارية بين هذين التجمعين المؤهلين لتحقيق انطلاقة كبرى خلال السنوات المقبلة.
كيف نوظف القوة الناعمة المصرية فى قيادة أفريقيا بالصورة الأفضل، وهل هناك قصور فى هذا الجانب؟
- التواصل الثقافى والحضارى والفنى والسياحى أمر مهم جداً، ومصر لديها قوة ناعمة تستطيع أن تحقق مكاسب كبيرة وأن يكون لها تأثير قوى، لا أقول إن هناك قصوراً، لكن كما ذكرنا مصر ابتعدت عن أفريقيا فترة من الوقت، واستطاعت فى سنوات قليلة استعادة دورها ومكانتها سياسياً ودبلوماسياً، وهناك آفاق واسعة للتعاون، والقوة الناعمة جزء من هذا الدور ويمكن تفعيلها من خلال دورات تدريبية وبرامج مشتركة وتبادل المهرجانات الشعبية والفنية والموسيقية ودعوة الأشقاء الأفارقة لندوات ثقافية داخل مصر.
هذا التحرك الثقافى يؤمن النجاح السياسى والاقتصادى والعسكرى لمصر داخل القارة الأفريقية، وربط الثقافات والحضارات يسهم فى تقريب الشعوب، ومصر مهيأة لذلك وتستطيع ذلك، بل ومرحب بها داخل أفريقيا لأداء هذا الدور الحيوى.
هل هناك مقترح لك يمكن أن يسهم فى تعزيز الدور المصرى الأفريقى؟
- هناك حلم وليس مقترحاً، وهو تأسيس قناة أفريقية فضائية تبث من القاهرة، وهذا المشروع حقق تقدماً كبيراً فى مرحلة لكنه توقف، وأتمنى إحياء هذا الحلم من جديد، لأنه سيخدم بشدة الدور المصرى والمصالح الأفريقية. أيضاً أقترح إطلاق مبادرة تعليمية داخل الجامعات المصرية توفر المنح للطلاب الأفارقة، وأظن أن كل هذه الأمور محل اهتمام القيادة السياسية التى تعى تماماً أهمية هذه المبادرات.