مكافحة الإرهاب: 250 دورة و110 مدرعات وتدريبات عسكرية مشتركة لإحلال السلام فى أفريقيا

كتب: بهاء الدين عياد

مكافحة الإرهاب: 250 دورة و110 مدرعات وتدريبات عسكرية مشتركة لإحلال السلام فى أفريقيا

مكافحة الإرهاب: 250 دورة و110 مدرعات وتدريبات عسكرية مشتركة لإحلال السلام فى أفريقيا

تتقدم مصر الصفوف فى مجال مكافحة الإرهاب فى القارة الأفريقية، خاصة فى تجمع الساحل والصحراء، حيث قدمت تجربة رائدة فى تعزيز التعاون الإقليمى يمكن تعميمها على مستوى القارة، وقد نجحت مصر فى إنشاء مركز مكافحة الإرهاب الإقليمى التابع لتجمع الساحل والصحراء فى القاهرة فى أواخر العام الماضى، بناء على توصيات مؤتمر وزراء دفاع دول تجمع الساحل والصحراء الذى عقد فى مارس 2016 بشرم الشيخ.

واستضافت مصر تدريباً مشتركاً لدول الساحل والصحراء فى ديسمبر الماضى فى قاعدة «محمد نجيب» العسكرية، وتعهدت العام الماضى بدعم القوة الإقليمية المشتركة لمنطقة الساحل عبر توفير 250 دورة تدريبية لعناصر القوات، وتوفير 110 مركبات مدرعة لدعم بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام فى مالى «MINUSMA»، فضلاً عن المساعدات والدورات التدريبية المستمرة التى ينظمها مركز القاهرة الدولى لتسوية النزاعات وحفظ السلام وبناء السلام (CCCPA) إلى دول الساحل فى مجالات حفظ السلام وحل النزاعات وبناء السلام.

{long_qoute_1}

الدكتور هانى الأعصر، الباحث المتخصص فى الشئون الأمنية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أكد لـ«الوطن» أن مصر لديها قدرات متفردة على مستوى القارة الأفريقية فى المساهمة فى بناء الجيوش الوطنية فى دول القارة، التى تتعرض لنزاعات لدعم مفهوم الدولة الوطنية، حيث يمكن لمصر من خلال خبراتها العسكرية والأمنية المتراكمة المساهمة بقوة فى إعادة بناء الجيوش الوطنية فى الدول الأفريقية التى تعرضت لنزاعات والعمل على نزع سلاح الميليشيات وإعادة تأهيلها ودمجها ضمن الجيوش الوطنية، إضافة إلى دحر الإرهاب فى القارة السمراء، وأشار «الأعصر» إلى أن مصر بالفعل لديها دور محورى فى مكافحة الإرهاب فى أفريقيا، حيث تستضيف مقر تجمع دول الساحل والصحراء، ويمكن تفعيل دور التحالف أو تجمع دول الساحل والصحراء خلال رئاستها للاتحاد الأفريقى، وكذلك مساعدة الدول الأفريقية بالتسليح من خلال صناعاتها المتطورة فى مجال الإنتاج الحربى، خاصة بعد تدشين أول معرض دولى للسلاح والصناعات الدفاعية فى مصر استضاف العشرات من المسئولين العسكريين من الدول الأفريقية، مشدداً على أن مصر لديها فرصة كبيرة لتفعيل دور تجمع الساحل والصحراء كخطوة مهمة جداً، مضيفاً: «رئاستنا للاتحاد الأفريقى تضمن حضورنا أغلب المباحثات التى يمكن أن تجمع أطرافاً دولية مع الدول الأفريقية فيما يتعلق بملف مكافحة الإرهاب والتطرف». وعلى مستوى المواجهة الثقافية مع الإرهاب، قال: «الأزهر الشريف يلعب دوراً محورياً فى ذلك، ومكافحة التطرف تتم بشكل مؤسسى من خلال لجنة الشئون الأفريقية بالأزهر، وهى تعطى مؤشراً على اهتمام الأزهر بمكافحة التطرف ويمكن لمصر استخدامها فى وضع استراتيجية لمواجهة التطرف فى أفريقيا وتفعيلها من خلال الأزهر الشريف».

{long_qoute_2}

من جانبها، قدمت الدكتورة ريم أبوحسين، الخبيرة فى الشئون الأفريقية، وصفة علاجية لتفعيل دور الاتحاد الأفريقى للتدخل فى نزاعات القارة ومكافحة الإرهاب، وذلك من خلال إعادة هيكلة وتفعيل أدوات مجلس السلم والأمن الأفريقى، وأكدت ضرورة القضاء على تضارب الاختصاصات بين الاتحاد والآليات الأمنية والعسكرية المتوافرة لدى المنظمات الأفريقية الإقليمية الأخرى، مثل تجمع الإيجاد ودول غرب أفريقيا فيما يعرف بالمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، واعتبرت الباحثة أن مجلس الأمن والسلم الأفريقى يحتاج إلى ميزانية وكثير من الآليات، كتلك التى لدى منظمات إقليمية أفريقية أخرى مثل «إيكواس» فى غرب أفريقيا، ويحتاج أن يكون تدخله كبيراً وحاسماً، فدول غرب أفريقيا على سبيل المثال لديهم آلية تدخل عسكرى سريع، ويجب أن يكون للاتحاد الأفريقى -وهو المظلة الأوسع- دور على أرض الواقع أكثر ويكون لديه آلية للتدخل السريع، وقوات انتشار وتدخل سريع لحفظ السلام والأمن، ولفتت «أبوحسين» إلى أن «الاتحاد الأفريقى يحتاج إلى آلية جديدة لمكافحة الإرهاب، خاصة ونحن نرى انتشار الإرهاب فى نيجيريا وعمليات بوكو حرام وأخرى فى كينيا والقرن الأفريقى، إضافة إلى نشاط جماعة شباب المجاهدين الصومالية خارج الصومال، وفى جنوبى تشاد وليبيا»، مضيفة: «أصبح هناك قاعدة أمريكية أنشئت فى هذه المنطقة لمواجهة الإرهاب فى تشاد، كما استهدفت فرنسا مؤخراً عناصر إرهابية هناك»، موضحة أن الآلية المقترحة تتضمن تبادل المعلومات والاستخبارات ومحاصرة البؤر الإرهابية بتعاون مشترك وتبادل للمعلومات بين الدول، وألا يكون هناك دول تترك الإرهابيين لاستخدامهم ضد الدول المجاورة كورقة ضغط.

وفيما يتعلق بدور مصر خلال رئاستها فى مواجهة التطرف على المستوى الثقافى، اعتبرت الباحثة أن ذلك يتم من خلال تفعيل دور الأزهر وإرسال بعثات مؤهلة ليس فقط من حيث الثقافة الدينية، ولكن أيضاً اللغات والوعى بالمجتمعات الأفريقية المحلية ثقافياً واجتماعياً، لكى يعلموا كيف يمكن استيعاب أفكارهم، وأضافت: «يحتاج الأزهر للاستعانة بمعهد البحوث الأفريقية بجامعة القاهرة أو كلية الدراسات الأفريقية العليا وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، لكى يتم تخريج جيل لديه خلفية ثقافية عميقة حول أفريقيا من علماء الأزهر، لنشر سماحة الإسلام واعتداله».

{long_qoute_3}

«يمكن أن تعمل مصر كبوابة لتعاون ثلاثى مع الشركاء الدوليين فى مجال مكافحة الإرهاب»، هكذا رأت «أبوحسين» دور مصر خلال رئاستها للاتحاد الأفريقى فى حشد الاهتمام الدولى لقضية مكافحة الإرهاب فى القارة، حيث «يجب أن يكون ذلك من خلال التنسيق مع الولايات المتحدة وفرنسا والصين وروسيا، لكى يكون هذا النوع من التدخل المحسوب لمكافحة الإرهاب، وفى هذا الصدد يمكن لمصر الدعوة لمؤتمر دولى موسع لشركاء التنمية الدوليين للمشاركة فى مكافحة الإرهاب وتأكيد التزامهم الأمنى تجاه القارة، وحتى لا يقتصر اهتمامهم على الاستغلال الاقتصادى للقارة. والعمل مع الصين على المساهمة فى الالتزامات والمسئوليات الأمنية وألا تكون «راكب مجانى» يستفيد من التزامات الدول الأخرى فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب»، بحسب الباحثة.


مواضيع متعلقة