«السيسى» لـ«ماكرون»: أقف هنا بإرادة مصرية والدولة لن تقوم بـ«المدوِّنين».. ومصر لها خصوصيتها

«السيسى» لـ«ماكرون»: أقف هنا بإرادة مصرية والدولة لن تقوم بـ«المدوِّنين».. ومصر لها خصوصيتها

«السيسى» لـ«ماكرون»: أقف هنا بإرادة مصرية والدولة لن تقوم بـ«المدوِّنين».. ومصر لها خصوصيتها

قال الرئيس عبدالفتاح السيسى، إن مباحثاته مع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون شهدت حواراً إيجابياً حول الأوضاع الراهنة وحقوق الإنسان فى بلدَينا ومنطقة الشرق الأوسط والقارة الأوروبية، موضحاً أن «حقوق الإنسان لا تتجزأ، ولا يجب قصرها فى مصر على حرية الرأى، كما أن مصر لها خصوصيتها وطبيعتها الخاصة التى تتسم بها، فهى ليست كأوروبا وأمريكا، والتعدد والتنوع والاختلاف بين الدول أمر طبيعى، والعالم كله لا يسير على نهج واحد، والتنوع الإنسانى موجود فى العالم كله، وأمر طبيعى وسيستمر، ومحاولة تغييره لمسار واحد ليست أمراً جيداً».

وأضاف خلال مؤتمر صحفى مشترك مع «ماكرون»، فى قصر الاتحادية اليوم، أن «مصر تولى اهتماماً لهذه المبادئ والقيم المترسّخة عالمياً باعتبارها مكوناً أساسياً لانطلاق شعب مصر نحو التقدم والازدهار، وأن مؤسسات المجتمع المصرى بجميع أشكالها التنفيذية والتشريعية والقضائية والمدنية تتضافر جهودها لحماية حقوق الإنسان، من منطلق فهم معمّق لعوامل التاريخ والحضارة والتراث التى تقود إلى حركة التطور الطبيعى للمجتمع، ووفقاً لامتلاكه العناصر اللازمة التى تدفعه من مرحلة لأخرى، اتساقاً مع تطلعاته الوطنية ومسئولياته الإنسانية».

{long_qoute_1}

وأكد أنه لا يُخفى هنا ضرورة التعامل مع قضايا حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، لأن تلك الحقوق متشابكة ومتداخلة، ويعزز بعضها بعضاً، وهى حقوق توليها مصر أولوية كبيرة، التزاماً ببنود الدستور، والشعب المصرى صاحب الحق فى تقييم مدى ما يتمتع به من حقوق سياسية واقتصادية واجتماعية، كما يجدر بنا تأكيد ضرورة ألا تثنينا التحديات التى تواجهنا، سواء فى المنطقة أو فى أوروبا، من حيث انتشار ظاهرة الإرهاب وزيادة معدلات الجرائم المرتبطة بالعنصرية وكراهية الأجانب، عن التشبث بمواصلة توفير الحماية لمواطنينا.

وشدد الرئيس «السيسى» على أن «قوات الشرطة لا تتعامل مع المتظاهرين بالأسلحة أو بالقوة، وأنه لا يمكن استخدام المدرعات ضد المتظاهرين، وحق التظاهر يكفله الدستور والقانون»، لافتاً إلى أن مصر بها 45 ألف منظمة للمجتمع المدنى فى مصر تقوم بدور مجتمعى رائع.

وأكد الرئيس أن مصر لن تقوم بـ«المدوِّنين»، ولكنها تقوم بالعمل والجهد والمثابرة من قِبل أبنائها، مضيفاً أن المدوِّنين يتحدثون بلغة بعيدة عن الواقع الذى نعيشه، وأنه عندما توفّر الدولة حياة كريمة لأكثر من 250 ألف أسرة، فإنها تُزيل أسباب التطرف والإرهاب، قائلاً: «فى مصر بيتخرج كل سنة مليون، أشغّلهم إزاى؟، أجيب لهم شُغل منين؟ أعمل إيه؟ حد يقول لى أعمل إيه وأجيب منين؟ وأحل المسائل دى إزاى؟ آسف إنى أقول إن المدوِّنين بيتكلموا لغة تانية خالص غير الواقع اللى بنعيشه، ما عندناش حاجة نخجل نقولها ولا نخاف منها أبداً»، متابعاً: «نعمل على تعزيز قيم المواطنة والعيش المشترك والتآخى»، مضيفاً: «أنا واقف هنا بإرادة مصرية وإذا غابت، أو لو الإرادة مش موجودة أتخلى عن موقعى فوراً، ولا أقبل أن يرفض الرأى العام وجودى وأستمر».

وقال «السيسى»: «إحنا بنقود بلدنا بالشرف والعزة والأمانة، علشان مجتمع يليق بمصر اللى إحنا بنتكلم عنها، واللى تاريخها انتو شُفتوه من 5000 سنة، ولما أقوم ببرنامج هو الأكبر على الإطلاق فى العالم كله لعلاج فيروس سى، كانت مصر فيها ملايين من المواطنين مصابين بهذا المرض، الدولة المصرية عملت مسح طبى لـ55 مليون مصرى حتى تتأكد من سلامتهم والمصاب بالمرض تعالجه»، موضحاً أن «آراء الناس أمر، لكن هدم الدولة أمر تانى، وأرجو ما نبقاش بُعاد عن اللى حصل فى المنطقة، لأن مصر كانت هتروح برضه».

وتابع أن «المحادثات المصرية - الفرنسية، اليوم، شهدت اتفاقاً فى الرؤى بشأن أهمية الاستمرار فى مواصلة العمل على مكافحة الإرهاب البغيض الذى يستهدف أمن الدولتين، وبالتالى يمثل تهديداً مباشراً لجهودنا لتحقيق متطلبات التنمية المستدامة، والتحدى الأكبر لتحقيق رخاء شعوبنا».

{long_qoute_2}

وأشار إلى أنه ناقش مع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون بإسهاب، سبل تعزيز التعاون الثقافى والتعليمى بين البلدين، فى ظل احتفال البلدين بعام 2019 كعام للثقافة المصرية الفرنسية، كما أن الشعب الفرنسى والرئيس ماكرون لديهما ولع بالحضارة المصرية القديمة، ولا ننسَ إسهام علماء فرنسا فى فك رموز حضارتنا الفرعونية العريقة، لافتاً إلى أن النخبة المصرية المثقفة تأثرت بكتابات مفكرى عصر النهضة الفرنسية.

وفيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية، أشار إلى أنه اتفق مع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون على ضرورة إعطاء دفعة قوية للتعاون، وزيادة حجم التبادل التجارى والاستثمارات المشتركة، بما يعكس مكانة وتميُّز العلاقات السياسية والاستراتيجية بين مصر وفرنسا، مشيراً إلى مراسم التوقيع على عدد متنوع من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم للتعاون فى مجالات متعددة، كالنقل والصحة والثقافة والتعليم والاتصالات والشباب والتجارة الداخلية والطاقة، قائلاً: «إننا استعرضنا أهم خطوات تنفيذ البرنامج الاقتصادى والاجتماعى الشامل الذى تنفذه مصر منذ 2016، لمعالجة الاختلالات التى يعانى منها الاقتصاد المصرى منذ عقود، وتم الاتفاق على ضرورة إعطاء دفعة قوية للتعاون فى مجال الاقتصاد، وزيادة حجم التبادل التجارى والاستثمارات المشتركة».

وأكد «السيسى» لنظيره الفرنسى ترحيب مصر بالشركات الفرنسية، وتعظيم مشاركتها فى المشروعات القومية العملاقة، وتعظيم استفادتها من الفرص الواعدة فى شتى قطاعات الاقتصاد المصرى، مشدداً على حرصه الشخصى على دعم الاستثمار الأجنبى والشركات الفرنسية فى مصر، وتطلّعه بأن يسفر منتدى الأعمال بين رؤساء كبرى شركات القطاع الخاص فى البلدين لنتائج إيجابية.

وقدم الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسى، على استقباله اليوم، قائلاً: «زيارتى لمصر مهمة جداً، وهى فرصة لتعزيز العلاقة مع شريك أساسى فى المنطقة، لنا معه تاريخ قوى واحترام وتقدير متبادل، ونريد أن نعمل الكثير معاً فى المستقبل»، مضيفاً: «عقدنا جلسة مباحثات مطوَّلة ومعمَّقة حول العلاقات الثنائية والوضع الإقليمى، وهناك الكثير من التلاقى فى وجهات النظر فى العديد من المواضيع».

وقال الرئيس الفرنسى، إنه لا يقلل أبداً من الصعوبات التى يواجهها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى بناء دولته، وتطوير الاقتصاد ليصبح حديثاً وعصرياً، وإنه يرى الجهود الجبارة التى تُبذَل لكى يتم احترام حرية العبادة والمعتقد وحماية كل الديانات، وهو يوافق ويرافق كل هذه الجهود، مشيراً إلى تدشين الرئيس السيسى لمسجد الفتاح العليم والكاتدرائية فى العاصمة الإدارية الجديدة.

وأكد أن النجاح الذى يؤمن به الرئيس عبدالفتاح السيسى لمصر يمر عن طريق نجاح الأوساط الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والأكاديمية، والحفاظ على أفضل العقول والمفكرين، قائلاً: «إنه لا يعطى دروساً للمصريين، ويحترم التحديات الأمنية التى تواجهها الدولة المصرية، وما تمثله إعادة بناء الاقتصاد المصرى بصورة حديثة، وإن أفضل العقول بحاجة إلى حرية وجدل بين بعضها البعض ونقاشات، وأعتقد أن مصر المستنيرة وما يحمله رئيسكم وبلدكم بحاجة إلى هذه الحرية»، معبّراً عن احترامه لكل القرارات المتعلقة باستقرار مصر، وإرادة الرئيس بتفادى زعزعة استقرار، وتطوير وتنمية الاقتصاد والسياحة.

وتابع أن بلاده تهدف إلى مكافحة الإرهاب ودعم الأطراف التى تتصدى له فى ليبيا، وأيضاً دعم المصالحة الوطنية لإعادة الاستقرار إليها، مشيراً إلى تبادله الآراء مع المسئولين فى مصر قبل الإعلان عن بعض الفعاليات والمؤتمرات لدعم المصالحة فى ليبيا، بالتعاون مع غسان سلامة، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة.

وشهد الرئيسان توقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، من بينها مذكرة تفاهم لتأسيس شراكة استراتيجية مع الوكالة الفرنسية للتنمية خلال الفترة من 2019 إلى 2023 بقيمة مليار يورو، متضمنة المحاور التعاونية وفقاً لرؤية مصر لعام 2030.

كما جرى توقيع اتفاق تسهيل ائتمانى مبسَّط يتضمن قرضاً بقيمة 6 ملايين يورو لدعم موازنة قطاع الحماية الاجتماعية، مقدماً من الوكالة الفرنسية للتنمية، ومنحة بمبلغ 2 مليون يورو لتمويل برنامج الدعم الفنى لوزارة المالية، وأيضاً اتفاق تسهيل ائتمانى مبسط لتمويل برنامج دعم الشركات المملوكة للنساء لصالح جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر بمبلغ 50 مليون يورو قرضاً ومليون يورو منحة.

كما تم توقيع مذكرة تفاهم لتمويل أعمال المرحلة الرابعة من الخط الثالث للمترو بقرض تبلغ قيمته 336 مليون يورو، و286 مليون يورو دعماً من الحكومة الفرنسية، بالإضافة لـ50 مليون يورو قرضاً تجارياً، وتم توقيع أيضاً مذكرة تفاهم للتعاون بين الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب فى مصر، والمدرسة الوطنية للإدارة فى فرنسا.


مواضيع متعلقة