آثار "بدروم" المتحف المصري تكشف استخدام الفراعنة للحديد في السبائك

آثار "بدروم" المتحف المصري تكشف استخدام الفراعنة للحديد في السبائك
- الآثار المصرية
- البحث العلمي
- الفراعنة
- المتحف المصري
- فينيس جودة
- الآثار المصرية
- البحث العلمي
- الفراعنة
- المتحف المصري
- فينيس جودة
رغم مرور 7 آلاف عام على الحضارة الفرعونية المصرية القديمة، التي تعد من أهم وأقدم الحضارات التي دونت تاريخها في العالم، إلا أنها ما زالت تحمل الكثير من الأسرار التي لم تبوح بها بعد.
ومن بين تلك الأسرار التي أزاح الستار عنها مشروع مصري إيطالي مشترك ينفذ حاليا، اكتشاف وجود فلز الحديد ولأول مرة في مكونات بعض السبائك المعدنية الداخلة في تركيب التحف الفلزية الموجودة في المتحف المصري، وذلك قبل أن يتم التعرف على كيفية استخراجه من مناجمه بطرق أدخلها إلى مصر الغزو الروماني اليوناني، مما يطرح سؤالا محيرا حول كيفية جلب هذا الحديد وسبب استخدامه وإضافته كأحد مكونات السبيكة النحاسية، خاصة مع عدم العثور على أي أدوات تشير إلى الطريقة المستخدمة في استخراجه، وذلك وفق ما أعلنته الدكتورة فينيس كامل جودة وزيرة البحث العلمي السابقة، والأستاذ الباحث بالمركز القومي للبحوث، ورئيس الفريق البحثي المصري في المشروع في حديث خاص لـ"وكالة أنباء الشرق الأوسط".
وأشارت الدكتورة فينيس جودة، إلى أن من بين 153 تحفة فلزية مصنوعة من السبائك تم حصرها في إطار المشروع في مخازن الطابق السفلي للمتحف المصري (البدروم)، تم اكتشاف وجود عنصر الحديد كان غير متعارف عليه من قبل في حوالي 50 تحفة منها "حوالي ثلث العينة"، وبذلك يكون تم ولأول مرة التعرف على استخدام فلز الحديد في التركيب الكيميائي للتحف الفلزية الفرعونية، مشيرة إلى أن مناجم النحاس والذهب جرى التعرف عليها من بقايا الخامات التي استُخدمت في العصر الفرعوني، ولم يستدل على الأدوات المستخدمة في استخراج الحديد حتى الآن.
وقالت فينيس إن مدة المشروع المصري الإيطالي 3 سنوات مضى منها عامان وبقى عام واحد، وعنوانه "مشروع مسح وتوثيق وتوصيف القطع الآثرية المعدنية المخزنة في الطابق السفلي من المتحف المصري ورصد الظروف البيئية له"، وإنه جاء في إطار اتفاقية تعاون مشترك بين وزارة البحث العلمي، ممثلة في صندوق العلوم والتنمية التكنولوجية، والحكومة الإيطالية ممثلة في جامعة بوليتك بتورينتو، وأوضحت أن الجانب الإيطالي، يتولى، في المشروع، مهمة تدريب أعضاء الفريق البحثي المصر المكون من علماء الآثار بالمتحف المصري وعلماء الفلزات بالمركز القومي للبحوث، مشيرة إلى أنه سيتم الإعلان عن نتائج هذا المشروع في مؤتمر كبير سوف يعقد نهاية العام الحالي.
وأشارت إلى أن هذا المشروع يعد أحد المشروعات المشتركة مع الجانب الإيطالي والمتعلقة بالآثار المصرية الفلزية، حيث تم نشر نتائج بحثين من قبل، والبحث الثالث الذي يتضمنه المشروع الحالي خاص بالسبائك الثلاثية المكونة من الحديد والنحاس والرصاص، والسبائك الرباعية التي تضم الرصاص الحديد النحاس والقصدير.
وأضافت رئيس الفريق البحثي المصري أن هناك ثلاثة أهداف منشودة من تنفيذ هذا المشروع، وهى الحفاظ على الموروثات الثقافية الأثرية، وإنشاء قاعدة بيانات، والتعريف على المادة المكونة للتحف وتشخيصها باستخدام طرق غير إتلافية وأجهزة محمولة للتعرف على التركيب الكيميائي للسبائك المستخدمة وطرق التصنيع، مطالبه بإجراء توصيف دقيق وتقدير للتحف الموجودة في جميع المتاحف المصرية،سواء المعروضة أو المخزنة للتعرف الدقيق لمكونات السبائك إلى جانب الحديد.
وأكدت رئيس الفريق البحثي، أن المشروع سينتهي بعمل مسح شامل للآثار الفلزية وتصنيفها وتسجيلها، وسيتبع ذلك دخول هذه الآثار لقاعدة بيانات المتحف المصري الإلكتروني "إدارة وحفظ التراث الثقافي"، مما يتيح الرجوع إلى المعلومات الكاملة لأي قطعة سواء إلكترونيا أو يدويا، بالإضافة إلى وضع توصيف فيروكيميائي لتحديد ميكانيكية التحلل (التآكل)، وإنشاء أفضل نظام تراث ثقافي، وكذلك سيتم تصميم جهاز للمراقبة ذات كفاءة عالية لتقييم ومتابعة الظروف البيئة داخل بدروم المتحف، وداخل الصناديق المخزن بها المقتنيات الأثرية.
وذكرت فينيس جودة، أن فكرة التعاون المشترك مع الجانب الإيطالي، والذي تمخض عن سلسلة من المشروعات العلمية، جاء نتيجة لوجود نقص في المعلومات المتاحة عن تدهور التحف الفلزية القديمة (المعدنية) الموجودة في دول حوض البحر المتوسط بصفة عامة، والطرق المناسبة للحفاظ عليها وطرق العرض والتصنيف، لافته إلى أن هذا ينطبق عمليا على عدد هائل من التحف المصرية القديمة، والتي تصل لأكثر من 140 ألف قطعة أثرية تم تخزينها في مخازن البدروم بالمتحف المصري بالقاهرة، علما بأن هذه الآثار اكتشفت على مدى 5 آلاف عام من عمر الحضارة المصرية القديمة.
ونوهت جودة، إلى أن هذه التحف مصنوعة من مواد مختلفة مثل الحجر الجيري والحجر الرملي والجرانيت والبازلت والفخار والخزف والسبائك الفلزية، وتشمل الآثار التي تنتمي إلى العصر الملكي والتي تعبر عن الحياة اليومية مثل تماثيل المصاطب والتوابيت والأواني الفخارية والحجرية والأدوات الحربية، كما توجد تحف ذات أعمال فنية قليلة مثل التمائم والخواتم والجعارين ولمبات زيتية وعملات، وأوضحت، أن الآثار الفلزية الموجودة حاليا في "بدروم" المتحف المصري تشتمل على أكثر من 100 ألف عملة معدنية وتماثيل برونزية وأدوات الجنائز التي لا تقدر بثمن، مما دعا الجانب المصري إلى التقدم لهذا المشروع، للاستفادة من حصيلة الخبرات المصرية والإيطالية المتراكمة في مجال حماية التراث الثقافي، واكتساب أكبر استفادة ممكنة من الباحثين المصريين والإيطاليين المشاركين في هذا المشروع، والذين شاركوا من قبل في عدة مشروعات مماثلة مثل مشاريع الاتحاد الأوروبي المشترك.
وأشارت الدكتورة فينيس جودة، إلى أن المتحف المصري يعتبر من أوائل المتاحف في العالم التي أسست لتكون متحف عام على عكس المتاحف التي سبقته، ويضم أكثر من 150 ألف قطعة أثرية أهمها المجموعات الأثرية التي عثر عليها في مقابر الملوك والحاشية الملكية للأسرة الوسطى في دهشور في عام 1894، ويضم المتحف حاليا أعظم مجموعة أثرية في العالم تعبر عن جميع مراحل التاريخ المصري القديم.