من «فاهيتا والرجل العنكبوتى» إلى ثوار الفضائح

نهال عهدي

نهال عهدي

كاتب صحفي

مصر صعبانة علىّ.. وهى «مابتلحقش» تفرح، وكأنها مكتوب عليها الحزن والحسرة.. منكوبة فى نخبها وأحزابها، فى ثوراتها وثوارها.. مصر مسكونة بالمرض، بالفقر، بالجهل والزحمة، ولما حاولت تواجه كل هذا الخراب، وتدوّر على الأصابع التى تفعل كل ذلك، سخّرت كل أجهزتها الأمنية لتكتشف الحقيقة المرة: «العروسة فاهيتا» هى المجرمة العميلة التى تدمر البلاد والعباد، وهى سبب ما نحن فيه من تخلف، ولا بديل عن إعدامها فى ميدان عام! هذا هو الواقع، واقع هزلى، يبكينى فيما كان يجب أن يضحكنى لو رأيته فى فيلم خيالى ساخر، ولكن الواقع يؤكد أن السيد النائب العام -المشغول بآلاف القضايا- أحال قضية «أبلة فاهيتا» إلى نيابة أمن الدولة التى حققت مع المتهمين وطلبت تحريات الأمن الوطنى -الذى لا ينام فى مواجهة القتل والتفجيرات اليومية- ولم يبقَ إلا صدور قرار بالقبض على «فاهيتا»، التى يتردد أنها قد تهرب إلى قطر عبر السودان، أو تنضم إلى كتائب القسام فى غزة بعد هروبها عبر الأنفاق! فيما يواصل سبايدر جهوده الحثيثة لفك شفرات «بوجى وطمطم وبقلظ» لأن لديه شكوكاً أن المؤامرة على مصر قديمة، بدأت فى السبعينيات تمهيداً لإسقاط مصر فى يناير ٢٠١١!! مصر الغلبانة، تفقد كل يوم عزيز لديها، فبعد أن تباهت بشعبها أمام العالم، بثورة ٢٥ يناير، ها هى تجد نفسها أمام تسريبات تليفونية لبعض نجوم هذه الثورة، تكشف فسادهم، وأنهم لم يكونوا حريصين عليها، بل كانوا يسعون إلى المال وسرقة ملفاتهم من أمن الدولة لإخفاء فضائحهم، وإن سعى بعضهم للإتيان بالبرادعى رئيساً لمصر، ليس لأنه الأفضل، ولكن لأنهم يريدون أن يديروا مصر من الخلف، يتحدثون عن مصر وكأنها عزبة أو كفر ولم تصل حتى إلى مستوى قرية!! لا تسلنى لماذا هانت مصر إلى هذا الحد، بل دعنا نغرق فى التنصت والحرية الشخصية، ومن سجّل ومن سرّب.. دعنا ننشغل فى الهوامش، نسأل عن علاقة «فلانة بفلان»، والعلاقات النسائية لـ«علان»، وكيف ارتدت الثائرة الفقيرة أغلى الثياب.. قمنا بثورة من أجل الحرية، من أجل كرامة الإنسان، فليذهب الوطن إلى الجحيم، وليبقَ الثوار فى أمان!! لم يسأل أحد نفسه: لماذا تعيش مصر هكذا فى قضايا تافهة بعيدة عن الشعارات التى نادى بها الشعب منذ ثورة ٢٥ يناير، حرائق وتدمير وقتل فى محمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو؟! لماذا حكم الإخوان ولماذا لم يتوقف القتل والخراب؟! ولماذا ظهر باسم يوسف ولماذا اختفى؟! لماذا خرج الناس فى ثورة ٣٠ يونيو، ولماذا لم يتغير شىء، مصر غارقة فى صراعات، وجماعات، الإخوان يبحثون عن الدماء، ورفقاء يناير أصبحوا تمرد و٦ أبريل وألتراس، ومصر وحدها وحيدة فى عز البرد تحاول أن تحتضن بقايا هذا الشعب من فقراء ومرضى وحائرين!! مصر وحدها وحيدة تبحث عن كرامتها المهدرة، فيما يبحث بعض الثوار عن حقهم فى حرية الفساد والإفساد وبيع الوطن ومطاردة «الأبلة فاهيتا» المجرمة التى صارت مطمعاً للشباب منذ رحيل المرحوم «إللى كان شايل عنها بلاوى».