صراع القط والفأر بين «الفصحى» و«العامية».. والغلبة لـ «الفرانكو آراب»

صراع القط والفأر بين «الفصحى» و«العامية».. والغلبة لـ «الفرانكو آراب»
- اللغة العربية
- لغة الضاد
- اليوم العالمي للغة العربية
- يوم اللغة العربية
- لغة القرآن
- الفصحى
- الفرانكو
- اللغة العربية
- لغة الضاد
- اليوم العالمي للغة العربية
- يوم اللغة العربية
- لغة القرآن
- الفصحى
- الفرانكو
غريبة بين أهلها الذين هجروها إلى لغات أخرى، يتفاخرون فى حديثهم بمفردات أعجمية رغم امتلاكهم لغة من أكثر اللغات مرونة لكونها أغنى لغات العالم فى وطن يمتلك 13 مجمعاً لغوياً، يلهث القائمون عليها للحاق بركب التطور وتعريب لغة طغت عليها العامية وابتدع شبابها لغة هجينة أطلقوا عليها «الفرانكو آراب»، راحوا يمزجون فيها بين الحروف والأرقام الأعجمية وانتشرت لغتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعى والمنتديات والمدونات.
ويأتى الاحتفال باللغة العربية بشكل سنوى، بعد قرار اليونيسكو عام 2012 بتخصيص يوم 18 ديسمبر من كل عام للاحتفال بلغة الضاد، كونه اليوم الذى أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها بإدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية، ولغات العمل فى الأمم المتحدة، بعد اقتراح قدمته المغرب والسعودية وليبيا، لتكون بذلك إحدى اللغات الست التى تعمل بها الأمم المتحدة، وهى: العربية والإنجليزية والفرنسية والصينية والروسية والإسبانية.
وقد أعلن المؤتمر العام لليونيسكو فى دورته الثالثة عام 1948، الذى عقد ببيروت، أن اللغة العربية لغة العمل الرسمية للمؤتمر العام إلى جانب الإنجليزية والفرنسية، وفى عام 1960 اتخذت اليونيسكو قراراً يقضى باستخدام العربية فى المؤتمرات الإقليمية التى يتم تنظيمها فى البلدان الناطقة بالعربية وبترجمة الوثائق والمنشورات الأساسية إلى العربية، واعتُمد فى عام 1966 قرار يقضى بتعزيز استخدام اللغة العربية فى اليونيسكو وتقرر تأمين خدمات الترجمة الفورية إلى العربية ومن العربية إلى لغات أخرى فى إطار الجلسات العامة، وفى عام 1968 تم اعتماد العربية تدريجياً لغة عمل فى المنظمة مع البدء بترجمة وثائق العمل والمحاضر وتوفير خدمات الترجمة الفورية إلى اللغة العربية. ورغم احتفاء العالم بها لا تزال اللغة العربية تعانى، بحسب الدكتور عبده إبراهيم، أستاذ البلاغة والنقد عميد كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، مشيراً إلى أن العربية هى هوية الإنسان، فأنت بما تقول، وإن رأيت قوماً ذلوا، فإنما ذلهم يكون بسبب تخاذلهم عن لغتهم، وأضاف: «المصيبة الكبرى التى أخشاها أن نتجاوز الإنسانية إلى العامية المكتوبة، وما من دولة متحضرة ومتقدمة إلا وتحافظ على لغتها ولا تسمح بوجود لغة ثانية إلا بقدر»، متابعاً: «ونحن هنا نجد الإعلانات فى الشوارع وبرامج الإعلام بالعامية، ورغم ما تعانيه اللغة من تدهور شديد وتحديات على مختلف الأصعدة، لكن مع هذا أقول إنها ستظل باقية على الأرض ما دامت السموات والأرض، ولم لا، والله الذى تكفل بحفظها مصداقاً لقوله عز وجل: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ»، ولكننا نريد للغة الكمال وأن تأخذ مكانتها التى تليق بها».
{long_qoute_1}
وأضاف أن حماية اللغة العربية لا تقتصر على مؤسسة ولا على دولة بعينها، فهى مطلب قومى، ولا بد أن تتكاتف كل الدول العربية وتعد مشروعاً لحماية لغتنا الأم، ولا بد أن يكون هناك تكامل فى النظر، وأن تتوافر إرادة عربية لحمايتها من كافة التحديات التى تواجهها فى الوقت الراهن، لافتاً إلى أن أبرز التحديات التى تواجه اللغة الآن هى الصراع بين العامية والفصحى، والغرب يسعى لطمس الهوية العربية بطمس لغتها بشتى السبل، وينادون بالتخلص والسخرية منها، وقال: «متى تخلصوا منها تخلصوا من هويتنا وتراثنا»، مؤكداً أن الإعلاميين والمثقفين من أهم أسباب ضعف اللغة، فقد عقدوا النية والعزم على ألا يقيموا للغة العربية وزناً، بجانب الإصرار على إهمال النماذج المضيئة من محبى اللغة العربية.
وأكد «إبراهيم» أن الدول الراقية هى تلك المحافظة على تراثها وهويتها ومعالم حضارتها مثل الدول الأوروبية التى لا تجعل الطالب صغير السن يتحدث أو يتعلم لغة أخرى إلا بعد أن يجتاز سن الثامنة من عمره، ونحن هنا نتباهى بأن أولادنا منذ الصغر فى مدارس وروضات يتحدثون لغة أجنبية قبل أن يتعلموا لغتهم الأم وتلك مصيبة، حسب قوله، متابعاً: «لا يليق بنا نحن العرب أن نعلم أبناءنا اللغات الأجنبية قبل أن نعلمهم اللغة العربية، فينبغى أن تكون اللغة العربية هى الأصل وبعد سن معينة يستطيع التلميذ فيه أن يفرق بين لغته ويتشبع منها وبعد أن يمتلك ثروة لغوية من مفردات يمكن أن نقول له تعلم لغة بعد ذلك». وشدد على أن يكون الاحتفال باليوم العالمى للغة العربية بهدف «انتبهوا أيها العرب فلغتكم عالمية تناطح لغات العالم كافة، انتبهوا لها واهتموا بها.. تحدثوا لغتكم.. افخروا بأنكم أبناء سيدة اللغات، لا مجرد أن أقيم احتفالاً ولكن بدق جرس إنذار: أين أنتم من لغتكم أيها العرب».
وطالب عميد كلية اللغة العربية بإصدار قانون للغة العربية، مشيراً إلى أن وزارة العدل لم تصدق عليه بعد، لذلك لم يناقشه البرلمان، وتابع: «لم يترك القانون صغيرة ولا كبيرة من أجل حماية اللغة إلا ووضعها، وهنا ستكثر المعوقات، فما ترك وزارة من الوزارات ولا جهة معنية باللغة إلا وأدخلها فى القانون، وهذا سيعطيه شيئاً من عدم التنفيذ الجيد، وعندما تحدثنا عن حدود المسئولية ومن سيطبق هذا القانون خلال اجتماعات بالوزارة، وجدناها تتجاوز رؤساء الأحياء والمحافظين والوزراء والسفراء إلى دور التعليم والجامعات ومشيخة الأزهر ومجمع اللغة العربية، واتساع مساحة القانون ستكون سبباً من أسباب تأخر تطبيقه»، حسب قوله، مختتماً برسالة للقائمين على اللغة العربية قائلاً: «أنتم جنود تقاتلون فى سبيل الله بحفاظكم على اللغة العربية، وأناشد مدرسى اللغة العربية أن يتمسكوا بلغتهم ويتحدثوا إلى أبنائهم بالفصحى، وأن يجعلوهم فخورين بعظمتها».
من جانب، قال الدكتور عبدالحميد مدكور، الأمين العام لمجمع اللغة العربية، إنه خلال الفترة الأخيرة بدأ يتجاهل الكثير لغتنا الأم بعد سيطرة وسائل التواصل الاجتماعى وكثرة المحطات الفضائية التى لا تهتم بالحديث بالعربية، فكان واجبنا العمل على حماية هذه اللغة مما يهددها من أخطار سواء جاءت من الداخل أو الخارج، وحماية اللغة العربية أصبح مسئولية مجتمع بأكمله، وهذا هو الوقت المناسب ليخرج قانون «حماية اللغة العربية» للنور، المشروع الذى أعده المجمع وأجرى بعض التعديلات البسيطة قبل عرضه على البرلمان.
وتابع: «اللغة العربية لغة دين وثقافة وحضارة وتاريخ عريق وتراث مجيد، إحدى اللغات الأساسية فى العالم كله، وبها تصاغ القوانين ويكتب التاريخ ويعبر بها عن الفكر والوجدان والشعور، وأكد الأمين العام للمجمع أنه لا نهضة ولا تنمية سواء على الأصعدة الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية أو العلمية إلا بتنمية لغوية وفية للأصول والقواعد المحكمة متفتحة على منجزات العصر، وأكد أن تطبيق القانون يعيد للغة العربية قيمتها اللائقة، وأشاد بدور الإذاعة المصرية، صاحبة الفضل الكبير فى الحفاظ على اللغة العربية بأصولها لأنها هى معيار الانتماء الوحيد للعرب، وشدد على أهمية إعادة الكتاتيب، قائلا: «عزنا مرهون بعز لغتنا، وكم عزّ أقوامٌ بعز لُغات».