«Big Data».. فلسفة جديدة تحكم سوق المعاملات المالية حول العالم

«Big Data».. فلسفة جديدة تحكم سوق المعاملات المالية حول العالم
- Big data
- الثورة الصناعية
- التقدم التكنولوجى
- المؤسسات المالية العالمية
- Big data
- الثورة الصناعية
- التقدم التكنولوجى
- المؤسسات المالية العالمية
على الرغم من أن الـ«Big data» هو مصطلح جديد نسبياً، إلا أن عملية جمع وتخزين كميات كبيرة من المعلومات للتحليل النهائى فى شكله البسيط تُعد من أقدم العمليات، حيث اكتسب هذا المفهوم زخماً كبيراً فى أوائل العقد الأول من القرن الحالى عندما عبّر المحلل الصناعى «دوج لانى» عن التعريف السائد حالياً للبيانات الضخمة.
وتمثل البيانات الضخمة المادة الخام لانطلاق الثورة الصناعية الرابعة التى وصفها الخبراء بتسونامى التقدم التكنولوجى الذى سيغير فى الكثير من تفاصيل الحياة البشرية عند التحول لمجتمع رقمى يعتمد على البيانات الضخمة للقارات والدول والشركات والأفراد أيضاً، وهو ما ساهم فى نمو الإيرادات المتولدة من سوق البيانات الكبيرة وتحليل الأعمال فى جميع أنحاء العالم إلى 166 مليار دولار فى 2018، والذى يتوقع وصوله إلى 260 مليار دولار فى 2022.
وتنتشر منظومة الـBig Data بين العديد من الشركات العالمية فى مناحى الحياة المختلفة، مثل «FaceBook» التى تملك بيانات دقيقة لأكثر من 2٫2 مليار مستخدم، أى ما يقارب ثلث سكان العالم، «WhatsApp» التى ترسل نحو 60 مليار رسالة يومياً، فضلاً عن بيانات دقيقة لأكثر من 1٫5 مليار مستخدم حول العالم.
كما ينتشر هذا الأسلوب لتحليل البيانات على مستوى المؤسسات المالية العالمية، وذلك من أجل رفع مستوى الاستجابة للخدمات والمنتجات المقدمة، حيث تتم دراسة الشرائح الاستهلاكية الحالية والمرتقبة واستهدافها بمنتجات تناسب ظروفها السائدة حالياً والمتوقعة فى المستقبل، ومن هذا المنطلق ندرك أن أهمية البيانات لا تتلخص فى كمية البيانات المتوافرة لديك، ولكن فيما تفعله بهذه البيانات لتحسين وتطوير الأعمال.
{long_qoute_1}
وهذا ما أدركه البنك التجارى الدولى، وحرص على الاستثمار بكل إمكانياته فى مجال التكنولوجيا القائم على أسس حديثة، ليصبح أول بنك فى مصر والشرق الأوسط وأفريقيا يبدأ فى استخدام أساليب تحليل البيانات الضخمة، والتى تسهم بدورها فى تعميق فهم البنك، وإدراكه لطبيعة العملاء، واحتياجاتهم، إلى جانب إسهامها فى تحديد المناطق والمنتجات المثلى التى يجب أن يبدأ فى التوسع والاستثمار بها، بهدف ضم شرائح جديدة من العملاء، وتقديم خدمات تتنوع بتنوع قاعدة العملاء، علاوة على تطوير منظومة التنبؤ بالمخاطر المحتملة وتصميم نموذج تشغيل أمثل يحقق معايير الكفاءة والفاعلية ويتيح خلق قدرات إضافية من خلال استغلال منصة التشغيل الحالية.
وهذا ما أوضحه إسلام ذكرى، أول رئيس تنفيذى لتحليل وإدارة البيانات بالبنك التجارى الدولى، فى تصريحات خاصة لـ«الوطن الاقتصادى»، حيث أشار «ذكرى» إلى أهمية ذلك فى تحقيق أهداف الدولة والصناعة المصرفية من خلال ضم مختلف شرائح المجتمع لمنظومة تقديم الخدمات المالية، وهو ما سيتطلب تطوير نظم استهداف وتصنيف جديدة تقوم على تحليل سلوكيات العملاء وأنماط الاستهلاك، بالإضافة إلى تصميم نظم تقييم ائتمانى بديلة لا تعتمد على سابقة التعامل مع الجهاز المصرفى أو التاريخ المالى البنكى للعميل بقدر ما تعتمد على تحليل أنماط وتوقيتات الاستهلاك والادخار ومؤشرات موسمية الدخل كمدخلات للتنبؤ بالحد الائتمانى الأقصى المقترح للعميل.
وأضاف أن مصرفه كان له السبق والريادة فى تكوين أول فريق مصرى متخصص فى علوم البيانات الضخمة عام 2014، والذى يتكون من أكثر من 80 متخصصاً، من بينهم علماء بيانات وخبراء فى بناء نماذج بيانات، وخبراء تحليل الأعمال، علاوة على فريق لحوكمة وإدارة البيانات وجميعهم مصريون يتمتعون بخبرات دولية، وهى وظائف لم تكن موجودة من قبل فى الصناعة المصرفية. {left_qoute_1}
وتابع «ذكرى» أن «التجارى الدولى» يمتلك مركز تحليل بيانات مدرجاً عالمياً، وممثلاً فى معظم المحافل الدولية، كما يمتلك الآن أوراقاً بحثية باسم البنك، بالإضافة إلى نشر ورقة بحثية تتناول دور تكنولوجيا الـBlock Chain فى توسيع نطاق تغطية الخدمات المصرفية مؤخراً، وذلك بالتعاون مع أحد مراكز الأبحاث العالمية الرائدة فى هذا المجال.
وذكر أن هذه الإجراءات أدت إلى اختيار البنك التجارى الدولى كحالة للدراسة لطلبة الدراسات العليا وماجستير تحليل البيانات بكلية لندن لإدارة الأعمال London Business School، نتيجة لرؤية البنك التى تعتمد على استغلال رأس المال البشرى والمعرفى لإنتاج أصول ذكية كان من شأنها تعظيم قيمة المؤسسة وتطوير أدائها كأفضل بنك فى الأسواق الناشئة.
وقال «ذكرى» إن نظام جمع البيانات الضخمة خفض من نسبة انتظار العملاء بالفروع بنسبة 35% وذلك من خلال إنشاء نموذج يتيح إدخال بعض البيانات للعميل والصراف ويقدم النموذج عدداً من المقترحات والأفعال من ضمنها كيفية الاستثمار فى عدد الصرافين، مقارنة بعدد موظفى خدمة العملاء، مستهدفاً الوصول بعدد عملائه من مليون إلى 2 مليون عميل خلال الـ3 سنوات المقبلة.
من جانبه، قال يحيى أبوالفتوح، نائب رئيس البنك الأهلى المصرى، إن الـBig Data لعبت دوراً كبيراً وفعالاً فى أداء المصارف العالمية وتوسيع قاعدة العملاء، حيث إن تجميع بيانات العملاء تتيح للبنك تحديد متطلبات العميل لتحقيق أقصى معدلات الرفاهية والأمان، مشيراً إلى أنه مع دخول نظام تجميع البيانات الضخمة للساحة المصرفية أصبحت البنوك فى منافسة شرسة تتبارى كل منها لجمع أكبر قدر من بيانات عملائهم لضمان الحفاظ على استدامة العملاء فى ظل المنافسة الكبيرة، كما خلق نظام البيانات الضخمة سبلاً ترويجية جديدة تحقق نتائج إيجابية هائلة على الرغم من انخفاض تكلفتها مقارنة بالسبل التسويقية التقليدية.
وأوضح أن مصرفه يعمل بشكل مستمر على نظام البيانات الضخمة، لأنه على الرغم من ارتفاع تكلفة النظام، إلا أنه يحقق عوائد كبيرة للبنك، فعند جمع بيانات العملاء وتحليلها يقوم البنك بترويج كل منتج وفقاً لمتطلبات كل عميل مما يرفع نسبة تفاعل واستخدام العملاء للخدمات والمنتجات المصرفية والتى ستزيد من أرباح البنك.
{long_qoute_2}
وذكر أنه قد تكون هناك صعوبة إذا عملت البنوك معاً لجمع كافة بيانات عملاء القطاع المصرفى، لأن هناك بعض بيانات العميل السرية والتى لا يمكن لبنك آخر الاطلاع عليها، مشيداً بأداء البنوك فى المضى قدماً نحو تطبيق نظام الـBig Data لمواكبة التطورات العالمية.
وفى سياق متصل، أشار عمرو الشافعى، نائب رئيس بنك القاهرة، إلى جهود البنك المركزى لتوجيه الكثير من البنوك المحلية لجمع كافة بيانات عملائهم، لطرح أفضل الخدمات والمنتجات الأكثر احتياجاً من قبَل العملاء، وذلك لما وجده من أهمية بالغة فى نظام الـBig Data، موضحاً أن ارتفاع تكلفة التمويل قد تكون عائقاً لبعض البنوك فى الإسراع بالانتهاء من جمع البيانات الضخمة لعملائهم وتطويعها وفقاً لمستهدفات البنك.
وقال «الشافعى» إنه على البنوك تطبيق نظام الـBig Data لا محالة، حيث إن عوائد تطبيق النظام على البنوك وغيرها من المؤسسات أكبر من تكلفتها، وذلك بخلاف الأرباح المادية التى سيوفرها نظام البيانات الضخمة عند العزوف عن وسائل التسويق والإعلان التقليدية، كما أن النظام سيساعد فى استدامة العملاء وخلق حالة من ولاء العميل لهذه المؤسسة التى توفر له احتياجاته من قبل طلبها.
ومن جانبه أوضح إبراهيم الشربينى، رئيس قطاع التحول الرقمى فى بنك مصر، أن البنك يعمل فى مراحله الأولية من جمع البيانات الضخمة لعملائه لتفعيل نظام الـBig Data، حيث يقوم البنك بجمع البيانات بشكل جزئى، مشيراً إلى أن بنك مصر يتميز بارتفاع عدد عملائه لأكثر من 8 ملايين عميل، فى مختلف المناطق الجغرافية وبشرائح عملاء متنوعة، لذلك عند الانتهاء من جمع كافة بيانات العملاء الضخمة والبدء فى تفعيلها، سيحقق ذلك طفرة كبيرة للبنك من عوائد وأرباح، كما أنها ستطور بشكل كبير من الخدمات والمنتجات المقدمة للعملاء.
وأشار إلى أن نظام الـBig Data غير مقتصر على البنوك والمؤسسات المالية فقط، فكثير من المؤسسات العالمية طبقت النظام باحترافية كبيرة، مثل مؤسسة «أمازون» التى تدرس زوار موقعها جيداً وتقوم بتحليل بياناتهم، لتبدأ بعرض محتويات إعلانية وفقاً لميول ورغبات الزائر. وذكر «الشربينى» أن البنك يدرس العمل مع أحد القطاعات العاملة فى السوق المصرية، لتبادل البيانات الضخمة لكل منهما، مستهدفاً بذلك الوصول لشرائح جديدة من الأفراد بخلاف عملاء البنك.