70 عامًا على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. دستور عالمي أم وثيقة «مع وقف التنفيذ»؟

70 عامًا على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. دستور عالمي أم وثيقة «مع وقف التنفيذ»؟
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
- حقوق الإنسان
- الأمم المتحدة
- مفوضية حقوق الإنسان
- المفوضية السامية
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
- حقوق الإنسان
- الأمم المتحدة
- مفوضية حقوق الإنسان
- المفوضية السامية
تحل الإثنين المقبل الذكرى الـ70 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ويعتبر الإعلان الوثيقة التاريخية الأهم في تاريخ حقوق الإنسان، بعد أن صاغه ممثلون من مختلف الخلفيات القانونية والثقافية من جميع أنحاء العالم، واعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في باريس في 10 ديسمبر 1948، بوصفه المعيار المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كل الشعوب والأمم، والذي حدد للمرة الأولى، حقوق الإنسان الأساسية التي يتعين حمايتها عالميًا.
وينقسم الخبراء والمعنيون بالشأن الحقوقي إلى فريقين، أحدهما يرى الإعلان وثيقة «مهمة جدًا»، وقدمت مكاسب عديدة للإنسانية، وأنه صالح لزماننا الذي سيطرت عليه الحروب والنزاعات المسلحة، وتنامى فيه خطاب الكراهية، والآخر يرى أن الإعلان فقد مصداقيته لعدم قدرة الأمم المتحدة وهيئاتها الممثلة في مجلس حقوق الإنسان والمفوضية السامية لحقوق الإنسان على تطبيق مواده، وأنه يظل وثيقة ممتازة مع «وقف التنفيذ».
{long_qoute_1}
قال الدكتور حافظ أبوسعده، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن الإعلان العالمي لا يزال يشكل الأساس الذي بُني عليه القانون الدولي لحقوق الإنسان، وأن المشوار لا يزال طويلًا لتطوير القوانين والنظم للتوافق مع بنوده ومواده.
ورفض «أبوسعده» الآراء التي تقلل من قيمة الإعلان بقوله إنه كان نقطة الارتكاز لتحرير الأمم والشعوب، وأنه الفكرة الجوهرية التي انطلقت منها حركات التحرر الوطني مثل حق تقرير المصير وموجة التحرر من الاستعمار في الخمسينات والستينات من القرن الماضي تستند إلى الأساس القانوني والأخلاقي في الإعلان العالمي، ثم بعد ذلك العهدين الدوليين للحقوق السياسية، والاقتصادية.
وأشار إلى أن أحد المسائل الأساسية التي تصدى لها الإعلان هي محاربة العنصرية، ومن نتائجها إنهاء نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، وكذلك تراجعه في كل دول العالم حتى الولايات المتحدة الأمريكية، لتعزيز ودفع مواجهة العنصرية في العالم، وعدم جواز التمييز ضد الإنسان بسبب اختلاف العرق أو اللون أو الدين أو غيره.
وقال إن الإعلان عمل على تصفية الاستعمار، لافتًا إلى أن أحد المسائل الأساسية التي لا زالت حتى هذه اللحظة «البند السابع» في مجلس حقوق الانسان، المتعلق بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، لتظل القضية الفلسطينية مطروحة كآخر أشكال الاحتلال، وبسبب هذا البند انسحبت الولايات المتحدة من المجلس.
ولفت إلى أن حركات تحرر المرأة ومكافحة التمييز ضدها أحد أهم إنجازات الإعلان حيث تُرجمت مواده المتعلقة بالمساواة وعدم التمييز، في اتفاقية مكافحة كافة أشكال التمييز ضد المرأة، المعروفة باسم «سيداو»، وأن للإعلان دور بارز في مكافحة التعذيب لأنه كان مجرم في بعض التشريعات وغير مجرم في تشريعات أخرى، لكن الإعلان جعل تجريمه أساس في كل النظم القانونية باعتباره انتهاك جسيم لحقوق الإنسان، ونتج عنه كذلك اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لحقوق الإنسان.
{long_qoute_2}
وقال عبدالباسط بن حسن، رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان في تونس، إن الإعلان العالمي لحقوق الانسان بداية مسار طويل لإنشاء منظومة دولية لحقوق الإنسان تقوم على قيم الحرية والكرامة والمساواة والعدالة، وعلى مجموعة من الاتفاقيات والآليات التي تحاول أن تكون أداة لتمتع الناس بحقوقهم.
وأضاف «بن حسن» لـ«الوطن»: «لقد تحققت مجموعة مهمة من المكاسب للإنسانية، وأصبحت حقوق الإنسان بفضل الإعلان جزءًا لا يتجزأ من القانون الدولي والعلاقات الدولية، ولكن هذه التطورات لا يمكن أن تحجب عنا تحديات ونقائص عديدة في ظل عالم يعاني من الحروب والنزاعات والمخاطر الكبيرة على البيئة وتدميرها وتفاقم خطابات الكراهية والعنصرية والتطرف، ما يعمق الهوة بين الفئات الاجتماعية وتنامي الإقصاء والتهميش».
وتابع: «نحن في عالم يشهد نوعا من المفارقة الغريبة بين إنتاج للثروة يتطور ويتسع، وتكنولوجيا حديثة تقرب المسافات وتعمق العولمة من جهة، ونزوع نحو سيطرة الهويات والانغلاق من جهة أخرى». لافتًا إلى أن كل هذه المفارقات نتج عنها تخلي بعض الحركات السياسية في الغرب نفسه عن قيم حقوق الإنسان والمواطنة، ونزوعها إلى الشعبوية ممارسة وخطابًا.
وأكد رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان، أنه رغم كل هذه المخاطر والتحديات، فإن كل التحركات الشعبية والانتفاضات والثورات التي تشهدها بدايات قرننا الحالي، تؤكد على أن المطالب تتمحور حول الكرامة والتحرر، والحصول على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وتحسين جودة الحياة والعدالة بجميع أشكالها، وهذه في النهاية شعارات حقوق الإنسان.
ونبه إلى ضرورة أن يعود العالم اليوم بقوة إلى قيم الحرية، وأن يجعلها أساسًا لدساتيره وقوانينه، ومنظوماته الاقتصادية والاجتماعية، وسياسياته العمومية، وأن يستثمر بقوة في تعليم حقوق الإنسان والتربية عليها، مشيرًا إلى أن روح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ما زالت صالحة لزماننا، وأن علينا اتخاذ هذه الوثيقة منهجًا للتخلص من الخوف والفاقة مثلما قال الإعلان.
{long_qoute_3}
من جانبه، قال أيمن نصري، رئيس المنتدى العربي الأوروبي للحوار وحقوق الإنسان بـ«جنيف»، إن: الإعلان نفسه جيد جدًا، وهو أول إعلان تم وضعه بتوافق دولي لحماية وصيانة حقوق الإنسان في العالم.
وأضاف لـ«الوطن»: السؤال الأهم الذي يجب طرحه في هذه المناسبة؛ هل استطاعت المنظومة الأممية ممثلة في مجلس حقوق الإنسان، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، تحقيق بنوده؟، وهذا لم يحدث مع الأسف.
وأرجع «نصري» عدم تحقق مواد الإعلان التي وضعت لحماية الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية، إلى أن ملف حقوق الإنسان أصبح يُستخدم للضغط على الدول لتحقيق مصالح سياسية واقتصادية، الأمر الذي أفقد حتى المنظمات الأممية مصداقيتها بعد عدم الالتزام بالإعلان: «مواده جيدة، لكنه يبقى وثيقة ممتازة مع وقف التنفيذ».