كاتب صيني: القرى الريفية مصدر الثقافة والحضارة المصرية
المحاضر الصينى الدكتور لى مينغتشيوان
نظم المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور سعيد المصري، وبالتعاون مع المركز الثقافي الصيني بالقاهرة محاضرة بعنوان: "النموذج الصيني في التنمية الثقافية"، ألقاها المحاضر الصيني الدكتور لي مينجتشيوان، نائب رئيس اتحاد سيتشوان، والباحث في أكاديمية العلوم الاجتماعية في سيتشوان، وأدار النقاش الدكتور شريف عوض، تحت رعاية الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة.
تحدث الدكتور لي مينجتشيوان فى بداية المحاضرة، مؤكدًا أن تاريخ مصر العريق، وحضارتها وثقافتها يمثلوا جاذبية قوية للصين، لذا دائمًا ما يتطلع الشعب الصينى لزيارة مصر، وأن الحضارة المصرية قامت في الريف والقرى، تمامًا مثلما قامت الحضارة الصينية، وأكد أن الرئيس الصيني يؤمن بأن الأقليات لا تقل أهمية عن الأغلبية، إذا كنا نريد تنمية حقيقية، كما تحدث عن استثمار هذا التراث الثقافي الثري، كمدخل للتنمية الثقافية؛ لأن الثقافة لن تتحقق بمنأي عن التراث.
كما أشار إلى أهمية دعم البنية التحتية، وتحسين نوعية الحياة للبشر كمدخل إلى التنمية الثقافية، وقال أنه بعد تأسيس الصين بدأت الدولة تهتم بالريف وتطويره، وعندما وصلنا إلى التسعينيات ظهرت المشاكل الاجتماعية، فمثلا المناطق الساحلية ذهب إليها العمال، وأصبح هناك مصطلح (العمال الفلاحين)، وأصبحت بعض القرى خالية من السكان، فبعض القرى سميت بقرية الشخص الواحد، وقد أدرك الشعب الصينى هذه المشكلة وحاول حلها المؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعى الصينى، بواسطة وضع استراتيجية للقضاء على هذه المشكلة.
وأكد أن التنمية الثقافية هى صناعة تتطلب مقومات وأدوات واستراتيجيات، وقدم مثالًا على تطوير الصناعات فى الريف بقرية يتنوان، وقال بعد تطور الريف يجب أن يكون لدى الفلاحين حماية لثقافتهم التى امتزج فيها الحديث بالقديم، ليصبح الفلاحين قادرون على الإبداع بانفسهم. وتابع متحدثًا عن الفكر الإبداعى كمدخل للتغيير، وتسائل كيف ننهض بالريف بواسطة الثقافة؟ ثم أوضح أن نهضة الريف تتأثر بالثقافة، وضرب المثل بقرية جيوجيام الصينية، وهى تعد مكان متعدد الثقافات وليس فقط معلم سياحى جميل، لكن به الكثير من الخصائص التاريخية.
وقال هناك قرية تتميز بالزهور صفراء اللون أبتدع سكانها عيدًا أطلقوا عليه: "عيد الزهور الصفراء"، كما قاموا أيضًا بكثير من الأنشطة الأخرى المتعلقة بالزهور الصفراء، مما كان له عائدات سياحية كبيرة تعادل 15 مليون جنيه مصرى، بالإضافة أيضًا لخلق مشروعات أخرى ومنتجات ثقافية شيقة للغاية، عن طريق الكتب المدرسية التى تناولت هذا المكان الذى قام بدمج ثقافة الأم الرحيمة، التى ترتبط بشخصية تاريخية كانت موجودة فى التاريخ الصينى، وكانت تمثل صورة للأم الصينية، لذا نجد بعض الحدائق هناك قد تمحورت حول موضوع الأم الصينية. وأضاف مثالًا آخر لقرية مساحتها صغيرة فى مقاطعة "ستشوان"، وقد اكتسبت شهرتها بدمج الفن والرسم والمشغولات الخزفية، ومختلف مجالات التعليم الفنى، ويضاف إلى ذلك الفنادق الفنية والمساكن الشعبية هناك، التى قام سكانها بفتح بيوتهم كفنادق للسياح، فعندما تذهب إلى هناك تجد أشكال مختلفة من الفنون، وأكد على اهتمام الصين برفع مستوى الوعى الجمالى والفنى، كونه شىء مهم للغاية لأنهم يعيشون فى بيئة قد تكون فجه، وأشار إلى إحدى مقولات المفكر الاشتراكى الشهير كارل ماركس عام ١٨٤٤م، حين أوضح أن المجتمع الاشتراكى ستتلاشى به عملية تقسيم العمل كما ستتلاشى الطبقات، فمثلًا من يعمل فى المناجم ومن يعمل فى تربية الأغنام، هذا التقسيم فى العمل يخفى تمامًا المواهب الموجودة داخل كل منّا؛ فكل شخص يُخرج الفنان والملكة الموجودة بداخله.
وتحدث عن اقتصاديات الريف كمدخل للتنمية، ونهضة القرى التى تشمل الشكل والمضمون، وهذا ما تفعله الحكومة الصينية الآن، حيث يجب تطوير الفلاحين ليس فى المظهر فقط بل فى الجوهر أيضًا، كيف يمكن أن نجعل الأشخاص سعداء، فإذا عاشوا فى حزن وقلق، كيف تتحدث عن تطور؟ هذا يجعلنا نخلق فلاح قوى وفلاح غنى؛ فالثقافة يمكن أن تقوى الأشخاص، وأن تجعلنا سعداء والأشخاص يشعرون بالسلام والسكينة والهدوء والأمان عند تطوير الثقافة.
وتابع مؤكدًا أن الشخص المثقف الذى يفهم الموسيقى والفن، حتى إذا أراد أن يكون سيئًا؛ فسوف يجد صعوبة كبيرة فى ذلك، وأكد أن الثقافة التقليدية الصينية قوية ومتنوعه، وقد جاءت المحاضرة ضمن برنامج "منتدى الحوار الثقافى"، الذى ينظمه المجلس الأعلى للثقافة ضمن خطته الثقافية، ويتناول كل لقاء بالمنتدى استضافة لأحد المفكرين البارزين على الساحة الثقافية العربية والعالمية، لإلقاء محاضرة حول أحد الموضوعات والقضايا الثقافية، وقد فتح حوار عقب إنتهاء المحاضرة مع المفكرين والرموز الثقافية المصرية لطرح الرؤى المختلفة وتبادل الخبرات الفكرية.