على الدين هلال: «أردوغان» لديه خصومة سياسية مع مصر وليس «السيسى» لأن «30 يونيو فركشت مخططاته».. وهو آخر من يتحدث عن الأخلاق
على الدين هلال: «أردوغان» لديه خصومة سياسية مع مصر وليس «السيسى» لأن «30 يونيو فركشت مخططاته».. وهو آخر من يتحدث عن الأخلاق
- علي الدين هلال
- أردوغان
- الصين
- الدول العربية
- التطرف الدينى
- الزيادة السكانية
- علي الدين هلال
- أردوغان
- الصين
- الدول العربية
- التطرف الدينى
- الزيادة السكانية
قال الدكتور على الدين هلال، وزير الشباب والرياضة الأسبق، أستاذ العلوم السياسية البارز، إن العالم يعيش مرحلة إعادة تشكيل للنظام الدولى والمراحل الانتقالية تتسم بالتنافس والصراع، موضحاً أن النظام العالمى الحالى المتصدع قام بعد الحرب العالمية الثانية على أساس التفوق الاقتصادى الأمريكى لكنه يتراجع الآن لصالح الصين.
أضاف «هلال»، فى حواره مع «الوطن»، أن الدول العربية واقعة تحت ضغوط عنيفة لكن الدول الكبرى لا تسعى -كما تصور البعض- لتفتيت المنطقة وإنما لإضعاف الدولة المركزية وقيام دول فيدرالية حتى يسهل عليها التدخل فى شئونها لتنفيذ أجنداتها.
{long_qoute_1}
واعتبر أن رئيس الوزراء الإسرائيلى يريد تطبيعاً مع الدول العربية دون أن يقدم شيئاً للفلسطينيين. ويؤكد «هلال» أن شيطنة إيران مصلحة إسرائيلية وليست عربية، ويرى أن «أردوغان» لديه خصومة سياسة مع مصر وليس «السيسى» لأن «30 يونيو فركشت مخططاته». وعن الوضع فى مصر، قال إن أكثر التحديات خطراً على الأمن القومى المصرى هى تفتت الجبهة الداخلية، واستمرار التطرف الدينى، والزيادة السكانية المطردة التى تلتهم كل عوائد التنمية، موضحاً أن مصر تتحرك خارجياً بشكل سليم وفق قدراتها دون مغامرات أو عنتريات.. إلى نص الحوار:
يشهد العالم تغيرات كبيرة فى النظام الدولى الذى عرفناه منذ الحرب العالمية الثانية.. فما الذى يجرى وما أسبابه؟
- نحن نعيش فى مرحلة إعادة تشكيل للنظام العالمى الحالى، وهذا يعنى تغيير أوزان القوى الكبرى ودرجات تأثيرها فى مسار النظام. النظام الحالى تشكل بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية فى العام 1945 واتسم بهيمنة أمريكية، تعززت بعد انهيار الاتحاد السوفيتى فى مطلع التسعينات. نحن الآن فى مرحلة تغير سببها تراجع القوة الاقتصادية الأمريكية وصعود قوى أخرى.
كان الناتج المحلى الإجمالى الأمريكى يشكل 45% من الناتج الإجمالى للعالم فى السنوات التى أعقبت الحرب العالمية الثانية، أما الآن فقد تراجع لنحو 20% فقط، وتتلوها الصين بفارق ليس كبيراً.
والمسألة مجرد وقت قبل أن تتجاوزها الصين، ما يعنى أن معطيات القوى الاقتصادية، وليست العسكرية، فى العالم تغيرت.
هذه القوى الصاعدة، وعلى رأسها مجموعة البريكس بقيادة الصين وروسيا، تسعى لإعادة رسم قواعد النظام العالمى وتوزيع مساحة نفوذها ومصالحها فيما تسعى واشنطن وحلفاؤها للحفاظ على الوضع القائم.
لكن الصين تروج لفكرة الصعود السلمى لنفوذها وتؤكد أنها لا تسعى لمنافسة الولايات المتحدة على قيادة العالم؟
- هذا صحيح، وعلى مدار سنوات طويلة كان قادة الصين يقولون وبراءة الأطفال فى أعينهم: «نحن مجرد دولة من دول العالم الثالث وما يشغلنا هو فقط توفير الحاجات الأساسية لأكبر شعب فى العالم». لكن خلال هذه السنوات تضخمت إمكاناتها الاقتصادية والتجارية ومعها زاد نفوذها السياسى. وفى السنوات الخمس الأخيرة تغير خطابها وبدأت تطرح نفسها كقوة عالمية. ومن مظاهر هذ النفوذ طرحها لمشروعها العملاق «الحزام والطريق» الذى هو فى جوهره أحد سيناريوهات مستقبل العالم. وهناك صراع جارٍ الآن بين بكين وواشنطن فى بحر الصين الجنوبى. {left_qoute_1}
فى هذا الإطار كيف نفهم السلوك الأمريكى الآن وتوجهات «ترامب» التى تبدو مرتبكة ومربكة؟
- الرئيس ترامب لديه توجه انعزالى ويتبع سياسات حمائية وأعلن الخروج من عدد من الاتفاقات الدولية مثل اتفاقية باريس للمناخ وغيرها ويهاجم ثمار العولمة التى دافعت عنها واشنطن أكثر من 70 عاماً، ومن سخرية التاريخ أن من يدافع عنها الآن هى الصين. والأخطر من ذلك أن أمريكا تبدو وكأنها تعادى العالم كله فهى تفرض عقوبات على خصومها مثل إيران وروسيا والصين، وعلى حلفائها أيضاً.
لكن يبقى السؤال: ما الذى يدفعه لكل ذلك؟
- هناك أكثر من سبب، أهمها أنه يحاول إحياء وضع لم تعد أسسه قائمة، فأساس النظام العالمى القديم وهو التفوق الاقتصادى الأمريكى لم يعد قائماً وهو يريد أن يخلق وضعاً سياسياً لا تسنده قوة اقتصادية. وفى مسعاه هذا يحاول أن يعطى إدارته مظهر القوة من خلال المواجهة واتخاذ قرارات غير متوقعة، ويرفع شعار «أمريكا أولا» ويترجم ذلك بجذب الاستثمارات الأمريكية من الخارج للداخل وإلغاء كل القيود التى أقرتها إدارات سابقة لتمنع أنشطة اقتصادية بدافع الحفاظ على البيئة، منها إلغاء القوانين المقيدة لإنتاج الفحم واستخدامه لأنه يؤمن أن الأهم هو عودة الأمريكان للعمل.. ولا يتردد فى المواجهة السياسية والإعلامية التى تصل إلى درجة الإهانة والابتزاز لحلفائه كما فعل مع الخليجيين عندما قال: لو رفعت أمريكا يدها فلن يبقى الملك السعودى فى السلطة لأكثر من أسبوعين. وهذا لم يكن زلة لسان ولكن فكرة ملحة كررها أكثر من مرة، ففى المناظرة الانتخابية الأولى والثالثة قال: هل يصدق أحد أننا نوفر الحماية للنفط الخليجى ولا نحصل على مقابل؟!
وهل الأمريكان لا يحصلون فعلاً على مقابل؟
- غير صحيح، ويكفى معرفة حجم الصفقات العسكرية الهائلة التى حصلت عليها أمريكا من هذه الدول على مدار الـ25 عاماً الماضية فقط بالإضافة لحجم الصفقات التجارية والاستثمارات الخليجية فى أمريكا لتتأكد أنه ليس على صواب.
عودة للتغيرات العالمية.. هل هناك نتائج وسمات أخرى تتسم بها المرحلة الانتقالية الراهنة؟
- مثل كل المراحل الانتقالية، تتسم هذه المرحلة باختلاط عناصر الصراع والتنافس، وبدرجة عالية من الالتباس وعدم اليقين، يزداد التشكيك فى الأسس الأخلاقية والمعنوية التى قام عليها النظام الحالى المتهاوى. هذا النظام قام أساساً على مبدأ الديمقراطية الليبرالية، باعتبارها النظام الأمثل لتمثيل كل شرائح المجتمع وتداول السلطة ومحاسبة الحكام.. إلخ، وإليه يسعى كل البشر. هذه القناعات باتت محل شك، وظهر ذلك جلياً فى حملة «ترامب» التى خاطب فيها المشاعر القومية والقوى الشعبوية المتطرفة التى تتميز بالعنصرية ورفض الثقافات والأديان الأخرى ويعادى المهاجرين. ويشيع مناخاً من التعصب. صعود «ترامب» أعطى دفعة لصعود أحزاب ما يسمى «اليمين الجديد» والحركات الشعبوية فى أوروبا.
{long_qoute_2}
وهل صعود «ترامب» هو السبب الوحيد لانتعاش هذه الحركات المتطرفة؟
- لا طبعاً، هناك عوامل أخرى منها سوء الأوضاع الاقتصادية فى بعض هذه الدول وتدفق اللاجئين، وما يرتبط به من مشاكل، وغياب الرموز الملهمة فى أوروبا الغربية، أى القيادات الحكيمة من أمثال ديجول وميتران، وبتوارى أنجيلا ميركل خلال عامين يغيب آخر رموز القيادات الغربية المتوازنة. والنتيجة أننا أمام نظم سياسية ديمقراطية مأزومة، والديمقراطية الليبرالية، سر تفوق الغرب، تحت الحصار من قوى شعبوية يمينية محافظة متطرفة ومتعصبة تخاطب النزعات الغريزية فى الإنسان والعنصرية.
هذا هو ما عبَّر عنه الكاتب الأمريكى فريد زكريا فى كتابه المهم «صعود الديمقراطية غير الليبرالية» فى التسعينات.
- صحيح، هو كتاب مهم فعلاً، ويرى أن الديمقراطية تعنى المؤسسات لكن وجود هذه المؤسسات لا يعنى ضمان الحريات العامة لكل الناس ما لم يكن هناك إيمان بالليبرالية، فالزعماء الشعبويون لن يسعوا لإلغاء الانتخابات ولا تعدد الأحزاب ولكنهم يحاربون القيم الليبرالية التى تضمن فعالية هذه المؤسسات بحيث لا تصبح الديمقراطية مجرد عملية شكلية.
كيف تأثرت دول الشرق ألأوسط بما يجرى على الساحة الدولية؟
- هناك عدة ملامح واضحة لتأثر دول المنطقة بالصراعات الدولية وأول هذه الملامح إعادة توازن القوى فى المنطقة لغير صالح الدول العربية، ولصالح القوى الدولية والقوى الإقليمية وهى إيران وتركيا وإسرائيل. والقوى الثلاث مستفيدة من تشتت العرب وضعفهم.
الملمح الثانى أن الدولة الوطنية العربية مأزومة إما بسبب ضغوط الولاءات العرقية والقبلية، أو بسبب الحروب الأهلية أو بسبب تدهور اقتصادى حاد يمنع الدول من القيام بالحدود الدنيا من واجباتها والنتيجة دول فاشلة أو فى طريقها للفشل، وأخرى تقاوم وتسعى لإعادة الاعتبار للدولة.. ما أريد أن أقوله أن الوضع العربى الحالى صعب للغاية، وهذا الوضع سمح لتأثيرات النفوذ الخارجى أن يكون أشد، فلا يمكن مثلاً أن نقول إن الحرب فى سوريا أهلية بمعنى أن أسبابها وأطرافها محلية خالصة. واقع الأمر أنها حرب بالوكالة بين أطراف دولية وكل فصيل سورى له راعٍ دولى يمده بالمال والسلاح.. وهو ما ينطبق أيضاً على العراق واليمن. {left_qoute_2}
هل تشهد المنطقة «سايكس بيكو» جديدة؟
- «سايكس بيكو» تعنى تفتيت جديد لدول المنطقة ولست متأكداً من أن الدول الكبرى ترى مصالحها فى هذا، والدلائل على هذا كثيرة، منها مثلاً إعلان أمريكا وروسيا أنهما تدعمان وحدة أراضى سوريا، وفى العراق بعد الإعلان عن الاستفتاء الخاص بانفصال إقليم كردستان رفعت واشنطن يدها وسمحت للجيش العراقى أن يتقدم ليبسط سيطرته على الإقليم. أعتقد أن الدول الكبرى لا تسعى لتفتيت دول المنطقة ولكن لإضعاف الدولة المركزية وقيام دول فيدرالية تضم كيانات صغيرة. والفيدرالية مطروحة فى سوريا واليمن كما هى مطروحة طبعاً فى العراق.
وماذا تستفيد من عدم قدرة الحكومة المركزية على السيطرة على أطرافها؟
- الهدف من ذلك إضعاف السلطة المركزية لهذه الدول ما يسهل إمكانية التدخل والاختراق لتنفيذ أجندتها، تحت أى ذريعة ومنها حماية الأقليات. طبعاً يحدث تفتيت لدولة ما لأى سبب لكن ما أقصده أن التفتيت ليس هو الاتجاه الذى تسير فيه الدول الكبرى.
ماذا يريد الرئيس التركى رجب طيب أردوغان؟
- أردوغان لديه خصومة سياسية مع مصر وليس مع الرئيس السيسى كما يعتقد البعض. لأن تركيا عملت لنحو 10 سنوات لرسم تصور لمستقبل منطقة الشرق الأوسط تحكمه ما يسمى بجماعات الإسلام المعتدل.. ونجح فى ذلك. وحين تنظر إلى المنطقة فى العام 2012 تدرك ذلك؛ فقد حكمت تيارات إسلامية تونس وليبيا ومصر والسودان وغزة. وبديهى أن قيام هذا النظام فى أنقرة والقاهرة يضع دول الخليج بين فكى الكماشة، خصوصاً أنه أقنع الولايات المتحدة بوجهة نظره. لكن ثورة 30 يونيو «فركشت كل ذلك، فكأنك قتلت أمه».
وكيف أقنع أمريكا بذلك؟
- أقنعها بأن الإسلام ليس هو إيران، وأن الإسلام حليف للغرب.. وليس صعباً على أمريكا أن تقتنع بذلك لأن الشراكة بينها وبين كثير من التيارات الإسلامية قديمة. وجون فوستر دالاس، وزير الخارجية الأمريكى فى إدارة الرئيس أيزنهاور، جمع ممثلى هذه التيارات فى العالم فى واشنطن فى مؤتمر ضخم عام 1953 لحشدهم لمواجهة خطر الشيوعية. وحضر هذا الاجتماع قادة الإخوان فى مصر. أردوغان يشعر أن التطور السياسى فى مصر يفقده ما خطط له وعمل عليه. وتذكر أنه جاء فى عام 2011 باعتباره راعى التغيير الذى حدث فيها، وهو قطعاً لا يريد أن تصبح مصر مناوئة له أو أن تقدم بديلاً منافساً له. وتقديرى أن الزمن سيتكفل بإصلاح العلاقات، فإذا كان أردوغان قد رأى أن ما حدث فى 2013 انقلاب عسكرى لا يدعمه الشعب، فقد وجد فى وقت لاحق أن هناك انتخابات رئاسية أولى ثم ثانية ثم تقدماً اقتصادياً ثم تعاوناً واحتراماً دولياً للنظام الجديد. هذا مع الوقت سيجعله يشعر أن اللغة التى يتحدث بها لم تعد مقبولة.
{long_qoute_3}
لكن أردوغان يُسبغ على توجهاته طابعاً أخلاقياً؟
- أردوغان آخر من يتحدث عن القيم الأخلاقية، فهذا رجل غيَّر الدستور حتى يدعم سلطاته كرئيس للدولة، وتخلص من كل خصومه والقيادات البارزة التى صعدت للسلطة معه مثل الرئيس السابق عبدالله جول ووزير خارجيته أحمد داود أوغلو، وعدد من أوقفوا عن العمل وحوكموا بتهم سياسية عشرات الآلاف. أردوغان ليس هو من يُعلم مصر القيم الأخلاقية ومن كان بيته من زجاج لا يقذف الناس بالحجارة.
هناك قبول عربى يتسع يوماً بعد يوم لإسرائيل رغم جمود عملية السلام واستمرار العدوان على أبسط حقوق الفلسطينيين.. فكيف تفسر ذلك؟
- بعض الدول العربية التى استقلت متأخراً فى الستينات والسبعينات مقتنعة أنها ليست طرفاً أساسياً فى هذه القضية التى بدأت قبل استقلالها. وترى أن مصلحتها الآن فى التعاون مع إسرائيل التى أصبح لديها ما تقدمه، فتطورها التكنولوجى يضعها فى مصاف الدول الكبيرة، وهذه التكنولوجيا تناسب البيئة العربية وأسعارها أحياناً أرخص من غيرها. أضف إلى كل ذلك الدعم الأمريكى الذى بغيره ما كان للزيارات الإسرائيلية الأخيرة لعدد من الدول العربية أن تتم، وهذا مرتبط برغبة أمريكا فى إتمام ما تسمية «الصفقة الكبرى»، أو «الأخيرة»، فى المنطقة، والتى لم يعلن عنها بعد، لكن المؤكد أن أى تفاصيل لها ستكون على أنقاض القضية الفلسطينية بعد نقل السفارة الأمريكية للقدس وإصدار قانون القومية فى إسرائيل وتقليم أظافر منظمة «الأونروا» والاعتداءات المتكررة على الشعب الفلسطينى.
وكيف يمكن التصدى لهذا المخطط؟
- هذا التطور ليس فى وسع أحد وقفه.. لكن يمكن الاستفادة منه. فنحن قد أسلنا لعاب الإسرائيليين وعرفوا معنى ومزايا التطبيع مع جيرانهم. يمكننا أن نقف عند هذا الحد الآن، ونقول لهم إذا أردتم الاحتفاظ بهذه المزايا يجب أن تتحركوا على مسار السلام مع الفلسطينيين. إذا لم يحدث هذه ستكون الخسارة كبيرة.
هناك فريقان فى العالم العربى أحدهما يرى أن إيران هى الخطر الأكبر على المنطقة والآخر يدعو للتفاوض معها.. فكيف تراها أنت؟
- إيران دولة جارة وتربطها بنا علاقات تاريخية وثيقة، والكلام عن صراع سنى شيعى شعار يرفعه الجاهلون أو الخبثاء، فالخلاف مع طهران سياسى وليس من مصلحتنا تحويله لصراع طائفى. مشكلتنا الحقيقية مع طهران أنها تتدخل فى شئون بعض الدول العربية. لكنها تفعل ذلك إيماناً منها بأن ذلك يحمى مصالحها الوطنية. ودورنا أن نقول لها إن هذه ليست الطريقة المثلى لحماية مصالحك، ومصلحتك مع التعايش السلمى مع جيرانك وإنه يمكن التوفيق بين مصالحنا إن تضاربت.
ومن المهم أن تبقى بعض الدول العربية مثل عمان على الأقل بخط اتصال مع إيران، فمحاصرة الخصم فى ركن ومحاول سحقه، يستفز فيه أقصى درجات المقاومة والعنف. نحن نرفض كثيراً من السياسات الإقليمية لإيران لكن لا يجب أن نتدخل فى تحديد شكل الحكم عندهم كما لن نسمح لهم بالتدخل فى شئوننا.
إذا كان الأمر على هذا النحو، فلماذا تتشدد بعض الدول العربية تجاه إيران وتعتبرها العدو الرئيسى لها؟
- تقديرى أن المصلحة العربية لا تستدعى كل هذا القدر من العداء والشيطنة لإيران. هذه مصلحة أمريكية. أما إذا أردت أن تعرف لماذا تعادى أمريكا إيران ففتش عن إسرائيل..
ما أكثر التحديات خطراً على الأمن القومى المصرى من وجهة نظرك؟
- أكثر التحديات خطراً على الأمن القومى المصرى ثلاثة، أولها تفتيت الجبهة الداخلية، والجهد الأكبر لمن لا يريدون الخير لمصر يركز على هذا التفتيت بإطلاق الشائعات والتشكيك فى جدوى ما يجرى من عمليات إصلاح وما يُطرح من سياسات وما تبذله الدولة من جهود.
الخطر الثانى مصدره استمرار التطرف الفكرى الدينى، ولا أعتقد أن المسئولين قد أعطوا هذا الخطر الاهتمام الواجب. لا أريد أن أقول إن دعوة الرئيس لإصلاح الخطاب الدينى وإشاعة مناخ التسامح ظلت صيحة فى الهواء لكن لم يتم تنفيذها. واعتقادى أن المناخ العام فى مصر الآن أقل تسامحاً مما كان عليه منذ 30 عاماً. وهناك أفكار ظلامية تسيطر على الشباب، والقضية لا تحل بتغيير سطر فى كتاب إنما فى معالجة هيكل الفكر المهيمن، وهل هو فعلاً يدعو للتعايش بين الطوائف المختلفة وقبول الآخر واحترام عقائدهم؟
التطرف الفكرى جرثومة سرطانية لا تهدد فقط الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين ولكن بين المسلمين أنفسهم، خاصة أن 25% على الأقل من الشعب لا يعرف القراءة والكتابة ما يجعلهم لقمة سائغة للمتطرفين.
الرئيس كان تقريباً يشكو أثناء كلمته بمناسبة المولد النبوى ويسأل: «ما هى صورة المسلمين فى العالم اليوم؟».. لا بد من إعادة فهم التراث الإسلامى بشكل يواكب مقتضيات العصر وفى ذهنى أنا القضية واضحة جداً: الأقدمون كتبوا لأنفسهم وفسروا النصوص وفقاً لمقتضيات عصرهم وما توافر لديهم من معارف. المطلوب الآن من شيوخنا العظام أن يكتبوا لعصرهم وألا يكتفوا بما كتبه الأقدمون الذين كتبوه دون أن يعلموا ما سيحدث اليوم. النص ثابت لكن فهمه يتغير وفقاً لظروفك ومعارفك.. هذه قضية مهمة جداً فى إطار جهودنا لتطوير جهاز المناعة الوطنية.
وماذا عن ثالث التحديات؟
- استكمال النهضة الاقتصادية الحالية.. هذه النهضة تواجه خطر الزيادة السكانية المطردة التى تلتهم كل عوائد التنمية، خصوصاً أن هذه الزيادة متركزة فى الفئات الأكثر فقراً وأقل حظاً من التعليم والمهارات ما يعنى زيادة أعداد الشرائح الأقل قدرة على المشاركة فى الإنتاج والتنمية. وظنى أيضاً أن الحكومة لم تعطِ هذه المشكلة الاهتمام الذى تستحقه.