على الدين هلال: حل أزمة الأحزاب لن يكون «فى يوم وليلة».. والدولة يمكنها خلق نظام انتخابى يمنح أفضلية للقوى السياسية

كتب: إمام أحمد

على الدين هلال: حل أزمة الأحزاب لن يكون «فى يوم وليلة».. والدولة يمكنها خلق نظام انتخابى يمنح أفضلية للقوى السياسية

على الدين هلال: حل أزمة الأحزاب لن يكون «فى يوم وليلة».. والدولة يمكنها خلق نظام انتخابى يمنح أفضلية للقوى السياسية

«الأزمة تاريخية ومعقدة وحلها يحتاج إلى فترة طويلة ولا يجب التعامل معها باستسهال»، هكذا تحدث الدكتور على الدين هلال، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، ووزير الشباب والرياضة الأسبق، خلال الفترة بين عامى 99 إلى 2004، والقيادى السابق فى «الحزب الوطنى»، مؤكداً أن هناك أزمة فى الحياة السياسية والحزبية فى مصر تتحمل مسئوليتها الأنظمة المتعاقبة على مدار أكثر من 60 عاماً من ناحية، لأنها لم تكن تؤمن بالتعددية السياسية الحقيقية، وقيادات الأحزاب والقوى السياسية نفسها، لأن أغلبها «ميتة» وتعانى من خلافات داخلية وتطلعات شخصية وتحولت بمرور الوقت إلى «دكاكين سياسية».

{long_qoute_1}

وأضاف «هلال»، فى حواره لـ«الوطن»، أن مصر تمر بمرحلة استثنائية خلال السنوات الحالية، والدولة لا تزال فى مرحلة انتقال من الهدم إلى البناء، قائلاً إن إنشاء حزب سياسى يعبر عن السلطة خلال المرحلة المقبلة سيكون مفيداً للمستقبل السياسى لمصر، وأكد أن الرئيس السيسى قادر على تجنب أخطاء الأنظمة الماضية حال إقدامه على هذه الخطوة خلال فترة حكمه الثانية، حال فوزه فى الانتخابات الرئاسية الحالية، وطالب بضرورة خروج نخبة جديدة إلى النور تكون بديلة للنخبة القديمة.. إلى نص الحوار:

البعض يرى أن هناك حالة جمود للحياة السياسية والحزبية فى مصر، هل تتفق مع ذلك؟

- يتوقف الأمر على مفهومنا للسياسة، إن ربطنا السياسة بالأحزاب فتصبح السياسة فى مصر ميتة، لأننا أمام أحزاب ميتة، لكن إذا كانت السياسة تعنى بناء مستقبل أفضل للناس فهى غير ميتة، إذا كانت السياسة تضمن مواجهة شاملة ضد الإرهاب وتطوير نظم الصحة والتعليم والبنية التحتية فالسياسة تكون موجودة وحاضرة بقوة، لكن غير الموجود فعلاً هو أحد جوانب السياسة، وهى أحزاب فعالة.

وما الأسباب التى أدت لعدم وجود أحزاب فعالة؟

- المشكلة بدأت تاريخياً منذ سنة 52، عندما ألغت ثورة يوليو الأحزاب كلها واستبدلت مكانها تنظيماً وحيداً من السلطة تمثل فى الاتحاد الاشتراكى، بمعنى أن الحاكم وهو فى السلطة ينشىء حزباً له، وبالتالى هذا النوع من الأحزاب أو التنظيمات الوحيدة تجذب كل الناس الطامعين فى ذهب الحاكم أو اتقاءً لغضبه، ويتجمع حول هذا الحزب خليط متناثر من الناس، فيهم المؤمنون فعلاً بالخط السياسى للحاكم أو النظام، وفيهم الساعون إلى مصالح خاصة. فى العادة الأحزاب توجد فى الشارع أولاً مثل حزب الوفد قبل ثورة يوليو، تنشأ وسط الخلافات والتناقضات الاجتماعية والسياسية ثم تناضل للوصول إلى الحكم، لكن فى مصر منذ عام 52 أصبح لدينا سلطة ينشأ من خلالها حزب، وهذا هو الجذر التاريخى لأزمة الحياة الحزبية والسياسية فى مصر، وبالتالى هى أزمة لم يخلقها النظام الحالى لأنها ميراث تاريخى طويل، ولا أيضاً يجب أن نكتفى بتوجيه اللوم للأحزاب نفسها، ولكنها أزمة لها بعد تاريخى، فالأحزاب فى مصر لها تاريخ سيئ الحظ، وأرجو عدم الاستسهال عند شرح قضية الأحزاب، خاصة أنه تاريخياً وقر فى ضمير المصريين أن الأحزاب «حاجة مش كويسة»، فباستثناء تجربة حزب الوفد الذى لم يحكم مصر إلا نحو 7 سنوات، لا توجد تجربة حزبية أرضت المصريين وكسبت مصداقيتهم، يوجد شعور عام بأن الأحزاب ليس لها تربة صالحة فى مصر، ويجب أن يعمل الجميع على إصلاح ذلك.

تحدثت عن البعد التاريخى لأزمة الأحزاب، لكن فى رأيك ما الأسباب الحالية التى أبقت على ضعف الحياة الحزبية؟

- أولاً ظروف ثورة 30 يونيو عندما خرج الشعب كله، بكل أفراده وأطيافه واتجاهاته السياسية، لينتفض على حكم الإخوان، وبالتالى ظهرت كتلة شعبية عريضة مؤيدة لـ30 يونيو ورافضة لحكم الإخوان، وأصبح هناك ضرورة للحفاظ على ما نسميه بالاصطفاف الوطنى فى هذا التوقيت، ولم تكن الأحزاب طرفاً فاعلاً فى تشكيل هذا الاصطفاف الوطنى. حتى الحركة الشعبية فى الشارع قادتها حركة تمرد، وهى كيان شبابى اكتسب جماهيرية بدون صفة حزبية.

بعض قيادات الأحزاب يوجهون انتقادهم للدولة باعتبارها لا تشجع على العمل السياسى، وآخرون يوجهون انتقادهم للأحزاب نفسها باعتبارها هشة ولديها خلافات داخلية تؤثر عليها، ما رأيك فى هذه الانتقادات المتبادلة؟

- كلا الرأيين يجانبهما الصواب، لأن رأى كل طرف هو رأى ناقص، وينظر إلى الأزمة من جانب واحد فقط، يعنى لو قلنا إن الأحزاب «وحشة» وضعيفة وفيها مصالح خاصة ومنقسمة على نفسها فهذا صحيح، ولو قلنا إن الدولة على مدار سنوات طويلة جداً ساهمت فى هذه الحالة وأضعفت الحياة الحزبية وحاولت الاستئثار بالسلطة وحدها بدون معارضة فهذا صحيح أيضاً، لكن مع فرض أن الدولة لعبت دوراً محايداً ولم تتدخل لا بالإيجاب ولا بالسلب، فهذا لن يجعل الأحزاب لها أرضية جماهيرية، ولن يلغى مشاكل الأحزاب الداخلية، ولن نجد بين يوم وليلة أن هناك حزباً واثنين وثلاثة وأربعة موجودة على الأرض وفعالة ومؤثرة ومعبرة عن المصالح الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، يجب ألا نخدع أنفسنا، فالموضوع أكثر تعقيداً ولن يحل بين يوم وليلة، فهناك دور للحكومة، وهناك دور يقع على عاتق الأحزاب نفسها. {left_qoute_1}

وما الدور الإيجابى الذى قد تلعبه الحكومة لتدعيم الحياة الحزبية والسياسية؟

- هناك إجراءات قانونية وسياسية من شأنها أن تلقى حجراً فى الماء الراكد، فمثلاً من الممكن تبنى نظام انتخابى فى انتخابات مجلس النواب المقبلة يعطى أفضلية للأحزاب، وهو عادة نظام التمثيل النسبى، لكن ليس بالطريقة التى تمت فى الانتخابات الأخيرة، ولا الانتخابات التى أجريت خلال فترة الإخوان، لأن هناك قواعد وعراقيل تم وضعها تبطل من الأساس أفضلية نظام التمثيل النسبى والقوائم الانتخابية، فالدولة إذا كانت تؤمن فعلاً بأهمية الأحزاب ودورها تستطيع أن تضع نظاماً انتخابياً يثرى من الحياة الحزبية فى مصر، أيضاً سياسياً يمكن أن تحدث اجتماعات بصفة دورية، حتى لو كانت غير منتظمة، تجمع رئيس الدولة بقيادات الأحزاب الممثلة فى البرلمان، أو رئيس الحكومة أو بعض الوزراء ويسمعون إليهم، لأن هذا يعطى الاعتبار للأحزاب السياسية ويعطى رسالة أيضاً للداخل والخارج بأن الدولة تحترم الأحزاب وتنظر إليها باعتبارها شريكة فى الحكم، لأن كلمة نظام الحكم تعنى من يحكم ومن لا يحكم، المؤيد والمعارض معاً، لأن فى الديمقراطية لا توجد أبدية للحزب الحاكم.

وماذا عن الأحزاب والقوى السياسية نفسها؟

- فى البداية مش معقول أن يبقى عندنا أكثر من 100 حزب أقرب للشقق الإيجار، وليس الأحزاب بالمفهوم السياسى، هذه دكاكين سياسية من أجل الوجاهة الاجتماعية أو مصالح خاصة أو زعامات وطموحات شخصية، وإذا نظرنا لعدد الأحزاب الموجودة فى البرلمان، سنجده أقل من نصف هذا العدد، إذن علينا أن نتساءل: هى الأحزاب بتعمل إيه؟ وفاتحة الدكاكين بتاعتها ليه؟ وأنا أدعو الدولة أن تتدخل لإيقاف هذا الهزل السياسى بالقانون، من خلال سن تشريع يلغى الأحزاب التى لا تصل إلى البرلمان خلال دورتين متتاليتين وتسحب منها الرخصة، الحزب شغلته الرئيسية هى خوض الانتخابات العامة، فإذا كان الحزب لا يشارك فى الانتخابات أو يشارك دون أن يحصل على مقعد نيابى واحد على مدار دورتين يبقى شغلته إيه، وبيعمل إيه، وإيه لزوم بقائه من الأساس؟ وسحب الرخصة من الأحزاب الشكلية أمر موجود فى كل الدول الديمقراطية، ومن الأفضل لمصر أن يكون هناك 5 أحزاب جادة وفاعلة ومؤثرة عن 100 حزب لا جدوى منها ولا وجود لها على الأرض، والخطوة الأولى التى تقع على عاتق الأحزاب والقوى السياسية هى أن تتجه للاندماج، وهذا أفضل لها من سحب الرخصة حال سن قانون بذلك.

بمناسبة الحديث عن الاندماج، الرئيس السيسى دعا الأحزاب إلى أن تدمج نفسها فى 4 أو 5 أحزاب تعبر عن الاتجاهات السياسية المختلفة، ما رأيك فى هذه الدعوة؟

- جيدة وصحيحة، ومن يقول بها شخص عاقل ومخلص لأنه يدعو للطريق الصحيح، وأنا أذكر أن بعض قيادات الأحزاب عندما التقوا بالرئيس السيسى قالوا له: «عايزينك تساعدنا»، وهذا أمر وارد ولا عيب فيه، لأنه رئيس الدولة وعليه أن يساعد القوى السياسية الشرعية إثراءً للحياة السياسية والحزبية، لكن الرئيس قال لهم «اندمجوا أولاً»، هذه خطوة أولى وصحيحة وسوف تفيد الجميع، فماذا حدث بعد ذلك؟.. خرجوا ومرجعوش تانى، بما يعنى أن بعضاً أو كثيراً من قيادات هذه الأحزاب غير جادة وغير حريصة على المصلحة العامة، وبالتالى أنا أقول إن ما لم يحدث بالنصيحة يحدث بالقانون من خلال سن تشريعات تخرج الكيانات الورقية أو الوهمية وتقلل العدد، ووجود هذا العدد الكبير ليس ميزة، ولكنه مظهر للضعف.

وفى رأيك لماذا تفشل الأحزاب فى الإقدام على خطوة الاندماج، خاصة أن بعضها لديه نفس البرامج الانتخابية، بل على العكس العدد يزيد ولا يقل؟

- تطلعات شخصية ورغبة فى القيادة ووجاهة اجتماعية، مسمى رئيس حزب يمكن أن يسهل لصاحبه أداء خدمات أو مصالح، إضافة إلى التناحرات والخلافات الشخصية، هذه هى الأسباب، وهو الأمر نفسه الذى انطبق على الائتلافات الشبابية بعد ثورة 25 يناير، فى غضون أشهر قليلة أصبح لدينا أكثر من 200 ائتلاف للشباب، وقيل لهم إن هذا الوضع يضعف موقفكم ويضعف الموقف كله، وإن الأفضل أن يكون هناك 5 أو 6 ائتلافات فقط كبيرة، لكن لم يسمعوا لأحد، ولا يوجد سبب موضوعى واحد يسمح باستمرار هذا العدد من الأحزاب وهذا التفتيت للحياة الحزبية، الأمر الذى يعكس ظلالاً سلبية على الحياة السياسية عموماً، وأنا متمسك بالتعبير الذى استخدمته وهو أن هذه الأحزاب دكاكين سياسية على الأرجح ليس لها أى فرع خارج القاهرة والإسكندرية، ولا تعمل خارج الشقة التى تستأجرها أو يملكها رئيس الحزب، وعلى قيادات الأحزاب ألا يغضبوا من هذه الصراحة لكن عليهم أن يراجعوا أنفسهم، لأن العمل السياسى مكانه الشارع وليس الشقق الإيجار فى وسط البلد.

هل وجود حزب يعبر عن السلطة يخدم الحياة السياسية والحزبية؟

- على الأرجح نعم، لأن هذا يوجد فى العالم كله.

{long_qoute_2}

وفى تقديرك، لماذا لم يقدم الرئيس السيسى على خطوة إنشاء حزب برغم طرح الفكرة من قبل البعض فى أوقات سابقة؟

- لأسباب عديدة، أولاً الظرف السياسى الذى جاء فيه الرئيس السيسى، فهو جاء من خلال اصطفاف وطنى فى وقت استنثائى واجهت فيه مصر مخاطر عديدة وتنظيماً يرفض الخروج من السلطة بناء على رغبة الجماهير، والرئيس السيسى اكتسب شعبية وتأييداً من مختلف التيارات الرافضة لبقاء الإخوان، وتحول بعد ثورة 30 يونيو إلى رمز وطنى عام التف حوله الناس ومعهم النخب السياسية والتيارات المختلفة، وبالتالى من غير المنطقى أن يقوم وسط هذا الظرف بانتقاء تيار بعينه أو مجموعات بعينها من بين مؤيديه ليشكل بها حزباً، ليس من المتصور أن يقوم الرئيس السيسى بعمل غربلة لمؤيديه فيختار من البعض ويترك الآخرين، وبالتالى تنكسر حالة الاصطفاف الوطنى، لكن علينا أن نتساءل ماذا بعد الرئيس السيسى، فالرئيس جاء من منظور أنه المنقذ لأنه أنقذ الوطن، وعندما ألقى خطاب 3 يوليو كان يقف معه شيخ الأزهر وبابا الكنيسة وشباب تمرد وبعض ممثلى مؤسسات الدولة والقوى السياسية ممثلة فى جبهة الإنقاذ التى كان منسقها هو الدكتور البرادعى، وبالتى كان هناك اصطفاف وطنى بين الجميع، لكن هذه الحالة قد لا تتوافر لأى رئيس مقبل فى مستقبل مصر، ونضيف إلى ذلك مسألة الحرب على الإرهاب المستمرة حتى الآن، ونحن نرى عملية القوات المسلحة الشاملة لاجتثاث جذور الإرهاب فى سيناء، ومثل هذا النوع من الحروب يؤدى لمزيد من الاصطفاف الوطنى، لأن الإرهاب يهدد كيان المجتمع وأساس الدولة وله أبعاد عالمية ومؤيد من أطراف خارجية، لكن حالة الاصطفاف الوطنى يجب ألا تلغى التعددية، لأن هذا الاصطفاف لا يعنى الرأى الواحد.

لكن البعض قد يرى أن التعددية الحزبية والسياسية فى هذا الظرف الاستثنائى الذى شرحته قد يضعف من وحدة الجبهة الداخلية.. ما رأيك؟

- يجب ألا تضعف، هذه هى الشطارة، إزاى أعمل اصطفاف وطنى، وفى نفس التوقيت يكون عندى تعدد حزبى وسياسى، وهذه ليست مسئولية الحكومة أو الدولة وحدها، كما ذكرت، فالدولة مسئولة عن ذلك، لكن قيادات الأحزاب والقوى السياسية مسئولون أيضاً، وعليهم أن يحلوا خلافاتهم، وأن ينهوا انقساماتهم، وأول خطوة على الطريق الصحيح هى الدمج ليكون عندنا من 3 إلى 5 تيارات سياسية لها أحزاب تعبر عنها، وتطرح مواقفها وآراءها وبدائلها تجاه التعليم والصحة والإجراءات الاقتصادية والسياسة الخارجية، وتدفع بمرشحين فى انتخابات البرلمان لتمثيلها نيابياً، وبالتالى نكون أمام تعددية حقيقية، وليس كما هو قائم، تعددية شكلية وورقية.

هل تؤيد إنشاء حزب سياسى يتبع الرئيس خلال فترة الرئاسة الثانية حال نجاح الرئيس السيسى فى الانتخابات؟

- القاعدة العامة فى كل دول العالم أن رئيس الدولة ينتمى إلى حزب، لكن فى مصر الآن لا يوجد هذا الشكل السياسى، وحاولت القيادة السياسية الحالية حل هذه المشكلة من خلال عدة إجراءات، مثل مؤتمرات الشباب التى وفرت مساحة للنقاش والحوار، وأيضاً هناك جبهة داخل البرلمان، هى ائتلاف دعم مصر، تدعم الرئيس السيسى وبمثابة بديل لوجود حزب يدعم الحكومة من داخل البرلمان، لكن هل هذا الشكل السياسى قادر على أن يستمر هكذا، على الأرجح لا، ويجب أن تحدث تعديلات، جزء منها سياسى، وجزء منها تشريعى لتنظيم الحياة السياسية والحزبية، أما مسألة إنشاء الرئيس لحزب سياسى فهى محل تفكير، وفى تقديرى أنه على الأرجح وارد أن يحدث ذلك، لأن الطبيعى أن رئيس الدولة يرشحه حزب له برنامج، أما عن التبعات السلبية الممكنة لذلك فقد تحسب لها الدستور المصرى حين نص فى إحدى مواده على أنه بمجرد أن يقسم رئيس الجمهورية القسم تنقطع علاقته بالحزب لكى يصبح رئيساً لكل المصريين.

وفى حال إنشاء حزب يتبع الرئيس، ما التحديات التى تعتقد أنها ستواجه هذه التجربة؟

- أنا قلت إن هناك ظروفاً استثنائية كانت تمر بها مصر ولا تزال لكن بصورة أفضل من 4 سنوات مضت، وأكدت أيضاً أن الدمج الحزبى أصبح ضرورياً، لكن مع ذلك أرى أنه من الوارد أن يقوم الرئيس السيسى بهذه الخطوة فى الفترة الثانية من حكمه، لأن هذا سيفيد الحالة المصرية وسيؤسس لاستقرار سياسى، أو بمعنى آخر تأمين المستقبل السياسى لمصر، والأرجح أن الرئيس إذا فعل هذا، فلن يختار أحداً من النخبة السياسية التقليدية الموجودة، لكنه يستطيع أن يختار وينشئ ويعطى الفرصة لنخبة جديدة من الشباب بدأت تتشكل فى السنوات الأخيرة خلال فترة حكم الرئيس السيسى، والتحدى الرئيس أمام اتخاذ الرئيس هذه الخطوة أنه فعلاً يكون حزباً يعتمد على موارده وقدراته، وليس موارد الحكومة، هذا هو التحدى الأكبر، لأن المشكلة كانت عندنا دائماً هى الخلط بين الحزب الحاكم والحكومة، وكان هناك تساؤل يتردد قبل 25 يناير عن الحزب الوطنى: هل هو حزب الحكومة أم حكومة الحزب؟ فإذا أقدم الرئيس السيسى على هذه الخطوة غير السهلة التى أؤيدها سيكون التحدى أن يصبح الحزب الجديد حزباً ذاتياً يعتمد على قدراته وكوادره وتنظيمه، ويقدم تجربة تختلف عن تجارب الأنظمة الماضية مع تشكيل الأحزاب.

بمناسبة الحديث عن تجارب الأنظمة السابقة مع الأحزاب.. كيف تقيم تجربة الرئيس الأسبق مبارك من خلال الحزب الوطنى طيلة نحو 30 عاماً؟

- الرئيس الأسبق مبارك سمعت منه شخصياً يقول «هى البلد دى بتاعة أحزاب»، فهو كان لا يثق فى الأحزاب ولا يؤمن بأن هناك ضرورة لوجود حياة حزبية متعددة، خاصة أن مصر عاشت نحو 25 سنة خلال فترة حكم عبدالناصر والنصف الأول من حكم السادات بدون أحزاب إلا تنظيم واحد يتبع الرئيس، ثم عندما تشكلت الأحزاب هيمن حزب وحيد هو الحزب الوطنى على الحياة السياسية حتى اليوم الأخير للنظام الذى كان قائماً، وبالتالى لم يكن الرئيس الأسبق مبارك يرى أهمية لوجود أحزاب قوية ومؤثرة أو يرغب فى إحداث إصلاحات سياسية جذرية.

باعتبارك شاهداً على تجربة الحزب الوطنى، ما أهم الأخطاء التى وقع فيها ويجب أن نتجنبها حال إنشاء حزب يخرج من السلطة أو حتى وصول أحد الأحزاب القائمة للسلطة مستقبلاً؟

- أولاً أنه كان امتداداً للاتحاد الاشتراكى بكل سلبياته، والتغيير الذى حدث به كان شكلياً فقط، حتى إن البناء التنظيمى والأشخاص أنفسهم انتقلوا من الاتحاد الاشتراكى إلى الحزب الوطنى، وهذه كانت خطيئة أولى، الأخطاء الأخرى كثيرة، منها التداخل بين مفهوم الدولة والحكومة والحزب، والرغبة فى الاستحواذ الكامل على الحياة السياسية، واحتكار الحياة النيابية بأغلبية مريحة، فلم يكن من المقبول أغلبية بـ60% مثلاً، لدرجة أن الحزب حصل فى انتخابات 2000 و2005 على 30% إلى 35% فقط من الأصوات للمرشحين الذين دفع بهم، لكنه أعاد كثيراً من أعضائه الذين خاضوا الانتخابات مستقلين فور انعقاد البرلمان لتحقيق الأغلبية الكبيرة، أيضاً مسألة رجال الأعمال والتزاوج بين السلطة والمال، ودور الأمن فى التدخل فى الحياة السياسية، هذه كلها أخطاء أدت إلى ما آلت إليه الأمور.

هل قد تتكرر تجربة الحزب الوطنى بمرور الوقت إذا تم إنشاء حزب من داخل السلطة؟

- فى السياسة كل شىء وارد، ونحن عندنا سابقة الرئيس السادات عندما قرر أن ينشئ حزباً لإعادة الحياة الحزبية وفوجئ بأن جميع أعضاء مجلس الشعب جاءوا ليطلبوا الانضمام للحزب، وبالتالى حمل الحزب كل مشاكل الاتحاد الاشتراكى، النوايا كانت طيبة لكن الواقع قد يغلب النوايا. إذا أقدم الرئيس السيسى على هذه الخطوة أعتقد أنه سيتخذ كل التدابير التى تحول دون عودة صورة الحزب الوطنى، خاصة أننى أثق أنه لن يعتمد على النخبة القديمة لكنه سيعتمد على نخبة جديدة من الشباب.


مواضيع متعلقة