ماذا بعد موافقة قادة الاتحاد الأوروبي على خطة ماي لـ"بريكست"؟

كتب: دينا عبدالخالق

ماذا بعد موافقة قادة الاتحاد الأوروبي على خطة ماي لـ"بريكست"؟

ماذا بعد موافقة قادة الاتحاد الأوروبي على خطة ماي لـ"بريكست"؟

في تطور جديد فيما يخص "بريكست"، بعد الجدل الضخم الذي شهدته بريطانيا، الأسبوع الماضي، أعلن رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، أن زعماء الاتحاد الأوروبي المكون من 27 دولة، أقروا اتفاق خروج بريطانيا، اليوم، ضمن قمة زعماء التكتل.

وهو ما يعني موافقة قادة الاتحاد على خروج بريطانيا منه رسمية، بعد 43 عاما، لتكون أول دولة تترك التكتل، منتصف ليل 29 مارس 2019، وكانت المملكة المتحدة و"الأوروبي" اتفقا الأسبوع الماضي على وثيقة من 585 صفحة تختتم شروط رحيل لندن، وسيصوت النواب البريطانيون على الاتفاق الشهر المقبل، ويعارضه الحزب الوحدوي الديموقراطي والعديد من نواب حزب المحافظين الحاكم وأحزاب المعارضة.

وأكدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، اليوم، أن اتفاق خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي هو الوحيد الممكن، مضيفة أن "إذا كان الناس يعتقدون أنه يمكن إجراء مزيد من المفاوضات، فالأمر ليس على هذا النحو، إنه الاتفاق المطروح، إنه أفضل اتفاق ممكن، إنه الوحيد الممكن".

وكأصداء أولى لذلك القرار الأوروبي، أعلن الحزب الوحدوي الديموقراطي في إيرلندا الشمالية، الداعم الرئيسي لحكومة ماي، أنه "سيعيد النظر" في دعمه لها إذ أقر البرلمان خطتها بخصوص اتفاق بريكست مع الاتحاد الأوروبي.

بينما وصف رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، ذلك القرار، بأنه "مأساة" بعد علاقات مضطربة استمرت أكثر من أربعين عاما.

17 شهرا، هي المدة الباقية أمام الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة للتفاهم حول "اتفاق الانسحاب" و"الإعلان السياسي" الذي يحدد أطر العلاقات في مرحلة ما بعد "بريكست"، خصوصا على الصعيد التجاري، حيث يعتبر اتفاق الانسحاب خصوصا قضية الفاتورة التي يفترض أن تدفعها لندن للاتحاد الأوروبي بدون أرقام، وينص على حل مثير للجدل لتجنب العودة إلى حدود فعلية بين جمهورية إيرلندا ومقاطعة إيرلندا الشمالية البريطانية، وفقا لوكالة "فرانس برس".

تعد موافقة الاتحاد محسومة مسبقا، وفقا الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في القاهرة، مضيفا أنه بعد ذلك فإن بريطانيا ستواجه أحد السيناريوهات، حيث إن الأول يتضمن انفراج الأزمة و"التمرير" للخروج الآمن الاتحاد وتنفيذ مشروع "ماي" بمراحله، وهو السيناريو الذي ترغب فيه بشدة رئيسة الوزراء.

بينما الاحتمال الثاني والأقرب للواقع، هو استمرار الأزمة، بسبب الجدل حول بعض البنود بالمشروع، وهو ما سيحسمه ملحق عمل خطوات التنفيذ للندن، فيما يخص التوقيت الزمني وآليات التنفيذ والتقارب البريطاني مع الاتحاد، وفي حال حدوث ذلك، توقع فهمي تصعيد الأزمة وسعي البعض لعرقلة الاتفاق.

ورجح أستاذ العلوم السياسية، لـ"الوطن"، أن تتمكن "ماي" بحنكتها السياسية أن تنفذ فكرة ذكية لاحتواء الأمر بقبول بعض العناصر في الاتفاق وايقاف المثيرة للجدل، وهو ما يوجد لديها القدرة على تنفيذه لعدم رغبتها في إعاقة الاتفاق الذي عملت عليه، منذ يوليو 2016.

وشهدت بريطانيا الأسبوع الماضي، جدلا ضخما بعد عرض "ماي" مشروع الانسحاب على الحكومة، حيث استقال 4 وزراء في يوم واحد، من بينهم المسئول عن ملف "بريكست"، لتنتشر الأخبار بإنجلترا عن الاتجاه للإطاحة برئيسة الوزراء،  من منصبها الحكومي والحزبي.

البرلمان البريطاني، هو المرحلة شديدة الأهمية والفاصلة في ذلك الأمر، حيث إنه من المقرر أن يصوت النواب على مشروع الانسحاب لإقراره، الشهر المقبل، بحسب السفير رخا حسن، نائب وزير الخارجية السابق، موضحًا أن الجدل الموجود حاليًا بلندن مازال خارج القبة، حيث لم يحسم مجلس العموم الأمر حتى الآن.

وأضاف حسن أن الاتحاد الأوروبي وافق على تلك الخطة البريطانية لضمانه مصالحه بشكل كبير بعد الخروج ما يجعله لن يخوض حاليا مفاوضات جديدة في هذا الشأن، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء البريطانية تحاول حاليا اقناع البرلمان بالموافقة على مشروع الانسحاب، حيث إنه يجري حاليا دراسته بدقة من قبل متخصصين وخبراء.

وفي حال موافقة البرلمان عليه سيتم تنفيذه طبقا للخطة المحددة به، بينما إذا تم رفضه، فستدخل بريطانيا في أزمة، في رأي حسن، موضحا أنها ستواجه 3 احتمالات، أولهم خروجها بدون اتفاق وهو ما سيعتبر صعبا للغاية، أو سحب الثقة من ماي وتشكيل حكومة جديدة تعيد انتاج مشروع الخروج، والثالث هو اجراء انتخابات جديدة وتشكيل برلمان وحكومة تقرر ما إذا يتم تمرير الاتفاق أو طرح استفتاء على الخروج مجددا.

وأشار إلى أن أحد الأزمات الخاصة بالخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي هو رفض إقليم إيرلندا الشمالية لـ"بريكست"، لارتباط اقتصاده بجمهورية أيرلندا، ومن ثم طرح الاتحاد الأوربي إمكانية فرض حدود بحرية بين الأقاليم الثلاثة وإيرلندا الشمالية لتستمر تتمتع بمزايا الاتحاد.

وتوصلت رئيسة الوزراء البريطانية، إلى مسودة اتفاق ينظم عملية الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، بعد محادثات استمرت لأكثر من عام، حيث يتضمن الاتفاق حقوق المواطنين وتسوية المستحقات المالية على بريطانيا وخطط الفترة انتقالية بعد خروج بريطانيا يأمل الجانبان أن يتوصلا خلالها إلى اتفاق تجاري جديد، بينما تعتبر "شبكة الأمان" هي الأمر المثير للجدل، والمختصة ببقاء بريطانيا في اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي حتى يتم الاتفاق على اتفاق تجاري يتجنب الحاجة إلى إجراءات تدقيق على الحدود مع أيرلندا، حيث يخشى العديد من مؤيدي "بريكست" من أن يؤدي هذا إلى جعل بريطانيا "دولة تابعة"، مرتبطة بالكتلة إلى أجل غير مسمى.


مواضيع متعلقة