21 ساعة انتظار للأهالي لانتشال جثة عاملين من خزان بالشرقية: حزن وبكاء

كتب: نظيمه البحرواي

21 ساعة انتظار للأهالي لانتشال جثة عاملين من خزان بالشرقية: حزن وبكاء

21 ساعة انتظار للأهالي لانتشال جثة عاملين من خزان بالشرقية: حزن وبكاء

على مدى حوالي 21 ساعة اصطف عدد من أهالي محافظة بني سويف أمام خزان مياه ينتظرون انتشال جثمان اثنين من ذويهم وهما سائق وكهربائي، لقيا مصرعهما أثناء مباشرة عملهما في عزبة نوارة التابعة لمركز أبو كبير بالشرقية.

ووسط حالة من الصمت عمت أرجاء المكان حيث جلس الجميع يفتقدون القدرة على التحدث بعضهم يضع رأسه بين كفيه وآخرين تتعلق أبصارهم بالسماء تناجي قلوبهم الله عز وجل لتيسيير استلام الجثامين.

واخترق حاجز الصمت، أصوات بكاء وصريخ مع ربط فريق الإنقاذ إحدى الجثتين برافعة وانش جرى إحضاره للمساعدة في انتشالهما وظل أحد الحضور يردد "أخويا.. جثة أخويا" ليرتفع صوته بالصراخ بمجرد أن احتضن الجثة بين ذراعيه بعد أن وضعته الرافعة بالقرب من حافة الخزان وواصل شقيق ضحية "لقمة العيش" البكاء حتى حضرت سيارة لنقل الموتى لاصطحاب الجثمان إلى مشرحة مستشفى أبو كبير المركزي ونقله لمحافظة بني سويف، وبعد انصراف سيارة الموتى عاد الهدوء مرة أخرى لينتظر أهالي الضحية الثانية انتشال جثمانه بينما تجمع بعض أهالي القرية لمؤازرتهم.

وبوجه عابث وعينان كساهما الاحمرار بعد أن أرهقهما السهر والبكاء  وقف أبو الخير عبد العظيم محمد، 35 عاما، يتلهف لاستخراج جثمان  شقيقه "طه عبد العظيم" 44 عاما، كهربائي، وبدأ حديثه لـ"الوطن" قائلا: "نحتسبهما من الشهداء.. كانوا بيشتغلوا.. وبيجروا على أكل عيشهم.. ربنا يرحمهم.. ونتمنى إجراء تحقيق عادل في الواقعة ومحاسبة المسؤول عن وفاتهما في حال ثبوت أي إهمال".

وأثناء حديث شقيق الضحية معنا حاول آثنين من المسؤولين بالشركة لم يتسنى لنا معرفة اسمهما منعه من التحدث معنا إلا أن الرجل أصر على استكمال حديثه.

وتابع شقيق الضحية: "تلقيت اتصالا هاتفيا في الساعة الثامنة من مساء أول أمس من أحد العاملين بالشركة التي يعمل فيها شقيقي وهي شركة مقرها في بني سويف وأخبرني أن شقيقي توفي في حادث وطلب مني الحضور إلى الشرقية دون أن يفصح عن مزيد من التفاصيل".

واستكمل: "أستأجرت سيارة برفقة شقيقي وأبناء عمومتي وبعض الجيران وتوجهنا على الفور إلى الشرقية ووصلنا الساعة الثانية صباحا ولم أجد أي شخص في مكان الواقعة سوى زميل شقيقي في العمل ثم توجهنا إلى النيابة وأخبرنا وكيل نيابة أنه جرى الدفع بقوات من الإنقاذ النهري لانتشالهما وبعد مضي عدة ساعات وفشل انتشال أي منهما تم صرف القوات على أن يتم البحث في الصباح".

وأضاف: "عدنا إلى الخزان وانتظرنا حتى حضرت القوات نحو الساعة الثامنة صباحا وبدأت قوات الشرطة والإنقاذ النهري في محاولة انتشالهما حتى تمكنا من انتشال السائق وبعد نحو ساعة عثروا على جثة شقيقي".

وأشار إلى أن شقيقه لديه 5 فتيات 4 منهمن في مراحل التعليم المختلفة وأنه كان العائل الوحيد لأسرته، لافتا إلى أنه لم يكن مثبت بالشركة وإنما يعمل باليومية ويتقاضى أجره كل أسبوع أو 15 يوما.

وحول سبب الوفاة قال إنه علم من أحد العاملين-رفض ذكر اسمه- أن الحديد لم يكن قطعة واحدة كاملة وإنما توجد قطع موصلة ببعضها ونتيجة لضعف الوصلات وكثرة أحمال الرمال سقط الحديد بالمتوفيين.

وفي نفس السياق قال أحمد موسى غريب مقيم بقرية أبو ياسين بمركز أبو كبير وأحد الشهود العيان على الواقعة: "توجهت لمباشرة عملي في الأرض الزراعية الكائنة بالقرب من خزان المياه منذ الساعة الخامسة فجرا وبمجرد حلول الساعة الثامنة من صباح أمس حضر بعض العمال يمارسوا عملهم في نقل حديد ورمال للخزان لعمل تشديدات خرسانية وكان من بينهما الضحيتين".

وتابع: "المتوفيين كانا يقفان على حديد مثبت على الخزان ويستلمان رمال من زملائهما وأثناء ذلك حدث خلل بالحديد وهبط بهما إلى قاع الخزان وفوقهما كميات الرمال وباقي الحديد وبعد ذلك تجمع العمال والأهالي وتم إبلاغ الشرطة".

وأردف: "بعض المسؤولين بالشركة طالبوا العمال بأن يدعيا أنهما لم يكونا يمارسا عملهما وأنهما فقط كان يتفقدان الخزان على خلاف الحقيقة ومضى قائلا: "الحقيقة شوفتها بعيني والناس كانت شغالة وماتوا وهما بيشوفوا شغلهم.. وربنا يحاسبني على كلامي".

وأضاف علي عيد محمد، 36 عاما، أحد أهالي قرية أبو ياسين، شاهد عيان، إنه شاهد المتوفيين يمارسان عملهما أثناء توجهه إلى عمله في الأرض الزراعية حيث كانا ينقلان كميات كبيرة من الرمال وبعد مرور عدة ساعات علم بسقوطهما.

وفي نفس السياق ألقت الأجهزة الأمنية القبض على كلا من: "أحمد" 38 عاما مدير المشروع ومقيم بالزقازيق و"طه. م" 26 عاما منفذ المشروع مقيم في بنها، وجرى إحالتهما للنيابة والتي قررت التحفظ عليهما على ذمة التحقيقات.

وكان اللواء عبدالله خليفة، مساعد وزير الداخلية لأمن الشرقية، تلقى إخطارًا يفيد بأن العميد ياسر أمان الله مأمور مركز شرطة أبوكبير، تلقى بلاغًا بسقوط علاء محفوظ محمد محمد (35 سنة- مقيم بإهنسيا بمحافظة بني سويف- سائق)، وطه عبدالعظيم محمد (كهربائي- مقيم بسمسطا بمحافظة بني سويف)، داخل خزان مياه عمقة يبلع 25 مترًا تقريبًا، أثناء مباشرة عملهما بعزبة نوارة بقرية بني عمرو بمركز أبوكبير.

وانتقلت قوات الحماية المدنية، وفريق من الإنقاذ النهري، برئاسة العميد أحمد الشوادفي، مدير الحماية المدنية، إلى مكان الواقعة، لمحاولة انتشال الجثتين من الخزان.

كما انتقلت قوة من الشرطة برئاسة اللواء محمد منسي مساعد مدير الأمن لشمال الشرقية، والمقدم شريف حمادة رئيس فرع البحث الجنائي لشمال الشرقية، لمباشرة الواقعة وتمكنت قوات الإنقاذ من انتشال السائق ثم انتشلت الكهربائي.

وقال مصدر أمني لـ"الوطن"، إن السائق والكهربائي يعملان ضمن فريق عمل تابع لأحد المقاولين والمسند له إنشاء خط مياه من محطة كفرصقر، مشيرًا إلى أن المتوفيين كانا يجريان أعمال شددات خرسانية للخزان عبارة عن 15 قمرًا حديديًا وكميات كبيرة من الرمال و12 سيخًا حديديًا، موضحا أنه أثناء مباشرة عملهما سقطا داخل الخزان، حيث هوت بهم الخرسانة ليقع فوقهما الرمال والحديد.


مواضيع متعلقة