المزارعون: المشروع غير مطابق للمواصفات وماكيناته اختفت.. ونعتمد على الآبار والصرف

كتب: نظيمة البحراوى

المزارعون: المشروع غير مطابق للمواصفات وماكيناته اختفت.. ونعتمد على الآبار والصرف

المزارعون: المشروع غير مطابق للمواصفات وماكيناته اختفت.. ونعتمد على الآبار والصرف

فى قرية شرارة، التابعة لمركز الحسينية، فشل مشروع الرى المطور وتحولت حجرات ومبانى المشروع إلى خرابات، قبل أن يجلب بعض المزارعين عدداً من ماكينات الرى ويضعوها بها لرى أراضيهم، بينما لجأ آخرون للمياه الارتوازية والصرف الصحى، مع استمرار دفعهم رسوم الرى المطور، حسب الأهالى.

بملامح غاضبة ووجه عابس وقف عثمان الشربينى، 58 عاماً، مزارع مقيم بقرية شرارة، وسط ترعة تعلوها لافتة مكتوب عليها «مسقى الإصلاح على ترعة السعرانة»، ويمتد داخلها عدد من خراطيم سحب المياه، محاولاً رى أرضه التى تشققت بسبب قلة المياه.

الرجل الذى بدا جسده ظاهراً بالكامل داخل الترعة عدا قدميه بعدما جفت منها المياه، بادرنا قائلاً: «إحنا مش لاقيين شوية ميّه نروى بيها الأرض رغم مشروع الرى المطور الذى دشنته الحكومة منذ سنوات بدعوى تقليل الكميات المهدرة من المياه وتوفير احتياجات الأراضى الزراعية من المياه».

وتابع الرجل الخمسينى: «عام 2002 فوجئنا بعدد من المسئولين فى وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى والجمعيات الزراعية ينفذون مشروعاً للرى المطور مقابل سداد الفلاح اشتراكاً سنوياً قيمته 600 جنيه للفدان وذلك خلال الـ10 سنوات الأولى، و300 جنيه لـ10 سنوات التالية»، وأردف: «على الرغم من أن ذلك يمثل عبئاً على الفلاح إلا أننا اضطررنا للموافقة على أمل وصول المياه إلى أراضينا باستمرار، إلا أن ذلك لم يحدث، وفشل المشروع بشكل كبير، موضحاً أن هناك بعض الأراضى كانت تغمرها المياه ولا يمكن تصريفها، وأراضٍ أخرى لم تصل لها المياه، وذلك بسبب تنفيذ المشروع بطريقة غير مطابقة للمواصفات، بخلاف سرقة الماكينات».

وأضاف: «بعد أحداث ثورة يناير 2011 فوجئنا باختفاء الماكينات من حجرات الرى المطور، ولا نعلم من وراء ذلك. ومضى قائلاً: «على سبيل المثال كانت توجد ماكينات لتوصيل المياه للأراضى الواقعة على نحو 12 خليجاً فى منطقة الشربينى وقرية شرارة، الواقعة فى نطاق الوحدة المحلية للملكين وقهبونة، وفوجئنا باختفائها».

{long_qoute_1}

وأضاف: «حاول بعض المزارعين ممن تصل المياه إلى أراضيهم الاستفادة مما تبقى من المشروع، واشتروا نحو 4 أو 5 ماكينات للرى على نفقتهم الخاصة، وذلك منذ نحو 4 أو 5 سنوات، وكان سعر الماكينة فى هذا الوقت يتراوح ما بين 7 لـ10 آلاف جنيه، ومع نقص مياه الرى تدريجياً اقتصر استخدام الماكينات على رى أراضى أصحاب الماكينات، الذين أصبحوا ينتظرون وصول المياه للترعة كهلال رمضان أو العيد».

وتابع: أما باقى المزارعين فاضطروا إلى حفر آبار ارتوازية وشراء ماكينات لسحب المياه من الأرض لريها، فيما اعتمد آخرون على مياه الصرف الصحى، فى الوقت الذى يواصل فيه المزارعون دفع قيمة اشتراك الاستفادة من الرى المطور، ويتعرضون للحجز والحبس حال امتناعهم عن الدفع، مشيراً إلى أنه يمتلك نصف فدان ضمن الرى المطور ويدفع الرسوم منذ 8 سنوات وحتى الآن، كما يمتلك فداناً آخر يرويه بالمياه الارتوازية.

وحول نقص مياه الرى، أضاف الرجل الذى عكست التجاعيد الكثير من عناء السنين على ملامحه: «مياه الرى من المفترض أن تصل إلى أراضينا بنظام المناوبة، حيث يتم توصيلها كل 12 يوماً لمدة 3 أو 4 أيام فقط، إلا أن المياه تصل قليلة للأراضى، ولا تكفى لرى مساحة الأرض كاملة التى تقع بنطاق ترعة الرى، والبالغ مساحتها مئات الأفدنة».

توقف الرجل عن الحديث ليجلس على الأرض بحثاً عن قسط من الراحة بعدما أنهك التعب قواه، وبنبرات حزينة استأنف قائلاً: «خسرت الفلوس اللى صرفتها على زراعة الذرة الموسم ده، بسبب قلة المياه، ولم تعط الأرض محصولاً يغطى تكاليف الزراعة كاملة، وتحملت خسارة نحو 2500 جنيه بدلاً من أن أحقق ربحاً».

ومضى قائلاً: «إحنا عاوزين المسئولين يشوفوا لينا حل ويوفروا مياه الرى، أو يعفونا من رسوم الرى المطور الذى لم نستفد منه»، مشيراً إلى أنه أب لـ3 أولاد و4 فتيات، ويساعده أبناؤه فى زراعة الأرض التى تعد مصدر دخلهم الوحيد، حيث يعمل أبناؤه فى الزراعة بسبب قلة فرص العمل وبعد المسافة بين المناطق التى توجد بها المصانع فى العاشر من رمضان أو الصالحية الجديدة، نحو 80 كيلومتراً عن قريتهم.

أما معاناة محمد الباز، 67 عاماً، فكانت مضاعفة بعد أن أصبح مهدداً بالسجن بسبب عدم دفع رسوم «الرى المطور» وتراكمها عليه، قبل أن يضطر للسداد، وهو ما يوضحه قائلاً: «أملك فداناً واحداً فقط، وتراكمت علىّ رسوم الرى المطور وتجاوزت 5 آلاف جنيه، وفوجئت بالحجز على الأرض». وتابع: «لم أستفد من المشروع أو أروى أرضى بالرى المطور نهائياً، وبسبب وقوع الأرض على خليج للرى المطور فقط أجبرونى على دفع الرسوم، والزراعة مابقتش جايبة همها، واللى جاى على قد اللى رايح».

وبصوت متقطع تخللته الدموع التى سالت من عينيه الضيقتين، قال الرجل السبعينى: «اضطررت للاستدانة وبيع خروف صغير، ودفعت جزءاً من المبلغ، 4 آلاف جنيه، وتبقى جزء آخر مطالب بسداده الأيام المقبلة».

والتقط إبراهيم عبدالعال، 50 عاماً، طرف الحديث، قائلاً: «أملك 6 قراريط تقع فى نطاق الرى المطور، وأدفع رسوماً 150 جنيهاً»، وتابع: «مياه الرى المطور لم تصل إلى الأرض، واشتركت مع 3 مزارعين آخرين لشراء ماكينة 7٫5 حصان، ودفعت من ثمنها 4 آلاف جنيه، وثبتناها بجزء من الأرض التى نمتلكها لسحب المياه الارتوازية، ورى الأرض». ومضى قائلاً: «مانعرفش بيحصلوا مننا رسوم ليه، الأولى يشوفوا بنستفيد من المشروع ولا لأ.. الأسعار بترتفع كل شوية والفلاح مش بقى ملاحق»، وأشار إلى أنه يضطر إلى العمل فى الأرض بمفرده تارة ورفقة ابنه تارة أخرى، بعدما استغنى عن الاستعانة بأى عامل بسبب ارتفاع أجرة العمالة، لافتاً إلى أنه يعمل لمدة تتراوح ما بين 4 و5 ساعات حسب متطلبات الزرع سواء «رى أو رش أسمدة أو إزالة حشائش.. وغيرها».

وأضاف «الرجل الخمسينى» أن مشكلة الرى المطور بالنسبة له تتمثل فى وقوع أرضه فى مستوى مرتفع عن أراضٍ أخرى مستواها منخفض وتصل لها المياه، وقال: «الناس تُعتبر مظلومة بسبب مشروع الرى، الخط لا يتساوى مع مستوى كافة الأراضى، فاختلاف المنسوب يؤدى لوصول مياه الرى للأراضى الواقعة فى منسوب منخفض، أما التى تقع فى منسوب مرتفع فلا تصل لها المياه سوى بكميات ضئيلة وفى نهاية الأيام المحددة للرى، لذلك نلجأ إلى المياه الارتوازية».

وقال على أحمد، 35 عاماً، مزارع: «المشكلة لا تتوقف على الاستعانة بماكينات لسحب المياه الارتوازية لرى الأرض، وإنما فى تعرض الماكينات للأعطال أيضاً، ما يزيد من الأعباء المالية التى نتحملها، إلى جانب تكاليف الزراعة»، ومضى قائلاً: «منذ نحو أسبوع تعطلت الماكينة واضطررت لشراء خرطوم بـ700 جنيه بخلاف تعطل البابور الموجود بها منذ نحو 4 أشهر، وتصليحه بـ3 آلاف جنيه، ومع ذلك ملتزم بسداد رسوم مشروع الرى». وأردف: «كل ما أملكه هو فدان فقط وأنفق من دخلى بالزراعة على أمى وزوجتى وأطفالى الأربعة».

فى الإطار نفسه، اشتكى مجدى البقرى، مُزارع، من عدم وصول المياه للأراضى الواقعة بنطاق خليج أبوعجوة المرتبط بمشروع الرى المطور عن طريق خليج أبوصديق، مشيراً إلى أنه تم إلزام المزارعين بسداد مبلغ 20 ألفاً أقساطاً على مدى عدة ساعات، وسدد مزارعون مبالغ تتراوح بين 7 آلاف و10 آلاف من إجمالى المبلغ المقرر، على أن يتم تسديد الباقى خلال السنوات المقبلة، ورغم ذلك لا تصل مياه الرى -المقبلة من ترعة السعرانة- إلى أراضيهم، ما اضطرهم إلى الاعتماد على الصرف الصحى.

وأوضح أنهم تقدموا بعدة شكاوى للرى والزراعة للمطالبة بتعميق منسوب خليج أبوعجوة وتوسعته من قطر 40 لـ60، للسماح بوصول المياه، إلا أنه لم يستجب لهم أى من المسئولين، ما أدى لإضعاف محاصيلهم وتراجع إنتاجهم، لافتاً إلى أن الخليج يخدم مساحة تصل لـ100 فدان.

من جهته، قال المهندس حسام شيتاوى، مدير مشروعات الرى بشرق الدلتا، إن باب مكتبه مفتوح لاستقبال أى شكوى من الأهالى بقرية شرارة تتعلق بالرى المطور، مشيراً إلى أنه سيتم بحث المشكلة والعمل على حلها فى أسرع وقت.

 

أقرا إيضا 

«بحر البقر».. الصرف «غير الصحى» يحاصر القرية.. والأهالى: محرومون من المياه النظيفة

 

«أم الزين».. «الملوحة» تحرق الخُضرة و«البحوث»: ستبور خلال 5 سنوات

 

 

فشل «الرى المطور» يهدد آلاف الأفدنة فى الشرقية والدقهلية

 


مواضيع متعلقة