التضخم.. عامان من الشد والجذب بين «المركزى» والسوق لتحجيم الأسعار

كتب: إسماعيل حماد

التضخم.. عامان من الشد والجذب بين «المركزى» والسوق لتحجيم الأسعار

التضخم.. عامان من الشد والجذب بين «المركزى» والسوق لتحجيم الأسعار

امتلك البنك المركزى، قبل اتخاذ قراره فى نوفمبر 2016 «تجهيزات استباقية» لمواجهة الصدمات التضخمية التى كان متوقعاً أن تشهدها الأسواق بمجرد اتخاذ القرار.

كان «المركزى» يخطط لمواجهة تلك التطورات حتى لا تنفلت معدلات التضخم وتخرج عن السيطرة، من خلال أدوات السياسة النقدية التى استطاعت تحجيم التضخم حتى لا يتجاوز مستويات قياسية، واستطاعت محاصرته حتى انخفض إلى مستوى 8.6% بنهاية سبتمبر الماضى، مقارنة بنحو 34.2%، فى يوليو 2017 وفقاً للرقم القياسى الأساسى الذى يبنى عليه البنك المركزى معاييره فى قياس التضخم، ومن ثم تتخذ لجنة السياسة النقدية قرارها بتحديد آليات التعامل مع التضخم واستهدافه، وتعد لجنة السياسة النقدية فى البنك المركزى هى «المطبخ» الذى يتم فيه دراسة وتقييم الأمور لتحديد الأدوات والآليات التى سيتم استخدامها لمواجهة التضخم، إذ إن هدفها فى المقام الأول يتركز على تحقيق استقرار عام فى الأسعار، وأدت قرارات «المركزى» إلى كبح جماح التضخم بعد أن بلغ أعلى مستوياته نتيجة تحرير سعر الصرف، وتطبيق إجراءات الإصلاح الاقتصادى الهيكلى، حيث أعلن البنك المركزى أنه يستهدف الوصول بمعدل التضخم إلى ما يتراوح بين 10% و16% بنهاية الربع الأخير من 2018، وهو ما تحقق بنتائج أفضل حتى الآن وفقاً لما يراه الكثيرون من المصرفيين، إذ إن التضخم السنوى وفقاً لمعايير المركزى بلغ 8.6%، بينما بلغ مؤشر التضخم العام، أو الرقم القياسى لأسعار المستهلكين وفقاً لمعايير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء 16% بنهاية سبتمبر الماضى، ولجأ «المركزى» إلى اتباع سياسة نقدية انكماشية لاحتواء التضخم المتوقع حدوثه، إثر قرار تحرير سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأخرى فى مطلع نوفمبر 2016؛ حيث اتخذ البنك المركزى قراراً برفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة بواقع 300 نقطة أساس ليصل إلى 14.75% و15.75% على التوالى، بالتزامن مع قرار «التعويم»، فيما قام عدد من البنوك الكبيرة اللاعبة فى السوق المحلية، وفى مقدمتها وحدات القطاع العام بطرح شهادات ادخارية بفائدة تصل إلى 20% لجذب السيولة من السوق، فى إطار استراتيجية «المركزى» وتعظيم العائد من الاستثمار فى الجنيه ودفع المتعاملين فى السوق السوداء وحائزى الدولار للتخلص منه وبيعه للبنوك باعتبارها المنظومة الرسمية لتداول النقد الأجنبى.

{long_qoute_1}

وبعد أن بلغ معدل التضخم أعلى مستوياته خلال شهر يوليو 2017 مسجلاً 34.2%، تم رفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض مرة أخرى بواقع 200 نقطة أساس جديدة لتصل إلى نحو 18.75%، و19.97% على التوالى، سعياً من «المركزى» لتخفيف الآثار الجانبية لارتفاع أسعار الوقود والكهرباء، وكذلك ارتفاع ضريبة القيمة المضافة؛ ليبلغ إجمالى الزيادة فى أسعار الفائدة نحو 7% خلال عام واحد، واستكمالاً لسياساته التقييدية، اتخذ «المركزى» فى مطلع أكتوبر 2017 قراراً بزيادة نسبة الاحتياطى القانونى بنحو 4% -إحدى أدوات السياسة النقدية- التى يُلزم البنوك بالاحتفاظ بها لديه، لتسجل 14%، مقابل 10%، لتحجيم قدرة البنك على منح الائتمان فى سبيل مواجهة معدلات التضخم المرتفعة.

وحققت إجراءات رفع «المركزى» لأسعار الفائدة على الإيداع والإقراض نتائج إيجابية على مستوى معدلات التضخم، حيث اتخذ معدل التضخم السنوى اتجاهاً تنازلياً متواصلاً على مدار 10 أشهر خلال الفترة من أغسطس 2017 وحتى مايو 2018، إلى أن حقق المعدل المستهدف فى فبراير 2018 مسجلاً 14.4%، ما دفع «المركزى» إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 1% لأول مرة منذ التعويم، لتصل إلى 17.75% على الإيداع و18.75% على الإقراض، وخفض سعرى العائد على الإيداع والإقراض مرة أخرى فى مارس من العام الحالى بمقدار 1% ليسجل 16.75% و17.75% على التوالى.

وبعد استكمال الإجراءات المستهدفة لإصلاح منظومة الدعم، بما فى ذلك رفع الدعم عن الوقود والكهرباء، عاود التضخم الارتفاع للمرّة الأولى خلال يونيو الماضى، بعد سلسلة من التراجعات على مدار أشهر متواصلة، ورغم أن معدل التضخم بلغ حالياً 16%، إلا أنه لا يزال ضمن المستويات المستهدفة، بحسب ما أعلنه «المركزى».

وارتفع إجمالى أرصدة الودائع لدى الجهاز المصرفى إلى 3.586 تريليون جنيه بنهاية يوليو الماضى، مقابل 2.761 تريليون فى ديسمبر 2016، نظراً لارتفاع أسعار الفائدة، والقضاء على المضاربات الدولارية، وزيادة تحويلات العاملين بالخارج، ولعب ارتفاع أرصدة الودائع لدى البنوك المصرية دوراً فى الحد من معدلات التضخم، بعد أن قلصت السيولة الموجودة فى السوق، وشجعت المصريين على الادخار.

ويعد البنك المركزى الجهة الرقابية التى تُشرف على البنوك العاملة بالسوق المحلية، والمسئول عن السياسة النقدية، فهو مشرف ومراقب وواضع السياسات التى تتبعها البنوك التجارية العاملة بالسوق المصرية، فضلاً عن الاحتفاظ بما تمتلكه الدولة من الذهب والعملات الأجنبية، ويلجأ «المركزى» إلى تطبيق سياسة نقدية توسعية فى حالات الركود الاقتصادى التى تحدث عند انخفاض الطلب الكلى عن العرض الكلى، أما فى حالات التضخم، فيُطبق «المركزى» سياسة نقدية انكماشية أو تقييدية.

وتعد أسعار الفائدة الرئيسية إحدى أدوات السياسة النقدية لدى البنك المركزى لضبط معدلات التضخم، وعندما يتبع البنك المركزى سياسة انكماشية، يقوم برفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض ليحد من القوة الشرائية للأفراد وليمتص أكبر سيولة متاحة فى السوق، أما فى حالة اتباعه سياسة توسعية، فإنه يقوم بتخفيض أسعار الفائدة لإحداث رواج فى الأسواق.


مواضيع متعلقة