مصر تطالب المؤسسات الدينية العالمية بتوحيد الصف لمواجهة الإرهاب
![جانب من المؤتمر الرابع للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/16401591791539715625.jpg)
جانب من المؤتمر الرابع للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم
دعا الدكتور شوقى علام، مفتى الديار المصرية، مؤسسات الفتوى حول العالم إلى ضبط عملية الإفتاء، وعقد دورات وبرامج تدريبية بلغات مختلفة لتدريب العلماء والمتصدرين للفتوى، ليصبحوا قادرين على التعاطى مع تحديات العصر، واستيعاب ثقافاته المتعددة، ومواجهة ما يهدد الأمن والسلم العالمى، من الأفكار المتطرفة والجماعات الظلامية.
«علام»: الجماعات الإرهابية تجهل الواقع.. ونحتاج إلى تدريب العلماء على مواكبة العصر.. و«جمعة»: تجديد المناهج ضرورة
وأكد «علام»، خلال كلمته بالمؤتمر الرابع للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، الذى بدأت فعالياته بالقاهرة أمس، ضرورة إدراك وفهم التغيُّرات، التى تطرأ على المجتمعات والثقافات، بفعل التطور المعرفى والحضارى، ما يستوجب تجديداً يتواكب مع مناحى الحياة، حيث تضبط الفتوى إشكاليات كثيرة فيها، مطالباً بوضع رؤية نظرية صحيحة تشتمل على تعريف دقيق وواضح لماهية التجديد، ومجالاته وسبله ووسائله وغاياته. ويشارك فى فعاليات المؤتمر، الذى يُعقد تحت عنوان «التجديد فى الفتوى بين النظرية والتطبيق»، وبرعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، وفود من 73 دولة، تضم قيادات دينية وعلماء معروفين على مستوى العالم. وغاب فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، عن فعاليات المؤتمر، وهو الأمر الذى برَّره المفتى بسفره إلى دولة إيطاليا.
وقال المفتى: لم يخرج عن المنهج السليم للإفتاء إلا جماعات آمنت بأفكار شاذة مغلوطة، تغولت على التراث دون امتلاك وإحكام لمفاتيحِ العلوم، وقواعدِ الفهم الصحيح والمنهج السديد، وأعرضت عن التلقى عن أهل العلم الثقات من العلماء العاملين، الذى نقلوا العلم بالإسناد المتصل إلى سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
وأضاف أن هذه الجماعات تعانى من الجهل الشديد بالواقع الذى نعيش فيه ولا تدركه إدراكاً صحيحاً، ولا تفهم التغيّرات التى تطرأ على المجتمعات والثقافات نتيجة حركة التطور المعرفى والحضارى، موضحاً: «التجديد مَعلم أساسى من معالم هذا الدين، ومقصد أصيل من مقاصده، وثمرة عظيمة للاجتهاد، فالاجتهاد والتجديد أمران متلازمان، وأول من دعانا إلى التجديد هو رسولنا الكريم». وطالب «علام» المؤسسات الدينية العالمية بتوحيد الصف والتكاتف لمحاربة الإرهاب الأسود وتجفيف منابعه، ومواجهته بكل الوسائل المشروعة، وفى مقدمتها مشروعات التجديد وتصحيح المفاهيم، التى تعمل عليها مؤسسات الأزهر الشريف، ودار الإفتاء المصرية، والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم.
وفى السياق، قال الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن تجديد الفتوى أمر مُلح ولا غِنى عنه، وإن مراعاة مقتضيات الزمان والمكان والأحوال والعرف والعادة، أصبحت مسألة حتمية فى مجال الفتوى، فالعادة مُحكمة كما يقول الفقهاء، مع ضرورة التفريق الواضح بين الثابت والمتغير، فإلباس الثابت ثوب المتغير هدم للثوابت، وإلباس المتغير ثوب الثابت طريق الجمود والتحجر والانغلاق والتخلف عن ركب الحضارة، بل عن ركب الحياة. وأضاف فى كلمته، التى ألقاها نيابةً عن الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أن علماءنا الأوائل أكدوا أنهم اجتهدوا لعصرهم فى ضوء ظروفهم وأحوالهم، وأنه علينا فيما يتصل بالمتغيرات والمستجدات أن نراعى ظروف عصرنا وأحواله، فنحن فى حاجة ماسَّة إلى إحلال مناهج التفكير محل مناهج الحفظ والتلقين، وإحياء الحركة العلمية والمناهج العقلية فى ضوء فهم المقاصد العامة للتشريع. واستطرد «جمعة»: «ننتظر فى وزارة الأوقاف ما تسفر عنه بحوث وتوصيات المؤتمر من نتائج علمية لنجعلها موضع اعتبار فى برامجنا التدريبية، فى ظل ما نعتمده من برامج تأهيلية وتثقيفية عصرية متنوعة ومتقدمة».
من جهته، قال المستشار حسام عبدالرحيم، وزير العدل، إن السنوات الأخيرة شهدت موجة غير مسبوقة من التكفيرِ والعنفِ والإرهابِ فى العالم كله، عانينا منها فى مصر، وواجهناها بكل قوة وعزيمة وشرف على المستوى العلمى الذى تؤديه المؤسسات الدينية، وكذلك على المستوى الأمنى، لافتاً إلى أن مصر بذلت وما زالت من دماءِ أبنائها الشهداء، ما سوف يحفظه التاريخُ فى صحائف من نورٍ. وأكد الدكتور يوسف أدعيس، وزير الأوقاف الفلسطينى، إن القدس والأقصى يتعرضان لهجمة غير مسبوقة، كما يتعرض الفلسطينيون للضرب والتنكيل والاعتقال وفرض الغرامات الباهظة، من قِبل المحتل، مضيفاً: «اليهود يؤدون الصلاة التلمودية فى الأقصى ولم يتجرأ الاحتلال على ذلك إلا نتيجة الصمت العربى». وثمَّن الوزير الفلسطينى دور الرئيس عبدالفتاح السيسى، واهتمامه بالقضية الفلسطينية ورغبته فى لمّ الشمل وجمع الفلسطينيين تحت راية واحدة.
وقال الشيخ عبداللطيف دريان، مفتى لبنان، إن الفتوى فى حياة المسلمين اليوم أصبحت شأناً من الشئون الضرورية، مضيفاً: «لكنى أخشى الشطط والتفلت من جانب المتسرعين وأصحاب الأغراض الحزبية أو الفئوية، كما أن طبيعة الحقبة والعصر، الذى نعيش فيه تتطلب الحذر والانضباط، وهو ما يفرضه علينا ديننا الحنيف، فالانضباط ضمن مقاصد الشريعة، وعندما ننظر فى ذلك نجد أمامنا مساحات شاسعة للاجتهاد والتجديد».
من جهته، حذر الشيخ أحمد النور، مفتى تشاد، من التقوُّل على الله بغير حق والإفتاء والتحليل والتحريم بغير علم، مؤكداً أن تجديد الفتوى أقل ما يقال فيه أنه فرض من فروض الكفاية على الأمة، وما دام الأزهر موجوداً فالخوف والخطر مفقود بإذن الله.
وقال الدكتور على جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن التراجع عن مواكبة العصر جعلنا فى مواجهة مع تجديد علوم الشريعة وتفعيلها، فالتجديد يكون بخدمة التراث بقصد فهمه واستيعابه وتيسيره للدارسين.