«السيسى» أمام «المجلس الفيدرالى»: ستظل روسيا الصديق الذى يمكن الاعتماد عليه دائماً

كتب: سماح حسن

«السيسى» أمام «المجلس الفيدرالى»: ستظل روسيا الصديق الذى يمكن الاعتماد عليه دائماً

«السيسى» أمام «المجلس الفيدرالى»: ستظل روسيا الصديق الذى يمكن الاعتماد عليه دائماً

أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى أن العلاقات الوطيدة بين مصر وروسيا، التى نحتفل هذا العام بمرور 75 عاماً على تأسيسها، دائماً ما تميزت بالعمق والخصوصية، وهو ما تجلّى فى وقت الأزمات والشدائد، مضيفاً: ستظل روسيا الصديق الوفىّ، الذى يمكن دائماً الاعتماد عليه.

وأضاف السيسى، اليوم، خلال كلمته التى ألقاها أمام المجلس الفيدرالى الروسى: «كانت روسيا دائماً، شعباً وحكومةً، أول من قدم يد العون لمصر لاستعادة الأرض المحتلة، كما أن مصر لن تنسى مساهمة روسيا فى معركتها للبناء والتعمير، حينما ساعدتها على بناء السد العالى، وغيره من المشروعات الكبرى، خلال حقبة مهمة من تاريخها الحديث، وهذه المواقف التاريخية الداعمة ستظل دائماً عالقة فى أذهان المصريين، وهذا الإرث القيم من التعاون المشترك، سيظل محل تقدير بالغ من الشعب المصرى».

وتابع: «سعادتى بالغة لدعوتكم الكريمة للحديث من على هذا المنبر، وإتاحة الفرصة لى، كى أوجد بينكم، كأول رئيس أجنبى فى مجلس الفيدرالية، مخاطباً الشعب الروسى العظيم، حاملاً له رسالة تحية وتقدير عميقة من شعب مصر، الذى يعتز بما يجمع بين بلدينا من روابط تاريخية، لا تزال أصداؤها حاضرة حتى الآن، وإننى أتطلع لأن يمثل لقائى معكم، نقطة انطلاق جديدة لإثراء علاقات الصداقة بين بلدينا، فى بُعدها البرلمانى، لتتجاوز إطارها الرسمى إلى آفاق شعبية أوسع، تنميها وتدفعها إلى الأمام».

{long_qoute_1}

وأضاف السيسى أن «الزخم الذى تشهده مختلف مجالات التعاون بين مصر وروسيا، على مدار السنوات الخمس الأخيرة، لهو خير دليل، على ما تنطوى عليه علاقاتنا من عمق ورسوخ، وهو الأمر الذى انعكس فى مستوى التنسيق والتشاور المستمر، بين المسئولين فى البلدين، وفى إطلاق الحوار الاستراتيجى بينهما، فضلاً عن نمو حركة التجارة إلى أرقام غير مسبوقة، لا تزال فى سبيلها إلى الارتفاع، كما أننى أتطلع للانتهاء خلال الأعوام المقبلة، من مشروع عملاق، وهو بناء محطة الطاقة النووية بالضبعة، والتى أثق أنها ستغدو علامة مضيئة جديدة، فى مسيرة التعاون بين البلدين، وصرحاً ضخماً فى بنيان شراكتنا الممتدة».

وتابع: «وبالمثل، فإننى أنظر إلى مشروع المنطقة الصناعية الروسية فى شرق قناة السويس، كمثال آخر على عمق شراكتنا، ونقطة انطلاق جديدة، من أجل تعزيز الاستثمارات الروسية فى مصر، فنحن نتطلع دائماً لخبراتكم واستثماراتكم، فى إطار من التكامل بيننا، من أجل المساهمة فى إنجاز ما يتم تدشينه، من مشروعات عملاقة على أرض مصر، وأود أن أؤكد لكم أن الباب سيبقى مفتوحاً أمام المستثمر الروسى، للاستفادة من المميزات الكبيرة، التى تتيحها السوق المصرية، كبوابة تجارية واستثمارية ضخمة، للعديد من الدول الأفريقية والعربية والآسيوية».

وأوضح السيسى: لقد تُوِّجت جهودنا بالنجاح فى استئناف حركة الطيران المباشر بين القاهرة وموسكو، فى أعقاب زيارة الرئيس «بوتين» إلى مصر فى ديسمبر 2017، وإننى على ثقة بأنه فى إطار الروح الإيجابية التى تسود العلاقات الثنائية بين مصر وروسيا، سيعود الطيران قريباً بين المدن الروسية والمصرية، من أجل استعادة تدفقات السائحين الروس، الذين طالما لاقوا كل ترحاب وتقدير ومودة فى بلدهم الثانى مصر.

{long_qoute_2}

مشيراً إلى أن المواقف الروسية الداعمة لإرادة المصريين، فى أعقاب ثورة الثلاثين من يونيو، وما شهدته العلاقات من تقارب، قد أتاح متابعة التطورات المتلاحقة على مدار السنوات الخمس الماضية، التى نجح خلالها المصريون فى استعادة أمنهم واستقرارهم، والحفاظ على كيان دولتهم العريقة، ومؤسساتها الوطنية الراسخة، ليجنبوا بلادهم نيران الفوضى، حيث استطاع الشعب المصرى استحضار مخزونه الحضارى العميق، ليفرض إرادته، وينقذ هويته، ويحقق قفزات هائلة على صعيد تمكين الشباب والمرأة، ويمضى فى تنفيذ إصلاحات اقتصادية جريئة، ليصبح ما تحقق من إنجازات، واقعاً حياً شاهداً على قدرة المصريين على تخطى الصعاب، والعبور إلى المستقبل بثقة وتفاؤل.

موضحاً أن مصر بينما تمضى فى طريقها إلى هذا المستقبل، تتطلع إلى تعزيز مستوى التنسيق والتواصل مع روسيا، وفتح آفاق جديدة للتعاون، لا سيما فى مواجهة التحديات المشتركة، وعلى رأسها خطر انتشار وتمدد الإرهاب، الذى يتشح زوراً باسم الدين، بحثاً عن أهداف خبيثة، ومصالح ضيقة، لفئات لا تعرف أدياناً ولا أوطاناً، فأصبحت عدواً للإنسانية بأسرها، إلا أن القضاء على هذه الآفة الخطيرة يستوجب منا مواجهة جماعية من منظور شامل، نخوض من خلاله معركة العقول والقلوب ضد أفكار التطرف والانغلاق، مع إيلاء الاعتبار اللازم للبعدين الاقتصادى والاجتماعى، بجانب الإجراءات العسكرية والأمنية.

وأضاف: أود فى هذا السياق، أن أشير إلى مبادرة تجديد الخطاب الدينى، التى تم إطلاقها من مصر منذ سنوات، من أجل مواجهة خطاب التطرف والأفكار المغلوطة والتفاسير الملتوية، التى تجافى صحيح الدين، وتنافى قيمه الحميدة، منوهاً بالدور المقدر الذى يقوم به الأزهر الشريف فى هذا الشأن، كمنارة للإسلام المعتدل، الذى يُعْلى من قيم التسامح وقبول الآخر، كما أود أن أشير إلى «العملية الشاملة سيناء 2018»، وما حققته القوات المسلحة وقوات الأمن المصرية من نجاحات باهرة، من أجل حصار بؤر الإرهاب والسيطرة عليها بشكل كامل، فضلاً عن اتخاذ التدابير اللازمة لحماية أمن مصر وحدودها، وتأمينها من مخاطر تسلل المقاتلين الأجانب، وتهريب المخدرات والاتجار فى البشر، فضلاً عن التصدى لموجات الهجرة غير الشرعية عبر السواحل المصرية إلى أوروبا.

وكما يمثل الإرهاب تهديداً خطيراً على الإنسانية بأسرها، فإن تفكيك مفهوم الدولة الوطنية، تحت وطأة الأزمات المتلاحقة، يشكل خطراً وجودياً على أمن المنطقة والعالم كله، فلا يكفى أن منطقتنا العربية لا تزال تعانى من أقدم وأعقد أزمة فى التاريخ المعاصر، متمثلة فى الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، بعدما عجز المجتمع الدولى عن إيجاد حل عادل وشامل لهذا الصراع الممتد، يعيد للشعب الفلسطينى حقوقه المشروعة، بل وتلاحقت باقى أزمات المنطقة، لتؤجج الصراعات الطائفية، وليخيم شبح تفكك وانقسام الدولة ومؤسساتها الوطنية، ليفرض مزيداً من التحديات والأخطار الجديدة، الأمر الذى يستدعى منا العمل معاً، وتسخير الطاقات وشحذ الهمم، لمواجهة الأخطار المشتركة التى تحيق بنا.

ولفت قائلاً: «لقد أصبحنا جميعاً فى خندق واحد، فلم يعد أحد بمنأى عن الخطر، ولم يعد بالإمكان تخطى تلك الأزمات فرادى، أو دون تحمل كافة أعضاء المجتمع الدولى لمسئولياتهم، سواء عبر الإسراع بتحقيق التسوية السلمية للنزاعات، أو التصدى بحزم للأطراف التى تقف وراء الإرهاب، وتُغذّيه بالقول أو الفعل أو المال.

وكما ذكرت فى كلمتى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضى، فإنه لا مجال للحلول الجزئية للنزاعات والصراعات الداخلية أينما كانت، وإنما المعالجة الشاملة، التى تضمن الحفاظ على وحدة وسيادة الدول، وسلامتها الإقليمية، وتُعيد لَمّ شمل أبناء الوطن الواحد، بما يسمح بإعادة البناء والإعمار، مع ضمان عدم إفلات المفسدين والمخربين والإرهابيين من المحاسبة.

ولعلكم تشاركوننى الرأى، بأن تلك المعالجة الشاملة للأزمات، لن تتسنى دون توافر الإرادة الجماعية للمجتمع الدولى، وبحيث يكون الخيار الأممى هو مظلتنا الجامعة لتحقيق هذا الغرض، ففى سوريا على سبيل المثال، لا بديل عن تحريك العملية السياسية التى ترعاها الأمم المتحدة، إلا بالإطلاق الفورى لأعمال لجنة صياغة الدستور، كخطوة أولى نحو استئناف المفاوضات وإنهاء الأزمة فى سوريا، بشكل يحفظ وحدة هذا البلد الشقيق وسلامة مؤسساته.. ويلبى طموحات أبنائه.

وفى ليبيا، فإن رؤيتنا للحل تقوم على ضرورة الالتزام بالحل السياسى، وما يتطلبه من تحقيق تقدم، فى تنفيذ مبادرة المبعوث الأممى للحل السياسى الشامل فى ليبيا، بكافة عناصرها، والتى تم تبنّيها منذ أكثر من عام، ولا تزال تراوح مكانها، وذلك جنباً إلى جنب مع توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، كى تتمكن من القيام بمهامها بفعالية، والمتمثلة فى الدفاع عن ليبيا ومواجهة مخاطر الإرهاب، وهو المسار الذى تقوم فيه مصر بدور محورى». مضيفاً»: «ستظل روسيا الصديق الوفىّ، الذى يمكن دائماً الاعتماد عليه، لا سيما فى ظل تقارب الرؤى والدعم المتبادل فى مختلف المحافل الدولية، حتى وإن تباينت وجهات النظر حيال بعض القضايا، فإن ذلك يعد حافزاً على إثراء الحوار، وتأكيداً للحاجة لمزيد من التنسيق والتعاون، وصولاً للسُبل المُثلى لمواجهة التحديات المشتركة».

وتابع: «إننى على ثقة، فى أن مباحثاتى مع صديقى الرئيس «بوتين»، ستسهم فى تحقيق نقلة جديدة، فى مستوى التعاون والتنسيق والتقارب المشترك، إزاء مختلف القضايا الثنائية والتحديات الإقليمية والدولية الراهنة».

وصرح السفير بسام راضى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس أجرى مباحثات موسعة مع «فالنتينا ماتفيينكا» وقيادات مجلس الفيدرالية، وأشاد الرئيس بالعلاقات المصرية الروسية وما شهدته من تطور خلال السنوات الخمس الأخيرة فى مختلف المجالات.

وأضاف «راضى» أن رئيسة مجلس الفيدرالية الروسى أعربت من جانبها عن تقديرها وقيادات ونواب المجلس لمصر قيادة وشعباً.

كما التقى الرئيس السيسى، اليوم، رئيس الوزراء الروسى ديميترى ميدفيديف، وأعرب الرئيس عن تقدير مصر لحفاوة الاستقبال الروسى، مؤكداً أن الاستثمارات والصناعات الروسية لديها فرصة كبيرة حالياً للوجود فى السوق المصرية للاستفادة من البنية التحتية الحديثة فى مصر وللنفاذ منها إلى الأسواق الأفريقية، خاصة فى ضوء رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى عام ٢٠١٩ واتفاقيات التجارة الحرة التى تجمع مصر مع مختلف التكتلات الاقتصادية الإقليمية، مؤكداً الترحيب الشعبى فى مصر بالتعاون مع روسيا وزيادة استثماراتها وأنشطتها التجارية.

وصرح السفير بسام راضى، بأن رئيس الوزراء الروسى أشاد بخطوات إصلاح الاقتصاد المصرى والمشروعات التنموية الكبرى الجارى تنفيذها، مؤكداً حرص روسيا على مساندة جهود مصر التنموية ودعمها فى كافة المجالات من خلال تبادل الخبرات والاستثمار المشترك.

كما أشاد بالدور الذى تقوم به مصر على صعيد ترسيخ الاستقرار فى الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب ودعم الحلول السلمية للأزمات القائمة بالمنطقة، كونها أكبر دولة فى شمال أفريقيا والشرق الأوسط.

وأضاف «راضى» أن الرئيس قام بزيارة النصب التذكارى بموسكو، ووضع إكليلاً من الزهور على قبر الجندى المجهول.


مواضيع متعلقة