بعيداً عن العاصمة: 114 وحدة صحية فى سوهاج دون أطباء وبعضها تم إنشاؤه مجاملة.. والسكن والمرتبات الهزيلة أبرز شكاوى «التكليف»

بعيداً عن العاصمة: 114 وحدة صحية فى سوهاج دون أطباء وبعضها تم إنشاؤه مجاملة.. والسكن والمرتبات الهزيلة أبرز شكاوى «التكليف»
- أزمة السكن
- أطباء التكليف
- أطقم التمريض
- البحر الأحمر
- التطعيمات الدورية
- العام الماضى
- القرى النائية
- القطاع الصحى
- الكشف الطبى
- آلام
- أزمة السكن
- أطباء التكليف
- أطقم التمريض
- البحر الأحمر
- التطعيمات الدورية
- العام الماضى
- القرى النائية
- القطاع الصحى
- الكشف الطبى
- آلام
تعانى العديد من المناطق الريفية والقرى النائية نقصاً شديداً فى الأطباء بالوحدات الصحية، بسبب أزمة «أطباء التكليف»، التى تشكل صداعاً مستمراً فى رأس القائمين على القطاع الصحى بمختلف المحافظات، وهو ما أوقع عدداً كبيراً من أهالى هذه المناطق «فريسة» للمرض والإهمال على مدار سنوات، دون أن يجدوا من يمد يده إليهم بالعلاج، وكذلك يتكبدون مشقة الانتقال إلى مناطق بعيدة عن قراهم، بحثاً عن علاج يخفف آلامهم.
وتتجسّد هذه الأزمة بشكل واضح فى محافظة سوهاج، التى يوجد بها نحو 400 وحدة صحية، موزعة على 11 مركزاً، من ضمنها 114 وحدة تعانى عجزاً حاداً فى أطقمها الطبية، وتقتصر خدماتها فقط على تسجيل المواليد والوفيات، وصرف التطعيمات الدورية، ووفق مصادر مسئولة بمديرية الصحة بالمحافظة، فإن سوهاج تحتاج إلى ما يقرب من 120 طبيباً لسد هذا العجز.
ويشكو العديد من أطباء التكليف بالمحافظة من عدم تقديم أى دعم أو امتيازات لهم، تشجّعهم على العمل بالوحدات الصحية الريفية، الأمر الذى يدفع غالبيتهم إلى الاستعانة بـ«الواسطة»، من خلال معارفهم من أعضاء مجلس النواب أو كبار المسئولين، لنقلهم إلى المستشفيات الكبرى، أو إلى وحدات أخرى قريبة من أماكن إقامتهم.
فى المقابل، اعتبر مسئولون فى مديرية الصحة أن سوء تنفيذ الوحدات الصحية، واتسامها بالعشوائية، من الأسباب التى أدت إلى تفاقم الأزمة، مشيرين إلى أنه بسبب تدخلات بعض أعضاء مجلس النواب، سعياً منهم لكسب مزيد من التأييد الشعبى فى دوائرهم الانتخابية، تم إنشاء عدد كبير من الوحدات الصحية دون تخطيط علمى مدروس، لدرجة أنه فى بعض المناطق لا تبعد الوحدة الصحية عن مثيلتها سوى 1000 متر فقط، ولا يمكن تدبير عدد الأطباء اللازم لهذه الوحدات.
{long_qoute_1}
وأكد جمال قريشى، وكيل وزارة الصحة السابق بسوهاج، لـ«الوطن» أن المحافظة تحتاج إلى نحو 120 طبيباً، لأن هناك 114 وحدة صحية ريفية لا يوجد بها أطباء، مشيراً إلى أن نسبة العجز فى الوحدات الصحية تقترب من 50%، الأمر الذى دفع مسئولى المديرية إلى توزيع العمل على بعض الأطباء، بحيث يعمل كل طبيب منهم فى وحدتين صحيتين، وينتج عن ذلك أن هذه الوحدات تعمل بشكل جزئى لعدد محدود من الساعات يومياً.
وأضاف «قريشى» أن هناك مشكلة فى توزيع أطباء التكليف على الوحدات الريفية، وهناك بعض الوحدات القريبة من بعضها، وهذا يرجع إلى سوء التخطيط فى تنفيذ هذه الوحدات، التى تم بناؤها دون خطة علمية مدروسة، وغالبيتها تم إنشاؤها على سبيل «المجاملة»، سواء لأعضاء مجلس النواب، أو لمسئولين فى الدولة، بدعوى تقديم خدمة لأهالى قراهم، مؤكداً أن «غياب التخطيط هو سبب هذه الفوضى فى قطاع الصحة»، وشدّد على أنه لا بد من أن يكون هناك تخطيط استراتيجى فى قطاع الصحة، ووضع خطة غير قابلة للتعديل أو التحريف مجاملة لأى شخص.
وقال إن محافظة سوهاج تعرّضت لظلم كبير فى توزيع الأطباء بها، لأن هناك عدداً كبيراً من الوحدات الصحية بمحافظات الدلتا يعمل بكل وحدة منها أكثر من 30 طبيباً ممن يتم تكليفهم للعمل بها، فى حين أن سوهاج لا توجد بها وحدة صحية واحدة يعمل بها أكثر من طبيب، بل إن نصف الوحدات الريفية بالمحافظة لا يوجد بها طبيب واحد، مشيراً إلى أن وزارة الصحة فى السابق، كانت تقدم العديد من الخدمات والامتيازات لأطباء التكليف فى المناطق النائية، كأن يتم منحهم ضعف الراتب، كما كان يتم السماح لهم بتوقيع الكشف الطبى بمقابل مادى فى آخر اليوم، وهذا ما دفع كثيرين من أطباء التكليف للبقاء فى الوحدات المكلفين بالعمل بها لفترات تصل إلى أكثر من 20 سنة، فى ظل ما يتمتعون به من امتيازات، كما كان يتم تجهيز استراحات لهم بكل وحدة صحية، وتأثيثها بما يليق بهم.
أحد الأطباء فى وحدة صحية بسوهاج، طلب من «الوطن» عدم ذكر اسمه، قال إنه تقدم بطلب للحصول على إجازة بدون مرتب لمدة 6 شهور، لكن لم يتم البت فيها إلى الآن، مؤكداً أن العمل فى الوحدات الريفية لا توجد به أى مزايا، كما أن المرتبات «هزيلة»، ولا يستطيع الطبيب أن يعيش حياة لائقة، نظراً لأن العائد المادى ضعيف، لا يساعده على دفع إيجار شقة وسداد فواتير الكهرباء والمياه، ووصف الوضع فى معظم الوحدات الريفية بالمحافظة بأنه «سيئ جداً»، ولا يشجع أى طبيب على العمل بها.
وتابع أنه بسبب وجود عجز فى عدد الأطباء، فقد تم تكليفه بالإشراف على وحدتين صحيتين، الأمر الذى جعله يعانى كثيراً من تجاوزات البعض من الأهالى، واعتبر أن عدد الوحدات الصحية فى سوهاج كبير ومبالغ فيه، وطالب بإغلاق عدد من هذه الوحدات، نظراً لأنها تشكل عبئاً على الدولة، ولا يوجد بها أى خدمات سوى التطعيمات وتسجيل المواليد والوفيات، ويعمل بها عدد كبير من العمال وأعضاء أطقم التمريض الذين يتقاضون أجورهم من الدولة، دون تقديم خدمات حقيقية.
وفى محافظة البحر الأحمر، التى تُعد من أكبر المحافظات النائية ومترامية الأطراف، يرفض العديد من الأطباء العمل بها، ويمتنعون عن السكن فيها، وفى حالة حصولهم على إجازات، يقضون وقتاً طويلاً فى السفر والانتقال إلى مناطقهم الأصلية بسبب بُعد المسافات بين مدينة الغردقة والمدن الأخرى بالمحافظة، التى تصل إلى 600 كيلومتر بالنسبة لمنطقة «حلايب وشلاتين»، بجانب الإمكانيات المعيشية البسيطة فى كثير من مناطق المحافظة.
وأكدت الدكتورة نجلاء شطا، وكيل وزارة الصحة بالمحافظة، أنه تم تجاوز هذه الأزمة، بعد صدور قرار وزير الصحة العام الماضى بتعديل نظام التكليف، ومنح الأطباء مزيداً من الحوافز والامتيازات، وتعديل الكادر الوظيفى الخاص بهم إلى «نائب مقيم»، فاستقبلت البحر الأحمر عدداً كبيراً من الأطباء، الذين تم توزيعهم على جميع الوحدات الصحية بالمحافظة، بحيث أصبحت كل وحدة منها تضم طبيبين وطاقم تمريض من 4 أشخاص.
وأضافت «شطا» لـ«الوطن» أن حافز الجذب كان أحد الأسباب التى دفعت عدداً كبيراً من الأطباء للبقاء فى الوحدات المكلفين بالعمل بها لفترات طويلة، مشددة على أن استمرار هذا الحافز يضمن توافر الأطباء للعمل بشكل دائم فى مختلف المستشفيات والوحدات الصحية بالبحر الأحمر.
وفى ردّها على «أزمة السكن» فى الوحدات بالمناطق النائية، الذى يصفه الأطباء بأنه «غير لائق»، أكدت أن المديرية بذلت جهوداً كبيرة من أجل توفير سكن مناسب للأطباء، خاصة فى المناطق والمدن والقرى البعيدة، حتى يتمكنوا من أداء عملهم فى ظروف ملائمة قدر الإمكان.
من جانبه، أكد الدكتور «أحمد السيد حراجى»، عضو النقابة الفرعية للأطباء فى البحر الأحمر، أن هناك بعض المشاكل التى لا تشجع الكثير من الأطباء على العمل بالوحدات الصحية فى المناطق النائية، أبرزها مشكلة السكن، مشيراً إلى أن أهم ما يحتاجه الطبيب المغترب توفير سكن مناسب له. وأضاف أن هناك مشكلة أخرى تتعلق بعدم وجود نظام يسمح للطبيب بالحصول على إجازة شهرية، ليتمكن من زيارة أهله فى محافظته الأصلية، مما يجعله لا يرغب فى التكليف بالمناطق النائية، فضلاً عن ضعف المقابل المادى، حتى مع إقرار حافز المناطق النائية، لأنه لا يتناسب مع ما يتحمله أطباء التكليف للعمل فى هذه المناطق النائية من عناء ومشقة الحياة بعيداً عن أهلهم.