من المكن لأصوات المدافع.. عمال المصانع في حرب أكتوبر "فني بدرجة مقاتل"

من المكن لأصوات المدافع.. عمال المصانع في حرب أكتوبر "فني بدرجة مقاتل"
- الجيش المصري
- الذكريات السيئة
- الشعب المصري
- القوات الجوية
- القوات المسلحة المصرية
- المصانع الحربية
- حرب أكتوبر
- حرب 6 أكتوبر
- الجيش المصري
- الذكريات السيئة
- الشعب المصري
- القوات الجوية
- القوات المسلحة المصرية
- المصانع الحربية
- حرب أكتوبر
- حرب 6 أكتوبر
تخرجوا في كلياتهم ومعاهدهم الفنية، والتحقوا على الفور بوظائف فنية مختلفة في المصانع، اعتادوا أصوات الماكينات والآلات من حولهم، ليجدوا أنفسهم في يوم وليلة وسط الصحراء وعلى خط المواجهة مع العدو، مسؤولون عن تنفيذ جزء كبير من خطة الحرب لا تقل أهمية عن المهمات التي أسندت إلى ذوي الرتب العسكرية الكبرى، فالكل سواء على جبهة القتال هدفهم الأوحد هو النصر لبلدهم وقهر العدو الإسرائيلي.
في ملحمة حرب أكتوبر المجيدة، شارك كل فئات الشعب المصري على خط المواجهة مع العدو، كان من بينهم فنيون وعمال بسطاء لم يتخيلوا يوما أنهم سيقفون في موضع المحارب حاملين أسلحتهم بكل بسالة يستعدون للموت في أي لحظة، وتلقي "الوطن" الضوء على عدد من العمال الفنيين في المصانع الذي شاركوا بحرب أكتوبر المجيدة إبان فترة تجنيدهم بالقوات المسلحة.
في الثامن من يونيو عام 1962، التحق المحارب محمد رجب بالجيش المصري، وكان يشغل حينها منصب رئيس قسم الإنتاج في أحد المصانع الحربية، وعقب 3 أشهر من التجنيد تم ترقيته إلى رتبة رقيب و انضم للفرقة 18 مشاة اللواء 134 بقيادة اللواء فؤاد عزيز غالي والتي كانت مسؤولة عن منطقة القنطرة.
كان رجب صاحب الـ74 عاما، ضمن الفرقة المنوط بها قطع وصول أي إمدادات تصل إلى العدو من جهة الشمال ومنع خروج أي جندي إسرائيلي هارب من جهة اليسار، وحسب قوله، الحرب الحقيقية بدأت داخلهم منذ تلقيهم صدمة العائدين من حرب النكسة، فبدأو يشحنون أنفسهم في معسكرات التدريب داخل الجيش للأخذ بثأر هؤلاء الجنود،"الناس كانوا راجعين في حالة صعبة ومنظرهم ترك في نفسنا أثر كبير وكان عندنا استعداد نموت عشان نجيب حقهم"، حسب قوله.
الرقيب أول محمد رجب، يتذكر أحداث اليوم الثاني من الحرب خلال حديثه لـ"الوطن" قائلا: "صدرت تعليمات بتقدمنا في اتجاه العدو وفي وقت تقدم قواتنا من المشاة كان في مواجهتنا على بعد حوالي 400 متر دورية مدرعتين إسرائيليتن مجرد ما شافونا بنتقدم بعدد مهول وخطوات ثابتة خافوا من منظرنا المهيب وهربوا من العربيات وسابوها وسط الصحراء وأسرنا المدرعتين"، في مشهد عزز ثقتهم بأنفسهم ودفعهم لاستكمال القتال ، حسب تعبيره.
ذكريات الرقيب أول محمد رجب مع الحرب لاتنتهي عند لحظات القتال فحسب، بل يذكر شهامة المصريين في تهريب الغذاء إليهم عبر معبر القنطرة في منتصف الليل رغم مخاطر إصابتهم برصاص العدو في أي لحظة، "كنا بنرجع عند المعبر عشان نستلم الأكل بتاعنا لأنه كان بيجي من الغرب للشرق هناك كان المدنيين بيقفوا لينا بأقفاص الخيار والطماطم عند القنطرة".
لم يكن الرجل السبعيني وحده من أفراد عائلته على جبهة القتال في الحرب، حيث تطوع أخوه الأكبر للحرب ضمن فرق القوات الجوية، وكذلك انضم أخيهم الأصغر إلى نفس الفرقة التي كان يحارب بها، وكان هو أول العائدين منهم إلى أسرته بعد انتهاء ذروة الحرب، ويتذكر لحظات استقبال عائلته له،"نزلت 24 ساعة أجازة أطمن أهلي ومعايا سلاحي وراجع تاني، استقبلوني استقبال غير عادي ومكنوش مصدقين إني رجعت ليهم".
بعد 7 سنوات من التجنيد في صفوف القوات المسلحة المصرية، عاد رجب إلى وظيفته بأحد المصانع الحربية بالقاهرة، ليجد أشخاصا جدد تولوا منصبه الذي تركه ولكن عودته بروح الحرب، حسب تعبيره، ساعدته في البدء من الصفر من الجديد حتى أثبت كفائته أمام الجميع،"أثبتت للكل إن فترة تجنيدي في الجيش والحرب مأثرتش عليا واترقيت في منصبي وخدت كل حقوقي الوظيفية بشكل طبيعي".
عادل مصطفى أبو قورة، عامل أخر التحق بالجيش المصري في الأول من إبريل عام 1971، وكان حينها يبلغ من العمر 19 عاما، وكان يعمل قبل أنضمامه للجيش في أحد المصانع المتواجدة بمسقط رأسه في محافظة كفر الشيخ، وخلال فترة تجنيده أنضم إلى سلاح الامداد والتموين، حيث كان يعمل في البداية سائقا على سيارة كراز موديل 255.
كانت مهمة أبو قورة البالغ من العمر 67 عاما، هي نقل الأسلحة والمعدات والإمدادات التي تحتاجها معسكرات الجيش المصري خلال فترة الحرب في محافظات مصر المختلفة، على سيارته التى كان يستقلها.
يروي أبو قورة لـ"الوطن"، أن المعسكر الذي أنضم إلية كان متواجدا في محافظة مرسي مطروح، ألا أنه في بداية عام 1973، تم هذه الوحدة إلى عزبة الشام بمدينة المنصورة، "لم يكن نتخيل أننا نستعد للحرب، وظننا أنه مجرد تغير عاديا وليس تكتكيا من أجل الحرب".
"كنت بنقل الأسلحة من طنطا للمحافظات"، كان "أبو قورة" طوال فترة الحرب متمركزا في مدينة المنصورة، وتكمن مهمته في نقل المعدات والأسلحة من محطة قطار طنطا إلى المحافظات الأخرى فتارة بورسعيد وأخرى السويس أو الإسماعيلية حتى وصل إلى سيناء.
خلال فترة الحرب شاهد العديد من الذكريات السيئة، كان أكثرها قسوة عليه عندما استشهد النقيب محمد الظن، المرافق له خلال نقل بعض المعدات التي تحتجها القوات في محافظة بورسعيد، "أثناء عبور معبر بور فؤاد أطلق عليه رصاصة، أسقطته قتيلا في وقتها، أكملت المهمة وهو بجانبي حتى عدت به إلى المعسكر مرة أخرى".
بعد أن أنهى ابن محافظة كفر الشيخ، خدمته وانقطع الاتصال بينه وبين أصدقاء الحرب بأكثر من ثلاثين عاما، نجح في الوصول إلى أحد أصدقائه خلال فترة الخدمة في الجيش بمحض الصدفة، "كنت لسه عامل حساب جديد على الفيسبوك، وظهر أمامي أحد أصدقاء الحرب، أرسلت له طلب صداقة وقبله وذكرته بنفسي، وأصبحنا على تواصل مستمر".
وقضي "أبو قورة" 5 سنوات في صفوف الجيش المصري، بعد أن نجحت مصر في تحقيق انتصار كبير، عاد إلى المصنع الذي كان يعمل به ليكمل مسيرته في العمل بعد أن أدى واجبه الوطني.