سامي عبدالراضي يكتب: 3 حكايات من أسطورة 6 أكتوبر

سامي عبدالراضي يكتب: 3 حكايات من أسطورة 6 أكتوبر
- سامي عبدالراضي
- 6 أكتوبر
- ذكرى 6 اكتوبر
- حرب 73
- شرق القناة
- سامي عبدالراضي
- 6 أكتوبر
- ذكرى 6 اكتوبر
- حرب 73
- شرق القناة
محمد طه يعقوب، هو صاحب أشهر صورة في حرب أكتوبر، الصورة كانت شرق القناة وبعد تحطيم خط بارليف، فضل حوالي 42 سنة بعد الصورة دي مفيش حد عارف يوصل له أو حتى الإعلام يتكلم عنه.
في 2015، اشتركت في مبادرة "يلا نكرمهم"، ودي كانت فكرة الصديق والزميل العبقري أحمد فايق، كنت أنا فيها ومعانا الزميل والصديق المذيع محمود الفقي، وكذلك الزميل الشاب محمد أمير، كانت فكرتنا إننا نوصل لجنودنا وضباطنا اللي شاركوا في نصر أكتوبر العظيم ولسة على قيد الحياة، وقلنا إن الناس دي بعد سنة أو اتنين أو 10 سنوات بالكتير مش هنلاقي حد منهم، هيكونوا قابلوا وجه كريم، وطبعًا وده بعد 42 سنة من الحرب، يعني اللي شارك في الحرب وعمره 22 سنة كان عمره في 2015 حوالي 66 سنة.
تواصل معنا المئات من الأبطال في حوالي شهر ، والعدد وصل لقرابة 4 آلاف منتصف سبتمبر، وكان فيه نية إن دول يتكرموا بتجميعهم في ستاد القاهرة ويتعمل لهم حفل كبير، والحقيقة إن ظروف البلد في التوقيت ده لم تسمح .
من بين "الاكتشافات" العظيمة دي، كان الأستاذ محمد طه يعقوب، ووقتها احتفينا بيه وظهر لأول مرة في الإعلام ببرنامج "90 دقيقة" مع إيمان الحصري، وحكى الرجل عن الصورة وعفويتها وعبقريتها واحتفاظه بيها حتى الآن.
عم محمد "البورسعيدي" يعيش الآن في مدينة العاشر من رمضان وسط أبنائه وأحفاده، مدرس لغة عربية أو كان مدرس وقتها، وراح للجيش عشان يتجند واترفض 3 مرات، وأصر على الدخول وفي المرة الرابعة رحلوه للجيش الثالث "مشاه ".
الصورة دي التقطت في منطقه الخدمات علي خط بارليف في أثناء الحرب، ودي أول صورة التقطت لجندي مصري على خط بارليف بعد العبور، اترفع فيها علامة النصر، الغريب إن ده تحرك لا إرادي، والجندي محمد طه كانت دراعه مكسورة وقت التصوير.
عم "محمد" بنفس الرضا اللي كان فيه وقت الحرب، وبنفس الإرادة، وبنفس الصوت الجميل لسة بيننا، وعايش في هدوء وسكينة وسط أولاده وأحفاده، وبيحكي لهم عن الحرب وعن زميله اللي حماه وحما زمايله، واستقبل قذيفة إسرائيلية ودمه الدافي استقر على وجوههم، لسة بيحكي عن جندي إسرائيلي وقع في الأسر وقعد يبكي، وقال للجندي "محمد" ومن معه وهو بيكي: "أنا بحارب غصب عني، أنا بحب مصر والله، أنا من شبرا بالأمارة وبلاش تقتلوني"، وكان ردهم: "احنا مش بنقتل أسرانا، وزي ما انتوا قتلتوا اخواتنا أحياء تحت الدبابات"، بيحكي عن أحلى كلمة سمعها وقت الحرب وهي هتاف "الله اكبر" وقت العبور.
(2)
وبعيد عن عم محمد طه، لسة بسمع كل سنة جديد عن أكتوبر، والجديد سمعته، ظهر الخميس، في راديو مصر من اللواء سمير فرج الرئيس الأسبق للشؤون المعنوية وأحد المشاركين في النصر ،ومنها حكاية عن خط بارليف بعيدة عن قصة الخراطيم، فكروا كتير عشان يحطموه، فكروا في الديناميت، قالوا صعب، بالصواريخ قالوا صعب لحد ما الله يرحمه اللواء باقي زكي يوسف قال في أحد الاجتماعات: "أنا عندي فكرة نفذناها في السد العالي وهتنجح، فكرة خراطيم المية، جربوها في مناطق صحراوية، المشكلة مش في الفكرة، المشكلة كانت إننا لحد نهاية شهر 8 يعني قبل الحرب بـ36 يوم معندناش مضخات مية خالص، ولو فكرنا إننا نستورد مضخات العالم كله كان مسخر لإسرائيل، وكانت هتعرف، المهم الرئيس السادات جاب الرئيس القذافي وطلب منهم يستورد المضخات دي من ألمانيا، ويفهمهم إن المضخات هيستخدمها لسحب الميه من النهر العظيم في ليبيا عشان يعمر الصحراء ومستعجل، وقد كان، والمضخات جت لليبيا وبعدها دخلت مصر في سبتمبر 73".
(3)
وكمان سمعت منه عن قصة "كشكول حنان"، والكشكول ده لتلميذة في 2 ابتدائي سنة 72، وهي ابنة العقيد صلاح فهمي نحلة، والعقيد صلاح كان عبقري ونبيه، واللواء الجمسي كلفه بتحديد تاريخ الحرب، وده كان في مايو 73، والراجل ده درس في شهرين كل حرف إسرائيلي، يعني بيناموا امتى ويصحوا امتى.. وإزاي إنهم في عيد الغفران ممنوع يتحركوا.. وعليه التعبئة للجنود لو هاجمناهم يوم العيد مش هتتم إلا تاني يوم.
وعمل دراسات عن المية في قناة السويس وتقلب الموج كل ساعات، وإزاي نستفيد بـ"ضوء القمر" في مسألة إن الدبابات اللي هتعبر لازم يكون القمر موجود، عشان الدبابة تطلع فوق الكوبري ما تقع في القناة، لأن ده حصل في البروفات، بروفات العبور، دبابات كتير وقعت في النيل وهم بيجربوا، لكن في الحرب عدت 2000 دبابة، ومفيش دبابة واحدة وقعت في القناة.
صلاح فهمي مش حدد الميعاد وبس، لا كان بيكتب الأفكار في البيت على ورق، عشان السرية، ويومها ملقاش ورق في البيت جاب كشكول بنته، ومكتوب عليه اسمها، وقلب الكشكول وكتب كل الأفكار دي، وراح يعرضها على اللواء الجمسي، عجبته قوي، وأخد منه الكشكول وجري به على اللواء سعد الشاذلي، ومنه على القائد أحمد إسماعيل، ومنه على الرئيس اللي احتفظ بكشكول حنان والرئيس سماه "كشكول الجمسي".
كل التحية للجندي محمد طه والعقيد صلاح فهمي نحلة -توفي في يناير 2017- وكل التحية جندي وضابط وقائد ومدني دفعوا حياتهم ثمنًا لنعبر ونسترد أرضنا، كل التحية لأرواحهم، وكل التحية لمن بقي حيًا ولا زال يحكي عن أسطورة النصر.